من حق السلطة التنفيذية اتخاذ جميع الاشكال القانونية والاجراءات الكفيلة لمنع أية جمعيات أو منظمات مجتمع مدني تعمل علي تخريب المنظومة الأمنية والاجتماعية داخل مصر، وأن يتم مراقبتها وفقاً لآليات سياسية كما يحدث في معظم دول العالم.. وهذا ما انتهيت إليه في مقال أمس.. أما أن ينتفض الأمريكان والمنظمات ضد هذا الاجراء، فهذا يدعو إلي طرح سؤال مهم وهو لماذا يخشي هؤلاء أن تكون هناك رقابة مصرية علي منظمات تعمل داخل أرض مصرية؟!.. ما السبب وراء هذا الخوف وتلك الانتفاضة؟!.. لا إجابة إلا واحدة فقط وهو أن هناك شيئاً خطأ في الموضوع برمته.. والخطأ معلوم ومعروف هو تلقي هذه المنظمات أو جزء منها أموالا من الخارج، لارتكاب أفعال تضر بمصلحة مصر والمصريين. أما انتفاضة أمريكا فهي ليست حباً في المصريين ولا حباً في الذين باعوا الوطن وقبلوا أن يكونوا خائنين لبلادهم، إنما بهدف واحد هو خيبة أمل الولاياتالمتحدة التي خسرت أموالاً كثيرة، ولم تحقق الأهداف التي كانت تطمع في أن يقوم بها هؤلاء الخونة.. وكما قلت أمس لا أحد يرضي أبداً برفض تفعيل حقوق الإنسان وصيانة كرامة المواطن ودعم الديمقراطية الحقيقية، لكن لماذا يتم ذلك بالاستقواء بالخارج وبمقابل مادي؟!.. ألا يجوز أن ندافع عن حقوق الإنسان بدون مقابل مادي وبدون عون خارجي؟!! الذين يفعلون ذلك لماذا لا يقومون بهذه الأعمال بدون تلقي تمويلات.. هل الاستقواء بالخارج هو الحل في نظرهم؟!!.. هل تلقي الأموال هو السبيل الوحيدة لممارسة الأعمال السياسية؟!.. في مصر الآن أحزاب كثيرة أكثر من أمريكا نفسها، ومن حق هؤلاء أن ينخرطوا في العمل السياسي من خلال هذه الأحزاب، ويمارسوا نشاطهم في النور وعلي الملأ ولن يمنعهم أحد. ثم ان اجتماع السفيرة الأمريكية آن باترسون الذي تم مع المستشار عادل عبدالحميد وزير العدل يوم «الأثنين» الماضي، للاطلاع علي سير التحقيقات التي تتم مع منظمات المجتمع المدني، أصابني بالغم والحزن.. فبأي صفة تقوم السفيرة الأمريكية بالاطلاع علي سير التحقيق؟!.. لماذا تصر أمريكا علي أن تتعامل مع المصريين كأنها وصية علي أفعالهم؟!.. وبأي منطق يتم ذلك؟!.. صحيح أن وزير العدل قال في مؤتمر صحفي عقب هذا اللقاء الغريب، إنه ليس لديه ما يخفيه وأن التحقيقات تتم بمنأي عن أي تدخل في سلطات قضاة التحقيق، وسوف تتم جميع الاجراءات القانونية تجاه المنظمات المخالفة.. لكن ما أخشاه أن تنصاع وزارة العدل لأي تأثير أمريكي بعد هذا اللقاء الغريب، ولدي القناعة الكاملة أن القضاء المصري لن يتأثر بذلك، لأنه وطني مائة في المائة. أما المجلس الاستشاري الحديث النشأة، فقد ناقش هو الآخر أزمة مداهمات منظمات المجتمع المدني، ومن حق أي هيئة مصرية أن تناقش لكن لماذا التشكيك أصلاً في خطوة مصرية رائعة، تسعي إلي ضرب بؤر الفساد والعمالة داخل البلاد.. هؤلاء استقووا بالخارج وحصلوا علي تمويلات خارجية أمريكية وغربية وعربية ليس بهدف الاصلاح من شأن البلاد، ولكن بهدف تحويل البلاد الي فوضي، والاسراع بمخطط تقسيم مصر الي دويلات صغيرة ضعيفة في مواجهة الصهيونية.. فهل هذا يليق؟!.. كنت أتمني علي المجلس الاستشاري أن يكون أبعد نظراً أكثر من ذلك، لأن أصحاب التمويلات الخارجية الذين يسعون إلي احداث الاضطراب بالبلاد لا يستحقون أدني اهتمام من المجلس الاستشاري!!. أما المجلس القومي لحقوق الإنسان، فليس وراءه إلا الهجوم علي وزارة العدل، وترك القضية الأخطر - وهي اللعب داخل الوطن - وتناول الحديث عن بطلان التفتيش لمقرات المنظمات.. لقد تصرف المجلس القومي، بمنطق المثل الشعبي «تركوا الحمار.. ومسكوا البردعة»!! القضية الأساسية هي المخربون الذين يستقوون بالخارج، ويسعون إلي تنفيذ مخططات شيطانية لتقسيم مصر، وليست القضية التفتيش هل قانوني أم باطل؟!!. وأكرر للمرة الألف ليست كل الجمعيات تتلقي أموالاً أو تسعي إلي هدم الدولة المصرية، بل هناك جمعيات تضم شخصيات وطنية من الطراز الأصيل.. لا تستقوي بالخارج ولا تتلقي أموالاً.. ولذلك لم تشغلها الأزمة المفتعلة علي الإطلاق. وللحديث بقية