عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد 28 إبريل 2024 بالصاغة    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    فكري صالح: الزمالك قادر على تخطي دريمز والتأهل لنهائي الكونفدرالية    حسام البدري: وصفي ب "الهارب" صدمني ولم أظلم عماد متعب    أمطار رعدية على هذه المناطق.. بيان عاجل من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم (لا تنخدعوا)    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    اضطراب الكبد المرتبط بنمط الحياة.. ونصائحسريعة لتحسين صحة الكبد    موعد مباراة ليفربول المقبلة بعد التعادل مع وست هام في الدوري الإنجليزي    لأول مرة بالمهرجانات المصرية.. "الإسكندرية للفيلم القصير" يعرض أفلام سينما المكفوفين    أهالي الأسرى يُطالبون "نتنياهو" بوقف الحرب على غزة    مصدر أمني إسرائيلي: تأجيل عملية رفح حال إبرام صفقة تبادل    قصف كثيف على منطقة ميرون شمال إسرائيل وعشرات الانفجارات في المنطقة (فيديو)    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عدة قرى غرب جنين    المجموعة العربية: نعارض اجتياح رفح الفلسطينية ونطالب بوقف فوري لإطلاق النار    بشرى للموظفين.. 4 أيام إجازة مدفوعة الأجر    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    تشيلسي يفرض التعادل على أستون فيلا في البريميرليج    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    اجتماع مع تذكرتي والسعة الكاملة.. الأهلي يكشف استعدادات مواجهة الترجي بنهائي أفريقيا    وزير الرياضة يهنئ الخماسي الحديث بالنتائج المتميزة بكأس العالم    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    «مينفعش نكون بنستورد لحوم ونصدر!».. شعبة القصابين تطالب بوقف التصدير للدول العربية    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    أول تعليق من الأزهر على جريمة طفل شبرا    مصدر أمني يكشف تفاصيل مداخلة هاتفية لأحد الأشخاص ادعى العثور على آثار بأحد المنازل    ضبط 7 متهمين بالاتجار فى المخدرات    قطار يدهس شاب أثناء عبوره مزلقان قليوب    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    وفاة الفنان العراقي عامر جهاد    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    العالم الهولندي يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة ويكشف عن مكانه    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السفير الروسي بالقاهرة يشيد بمستوى العلاقة بين مصر وروسيا في عهد الرئيس السيسي    «الأزهر للفتاوى الإلكترونية»: دخول المواقع المعنية بصناعة الجريمة حرام    ضبط وتحرير 10 محاضر تموينية خلال حملات مكبرة بالعريش    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    رئيس جامعة أسيوط يشارك اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    "مدبولي" يصل الرياض للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي    شرايين الحياة إلى سيناء    جامعة كفر الشيخ تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة    أمين صندوق «الأطباء» يعلن تفاصيل جهود تطوير أندية النقابة (تفاصيل)    سمير فرج: طالب الأكاديمية العسكرية يدرس محاكاة كاملة للحرب    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبقرية «السادات» كانت خارقة وكأنها وحى من السماء
فى الذكرى 39 لزيارة القدس.. محمد عبدالجواد مستشار الرئاسة الأسبق:
نشر في الوفد يوم 30 - 12 - 2016

تسعة وثلاثون عامًا على زيارة السادات إلى إسرائيل، تلك الزيارة التى غيرت المفاهيم الاستراتيجية السياسية والدبلوماسية على مستوى العالم.
كما يقول محمد عبدالجواد، الذى عمل مستشارًا إعلاميًا فى رئاسة الجمهورية 4 سنوات مع السادات، و12 مع مبارك، فإن الإعلام العالمى أكد أن أهم حدثين فى القرن العشرين هما هبوط أول إنسان على سطح القمر، وسفر السادات إلى إسرائيل، وقد توقف العالم جميعًا ليشاهد هذين الحدثين.
وأشار «عبدالجواد» إلى أن صدام حسين استطاع أن يرعب قادة العرب، فتخلوا عن السادات وتركوه وحيدًا، ولكنه استرد أرضه، مشيرًا إلى أن استقالة إسماعيل فهمى، وزير الخارجية، لم تكن لموقف سياسى، بل كانت خوفًا على حياته من إسقاط طائرة السادات وهو معه، نافيًا أن اتفاقية السلام بها بنود سرية خاصة بالغاز أو البترول أو المياه، وإلا كانت إسرائيل أعلنتها وفضحت السادات وانتقمت منه، واصفًا عبقرية السادات بالخارقة والمبتكرة وكأنها وحى من السماء.
● بعد مرور 39 عامًا على زيارة الرئيس السادات لإسرائيل.. كيف ترى هذه الزيارة؟
- هذه الزيارة كانت، وما زالت، الأهم فى تاريخ العلاقات بين الدول، حيث اعتبر العالم أن أهم حدثين فى القرن العشرين، هما هبوط الإنسان على سطح القمر ونزول السادات إلى القدس، ثم إن هذه الزيارة غيرت صورة مصر، وعادت ملء السمع والبصر باعتبارها دولة تسعى إلى السلام وتتمسك بحقوقها، والحقوق العربية بشتى الطرق حرباً أو سلاماً، وبالطبع لم يحدث هذا التغيير إلا بعد زيارة السادات الشهيرة، التى قلبت كل الموازين السياسية عالميًا وإقليميًا، وأكدت أن مصر، كما أنها تستطيع خوض الحروب، تستطيع أيضًا فرض رؤيتها بالسلام فى سبيل استعادة كامل أراضيها.
● ولماذا قال البعض إن الزيارة كانت مفاجأة، ولم يكن لها استعدادات وتجهيزات؟
- هؤلاء افتروا على «السادات»، لأنه أعلن عن استعداده لزيارة إسرائيل فى مجلس الشعب، وتقابل مع الزعماء والرؤساء العرب، وأخبرهم بذلك فكيف تكون زيارة مفاجأة.
● ولماذا رفض الرؤساء العرب السلام؟
- هم لم يرفضوا السلام، بل هم رفضوا موقف السادات الذى ظهر عملاق حارب وانتصر وحطم أسطورة إسرائيل، ثم بدأ يظهر فى مجال السلام ونبذ العنف والحرب والكراهية وسيدخل فى زمرة القديسين والمفكرين أصحاب الرؤية الاستراتيجية البعيدة، فهم كانوا ضد السادات، ولكن النتيجة أن السادات استعاد أرضه وهم هرولوا وحاولوا إقامة سلام مع إسرائيل ولم ينجحوا فيه.
● ما الرسالة التى أبلغتها من مناحم بيجين إلى الرئيس السادات؟
- كانت جولدا مائير أبعدت عن رئاسة الوزراء وجاء مناحم بيجين بعدها، وقال: إذا كان الرئيس السادات جادًا فى تحقيق السلام، فإن الذى يستطيع تحقيقه معه هو بيجين، ولا تخشوا شيئًا فى إبعاد جولدا مائير، وهذه كانت الرسالة.
● كيف وصلتك؟
- كنت فى مؤتمر DIB، الهيئة الدولية للصحافة الحرة فى أوسلو، وكان بها 400 صحفى من دول العالم وفى حفل الاستقبال، فوجئت بصحفى يمد يده لى ويسلم علىّ ويقول: إنه ريرى إيرال، رئيس تحرير «جيروزاليم بوست»، وبعد أن سلمت عليه، قال: إنه يريد مقابلتى، فقلت فى نفسى: «أنا رحت فى داهية»، لأنى سلمت على إسرائيلى ويريد مقابلتى، وظللت طوال أيام المؤتمر الثلاثة يسألنى جميع أعضاء المؤتمر، وهم كل ناشرى ورؤساء تحرير ورؤساء قنوات تليفزيونية فى العالم، هل قابلت إيرى، وكان المؤتمر جهز ونفذ حتى أقابل إيرى، وكنت أجيب: سأقابله وفى نهاية الأمر قلت لو اتصلت بالقاهرة ربما لا يجيبون أو أجد رداً بالنفى والسفير المصرى لا حول له ولا قوة، وفى آخر يوم مغادرة للمؤتمر قلت سأقابله الساعة الواحدة صباحًا وبالفعل تم اللقاء، وأبلغت الرسالة.
● هل هذه المقابلة كانت سببًا فى رحلة القدس؟
- يضحك قبل أن يقول: لا بل كنا نرتعش ومكثنا حتى العاشرة، وقلت له: أنت كعادتكم ستقول إنك قابلتنى ولكنى سأنفى أى مقابلة معك وسأكذبك، فقال: لا لأنه قادم فى مهمة خاصة ولن يخبر عنها بشىء، فقلت: لو أنكم فاكرين الرئيس السادات يطرح مبادرة السلام فى موقف ضعف، فهذا غير حقيقى، لأن جيشنا قوى وجاهز وأبرم عدة صفقات للسلاح المتطور، وبالفعل كتب ريرى إيرك فى كتاب له، أن هذه المقابلة كانت سببًا فى رحلة القدس، وهذا غير حقيقى، لكنها كانت جزء مساعد فقط، لأن مهندس عملية رحلة القدس هو شاوشيسكو.
● وهل أبلغت الرئيس بفحوى الرسالة مباشرة؟
- لا.. بل ذهبت إلى ممدوح سالم، رئيس الوزراء -آنذاك- فى منزله، وقلت له إننى خائف ومرعوب وحكيت له ما حدث فى «أوسلو»، فقال: أكتب ما حدث فى خطاب وأرسله لى، فقلت: لقد كتبت بالفعل كل شىء حدث فى اللقاء، وأعطيته له يوم الخميس، ويوم الأحد التالى له سافرت مع الرئيس السادات إلى الرياض واستدعانى السادات على الطائرة، وقال: ممدوح بيقول إنك كنت خائف ومخضوض، فقلت: بالطبع يا أفندم، فقال: لا.. والكلام الذى أرسلته ل«ممدوح سالم» مهم جدًا فلا تخش من شىء..
● وهل تقابلت مع إيرى إيراك فى إسرائيل؟
- نعم.. عندما سافرت مع السادات إلى القدس كنت فى فندق الملك داود وجاء إلى إيرى وجلسنا جلسة طويلة.. وقال: كنت متأكداً فى مجيئك، واصطحبنى معه وجمعنى بالعاملين فى جريدة «جيروزاليم بوست» 3 ساعات نتحاور حول هل السادات جاد فى قبوله للسلام، أم أنه يراوغ؟ وكنت أؤكد على جدية الرئيس السادات فى الوصول إلى تحقيق السلام وإنهاء حالة الحرب المستمرة، وأن الرئيس قوى قادر على تنفيذ وعوده.
● وكيف بدأت الرحلة.. وهل كانت بها مفاجآت؟
- رحلة القدس بدأت من مطار أبوصرير فى الإسماعيلية وبعد أن ودع الصحفيون الأجانب الرئيس السادات وجد باربرا وولترز وهى أشهر مذيعة تليفزيون فى العالم ومعها روبرت وولتركر كايد أشهر مذيع أيضًا، فسلم عليهما السادات واصطحبهما معنا على الطائرة المتجهة إلى إسرائيل، وسجلا معه حوارًا إعلاميًا قبل الوصول إلى القدس، وقالا إن أهم حدثين هزا العالم الهبوط على القمر ووصول السادات إلى إسرائيل، وأقسم بالله أن وقت الرحلة التى قضيناها معه فى الطائرة حتى وصولنا إنه لم يكن أحدًا على الطائرة إلا وقدماه كانت ترتعش عدا السادات.
● لماذا؟
- لأن مشهد الطائرات الفانتوم الإسرائيلية وهى تحيط بالطائرة المصرية من الأجناب ومن أعلاها وأسفلها كان مرعبًا، لأنهم كانوا يتصورون أن السادات قادم لتفجير إسرائيل، ولكنه نزل فى المطار، مثل الأسد المنتصر وأنا شخصيًا نزلت من سلم الطائرة وأتمالك نفسى بصعوبة.
● وكيف ذهبت للصلاة فى المسجد الأقصى؟
- أصر الرئيس السادات على أن يذهب ويصلى فى المسجد الأقصى وسط العرب الفلسطينيين وفى نفس المكان الذى قتل فيه الملك عبدالله، جد الملك حسين الذى كان سببًا فى التكية العربية كلها لأنه كان يريد توسيع مملكته على حساب المصالح الفلسطينية.. وكنت أصلى خلف السادات وأدعو الله أن يسترها، والحمد لله تمت الصلاة على خير وسلام.
● وكيف توطدت العلاقة بينك وبين الرئيس السادات؟
- بعد رحلة القدس بدأ العالم يهتم بأخبار مصر وقلت: سيادة الرئيس يصادف وصول أخبار مهمة جدًا فى الوكالة، ويهمنى أن أطلع سيادتك عليها فورًا، فقال: طبعًا يا محمد اتصل بى وهنا بدأت علاقتى المباشرة مع الرئيس، وبدأت أتحدث معه تدريجيًا كل يوم، ثم تطور الأمر إلى أن أصبح عادة يومية، ثم سمح لى بأن أتحدث معه فى أى وقت كان فيه أمر يستدعى الحديث، ثم صدرت تعليماته إلى طاقم السكرتارية أن الوحيد الذى يستطيع أن يوقظ السادات من نومه هو محمد عبدالجواد إذا طلب هو ذلك، وكان السادات رجل سهير وكنت أتحدث معه يوميًا الساعة 11 أو 11٫30 مساء، لأطلعه على الأخبار، وقد تستمر هذه المكالمة ساعة.
وهل كان الحديث معه من طرف واحد؟
- لا.. بل كان الرجل يتكلم ويقول رأيه ويعلق ويبدى ملاحظاته، وكنت أستمتع بفكر وعبقرية وذكاء هذا الرجل وبالآراء التى كانت خارقة للعادة ومبتكرة، وكأنها وحى من السماء، لأنه كان ملهمًا، وكان الله يغدق عليه من نعمه بالأفكار العبقرية التى كان يفاجأ بها العالم فى الداخل والخارج والعدو والصديق وليس لدىّ البلاغة الكافية لأن أصف هذه العبقرية التى كان يتمتع بها السادات.
● وكيف تعامل الرئيس السادات مع مناحم بيجين، وهو عضو فى صقور الصهيونية العالمية؟
- السادات هو الرجل الوحيد فى العالم الذى هزم اليهود والصهيونيين فى الحرب والسلام، ولا أبالغ إذا قلت إن مناحم بيجن كان يرتعد حينما يرى السادات وأذكر عندما أراد أن يتلاعب بمناحم بيجين ويجس نبضه أوعز إليه أنه يوصل له مياه النيل دون أن يصرح له بذلك نهائيًا لأنه كان يريد أن يعرف هل يمكن زحزحته بعدم التمسك بأن تكون القدس عاصمة لإسرائيل، وحينها كان بيجين أن يركع ويقبل يديه حتى لا يثير السادات هذا الأمر فى العلن، لأنه فى رأى مناحم بيجين أن اليهود يموتون على أموالهم ويقدسونها أكثر من أى شىء فى الدنيا، والسادات سيحيى لهم 3 ملايين فدان لو أوصل مياه النيل إليهم، فى مقابل عودة القدس للعرب، وحينها سيقول الإسرائيليون، «فلتغور القدس إلى العرب»، وتتلاشى وتتآكل فكرة إسرائيل الكبرى التى يزعمونها لهم.
● كيف؟
- السادات كان يرى أن ما فعله فى إسرائيل خلال رحلة القدس سيشق إسرائيل نصفين، هذا لو كان العرب دعموه وساندوه فيما سعى إليه، لأنه قال لنا بعد انتهاء الرحلة ونحن على الطائرة إلى رومانيا فى زيارة ل«شاوشيسكو» تصدقوا يا ولاد إن بيجين زى غيره بيقول فى الميكرفونات أشياء غير اللى بيقولها فى الغرف المغلقة، ثم مررنا على الشاه إيران والسعودية وسوريا لمقابلة حافظ الأسد والكل وافق على ما فعله السادات، ولم يعترض أحد ولكن ظهر صدام حسين فأرعب جميع الزعماء العرب فتخلوا عن السادات وعن مشروعه وتركوه يقاتل وحده فى استرداد أرضه، ومع هذا نجح.
● كيف تعامل مع استقالة وزير خارجيته رفضًا لسياسة الرئيس؟
- استقالة إسماعيل فهمى لم تكن رفضًا لسياسة السادات، بل كانت خوفًا على حياته، لأن بعدها اتفق السادات مع حافظ الأسد على السفر إلى القدس، وعرفنا أن الأسد خان السادات وكان ينوى ضرب طائرته فوق قبرص، وهذا ما منع إسماعيل فهمى من السفر إلى دمشق حيث كان فى مؤتمر وزراء خارجية العرب فى تونس وتم مناقشة تداعيات رحلة السادات للقدس وبعد عودته إلى القاهرة قرأ البرقيات المشفرة فى وزارة الخارجية ووجد بينها برقية تؤكد أن طائرة السادات ستضرب بصاروخ فوق قبرص أثناء عودتها من دمشق وهذا ما جعله يرفض السفر لأنه كان لديه هاجس بأنه سيموت مقتولاً، والسادات كان أعطى تعليماته لمبارك بأن يعاد الخطاب الذى سيلقيه فى القدس حتى يراجعه وزير الخارجية قبل سفره ولكن مبارك لم يخبر السادات بأن إسماعيل فهمى استقال شفويًا وقال: إنه استقال رسميًا، فأعلن السادات استقالة فهمى على الطائرة.
● وماذا عن لقائه ب«هنرى كسينجر».. وهل كسينجر هو الذى استفاد من السادات أم العكس؟
- السادات كان يضع فى حساباته لو فشل العبور فى أكتوبر 1973 أنه كان سيحاكم ويعدم ولهذا حسب حساب كل شىء وبذل ما فى جهده وانتصر الجيش هذا الانتصار الباهر، وبعد مجىء كسينجر إلى القاهرة بعد محاصرة القوات المصرية القوات الإسرائيلية فى الثغرة، وتأكد أنه سيتم القضاء عليها قال السادات لن تسمح بهزيمة أمريكا مرة أخرى من خلال السلاح الأمريكى ماذا تريد؟ فقال السادات أريد أرضى، فرد كسينجر: سنسحبهم لك وكان السادات علم أن كسينجر قال للإسرائيليين: لقد خسرتم الحرب، ولكننا سنساعدكم بتحريك القوات وانسحابها، ولكن بشرط الانسحاب الكامل من سيناء، فمن الذى استفاد فى الآخر، رجل حارب وانتصر ومحا عار الهزيمة، واسترد أرضه كاملة فى مقابل عودة بضعة آلاف من الإسرائيليين إلى أهاليهم.
● وماذا عن هجوم هيكل وبهاء الدين على السادات بعد رحلة القدس؟
- سواء هيكل أو أحمد بهاء الدين فقد غضبا فى إبعاد السادات لهما وأقول هذا بمنتهى الأمانة، فقد كان بهاء صديقاً لى وأعرفه تمام المعرفة، ولهذا أعيب عليهما، لأن هيكل كان أقرب المقربين إلى السادات حتى لقائه مع كسينجر دون هيكل أو أحمد بهاء الدين، كان الأقرب إلى السادات وكان يكتب خطاباته السياسية، ولكنه كان رئيس تحرير مجلة العربى الكويتية وقت زيارة القدس والعرب هاجموا السادات، فانحاز لهم بهاء وكتب ضد كامب ديفيد وهذه كانت طعنة منه ضد السادات، ومع هذا هيكل ظل على وجه الحياة وصحح بعض ما قاله بتصريح له مع لميس الحديدى، حيث قال: أؤمن بأن ما فعله السادات كان حقاً ولكن بهاء الدين لم تشأ له الظروف أن يعيش ويدرك أن عبقرية السادات هى التى جعلته يفعل ما فعل.
● وكيف كان السادات يتعامل مع الإعلام؟
- السادات كان يعشق الإعلام ويحب الصحافة، لأنه عمل صحفيًا وكان يعرف قيمتها داخليًا وخارجيًا، وأصبح معبود الصحفيين الأجانب، وكان هيكل انشق عن السادات وبدأ يعمل ضده والصحفيون الأجانب يترددون على منزله والسادات تعامل مع هذا بعقلية عملية سياسية ونظرة للأمور أكثر من رائعة، فقال لى: يا محمد لماذا لا تفتح بيتك للصحفيين الأجانب، وهو مفيش غير هيكل اللى فاتح بيته لهم عاوزك تستقبلهم، وكانت مفاجأة كبيرة لى ولم أنطق وبعد نصف ساعة عدت إليه وقلت يا فندم أنا رئيس مؤسسة قطاع عام وإمكاناتى المادية لا تسمح بأن أفتح منزلى للصحفيين الأجانب، ولا أستطيع إنفاق أموال الوكالة على أمر ما فى منزلى، فقال: أنا سأرتب لك هذا وبالفعل تم ترتيب هذا الأمر وبدأت الدولة تضم إليها 200 صحفى أجنبى كانوا فى مصر ليعرفوا الأخبار الرسمية من مصدرها الرسمى.
● هل كانت تصل إليك أخبار مغلوطة؟
- نعم.. وإذا طرأت مشكلة من المشكلات، واتضح لى أن المعلومات التى لدى الرئيس كانت خاطئة كنت أبدأ بأدب شديد، وتحفظ أشد قائلاً: سيادة الرئيس أسمح لى بأن أقول أصل الموضوع كذا وكذا، وكان ينصت، وفى النهاية يقول: الله فعلاً يا محمد المعلومات اللى لديك صحيحة وأنا معلوماتى كانت خاطئة، فهذا كان رجلاً عبقرياً دخل التاريخ من أوسع أبوابه ولم يسجل التاريخ حتى الآن حق السادات ولم ينصفه لأن لن يوجد من يستطيع أن يصف عبقرية وذكاء هذا الرجل.
● بين الحين والآخر يقال إن بيع الغاز لإسرائيل فى عهد مبارك كان حسب اتفاقيات سرية فى معاهدة السلام؟
- لا.. هذا غير حقيقى واتفاقية السلام ليس بها أية بنود سرية على الإطلاق لا عن غاز ولا مياه ولا بترول وإلا كانت إسرائيل سربتها وفضحت بها السادات أو ضغطت بها على مصر ولكن يذكرنى هذا السؤال ذات يوم قال لى السادات يا محمد أعمل إيه رئيس الوزراء ده رجل (....)!! فسألته ليه يا ريس؟ فقال: الإسرائيليون ما زالوا محتلين لسيناء ويستولون على آبار البترول فيها وكانوا يريدون شراء برميل البترول بستة وعشرين دولاراً، مع إنهم يحصلون عليه مجانًا، ورئيس الوزراء رفض وقال سعر البرميل 28 جنيهًا وباظت العملية، ولو كان حسبها كان وافق لأنهم يريدون شراء البترول لمدة سنة حتى موعد الانسحاب، وهذا هو السادات الذى لم يكن مرنًا أبدًا إلا فى الأمور التى تعود على الوطن بالخير والمصلحة.
● هل هذه مرونة أم حرص؟
- عندما كنت أعرض على السادات أمرًا ما، كان يقول: أنا رجل فلاح إذا لم يكن يأتينى الشىء وأضمنه فلا أوافق عليه، والفلاح يا محمد يرتدى جلابية وداخلها صديرى وله جيب ويضع أمواله فى كيس ويغلق عليها بحبل ويضعه فى جيب الصديرى ويغلق عليه وأنا هكذا لا أضمن أى شىء إلا أن يكون فى جيبى، وهذا هو ما جعله ينجح فى تفاوضه مع الصهاينة واليهود، وهم أشنع ناس فى التفاوض والمراوغة.
● وماذا عن الحرب الإعلامية المأجورة التى شنها صدام حسين عليه وعلى مصر؟
- عندما فكرت باريس فى نقل الوكالة الفرنسية من القاهرة إلى العراق بطلب رسمى من صدام أصبحت تعمل ضد مصر بسبب أموال البترول التى كان يدفعها للصحفيين الأجانب، وعندما رفضت فرنسا نقلها إلى العراق طلب نقلها إلى فرنسا، فقالوا التكلفة فى فرنسا ستتضاعف ثمانى مرات، فعرض صدام تحمل هذه التكاليف وكانت مليون دولار سنويًا ووافقت فرنسا، فسمح لى السادات بأن أرسل رسالة باسمه إلى الرئيس الفرنسى جيسكار ديستان عن طريق السفير الفرنسى فى القاهرة، الذى رحب بالفكرة لأنه كان يهمه أن تظل الوكالة فى الدولة التى يعمل بها وقلت فى الرسالة: هل ترضى يا «جيسكار» أن تبيع صداقتنا بمليون دولار عرضها عليكم العراقيون لنقل وكالة الأنباء الفرنسية من القاهرة، وبعد 15 يومًا سافرت إلى باريس وقابلنى رئيس مجلس إدارة الوكالة الفرنسية وقال: اليوم أبلغت فى رئاسة الجمهورية بأنه تم إلغاء قرار نقل الوكالة الفرنسية من القاهرة.
● كل هذه العبقرية التى تصف بها السادات، فلماذا تعامل بعنف مع أحداث سبتمبر 1981؟
- أولاً: النبوى إسماعيل هو مهندس اعتقالات سبتمبر 1981 والسادات وافق عليها لأنه كان يرى وجود فتنة طائفية وسيثبت التاريخ ذلك، رغم أننا حتى الآن نتكتم عليها، وكان الهدف منها إفشال معاهدة السلام وإفشال الانسحاب الإسرائيلى، بعدما أدركت أمريكا وإسرائيل إنهما خدعا وبيجن مات مكتئبًا محسورًا، فهم حصلوا على ورقة ومصر حصلت على أراضيها وبترولها ومعادنها وطبيعتها وسواحلها، وآبارها وسياحتها والسادات ادعى أن حرب أكتوبر آخر الحروب وأقسم بإله العظيم أنه لم يكن يقصد ذلك ولو حدث تجاوز إسرائيلى، لكان السادات شن حربًا ضدها لا هوادة فيها ولا مهادنة.
● كيف ترى السادات بعد كل هذه السنوات؟
- السادات رجل وطنى حتى النخاع ضابط فى الجيش ولم يفرط فى أى من الحقوق المصرية أو العربية نهائيًا، عمل عتالاً وسائقًا وباع جاكته فى ميدان العتبة بسوق الكانتو، ولم يكن يملك شيئًا من حطام الدنيا وضحى بكل شىء فى سبيل مصر سواء عمله فى القوات المسلحة وهو وضع اجتماعى ليس له مثيل واشترك فى مقتل أمين عثمان وناضل وسجن ولم ييأس، وهو الوحيد الذى أبقاه عبدالناصر فى مجلس قيادة الثورة، ولولا دهائه وذكائه لكان ضاع مثل غيره من زملائه، مع أن أعداءه من الناصريين كانوا يطلقون عليه مضحك الملك واستهانوا به، ولولا عبقريته ما كان يستطيع فعل ما فعله معهم، حيث كان يحرسه 4 عساكر، وهم معهم الجيش والشرطة والمخابرات، والاتحاد الاشتراكى ولكنه قبض عليهم وخلص البلد والشعب منهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.