كل عام وأنتم بخير ، فما هي إلا أياما معدودة ويرحل عام 2011 بحلوه ومره والذي لم يكن بأية حال كأي عام من الأعوام ، لتطوي كل أسرة مصرية صفحة عام مضى وتبني أحلاما مغلفة بالورود تتمنى تحقيقها في العام الجديد . وقد تركت الأحداث الخطيرة التي شهدتها مصر خلال العام 2011 آثارها التي لا يمكن التغاضي عنها في تطلعات المصريين ، كما فرض الشأن السياسي نفسه وبعنف على أحاديث رجل الشارع سواء على المقاهي أو في وسائل المواصلات، أو حتى في الأسواق التي تحولت جميعها بقدرة قادر إلى صالونات سياسية من الطراز الأول حتى أنك ما إن تسأل شخصا ، رجلا أو سيدة أوحتى طفلا، عما يتمناه في العام الجديد إلا وتجده يسارع بالإجابة أنه يتمنى الاستقرار لمصر . وقد حاولت "بوابة الوفد" استطلاع آراء بعض المواطنين من طوائف مختلفة حول ما يتمنون تحقيقه في العام 2012 ، فاكتشفنا تراجع الطموحات الشخصية وتواري الأنانية إلى أبعد مدى، فخلال لقاءاتنا بالعديد من ممثلين عن أطياف الشعب المصري تركزت الأحلام حول الشأن الوطني فقط : نرتاح من البلطجية يقول عم عوض ، حارس عقار بمنطقة فيصل بالجيزة ، كل ما أرجوه من الله في العام الجديد هو أن يبعد عننا الشر ويثبت أقدام الشرطة حتى تريحنا من البلطجية الذين يطلقون الرصاص "على الفاضي والمليان" ، ولو أي حد حاول يتصدر لهم يرفعوا عليه السنج والمطاوي ، وأتمنى أيضا أن الأسعار تهدأ "شويتين تلاتة" لأننا مش عارفين نعيش ودخلي من حراسة العمارة لا يتعدى 90 جنيه ، فكل شقة تدفع 10 جنيهات فقط ، وأضطر للقيام بدور "الخادم" أنا وأولادي حتى نستطيع مواصلة الحياة ، حتى أننا لا نلحق مواعيد بيع الخبز المدعم بسبب قضاء احتياجات السكان ونشتري رغيف الخبز بربع جنيه ، وكمان أنبوبة البوتاجاز وصلت 30 جنيه ، ومالهوش لزوم نتكلم عن سعر اللحمة والفراخ التي أصبحنا لا نراها إلا في الأعياد فقط . حاكم شريف أما ياسر خطاب ، موظف بوزارة الري ، فيدعو الله ألا يعيد إلينا حكاما فاسدين كالذين نهبوا البلد وتركوها خاوية على عروشها، ويتمنى عودة الأمن والاستقرار للشارع المصري ، مشيرا إلى أن أكثر ما يزعجه هو قراءة حوادث البلطجة والسطو المسلح، وكذلك انتشار ظاهرة الخطف التي يقول أنها لم تعد قاصرة على الأطفال بل على النساء والرجال أيضا . ويروي واقعة شاهدها بعينيه حيث تشاجر جاران بالقرب من منزله ، وحين جاء الليل سمع ضجيجا وصراخا رهيبا، وحين خرج إلى الشرفة لمعرفة ما يجري سمع تبادلا لإطلاق النار انتهى بخطف أحد الجارين بعد أن استأجر خصمه "شبيحة" قاموا بأخذه عنوة من أمام منزله، وأطلقوا الرصاص لإرهاب أهله مما أسفر عن فقأ عين أحد المواطنين الذي تصادف خروج رأسه من الشرفة لمشاهدة "الخناقة" . حد أدنى للأجور أما ثناء محمود ، ربة منزل ، فتتمنى على الله أن يحنن قلوب المسئولين بإقرار الحد الأدنى للأجور حتى يرتفع راتب ابنها الذي يتولى الإنفاق على أسرته بعد وفاة والده ، وكذلك تتمنى أن يشمل قرار الزيادة النظر بعين الاعتبار لأصحاب المعاشات ، حيث تتقاضى 230 جنيها فقط كمعاش شهري عن زوجها المدرس الذي قضى أكثر من 20 سنة في التربية والتعليم وذلك بسبب خروج جميع أبنائه من السن التي يستحقون عنها المعاش . البلد بلدنا ومن داخل أحد المقاهي الشعبية بشبرا سألنا عددا من الجالسين عما يتمنون تحقيقه في العام الجديد ، وكان مشهدا يستحق التسجيل والإشادة حيث كادت تتطابق جميع أحلام "الزبائن" مسلم ومسيحي كبير وصغير لتجتمع على معنى واحد : "نتمنى من الله ، ولا يكتر على الله ، أن يحفظ بلدنا أمنة سالمة ويديم علينا نعمة الاستقرار ويبعد عننا الفتنة بجميع أشكالها" . لكن الأستاذ صلاح ، الذي يلقبونه بفيلسوف "القهوة" لكثرة ما يقرأ من جرائد وكتب ، أبى إلا أن تكون له بصمته الخاصة حتى في الأحلام والأمنيات ، فأضاف دعاءً جديدا يتمنى أن يتحقق في العام الجديد ألا وهو ألا تتعرض البلد للخطف مرة ثانية ، وحين استفسرنا منه عن مفهوم الخطف الذي يقصده بالتحديد. فأجابنا بوعي السياسي البسيط المخضرم قائلا : "يعني ولا بتوع التحرير يخطفوها ولا بتوع العباسية ولا المسيحيين ولا السلفيين ولا حتى العسكريين ، فالبلد دي بلدنا كلنا ولازم تفضل كده دايما حتى لا تتعرض للحرق مرة أخرى" .. ولم نملك إلا أن نقول له "لا فض فوك يا أستاذ صلاح".