"كل القرارات الصعبة التي تردد كثيرون على مدى سنوات طويلة في اتخاذها والناس خافت أن تتخذها، لن أتردد ثانية في اتخاذها".. يبدو أنها لم تكن كلمات عابرة ألقاها الرئيس عبدالفتاح السيسي في أغسطس الماضي، خلال افتتاحه مصنعًا ل"البتروكيماويات" في الأسكندرية، بعدما اتضح أنها سياسة بدأها منذ توليه الحكم ولازال يسير فيها. الإقبال على القرارات الصعبة، دومًا ما يثير شبح الثورة أو الانتفاضة من الشعوب ضد الدولة، وهو ما تخوف منه رؤساء سابقين ودفعهم خوفهم للتراجع عنها، والبعض الآخر أقبل عليها متحملًا الاضطرابات الناتجة عنها لبعض الوقت، كان منهم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ويبدو أن الرئيس "السيسي" استلم من الراية. وبرر الرئيس تلك القرارات الصعبة، في وقت سابقة حين أكد أنها تعمل على دفع معدل النمو الاقتصادي إلى نسب 6 و7% خلال السنوات المقبلة، وتستهدف خفض عجز الموازنة العامة للدولة، ومعالجة المشكلات الهيكلية التى يعاني منها الاقتصاد المصري. "تعويم الجنيه" رغم التوقعات الكثيرة التي سبقت قرار البنك المركزي، صباح اليوم الخميس، بإن الدولة ستتجه إليه قريبًا، إلا أن المفاجأة آثارت الجدل كثيرًا، بعد الإعلان عن تعويم الجنيه، لاسيما أن أمس انخفض سعر الدولار في السوق السوداء جنيهين. جاء قرار التعويم الصعب، ليرفع يد البنك المركزي عن تحديد سعر الجنيه ليتم تحديده وفقًا لآليات العرض والطلب في السوق، كما قرر البنك رفع أسعار الفائدة 300 نقطة أساس، في خطوة تهدف إلى استعادة التوازن بأسواق العملة والسيطرة على التضخم الذي قد يحدث بسبب التعويم. ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن مسؤولين في المركزي، بإنه سيرفع سعر صرف العملة المصرية من 8.88 جنيه للدولار الواحد حاليًا إلى 13 جنيهًا، وذلك كسعر استرشادي، كما سيعطي الحرية في تحديد أسعار الشراء والبيع، لحين توافق السوق على سعر حقيقي. "قرض النقد الدولي" سبقه خلال الشهور الماضية، قرار لا يقل جرائة، هو الدخول فى مفاوضات للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي؛ نتيجة لوجود عجز في ميزان المدفوعات ونقص العملة الأجنبية. جاء القرار للحصول على تمويل، بقيمة 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات لدعم الاقتصاد المصري؛ بسبب وجود عجز كبير في الموازنة العامة؛ نتيجة زيادة المدفوعات وقلة العملة الصعبة، وقد نجحت مصر بشكل مبدئي فى التوصل لاتفاق مع بعثة البنك على حصول مصر على القرض. وآثار القرار وقتها غضب في الأوساط الاقتصادية، بعدما وضع الصندوق شروط على مصر، أبرزها خفض العجز بموازنة الدولة، خفض أو إلغاء دعم المياة والكهرباء، خفض فاتورة أجور موظفي الحكومة إلى 7.5٪ من الناتج المحلي. وأيضًا، زيادة إيرادات الدولة عبر تطبيق قانون القيمة المضافة، تخفيض الدين العام المصري تطبيق برنامج للحماية الاجتماعية، تخفيض قيمة الجنيه امام الدولار سواء عن طريق تعويم الجنيه وترك السوق ليحدد سعره. "هيكلة الدعم.. الكهرباء" وفي عهد "السيسي" بدأت الحكومة في إعادة هيكلة الدعم الذي يضغط على الموازنة العامة للدولة، ويلتهم نحو 200 مليار جنيه من ميزانية الدولة، فقد أعلنت الوزرات تباعًا عن بدء هيلكة الدعم الذي قدم للمواطنين. وكانت أولى الوزارت التي اتجهت إلى ذلك الكهرباء، التي قرر وزيرها محمد شاكر، خلال مؤتمر له في أغسطس الماضي، رفع أسعار فواتير الكهرباء بنسب متفاوتة، بحيث يواجه فيها محدودو الدخل زيادات تبلغ في المتوسط نحو 40%. ووقتها أعلنت الوزارة، أن الزيادة تتراوح بين 35 و40% للشرائح الثلاث الأولى الخاصة بمحدودي الدخل وذلك في المرحلة الثالثة من خفض الدعم، وتقرر رفع أسعار الكهرباء بين 1.7 جنيه لأول شريحة في الاستهلاك المنزلي و 942.2 جنيه لأعلى شريحة في الاستهلاك المنزلي بما يمثل زيادة تتراوح بين 25 و40%. وأوضح الوزير أن قيمة الفاتورة ستزيد من 4.80 جنيه للشريحة التي يبلغ استهلاكها 50 كيلووات/ساعة في الشهر إلى 6.50 جنيه بنسبة زيادة تقدر بنحو 35.4%، فيما ستزيد فاتورة الشريحة الثانية التي يبلغ استهلاكها 100 كيلووات/ساعة إلى 17 جنيها من 12.5 جنيه بنسبة زيادة تقدر بنحو 36%. وأشار الوزير إلى أن فاتورة الشريحة المتوسطة التي تستهلك 600 كيلووات/ساعة شهريًا في المتوسط ستزيد من 187 جنيهًا إلى 251.5 جنيه فيما ستزيد فاتورة الشريحة الأعلى استهلاكًا التي يبلغ متوسط استهلاكها خمسة آلاف كيلوات/ساعة إلى 4770 جنيها من 3827.8 جنيه. "سعر الأدوية" ودخلت الأدوية ضمن خطة هيلكة الدعم، حينما أعلنت وزارة الصحة بقيادة أحمد عماد الدين، رفع أسعار الأدوية التى يقل سعرها عن 30 جنيهًا بنسبة 20%، بحد أقصى 6 جنيهات على العبوة، إون كل شركة ممن خضعت مستحضراتها للزيادة الجديدة ستقوم بدفع 1000 جنيه رسوم تعديل تسعيرة . "القيمة المضافة" واتجه "السيسي" إلى قرار اقتصادي آخر صعب، حين أقر مجلس النواب قانون القيمة المضافة، وهي أحد أنواع الضرائب غير المباشرة، تطبق على الفرق بين سعر الشراء للبائع، وسعر إعادة البيع، وذلك في كل مرحلة من مراحل الدورة الاقتصادية، لجميع السلع، والخدمات. وشهدت الأسواق المصرية من بعدها، زيادة كبيرة في أسعار السلع والمنتجات، بعدما حدد المجلس نسبة القيمة المضافة، 13% تزيد إلى 14% مع بداية السنة المالية المقبلة، لاسيما أن إقرار القانون جاء في ظل رتفاع معدل التضخم إلى 14% وهو أعلى معدل منذ 7 سنوات، ولكن الحكومة استهدفت من القانون توفير 20 مليار جنيه حتى نهاية السنة المالية الحالية.