لا أخفى عليكم أنني أشفق على منير فخري عبدالنور لما يواجهه من صعاب فى استرداد حركة السياحة عافيتها، ومحاولاته المخلصة فى المحافظة على آلاف الوظائف والبيوت المفتوحة من السياحة، حيث إن الصعاب التي يواجهها فخرى عبدالنور لم تعد تقف عند حد الفوضى الأمنية أو المظاهرات الفئوية أو افتقار البلاد لبعض المرافق والخدمات الأساسية، بل إن المشكلة الأساسية التي يواجهها فخري عبدالنور وسيواجهها الشعب المصري ككل هي الخطاب الديني المتشدد الذي قفز مؤخرا على الساحة السياسية والاجتماعية، الخطاب الذي يتبناه بشدة الجماعة السلفية ومعظم قيادات الإخوان المسلمين، حيث يرفعون جميعا راية ما يسمى السياحة النظيفة أو على حد تسميتهم السياحة الدينية، وكأن السياحة فى مصر للدعارة والرذيلة وللكفار. في السياحة الدينية سيتم إغلاق الآثار الفرعونية في وجه السياح، لماذا؟، لأنها أوثان، والأوثان كفر والعياذ بالله، كما أنها نتاج حضارات كافرة ومشركة بالله تعالى، كما سيتم فصل النساء عن الرجال لأن الاختلاط حرام شرعا، وسوف يشترط على النساء ارتداء ملابس العفة احتراما لتقاليد مجتمع المستقبل، وربما سوف يجبرون النساء على تغطية رؤوسهن، وارتداء الجلباب بدلا من البنطلون، وسيتم إغلاق الشواطئ في الإسكندرية والساحل الشمالي والعين السحنة والغردقة، أو تخصيص أيام للرجال وأخرى للنساء، وعلى رب الأسرة أن يذهب مع أولاده الذكور إلى الشاطئ في أيام الذكور، وزوجته تذهب بأولاده الإناث في الأيام أو الشواطئ الخاصة بالسيدات، وأظن أن السلفيين والإخوان المسلمين سوف يغلقون الكافيهات ودور السينما والمسرح والأوبرا، وسيمنعون الحديث بغير اللغة العربية لأنها لغة القرآن وغيرها لغة الكفار، والتحدث بها يعد تشبها بالكفار والعياذ بالله، وربما سيغلقون كلية الآثار وأقسام الآثار والإرشاد السياحي بالجامعات، وربما سيغلقون أقسام اللغات، والمؤكد أنهم سوف يمنعون دخول أية سائحة إلى البلاد بدون محرم. منير فخرى المواطن المصري القبطي مطالب بأن يحمى السياحة من هذا الخطاب المتشدد، مطالب بأن يحافظ على دخل الشعب المصرى من الفكر السلفي والإخوانى، مطالب بأن يعمل بقدر جهده على أن تظل بيوت العاملين بالساحة مفتوحة، وأن يجد أولادهم قوت يومهم، منير فخرى عبدالنور أصبح مطالبا بأن يصون صورة مصر من التشوه، كيف سيفعل هذا وهو المواطن المصري القبطي؟، إذا تصدى لبعض الخطاب قيل له: أنت مسيحي كافر، وسوف يتهمونه بسب الرسول الكريم أو ازدراء الدين الإسلامي، أو أن يتهموه بتنفيذ مخطط صهيوني أمريكي كنائسي لتعطيل حدود الله عز وجل وإحباط إقامة الدولة الإسلامية، وربما اتهموه بالعمل على تقسيم مصر إلى دولة للمسيحيين الكفار وأخرى للمسلمين، منير فخرى عبد النور يواجه بالفعل مشكلة خطيرة، وفى ظني أن المشكلة التي يواجها عبدالنور هي مشكلة الشعب المصري أجمع، وعلينا أن نقف ونواجهها ولا نتركه في الساحة يحارب معركتنا بمفرده.
