أكد الناقد والمفكر الدكتور جابر عصفور على أن عملية الهجوم على الروائي "نجيب محفوظ" ليست بجديدة، فالتيارات الدينية كان لديها موقف "متشدد" من الإبداع عامة ونجيب محفوظ بخاصة، وهي التي استباحت دمه وكلفت أحد شبابها للقيام بمحاولة اغتياله، إلا أن الله أنقذه. كما شدد عصفور على أن تحقيق الديمقراطية بلا مشروع ثقافي فكرة "عرجاء". وأضاف عصفور في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد الإلكترونية" أن الآفة الحقيقية تكمن في نسياننا لتاريخ هؤلاء، حيث يقول محفوظ في رواية "أولاد حارتنا" "آفة حارتنا النسيان"، ويضيف:"على المستوى الشخصي لست ناسيا تاريخ التيارات المتشددة في محاربة الفكر والإبداع، ومحاولات الاغتيال المادي والمعنوي، وأذكر الناس بفرج فودة ونصر حامد أبو زيد وغيرهما". وحول أسباب ما آلت إليه الأوضاع الفكرية والسياسية في مصر أوضح عصفور أن في مثل هذه الأجواء هناك تيارات تكسب بذكائها، وأخرى تكسب بغباء الآخرين، ويلوم على القوى المدنية سلوكياتها التي تعطي الفرص للتيارات المتشددة في الانتشار، وتساءل:"لا أستطيع أن أتفهم تحالف الوفد مع الإخوان منذ أيام مبارك، ولا تحالف الكرامة معهم الآن، فهذا التحرك ليس منطقيا، ويؤدي إلى خسارة التيارات المدنية للشعب، وانحسارها في برامج فضائية، وبرامج توك شو استهوت الليبراليين، بينما المتشددون يحتكون بالناس في المدارس، المستشفيات وفي مشاكلهم، وهم يملكون ما يقويهم ماديا؛ بخاصة أن السعودية تمولهم لترسيخ أقدامهم في الشارع. وأضاف عصفور: "الشعب به أكثر من 40% أميا، ومثلهم يعيشون تحت خط الفقر، وبالتالي لا ننتظر سوى ما قاله عبد المنعم الشحات بشأن الثقافة والأدب، فالشحات ليس إلا أداة في يد المجرم الحقيقي والمسئول عن أوضاع الشعب الثقافية والاقتصادية، وتتحمل معه المسئولية تيارات انعزلت عن الناس، ولم يستمعوا لحكمة الأبنودي "إذا مش نازلين للناس.. فبلاش". وشدد صاحب كتاب "ثقافة التخلف" على أن الديموقراطية المتباهى بها تظل فكرة "عرجاء" طالما بقيت دون مشروع ثقافي وحضاري، فالديموقراطية ثقافة بالأساس، ونحن في هذا المجتمع لدينا "كوارث" تتمثل أهمها في خطباء مساجد ينشرون ثقافة انغلاقية، مع غياب أسس ثقافة الدولة المدنية حتى عند كثيرين من الليبراليين، وعلينا أن نسعى لبناء هذه الأسس، عبر أجهزة الإعلام، والتعليم، والثقافة، والأوقاف، والأخيرة سيطر عليها السلفيون والتكفيريون، ويبثون بين الناس الفكر الإقصائي من خلال 250 ألف واعظ متشدد.