دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    ما حكم ذبح الأضحية في البلاد الفقيرة بدلا من وطن المضحي؟    بورصة الدواجن اليوم بعد آخر انخفاض.. أسعار الفراخ والبيض الأربعاء 22مايو 2024 بالأسواق    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 22 مايو 2024    بالصور.. معايشة «البوابة نيوز» في حصاد اللؤلؤ الذهبي.. 500 فدان بقرية العمار الكبرى بالقليوبية يتلألأون بثمار المشمش    الأزهر ينشئ صفحة خاصة على «فيسبوك» لمواجهة الإلحاد    استشهاد 10 فلسطينيين جراء قصف إسرائيلي على غزة    نتنياهو: لا نخطط لبناء مستوطنات إسرائيلية في غزة    «ما فعلته مع دونجا واجب يمليه الضمير والإنسانية».. أول رد من ياسين البحيري على رسالة الزمالك    النشرة الصباحية من «المصري اليوم».. أيرلندا تعتزم الاعتراف بفلسطين.. وإطلاله زوجة محمد صلاح    فضل يوم النحر وسبب تسميته بيوم الحج الأكبر    إبراهيم عيسى: التفكير العربي في حل القضية الفلسطينية منهج "فاشل"    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    قرار جديد من الاتحاد الإفريقي بشأن نهائي أبطال إفريقيا    أرقام تاريخية.. كبير محللي أسواق المال يكشف توقعاته للذهب هذا العام    سيارة انفينيتي Infiniti QX55.. الفخامة الأوروبية والتقنية اليابانية    «هساعد ولو بحاجه بسيطة».. آخر حوار للطفلة جنى مع والدها قبل غرقها في النيل    رابط نتائج السادس الابتدائى 2024 دور أول العراق    اليوم.. ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بحضور إلهام شاهين وفتحي عبد الوهاب    أترك مصيري لحكم القضاء.. أول تعليق من عباس أبو الحسن على اصطدام سيارته بسيدتين    سفير تركيا بالقاهرة: مصر صاحبة تاريخ وحضارة وندعم موقفها في غزة    عاجل.. حلمي طولان يصب غضبه على مسؤولي الزمالك بسبب نهائي الكونفدرالية    تحرك برلماني بشأن حادث معدية أبو غالب: لن نصمت على الأخطاء    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    تصل إلى 50%، تخفيضات على سعر تكييف صحراوي وقائمة كاملة بأحدث أسعار التكييفات    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    «أعسل من العسل».. ويزو برفقة محمد إمام من كواليس فيلم «اللعب مع العيال»    ضميري يحتم عليّ الاعتناء بهما.. أول تعليق من عباس أبو الحسن بعد حادث دهسه سيدتين    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    أهالي سنتريس يحتشدون لتشييع جثامين 5 من ضحايا معدية أبو غالب    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    نائب روماني يعض زميله في أنفه تحت قبة البرلمان، وهذه العقوبة الموقعة عليه (فيديو)    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    «الثقافة» تعلن القوائم القصيرة للمرشحين لجوائز الدولة لعام 2024    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    روسيا: إسقاط طائرة مسيرة أوكرانية فوق بيلجورود    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    شارك صحافة من وإلى المواطن    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    قبل قدوم عيد الأضحى.. أبرز 11 فتوى عن الأضحية    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكري ميلاده المائة أولاد حارة نجيب محفوظ
نشر في الأهالي يوم 23 - 11 - 2011


وترامي من بطن الحارة هتاف غلمان يترنمون:
يا ولاد حارتنا
توت توت
انتو نصاري
ولا يهود
تاكل إيه
ناكل عجوة
تشربوا إيه
نشرب قهوة
أهدي هذه الكلمات إلي كل فرد من أفراد الشعب المصري.. وإلي شباب ثورة 25 يناير.. وإلي كل مسئول في هذا البلد - مصر - الآن وفي كل آن.. وذلك في هذه اللحظة التي تعيشها مصر الآن.
وفي الذكري المئوية الأولي لمولد الكاتب المصري الباقي - رغم رحيله الجسدي - نجيب محفوظ.. الصديق الذي أفتقد حضوره.. دائما.
توفيق حنا
خطبة قاسم بعد انتصاره علي الفتوات.. أشار إلي البيت الكبير وقال:
هنا يقيم الجبلاوي، جدنا جميعا، لا تمييز في الانتساب إليه بين حي وحي أو فرد وفرد أو رجل وامرأة، وحولكم وقفة وسيكون لكم جميعا علي السواء، وعلينا أن نحسن استغلاله حتي يكفي الجميع ويفيض، فنحيا في رزق موفور وطمأنينة شاملة وسعادة صافية وغناء.
ذهب الناظر إلي غير رجعة، واختفي الفتوات، لن يوجد في حارتنا بعد اليوم فتوة، ولن تؤدوا «إتاوة لجبار، أو تخضعوا لعربيد متوحش، فتمضي حياتكم في سلام ورحمة ومحبة» وبيدكم أنتم ألا يعود الحال كما كان، راقبوا ناظركم فإذا خان اعزلوه، وإذا نزع أحدكم إلي القوة اضربوه، وإذا ادعي فرد أوصي سيادة فأدبوه بهذا وحده تضمنون ألا ينقلب الحال إلي ما كان، وربنا معكم.
وأقول مؤمنا بما أقول إن نجيب محفوظ أبدع عمله الرائع «أولاد حارتنا» من أجل إبلاغ هذه الرسالة.. رسالة الحرية والعدل والكرامة.
الأربعاء 26 أكتوبر 1994
أعادت جريدة «الأهالي» نشر «أولاد حارتنا» مع مقدمة قصيرة «لماذا هذه الرواية الآن؟» وأجابت «الأهالي» عن هذا التساؤل:
«لأن مبدعها الأصيل.. يرقد حاليا في مستشفي الشرطة، مصابا بمطواة في رقبته وطعنه بها شقي من الأشقياء، الذين قال لهم فقهاء «الحاكمية»: إن «أولاد حارتنا» ملحدة وصاحبها ملحد، لابد استتابته وقتله».
الخميس 27 أكتوبر 1994
قال نجيب محفوظ وهو تحت العلاج في مستشفي الشرطة:
«مازلت أكرر أن «أولاد حارتنا» مجرد عمل أدبي، يجب النظر إليه بهذا المفهوم وأنها رواية تنتهي بتأكيد أهمية الإيمان بالذات الإلهية».
حدثت محاولة اغتيال مبدع «أولاد حارتنا» يوم الاثنين 14 أكتوبر 1994 الساعة الخامسة مساء أمام منزله.
وفي يوم الأربعاء 19 أكتوبر 1994
وجه الكاتب الكبير نجيب محفوظ من غرفة العناية المركزة بمستشفي الشرطة بالعجوزة رسالة إلي مؤتمر المثقفين الذي عقد في اليوم التالي «الخميس» بمسرح البالون القريب من المستشفي ومن منزل الكاتب الكبير، قال فيها: «فليجتمع المثقفون جميعا حول مبدأ الحرية، لأن الثقافة لا تكون إلا بالحرية فلنترك جميع خلافاتنا جانبا ونتفق علي رفع راية الحرية في وجه جميع أشكال العنف والإرهاب» وأكد نجيب محفوظ من غرفة العناية المركزة يقود تحت راية الحرية تظاهرة من جميع المثقفين ضد «جميع أشكال العنف والإرهاب».
يحدثنا نجيب محفوظ عن المنابع الإنسانية والفنية التي صدرت عنها «أولاد حارتنا»: «هذه حكاية حارتنا.. أو حكايات حارتنا وهو الأصدق، لم أشهد من واقعها إلا طوره الأخير الذي عاصرته، ولكني سجلتها جميعا كما يرويه الرواة وما أكثرهم» ولكن ما الذي دفع الروائي إلي رواية حكايات «أولاد حارتنا»؟
يقول الراوي: «أما أكثر المناسبات التي تدعو إلي ترديد الحكايات، كلما ضاق أحد بحاله، أو ناء بظلم أو سوء معاملة، أشار إلي البيت الكبير علي رأس الحارة من ناحيتها المتصلة بالصحراء وقال في حسرة: «هذا بيت جدنا، جميعا من صلبه، ونحن مستحقو أوقافه، فلماذا نجوع وكيف نضام؟»
وكأن ترديد حكايات «أولاد حارتنا» صرخة احتجاج ضد كل ألوان الظلم والضيم والإرهاب.. يقول الراوي:
«وأعجب شيء أن الناس في الحارات القريبة يحسدوننا علي أوقاف حارتنا ورجالنا الأشداء، كل هذا حق، ولكنهم لا يعلمون أننا بتنا من الفقر كالمتسولين، نعيش في القاذورات بين الذباب والقمل، نقنع بالفتات، ونسعي بأجساد شبه عارية وهؤلاء الفتوات يرونهم وهم يتبخترون فيأخذهم الإعجاب، ولكنهم ينسون أنهم يتبخترون فوق صدورنا، ولا عزاء لنا إلا أن نتطلع إلي البيت الكبير ونقول في حزن وحسرة: «هنا يقيم الجبلاوي، صاحب الأوقاف وهو الجد ونحن الأحفاد».
ولا ينسي الراوي أن يسجل كيف احترف الكتابة ومتي:
«كنت أول من اتخذ الكتابة حرفة في حارتنا علي رغم ما جره علي ذلك من تحقير وسخرية وكانت مهمتي أن أكتب العرائض والشكاوي للمظلومين وأصحاب الحاجات، وعلي كثرة المتظلمين الذين يقصدونني فإن عملي لم يستطع أن يرفعني عن المستوي العام للمتسولين في حارتنا، إلي ما أطلعني عليه من أسرار الناس وأحزانهم حتي ضيق صدري وأشجن قلبي.
«أولاد حارتنا».. إذن هي عرض حال «عرضحال» كبير لما يعانيه «أولاد حارتنا» من آلام وأحزان وضيق وظلم وقهر.. يقدمه الراوي - العرضحالجي - لمن يهمهم الأمر.
وأنا أري - من وجهة نظري - أن «الحرافيش» - هذا العمل العظيم الذي أبدعه نجيب محفوظ - مجرد مذكرة تفسيرية لملحمة «أولاد حارتنا» ولكن الراوي يسجل هذه الحقيقة النفس - اجتماعية عن «أولاد حارتنا».. «ولولا أن آفة حارتنا النسيان ما انتكس بها مثال طيب، ولكن آفة حارتنا النسيان».
يفسر لنا نجيب محفوظ سر انقطاعه عن الكتابة ما بين عامي 1952 و1957.. يقول:
«أولاد حارتنا» هي أول رواية أكتبها بعد قيام ثورة يوليو 1952، وسبقتها خمس سنوات من الانقطاع التام عن الكتابة، وتحديدا بين عامي 1952 و1957.
في عام 1957 شعرت بدبيب غريب يسري في أوصالي، وجدت نفسي منجذبا مرة أخري نحو الأدب، وكانت فرحتي عارمة عندما أمسكت القلم مرة أخري، ولم أصدق نفسي عندما جلست أمام الورق من جديد لأعاود الكتابة، وكانت الأفكار المسيطرة علي في ذلك الوقت تميل ناحية الدين والتصوف والفلسفة: فجاءت رواية «أولاد حارتنا» لتحيي في داخلي الأديب الذي ظننته قد مات.
ولدت «أولاد حارتنا» من صمت عميق دام خمس سنوات ولهذا جاءت هذه الرواية و«هي أقرب إلي النظرة الكونية الإنسانية العامة» كما يقرر نجيب محفوظ، ورواية «أولاد حارتنا» مع هذه النظرة الكونية الإنسانية العامة استمدت موضوعها ومضمونها من واقع الحارة المصرية بكل تاريخها وتجاربها، وكما يقرر نجيب محفوظ «لا تخلو من خلفية اجتماعية واضحة» ويتوقف نجيب محفوظ عند هذه المشاكل والإشكالات والأزمات التي أثارتها «أولاد حارتنا» عند نشرها مسلسلة في جريدة «الأهرام» عام 1959.. والتي كان لمحمد حسنين هيكل أو «جمال عبدالناصر» الفضل في الاستمرار في نشرها متي نهايتها.. يقول نجيب محفوظ:
«ربما تكون «أولاد حارتنا» أكثر رواياتي إثارة للأزمات والجدل، وهذا الأمر لا يتفق مع حسن النية الذي كان وراء كتابتي لهذه الرواية.. وأعترف بداية أنني اخترت أسماء الشخصيات موازنة لأسماء الأنبياء، وجعلت من المجتمع انعكاسا للكون، وكنت أريد بذلك أن تكون القصة الكونية غطاء للمحلية.. وبلغ من حسن نيتي أنني فكرت في كتابة مقدمة للرواية أشرح فيها وجهة نظري».
وندع مبدع «أولاد حارتنا» يوضح لنا مغزي الرواية:
«المغزي الأساسي لرواية «أولاد حارتنا» هو أنها حلم كبير بالعدالة، وبحث دائم عنها، ومحاولة للإجابة عن سؤال جوهري:
هل القوة هي السلاح لتحقيق العدالة أم الحب أم العلم؟»
بعد صوم عن الكتابة.. وبعد صمت عن البوح والإبداع.. لمدة خمس سنوات.. ما هو الدافع الذي دفع الصامت.. الصائم إلي الكلام؟
يجيب نجيب محفوظ هذه الإجابة الواضحة الصريحة وكأنها اعتراف:
«الذي دفعني لكتابة هذه الرواية، وهي أول رواية أكتبها بعد قيام ثورة يوليو، هو تلك الأخبار المتناثرة والتي ظهرت في تلك الفترة - حوالي العام 1958 - عن الطبقة الجديدة التي حصلت علي امتيازات كبيرة بعد الثورة، وتضخمت قوتها، حتي بدأ المجتمع الإقطاعي الذي كان سائدا في فترة الملكية يعود مرة أخري، مما ولد في نفسي خيبة أمل قوية، وجعل فكرة العدالة تلح علي ذهني بشكل مكثف، وكانت هذه هي الخميرة الأولي للرواية».. وأبدع رؤياه في هذا الشكل في لون من ألوان «التقية».. هذا الشكل الذي اعتمد فيه نجيب محفوظ علي ذكاء القارئ لفهم مضمون هذا الشكل.
فالرواية - من وجهة نظري - صرخة احتجاج وتظاهرة فنية ضد كل ألوان القهر والاستغلال، ودعوة صادقة.. لإقرار العدالة ولتحقيق الحرية والكرامة لكل إنسان.
وكم كنت أود أن أعرف رأي محمد حسنين هيكل الذي قرأ الرواية - طبعا - ووافق علي نشرها وكان وراء الاستمرار في نشرها في نهايتها.. تري ماذا فهمه هيكل من «أولاد حارتنا» وتحمس بسبب هذا الفهم لنشرها.. والوقوف بجانبها حتي النهاية؟
وكم كنت أود أن أقر - للمرة الرابعة - طبعة جريدة «الأهالي» (1994) مع مقدمة جابر عصفور لهذه الطبعة وأنا من المعجبين والمتابعين لكل ما يكتب.
ولقد قرأت «أولاد حارتنا» عندما نشرت مسلسلة في جريدة «الأهرام» (1959).
ثم قرأتها في الطبعة الأولي البيروتية، ثم قرأتها أخيرا في الطبعة البيروتية الثانية (1972). ثم أعدت قراءة هذه النسخة وأنا أحاول أن أكتب هذه الكلمات وأكاد أري - من وجهة نظري - أن «زقاق المدق» هي الافتتاحية لرواية «أولاد حارتنا» كما أري - أيضا - أن «أولاد حارتنا» هي النهاية الرمزية لثلاثية «بين القصرين» والقارئ، لعله يتفق معي، إذا عاد إلي هذا المشهد في «السكرية» بين كمال وعدلي كريم.. وحماس عدلي كريم للعلم.. وأكاد أري في شخصية الجبلاوي صورة متعالية متسامية للسيد أحمد عبدالجواد.
عاش نجيب محفوظ في سنوات صمته تاريخ مصر كله.. وعاش وعايش ما عاناه شعب مصر طوال خمسة وعشرين قرنا من قمبير حتي الإنجليز.. وأخذ عنوان روايته من أطفال الحارة وهم يرددون:
يا ولاد حارتنا
توت توت
توت هو رب الحكمة والكتابة في مصر القديمة.
في ختام رواية «أولاد حارتنا» يبشر الروائي بثورة علمية تحقق لأولاد الحارة - مصر - الحرية والعدل والكرامة، وتحرر هذه الحارة التي عانت كثيرا من كل ألوان الظلم والقهر والفقر والجهل.
وفي ص471 (طبعة بيروت 72) يحدثنا الراوي عن عرفة «وتحتاج الأسماء عند نجيب محفوظ إلي دراسات» وهو ابن جحشة التي كانت تردد في الحارة «بين زين»، وعرفة قد عاد إلي الحارة يحمل رسالة المعرفة والعلم والنور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.