هو ..طبيب ناجح وزوج راض عن حياته الأسرية، بعد زواج دام خمسة أعوام اضطرته الظروف للتفكير بالزواج بأخرى..ولكن وقبل العرس بأيام تراجع والد العروس عن إتمام الزواج بعد أن أفتى له البعض بأن الزوج المنتظر سيظلم ابنته طالما بقيت زوجته الأولى على ذمته، لأنه لن يستطيع العدل بينهما مهما حاول مستدلين بقوله تعالى:"ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم" .. يسأل القاريء عن المعني الصحيح للآية.. وهل هي دليل على منع تعدد الزوجات؟ يجيب على السؤال فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي ، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين : الاستدلال بالآية الكريمة في هذه المسألة استدلال مرفوض وتحريف للكلم عن مواضعه، وهو يحمل في طياته اتهاما للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه رضى الله عنهم بأنهم لم يفهموا القرآن أو فهموه وخالفوه متعمدين. فهذه الآية تبين أن العدل المطلق الكامل بين النساء غير مستطاع بمقتضى طبيعة البشر، لأن العدل الكامل يقتضي المساواة بينهن في كل شىء حتى فى ميل القلب والشهوة، وهذا ليس في يد الإنسان، فهو يحب واحدة أكثر من أخرى، ويميل إلى هذه أكثر من تلك، فالقلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء. والآية التي استدلوا بها هي نفسها ترد عليهم لو تدبروها، فالله تعالى أذن في تعدد الزوجات بشرط الثقة في العدل، ثم بين العدل المطلوب في نفس السورة حين قال:" ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة".. ( النساء:129 ) ومن ثم كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بعد أن يقسم بين نسائه في الأمور الظاهرة من النفقة والكسوة والمبيت: " اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك".. يعني أمر القلب، فأمر القلب هو الذي لا يستطاع العدل فيه، وهو في موضع العفو من الله تعالى، فإن الله جل شأنه لا يؤاخذ الانسان فيما لا قدرة له عليه ولا طاقة له به. ولهذا قالت الآية الكريمة بعد قوله: " ولن تستطيعوا أن تعدلوا ولو حرصتم".." فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة". ومفهوم الآية أن الميل مغتفر وهو الميل العاطفي. والعجب العجاب أن تأخذ بعض البلاد العربية بتحريم تعدد الزوجات في حين أن تشريعاتها لا تحرم الزنا الذي قال الله فيه: " إنه كان فاحشة وساء سبيلا" (الاسراء:32) إلا في حالات معينة كالإكراه أو الخيانة الزوجية إذا لم يتنازل الزوج.