الرئيس السلوفاكي الأسبق يعرب عن أمله في انتهاء انقسام سلوفاكيا بعد محالولة اغتيال فيكو    أخبار الأهلي : سؤال لكولر يثير الجدل فى مؤتمر مباراة الأهلي والترجي    الهلال السعودي يتعرض لضربة موجعة قبل الديربي أمام النصر    توماس توخيل يعلن رحيله عن بايرن ميونخ في هذا الموعد    الإثنين.. مناقشة رواية بيت من زخرف لإبراهيم فرغلي بمبنى قنصلية    تعرف على شروط التقديم على وظائف العمل المتاحة في محافظة القاهرة    25 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في الأقصى.. واستشهاد شاب بالضفة    الأونروا: أكثر من 630 ألف شخص نزحوا من رفح منذ السادس من مايو الحالي    الوضع الكارثى بكليات الحقوق    بعد إعادة انتخابها ل4 سنوات مقبلة.. المشاط تهنئ رئيسة البنك الأوروبي: حافلة بالتحديات    عيار 21 يسجل زيادة جديدة الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 17-5- 2024 بالتعاملات المسائية للصاغة    رئيس الاتحاد الفلسطيني يكشف تحركاته نحو تعليق مشاركة الكيان الصهيوني دوليًا    متابعة جاهزية اللجان بتعليم الجيزة استعدادا للشهادة الإعدادية    رئيس COP28: العالم أمام فرصة استثنائية هى الأهم منذ الثورة الصناعية الأولى    أبرزهم يسرا وسعيد صالح.. نجوم برزت عادل إمام وحولته للزعيم بعد نجاحهم فنياً    ليلى علوي في موقف مُحرج بسبب احتفالها بعيد ميلاد عادل إمام.. ما القصة؟    متحف البريد المصري يستقبل الزائرين غدًا بالمجان    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي    بعجينة هشة.. طريقة تحضير كرواسون الشوكولاتة    مساندة الخطيب تمنح الثقة    مؤتمر أرتيتا عن – حقيقة رسالته إلى مويس لإيقاف سيتي.. وهل يؤمن بفرصة الفوز بالدوري؟    الإنتهاء من المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلى لمبنى المفاعل بمحطة الضبعة النووية    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    «جمارك القاهرة» تحبط محاولة تهريب 4 آلاف قرص مخدر    وزارة العمل تعلن عن 2772 فُرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة فى 9 مُحافظات    إعلام فلسطيني: شهيدان ومصاب في قصف إسرائيلي استهدف مواطنين بحي الزهور    بوتين يعلن إنشاء منطقة عازلة في خاركيف بأوكرانيا    تحديث جديد لأسعار الذهب اليوم في منتصف التعاملات.. عيار 21 بكام    جوري بكر تعلن انفصالها بعد عام من الزواج: استحملت اللي مفيش جبل يستحمله    أحمد السقا: يوم ما أموت هموت قدام الكاميرا    هشام ماجد ينشر فيديو من كواليس "فاصل من اللحظات اللذيذة".. والجمهور: انت بتتحول؟    دعاء يوم الجمعة وساعة الاستجابة.. اغتنم تلك الفترة    أوقاف البحيرة تفتتح 3 مساجد جديدة    «تقدر في 10 أيام».. موعد مراجعات الثانوية العامة في مطروح    تناولها أثناء الامتحانات.. 4 مشروبات تساعدك على الحفظ والتركيز    اندلاع حريق هائل داخل مخزن مراتب بالبدرشين    كيف ينظر المسئولون الأمريكيون إلى موقف إسرائيل من رفح الفلسطينية؟    ما هو الدين الذي تعهد طارق الشناوي بسداده عندما شعر بقرب نهايته؟    ضبط سائق بالدقهلية استولى على 3 ملايين جنيه من مواطنين بدعوى توظيفها    المفتي: "حياة كريمة" من خصوصيات مصر.. ويجوز التبرع لكل مؤسسة معتمدة من الدولة    محافظ المنيا: توريد 226 ألف طن قمح منذ بدء الموسم    «المرض» يكتب النهاية في حياة المراسل أحمد نوير.. حزن رياضي وإعلامي    بالصور- التحفظ على 337 أسطوانة بوتاجاز لاستخدامها في غير أغراضها    كوريا الشمالية ترد على تدريبات جارتها الجنوبية بصاروخ بالستي.. تجاه البحر الشرقي    في اليوم العالمي ل«القاتل الصامت».. من هم الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة به ونصائح للتعامل معه؟    كيف يمكنك حفظ اللحوم بشكل صحي مع اقتراب عيد الأضحى 2024؟    أوقاف دمياط تنظم 41 ندوة علمية فقهية لشرح مناسك الحج    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    تفاصيل حادث الفنان جلال الزكي وسبب انقلاب سيارته    وفد «اليونسكو» يزور المتحف المصري الكبير    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» موضوع خطبة الجمعة اليوم    سعر جرام الذهب في مصر صباح الجمعة 17 مايو 2024    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    "حزب الله" يشن هجوما جويا على خيم مبيت جنود الجيش الإسرائيلي في جعتون    أحمد سليمان: "أشعر أن مصر كلها زملكاوية.. وهذا موقف التذاكر"    محمد عبد الجليل: مباراة الأهلي والترجي ستكون مثل لعبة الشطرنج    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة اليوم.. والعظمى في القاهرة 35 مئوية    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البحراوى : الأمن سينتشل البلد من مستنقع السلاح
نشر في الوفد يوم 03 - 12 - 2011

أكد الدكتور «إبراهيم البحراوى»، الخبير الاستراتيجى فى الشئون الإسرائيلية، فى حواره ل«الوفد» أن إسرائيل وضعت مؤخراً خطة تنموية شاملة لسنة 2028
الهدف منها وضع إسرائيل بين الدول العشر إلى الخامسة عشرة الكبرى، ونحن مازلنا منقسمين بين ثوار ميدان التحرير ومؤيدى ميدان العباسية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.
مطالباً حزب الوفد بأن يقوم بدور الوساطة بين المجلس العسكرى وثوار ميدان التحرير، واصفاً الوفد بالقوى الرشيدة العاقلة القادر على التدخل بحكمة بما يمثله من نبض فى عروق الأمة المصرية وما يملكه من قوة ناعمة ذات توجه ليبرالى يهدف إلى عدالة اجتماعية، وانتصاره الدائم لوحدة الأمة بعنصريها «المسلم والمسيحى» وهذا الدور يكون من منطلق هذا الرصيد الشعبى لينشئ حواراً بين العسكريين وثوار التحرير وإلى نص الحوار.
أعلنت إسرائيل عن خطة استراتيجية لسنة 2028 تنقلها نقلة نوعية بين العشر دول الكبرى.. ما هذه الخطة؟
- هذه الخطة تبنى عملية التقدم فى جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية من خلال هذه الخطة.. ورصدت أوجه الضعف والقصور فى جوانب الحياة، والقيام على علاجه حتى يمكنها اللحاق بالمستويات الدولية الرفيعة، ولهذا نحن أمام تحد كبير لعناصر القوة الشاملة لإسرائيل والتى تمكنها من ممارسة سياسات الهيمنة وبسط النفوذ وربما التوسع فى منطقة الشرق الأوسط العربية.
ما طبيعة الخطة الإسرائيلية وآلياتها؟
- تم وضعها بواسطة (73) خبيراً فى التخصصات المتعددة فى الإدارة والاقتصاد والتكنولوجيا والتعليم والبحث العلمى والعدالة الاجتماعية، من الأمريكان والأوروبيين والإسرائيليين باعتبارهم قوى المجتمع المدنى الإسرائيلى وعند اكتمالها طرحوها على مجلس الوزراء فتبناها كخطة عمل تنتهى فى 2028.
هل الهدف الرئيسى من هذه الخطة هو هدف تنموى؟
- الهدف الرئيسى للاستراتيجية هو الوصول بإسرائيل أن تكون إحدى الدول من العشر إلى ال15 دولة الأولى الأكثر تقدماً فى العالم.. لأنه توجد خطط سابقة لإسرائيل تنتهى فى 2020 وأخرى تنتهى فى 2035 و2050 وأبعد مدى 2075.
وما التحدى المطروح على مصر تحديداً؟
- التحدى المطروح علينا فى مصر سيتمثل فى ضرورة دراسة مثل هذه الخطط الاستراتيجية والتعرف على مقاصدها ووسائلها لتحقيق القوة والنمو حتى تكون لدينا القدرة على المنافسة، وبناء مجتمع مصر الثورة على دعائم تمكنه من إحراز التقدم الإنسانى بالمعنى الشامل، لأن إسرائيل تخطط لقدرات وإمكانيات على مدى القرن الجديد بل أتوقع أن تصدر استراتيجية مبنية على الاستراتيجيات السالفة لرسم صورة الدولة ومكانتها فى العالم، وفى الإقليم مع نهاية هذا القرن.
هذه الخطة هل بها تغيير للشكل السياسى الذى تتبعه إسرائيل؟
- نعم توجد إعادة نظر فى النظام البرلمانى، حيث يلاحظ فى النظام السياسى المطبق فى إسرائيل منذ 1948 وحتى الآن، رغم أنه قد منح الدولة اليهودية حيوية ناتجة عن عملية تداول السلطة بين الأحزاب السياسية من اليمين إلى اليسار وبالعكس إلا أنه أصبح مطلوباً أن يكتسب هذا النظام مزيداً من القوة، ومن هنا اتجه واضعو الاستراتيجية للتفكير فى النظام الرئاسى المختلط الذى يتم فيه انتخاب رئيس الجمهورية يختص بقضايا الدفاع والسياسة الخارجية بينما ينتخب رئيس الوزراء ليختص بالسياسة الداخلية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.. إلخ، وهذا التفكير يعكس حالة من القدرة على مراجعة النفس، وإعادة اكتشاف الإمكانيات ومواجهة النفس بنقد ذاتى يكشف عن جوانب القصور للاندفاع إلى مزيد من التقدم.
من المعلوم أن إسرائيل تتبنى الرأسمالية.. وذكرت الآن العدالة الاجتماعية فهل هذا توجه اقتصادى آخر؟
- هذا التوجه من جانب واضعى الاستراتيجية الإسرائيلية وهم من المؤمنين بالاقتصاد الحر أو الرأسمالى، ولكن ظهر توجه يرفض الرأسمالية المتوحشة التى تقبض على الثروة الوطنية لصالح أقلية حاكمة أو مرتبطة بالنظام الحاكم وهو توجه جاء بشكل صريح وبألفاظ بسيطة حتى يصل إلى كل الناس، حيث تقول الاستراتيجية فى الطبعة العبرية صفحة (41) تقوم وجهة نظر هذه الاستراتيجية على الإيمان باقتصاد السوق وميزاته مع رفض التوجه النيوليبرالى فيما يتصل بدور الحكومة فى الاقتصاد، وذلك ببناء اقتصاد حر ومتوازن وعادل ويتمتع بعاطفة إنسانية، ويعتمد على قدرات الشعب الثقافية والعلمية والتكنولوجية، وعلى ثراء رأس المال البشرى.. وأعتقد أن هذا التوجه يصلح لبناء نظامنا الاقتصادى بعد ثورة 25 يناير، ونذكر فى الأعوام الأخيرة كان النظام البائد يتباهى أنه قد حقق نسبة نمو 7٪ وكنا نعلق أن النمو محبوس فى قلة حاكمة وأتباعها من رجال الأعمال المقربين له، وأنه كان يعتمد على نمط فى الرأسمالية خبيث يزيد تمزق الوطن، ويخلق فجوات واسعة بين شرائحه الاجتماعية، ويهدد أهم عناصر الأمن القومى والاستقرار وهو عنصر الرضا الاجتماعى والتقارب بين الطبقات.
ولهذا ذكرت فى الوفد قبل ثورة يناير أن كعكة النمو يلتهمها رجال الأعمال.. كيفية تفادى هذه الممارسات؟
- أولاً بناء حكم ديمقراطى رشيد وشفاف وقابل للمحاسبة من الجماهير، لأنه بدون هذا الشرط يشعر الحكام بأنهم مطلقو الأيدى فى الثروة الوطنية فيؤثرون أنفسهم وعائلاتهم وأصدقائهم بها، بل يوجهون الاستثمارات لخدمة هذه الدائرة الضيقة التى تصنف على أنها رأسمالية (الأورلجاكيه) أى القلة الحاكمة.. فالحكم الديمقراطى يكفل حرية تدفق المعلومات عن سلوك الطبقة الحاكمة، وأوضاع الاقتصاد الوطنى، فإننا نقطع الخطوة الأولى نحو بناء نظام اقتصادى يحقق العدالة الاجتماعية.
وماذا عن إتاحة الفرص المتكافئة للتنافس؟
- هذه خطوة ثابتة بإيجاد فرص متكافئة للتنافس بين المواطنين الراغبين فى ممارسة العمل الحر والتعاقد على مشروعات مع الحكومة أو غيرها، لذلك فإن غياب عنصر تكافؤ الفرص يؤدى إلى الفساد الذى كان قائماً فى السابق عندما كانت تتم خصخصة ممتلكات الدولة فى الظلام لصالح أشخاص محددة، وينتهى الأمر إلى إيجاد احتكارات فى القطاعات المختلفة مثلما رأيناه فى قطاع الحديد لصالح «أحمد عز»، وأيضاً يؤدى إلى حصول صاحب النفوذ أو المدعوم ممن لهم النفوذ على الفرص الاقتصادية بدءاً من التعاقد على تنفيذ المشروعات الحكومية أو الحصول على أراضى الدولة أو الحصول على التراخيص اللازمة للمشروعات، مما يؤدى إلى تركيز الثروة الوطنية والفرص الاقتصادية فى أيدى قلة محدودة وهو ما ينسف أساس اقتصاد السوق القائم على المنافسة المتكافئة.
أين دور الحكومة فى هذه المنظومة؟
- دورها يتمثل كمنظم للاقتصاد ومانع للاحتكار وضامن لحرية تداول المعلومات، وقائم على تطبيق حق تكافؤ الفرص، وهذا الدور الحكومى يكون فى برنامجها الانتخابى الاقتصادى القائم على تحصيل الضرائب بشكل عادل، وتوجيه هذه الحصيلة لبناء شبكة خدمات اجتماعية وصحية ذات كفاءة عالية وميسرة للخدمات الاجتماعية والصحية تمثل جوهر الاقتصاد المتوازن القائم على الحرية الاقتصادية وعلى عدالة التوزيع، حتى تستطيع الحكومة أن تخلق مجتمع الرفاهية، ويحصل الإنسان على حقه فى التعليم الجيد الذى يؤدى إلى الوصول للوظائف ذات العائد المجزى والقدرة على المنافسة فى الأسواق.. والتخطيط لتمكين التلميذ فى أولى مراحل التعليم ليصبح عنصراً بشرياً متقدماً ومؤهلاً وقادراً للحصول على فرصة حياة أفضل بل والمنافسة فى سوق العمل الدولية.
إذن ترى أن التعليم هو المشروع القومى لمصر؟
- بالتأكيد فإذا كان هدفنا الارتقاء بالإنسان واستمتاعه بعوائد تقدمه وتميزه، على اعتبار أنه ثروة وطنية مصرية، ورأس المال البشرى الثمين لمصر، فإن بوابتنا هى التعليم والارتقاء به وبجودته، ولعل الشباب المتخرج فى الجامعات الحكومية يضطر إلى الحصول على كورسات فى اللغات والكمبيوتر ليجدوا مكاناً فى سوق العمل تؤكد أننا فى حاجة إلى تأهيل خريج الجامعة من خلال تطوير برامج التعليم الجامعى الذى كان خريج الجامعات المصرية خاصة القاهرة وعين شمس والإسكندرية يقبل كطالب دراسات عليا فى أعظم الجامعات الدولية دون أى اختبار حتى السبعينيات، واليوم يضطر أبناؤنا إلى عمل معادلات ليقبلوا فى الأعمال فى بعض الدول العربية التى تطلب منهم إعادة تأهيل، إذن التعليم هو المشروع الذى يطلق قوة مصر ويرفع من شأن ثروتها البشرية، إذا عدنا لدور الحكومة فى العدالة الاجتماعية.
كأحد خبراء التعليم كيف نرتقى بالتعليم ومراحله؟
- أولاً الخطوة الأولى والتى تعتمدها جميع الدول هو اعتماد نسبة مرتفعة من إجمالى الدخل القومى وتخصيصها للتعليم، ولا تعتبر هذا الإنفاق استهلاكية بل اعتباره استثماراً استراتيجياً يؤدى إلى تعظيم قيمة الثروة البشرية، وهنا يمكن وضع الخطط الفنية المعروفة للعالم كله والبديهية وليس فيها أية أسرار للارتقاء بالمدرسة ومرافقها ومعلميها وإدارتها، وأدواتها التعليمية، والارتقاء بالظروف الإنسانية والاجتماعية والرياضية والغذائية والإبداعية للطالب وهذا يتفق عليه المتخصصون فى شئون التعليم.. وبتوفير الموارد المالية يمكن التغلب على مشكلة التكدس حتى لا تزيد نسبة الفصل الواحد على 20 تلميذاً وهو المقبول دولياً مع تغطية جميع المحافظات وليس العاصمة.
وماذا عن التعليم الجامعى والبحث العلمى؟
- إذا توفر المال استطعنا تطوير الحياة الجامعية بدءاً من توفير حيز مكانى مناسب للأستاذ بدلاً من تكدس (10) أساتذة فى غرفة مساحتها 20 متراً مربعاً أى 2 متر لكل أستاذ جامعى!! ثم نطالبهم بأن يتقابلوا مع الطلبة ويتفاعلوا معهم ويتشاوروا فى القضايا العلمية والإشراف على الرسائل العلمية.. فبأى منطق نطالبهم بهذا؟!! فلابد من توفير القاعات اللازمة للدراسة التى توفر حيزاً إنسانياً مقبولاً للطلاب الذين يفترشون الأرض أثناء المحاضرات، وأحياناً لا يستطيع الطلبة ولا الأساتذة أن يتنفسوا لشدة التزاحم وسوء التهوية.
أضاف إلى ذلك مستوى المراجع العلمية والمكتبات والمعامل والبحوث الميدانية، حينها سنكتشف أن التمويل هو مفتاح الحل لهذه المشاكل والإسرائيليون ليسوا أكثر عبقرية منا فى اكتشاف نظم التعليم ولا فى كيفية تطويرها، الفرق الوحيد أنهم فى استراتيجية 2028 منحوا التعليم مزيداً من الاعتمادات.
كيفية تحقيق جودة تعليمية لكثافة طلابية مع قلة موارد للتعليم؟
- فى المجتمعات المتشابهة مع ظروفنا يوجد منهج يقوم على إيجاد جزء للتميز أى إقامة مدرسة نموذجية فى كل محافظة وتقبل أفضل الطلاب من حيث المستوى الدراسى والذكاء العام، والقدرات ومن هنا يمكننا التغلب على مشكلة الموارد التى لا تسمح بإقامة المدارس المتميزة فى كل محافظة.. فنبدأ بمركز تنمية يجذب جميع المتفوقين ويتم التوسع فيه بالتدريج كلما زادت الموارد المتاحة. وأعتقد أن هذا النموذج قابل للتطبيق فى مصر نظراً للكثافة الشديدة، وزيادة الأعداد التى لا تتوقف.. وهذا النموذج قابل للتوسع على مستوى الجامعات أمام مشكلة رغبة المصريين عامة فى الالتحاق بالجامعات، وأيضاً النظرة الدونية للتعليم المهنى سواء اجتماعى أو زراعى أو تجارى وهذه مشكلة اجتماعية سيكولوجية فى حاجة إلى معالجة بالتوعية والترغيب فى التعليم الصناعى والتكنولوجى.. إلخ، وأيضاً فتح أنساق التعليم بعضها على بعض أى عدم غلق أبواب التعليم الجامعى أمام طالب الدبلوم المتوسط وهذا سيقلل من نفور الطلبة والعائلات من الالتحاق بالتعليم المتوسط وعدم النظر له نظرة دونية.
كيف ترى الفترة الانتقالية؟
- دعنا نبدأ فى تحقيق مبدأ يرشدنا إلى التفكير وهى أن طبيعة المراحل الانتقالية بعد الثورات تتسم بكثير من خلافات الرأى والعواصف والشد والجذب بين القوى السياسية المتصارعة على الحكم وعلى الثروة الوطنية، سواء كانت قوى جديدة نشأت بعد الثورة أو قوى قديمة مستقرة فى تاريخ المجتمع.. وهذا المبدأ يفسر لنا ما يحدث الآن، فالقوى الجديدة يمثلها ميدان التحرير وهؤلاء الذين فجروا الثورة ويرفضون مطالب محددة، والناحية الأخرى لدينا قوى تقليدية قديمة يمثلها المجلس العسكرى الذى يعتبر من أقدم مؤسسات القوى فى مصر تاريخياً من حيث الوظيفة، كما أن أعضاءه الحاليين هم من القوى الكلاسيكية المصرية سواء بعامل السن التى تفرقهم كثيراً عن شباب الثورة.. أو بحكم الأفق الذهنى الذى تربوا عليه منذ الستينيات، وبين شباب التحرير الذين تربوا على أفق العالم المفتوح والحداثة، ومفردات الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.
لكن توجد قوى أخرى لها أدوار فى المشهد السياسى؟
- توجد قوى ثالثة وهى الأحزاب القديمة والنخبة السياسية التقليدية التى تستطيع التكيف مع أى نظام حكم لتؤدى دورها الوطنى ولتحقق مصالحها فى الوقت ذاته، وما أقصده بمصطلح القوى التقليدية هو مثقفو الدولة الذين ينشأون على مبادئ رفيعة، ويتطلعون إلى خدمة الوطن بكل إخلاص.. ثم يكتشفون أن قدراتهم على خدمة الوطن لا يمكن أن تتحقق بدون الدعم الحكومى ومن هنا يعتبرون الحكومات المختلفة باعتبارها وسيلة لتنفيذ بعض طموحاتهم، وأحلامهم الوطنية.. ودائماً يستشهد صديقى الصحفى أحمد الجمال فى هذا الصدد ب«على مبارك» المهندس المصرى الذى بنى القاهرة الحديثة مع الخديو «إسماعيل» والذى بدون دعم الخديوى مجرداً من القدرة على التأثير أو التنوير أو التخطيط لصالح الوطن.. وهؤلاء موجودون فى الأحزاب ومرشحو الرئاسة الحالية من الموظفين السابقين التى ينطبق عليهم هذا التوصيف.
وأين التيارات الدينية وفلول الحزب الوطنى؟
- هؤلاء هم القوى الرابعة المحركة والمؤثرة، وهى قوة النظام السابق والمتمثلة فى قيادات الحزب القديم والتى حققت لنفسها نفوذاً وثروة مازالت تخشى عليها، وأيضاً أتباع النظام من رجال الأعمال ورجال الإدارة الذين انتفعوا من الاقتراب منه.. أما الإخوان المسلمون أذكر أننى كتبت فى مقال فى 2005 وجهته ل«مبارك» وأنهيته بعبارة (سيادة الرئيس حاور الإخوان أو اعتقلنى معهم) وهذا كان رداً على حملة اعتقالات غير مبررة على الإخوان.. ولهذا الإخوان جزء من المشهد السياسى المصرى ومن حقهم أن يتواجدوا ويتحركوا فى الحرية السياسية.. ولكن فى الوقت ذاته من حقنا عليهم أن يتصرفوا مع سائر القوى المصرية تصرفاً منسقاً مع قواعد المجتمع الديمقراطى، وإذا كنا رفضنا إقصاءهم فى السابق، فإننا نطالبهم اليوم بعد استرداد مكانتهم أن يشيعوا ثقافة الحوار والتفاهم والحلول الوسط بدون تشدد أو إقصاء لأحد كما يقتضى العمل السياسى الهادف لصالح الأمة والبعيد عن الاحتكار ومحاولة الاستئثار بالسلطة.
يوجد استقطاب بين القوى المختلفة فى التحرير وبين القوى التقليدية؟
- هذا يتخلص فيما يسمى مطالب التحرير والتى تتركز فى المطالبة بحكومة إنقاذ وطنى برئاسة شخصية من الميدان تشكل مجلساً رئاسياً مدنياً، والتعجل بنقل السلطة إلى سلطة مدنية.. وعلى الجانب الآخر نجد مظاهرات ميدان العباسية وتطالب بالإبقاء على المجلس العسكرى والالتزام بالجدول الزمنى الذى وضعه المجلس، وقبول حكومة د. كمال الجنزورى ونلاحظ حالة استقطاب شديد، وماذا لو تمسك كل طرف بمطالبه دون أن تظهر قوى رشيدة عاقلة وقادرة على التدخل بحكمة لبناء جسر من التفاهمات والوصول إلى أرضية مشتركة تحقق مطالب العسكريين بدرجة مقبولة؟! أعتقد ستوجد خطورة من هذا.
ترى من القادر على القيام بدور الوسيط بين ميدان التحرير وبين المجلس العسكرى؟
- أعتقد أن حزب الوفد مؤهل لأن يقوم بدور الوسيط بين الطرفين بما يمثله من نبض أثير فى عروق الأمة بتاريخه منذ «سعد زغلول» باشا كقوة تحرر وطنى ضد الاحتلال البريطانى، وكقوة ليبرالية تنحو نحو العدالة الاجتماعية.
وتنتصر لوحدة الأمة بعنصريها (مسلمين ومسيحيين) وقواها المختلفة.. والوفد بهذا العبق التاريخى عليه أن يستغل قوته الناعمة المتمثلة فى هذا الرصيد لينشئ حواراً بين العسكريين وثوار التحرير.
وكيف يكون اتجاه الحوار؟
- يجب أن ينطلق من أمر واقع وهو أن المجلس العسكرى قوة رئيسية تعمل فى الساحة السياسية المصرية بسلطات رئيس الجمهورية وهى سلطات وردت فى التعديل الدستورى الذى تم الاستفتاء عليه.. وبالتالى فإن أى طرف يحاوره عليه أن يبدأ بالاعتراف بالشرعية التى يتمتع بها المجلس العسكرى، أولاً كحام للثورة ثم كصاحب السلطات الرئاسية فى التعديل الدستورى، وهذه الشرعية لديها قوة المدافع والنيران، ولابد من السعى إلى نقطة وسط لا تقوم على إقصاء المجلس العسكرى أو تخوينه أو التسفيه منه فهذا يؤدى إلى استفزازه وإلى ردود أفعال غير حميدة.
هذا حق المجلس العسكرى فماذا عن حق الثوار؟
- الوسيط المحاور يجب أن يرتكز على مطامح شباب الثورة الذين ينظرون إلى النموذج التونسى بعدما تم تشكيل مجلس رئاسى مدنى لإدارة البلاد بسلاسة وأوصلها إلى الانتخابات البرلمانية، وهذا يمكن للوسيط المحاور أن يجد له مكاناً على مسرح الحكم بجوار المجلس العسكرى.. فإذا افترضنا وجود مقعد منفرد للمجلس العسكرى كسلطة رئاسية فيمكن أن يشكل جواره مجلس مدنى استشارى يختاره الشباب ويكون شريكاً للمجلس العسكرى فى اتخاذ القرارات.
من أين يبدأ مفهوم الأمن القومى؟
- له شقان الأول حماية الإقليم من أى خطر خارجى والثانى بناء مجتمع متماسك تسوده حالة الرضا بين الحكام والمحكومين، وتشيع فيه حالة التكافل ومسئولية الدولة تجاه مواطنيها كدولة راعية وليست متخلية عن مسئولياتها والشقان معاً يتكتفان فى بناء مفهوم الأمن القومى، وأصبح من الضرورى زرعه فى العقل المصرى بعد ثورة يناير لعلاج الخلل الشديد الذى لحق بوظائف الحكومة تجاه المواطنين فى السنوات السابقة لحكم «مبارك».
تحديات الأمن القومى الخارجية؟
- أعتقد بعد الثورة هناك اهتمام أمريكى بتجميد احتمالات انهيار معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الأمريكية فى الوقت ذاته من ناحية ليبيا مؤمنة من الجانب السياسى، حيث هناك سلطة ثورية حريصة على العلاقات الأخوية مع الشعب المصرى، رغم أن ظروف الثورة فتحت أبواب الخطر على مصر من تجار السلاح وعالم الإجرام السفلى الذى يمكن أن يهدد سلامة المجتمع، وهذا يلقى علينا بمسئولية إعادة بناء الأمنى الداخلى بحيث نستطيع السيطرة على ترسانة السلاح المهربة حتى لا يستخدمها عصابات الإجرام أو أى جماعات سياسية متطرفة، أما الجنوب فالارتباك فى العلاقات بين دولة جنوب السودان والشمال يعطينا فرصة بناء دبلوماسية قوية قادرة على التوسط بين الطرفين لأنهما يثقا فى مصر بعد الثورة، إذن فالثورة أعطتنا ميزة فى علاقتنا بدول منابع النيل ويمكن للدبلوماسية الرسمية والشعبية أن تؤصل بناء جسور ثقة مع إثيوبيا وأوغندا وكينيا لضمان مصالح مصر المائية.
وماذا عن تهديد الأن القومى بانتقال أمن للسلطة يعد إجراء الانتخابات؟
- هذه هى المشكلة الأكبر والتى أراها مؤثرة على الأمن القومى فى انتقال سلس إلى حكم ديمقراطى فهذا الانتقال هو الذى سيمنح مصر مزايا كثيرة منها ثقة المؤسسات الدولية والمستثمرين الأجانب مما يضخ مليارات من الدولارات فى سوق الإنتاج المصرى تعيد له حيويته وتوفق مساراته.. وإحكام عمليات الأن لسد الطرق على مجموعات البلطجية والإجرام أياً كانت انتماءاتها أو من يحركها.. وتخليص مصر من ترسانة السلاح المهربة.. بناء حالة تماسك وطن بين المسلمين والمسيحيين تكون قادرة على وأد الفتنة فى مهدها.. التعجل ببناء مشروع للنهضة يتخذ من التعليم مركزاً رئيسياً له تحت شعار تنمية رأس المال البشرى المصرى.
ماذا يقلق د. البحراوى؟
- يقلقنى إعجاب كل ذى رأى برأيه وكنا قبل الثورة نطالب الناس أن يخرجوا من سلبياتهم ويشاركوا بالرأى فى بناء مجتمعهم، وبعد الثورة أصبح الناس يملكون الرغبة فى المشاركة، ويمكننا أن نستمع إلى الجميع لربات البيوت آراء سياسية فى المواقف الكبرى والصغرى.. وهذا جيد لكن ينقصه القدرة على الإنصات والاستماع للآخر والقدرة على النقد الذاتى على تصحيح الرأى بعد الاستماع إلى آراء الآخرين.. ويقلقنى أن الكل أصبح يملك الحقيقة المطلقة، وأن المخالف له فى الرأى لا يفهم شيئاً وهذه آفة فكرية قادرة على تهشيم المجتمع وتمزيق قدرته على بناء تفاهمات وحلول وسط لمشكلتنا، وعلى الإعلام أن يعمل لصالحنا من خلال إرساء قيم وترويج الحوار واحترام الرأى الآخر والانتفاع بتجارب الآخرين وتعديل وجهات النظر هو ميزة وليس عيباً ومصدراً للقوة وليس مصدراً للضعف.
مصر رايحة على فين؟
- سأبنى موقفى على التمنى لأن المتوقع محكوم بعناصر غير مرئية، ولكن يوجد سيناريوهات مطروحة من الجميع، وكل سيناريو عبارة عن فكرة طائشة فى الهواء لا يمكن الإمساك بها نظراً لغياب المعرفة ببواطن الأمور، مثلاً استمرار المجلس العسكرى فى الحكم وكيف يمكن أن نتثبت من صدق هذا السيناريو؟ بينما هو يعلن عن رغبته فى تسليم السلطة للمدنيين ووضع جدولاً زمنياً للانتخابات البرلمانية والرئاسية؟
سيناريو آخر يتحدث عن احتكار السلطة بالمشاركة بين العسكريين والإسلاميين.. كيف يمكن التأكد من هذا؟ ونحن نلمح انشقاقاً فى المواقف بينهما والسيناريو الآخر يقول: انتقال سلس وآمن للسلطة من خلال الانتخابات، كيف هذا بينما شباب التحرير يرفضون هذا الاتجاه ويصممون على إقصاء المجلس العسكرى فوراً.. وبما أن قدرتنا على ترجيح أى سيناريو هى قدرة محدودة لغياب المعلومات فيمكننا العودة إلى اقتراح الوسيط الحكيم ممثلاً فى حزب الوفد ليقرب بين القوى المختلفة ويأخذ من كل منهما ما يقنع الآخر وينهى على المرحلة الراهنة فى مصر إلى مرحلة من التفاهم التاريخى يتناسب مع قدرة المصريين على الإبداع لأننا لا نريد نموذجاً سورياً أو اليمن يتكرر فى مصر أو يستمر الصراع شهوراً طويلة.. فنريد إعطاء الشباب الذى فجر الثورة فرصة التواجد المؤثر فى البرلمان وهذا لا يجب إغفاله ويمكن إيجاد صيغة من خلال الوسيط المقترح فى صورة تشريع يصور لنا المرحلة الانتقالية حتى لو كان فى شكل كوتة للشباب وبهذا يمكن إيجاد تقارب بين الجيل الكلاسيكى وبين الجيل الجديد، لأنى أعتقد أن أحد أسباب ثورة الشباب الثانية إحساسهم أن فرصة مشاركتهم فى البرلمان فرصة ضعيفة للغاية نظراً لصعوبة الوصول للجماهير، وعدم درايتهم بوسائل العملية الانتخابية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.