صفعات مستمرة تتلقاها الأنظمة العربية الحاكمة من المدونين وشبكات التواصل الاجتماعي وخاصة موقع "فيس بوك".. الصفعة الأولى، حين لم تكن تتوقع أن اهتمامها بتحديث البنية التكنولوجية وتدشين الإنترنت فائق السرعة سيأتي بالوبال عليها حيث أسفر هذا التطوير عن خلق جيل من المدونين ونشطاء الإنترنت ينتقدون تلك الأنظمة ويقفون ضد انتهاكاتها ويفضحون لفسادها. هذه الصفعة أدت إلى تحول طريقة تعامل الدول العربية مع الإنترنت، من الاهتمام إلى المراقبة، ولذا حلت ضيفا على قائمة أعداء الانترنت التي أعدتها منظمة "مراسلون بلا حدود"، والتي ضمت 12 دولة على مستوى العالم لعام 2009 جاء منها أربع دول عربية هي: مصر و السعودية و تونس و سوريا. شرارة الثورة الصفعة الثانية لم تكن أيضا تدور بخلد الأنظمة العربية إطلاقا، حيث انتقل هذا النقد من الإنترنت إلى الشارع متمثلا في احتجاجات شعبية في مختلفة البلدان العربية، وكان المروج الأكبر لها هو شبكات التواصل الاجتماعي وخاصة "فيس بوك". فقد شكل الفيس بوك خلال فترة احتجاجات الشارع التونسي التي أدت إلى إسقاط نظام الرئيس المخلوع بن علي وهروبه، أداة هامة جدا للشباب الذين أطلقوا شرارة الثورة من الإنترنت، فكان الموقع بمثابة وقود للانتفاضة على قمع الحريات والقهر والكبت الاجتماعي وبديل لوسائل الإعلام الرسمية التي زيفت الحقائق وحجبت المعلومات. وتشير بعض الإحصائيات إلى أن ثلث سكان تونس يستخدمون الإنترنت، وتجاوز عدد مستخدمي الفيس بوك في تونس خلال الفترة ما بين 18 و26 ديسمبر الماضي التي شهدت ذروة الأحداث المليوني مستخدم يوميا، لجأوا إلى تداول الأخبار ونشر أماكن الاحتجاجات وتوقيتاتها ومقاطع الفيديو الخاصة بالانتهاكات.. إلخ. وما حدث في تونس سرعان ما قرأته السلطات الجزائرية ، حيث قامت خلال الاحتجاجات التونسية بالتشويش على موقع "فيس بوك" الذي يستخدمه نحو 5 ملايين جزائري، حيث تزامنت الاحتجاجات التونسية مع احتجاجات أخرى في الجزائر ضد غلاء المعيشة. العصيان المدني وإذا كان التوانسة قد نجحوا من خلال "الفيس بوك" والإنترنت في إسقاط نظام الحكم، فإن نشطاء الإنترنت المصريين تشجعوا في إطلاق دعوة العصيان المدني يوم 25 يناير 2011. وهو اليوم الذي لا يدري أحد ما الذي قد يحدث فيه. وربما كانت الدعوة إلى الاحتجاج في 25 يناير مزحة أطلقها أحد الأشخاص على موقع الفيس بوك، ولكن تلك المزحة التقطها نشطاء حركات المعارضة وروجوا لها داخل الفيس بوك، ليعبر آلاف الشباب عن رغبتهم في المشاركة بالعصيان. وتعتبر مصر من أكثر الدول العربية استخداما لموقع فيس بوك، والذي منه اندلعت شرارة الإضراب الشهير وحركة 6 ابريل، والحملات المنددة بالتوريث والمعارضة للحزب الوطني.. إلخ.. هل ينتظر أن تحجب مصر موقع فيس بوك بالتزامن مع دعوات العصيان المدني حتى لا يتكرر السيناريو التونسي؟ أم تتخذ الحكومة خطوات إصلاحية وتقضي على الفساد وتلتفت إلى هموم المواطنين؟.. هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة.