أكدت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، الدائرة الأولى بالبحيرة، برئاسة المستشار محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، عدم جواز تعويض مؤسس صحيفة بالبحيرة تم غلقها عام 1999 لسبق تعويضه فى عام 2004 فى ظل دستور 1971 الذى كبل حرية الصحافة ببعض القيود. وأكدت أن الدستور المعدل الصادر فى 18 يناير 2014 نص على ضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها بما يكفل حيادها وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية. كما أكدت أيضًا على أن استقلال الصحافة يعنى الاستقلال المهنى الملتزم وليس الاستقلال عن الدولة بما يمس كيانها واستقرارها أو السلامة القومية للوطن. وناشدت المحكمة ترجمة النصوص الدستورية عن حرية واستقلال وسائل الإعلام إلى واقع ملموس لا مأمول ميئوس ووضع ميثاق شرف للعمل الإعلامى. كما أكدت على أنه بعد ثورتين للشعب المصرى العظيم فى 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 تغير فيها المزاج الشعبى والمناخ الاجتماعى وهو ما يلقى على وسائل الإعلام كافة ومنها الصحف أن تقوم بوظيفتها الأساسية فى الوفاء بحق الجماهير فى المعرفة. وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين محمد فتحى ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة، بعدم جواز دعوى التعويض التى أقامها رئيس مجلس إدارة جريدة "أخبار المحافظات المصرية" عن قرار محافظ البحيرة بوقف إصدار وتداول تلك الجريدة بالبحيرة الصادر عام 1999 لسابقة الفصل فيها عام 2004 وسبق تعويضه بصفته بمبلغ عشرين ألف جنيه مصرى طبقًا لدستور 1971 وألزمته بالمصروفات. وذكر المدعى أنه فى عام 1999 أصدر محافظ البحيرة القرار رقم 935 لسنة 1999 بوقف إصدار وتداول وطبع ونشر جريدة أخبار المحافظات المصرية، وقامت الشرطة بمصادرة وسحب أعداد الجريدة من السوق، وقضت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية دائرة البحيرة بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المذكور وأنه يطلب تعويضه بمبلغ مليون جنيه. وقالت المحكمة إنها أصدرت حكمها بهيئة مغايرة فى الدعوى رقم 75 لسنة 54 ق بجلسة 22 مارس2004 بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية بأن تؤدى للمدعى بصفته رئيس مجلس إدارتها تعويضًا مقداره عشرون ألف جنيه، وأن القرار الصادر بوقف إصدار وطبع ونشر وتداول جريدة أخبار المحافظات المصرية، قد صدر فى ظل دستور 1971 الذى كبل حرية الصحافة ببعض القيود. وأضافت المحكمة، أن الدستور المعدل الصادر فى 18 يناير 2014، جعل بموجب المادة 70 منه، حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقى والمرئى والمسموع والإلكترونى مكفولة، ومنح المصريين من أشخاص طبيعية أو اعتبارية عامة أو خاصة حق إصدار وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ووسائط الإعلام الرقمى، كما حظر المشرع الدستورى بموجب نص المادة 71 بأى وجه من الوجوه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، وأجاز فرض رقابة محددة عليها فى زمن الحرب أو التعبئة العامة. كما ألزم المشرع الدستورى الدولة بموجب المادة 72 بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها بما يكفل حيادها وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية، وألزمها كذلك بضمان المساواة وتكافؤ الفرص فى مخاطبة الرأى العام. وأشارت المحكمة إلى أنها تسجل أن وسائل الإعلام وعلى قمتها الصحافة بما لها من تأثير فى تكوين الرأى العام أو توجيهه يجب أن تعتمد على ما تقدمه للناس من آراء وأنباء شريطة تحقيق المصلحة العليا للوطن، وأن حريتها واستقلالها يعنى الاستقلال المهنى الملتزم وليس الاستقلال عن الدولة بما يمس كيانها واستقرارها او السلامة القومية للوطن، فتحررها يجب أن يعكس مصداقيتها فى تنوير العقول لا تبوير الضمائر والا فقدت وظيفتها كمرآة للمجتمع، فحرية الإعلام والصحافة تعنى ان تكون لسان الأمة لا لسان الحكومة، وبالأعمق ألا ترهب أصحاب النفوذ والسلطان، وأن تقنع أنها مسئولة أمام الضمير المهنى لا أمام الحكام، لذا فإن مجالس الصحافة فى الدول ذات الأنظمة الديمقراطية تكون نابعة من داخل العمل الصحفى وبإرادة الصحفيين بعيدًا من الحكومة، ويكون عملها الرئيسى حماية حرية الصحافة من استبداد الحكومات. وناشدت المحكمة المشرع أن يضع على أهم أولوياته ترجمة النصوص الدستورية عن حرية واستقلال وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها الى واقع ملموس لا مأمول ميئوس وضرورة تحديث ميثاق شرف العمل الصحفى وميثاق شرف العمل الإعلامى، فحرية الصحافة والطباعة والنشر الورقى والمرئى والمسموع والإلكترونى وإن كانت مكفولة دستوريًا بحيث غدت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ووسائط الإعلام الرقمى تدور فى فلك الحرية وأضحى التزام الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها بما يكفل حيادها وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية أمرًا واجبًا، إلا انه يحدها دائما مصلحة الوطن، كما ألزم المشرع الدستورى كذلك بضمان المساواة وتكافؤ الفرص فى مخاطبة الرأى العام، وهو ما يتعين معه إسقاط القيود الواردة على العمل الصحفى توسيعًا للمشاركة فى صنع القرار وتوجيهًا للرأى العام وتنويره بالآراء والحقائق بحيث تصبح مرآة للواقع بقوته وضعفه وليست صورة على النحو الذى تريده الحكومة وتهواه، وعلى الجانب الآخر يجب ان يتمتع العمل الصحفى بصفة خاصة والعمل الإعلامى بصفة عامة بالمصداقية فى إطار القيم والمعايير الدولية للديمقراطية يتعين مراعاة السلامة القومية للوطن خصوصًا فى ظل التعددية الإعلامية والصحفية، ذلك أنه فى عصر السموات المفتوحة غدت للحقيقة أوجهها المتباينة وللصواب تجلياته الشتى ولم يعد فى مقدور واحد منفرد، كما كان، أن يدعى احتكار الحقيقة أو الاستئثار بالصواب. واختتمت المحكمة أنه واجب الإنصاف فى هذا المطاف أنه بعد ثورتين للشعب المصرى العظيم فى 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 تغير فيها المزاج الشعبى والمناخ الاجتماعى وهو ما يلقى على وسائل الاعلام كافة ومنها الصحف أن تقوم بوظيفتها الأساسية فى الوفاء بحق الجماهير فى المعرفة أو بحق المواطن فى الإعلام، وحتى تقوم بواجبها الأمثل كإحدى قاطرات الديمقراطية عليها القيام بدور تثقيفى وتنويرى وتوجيهى لا هامشى فى المعرفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خصوصًا القضايا الوطنية والقومية والعامة فى سبيل إعلام الحقيقة والالتصاق بالجماهير للتعبير عن إرادة الشعب ورغباته المشروعة فى المطالبة بالديمقراطية، مما يستلزم معه أن يضع الجميع نصب عينيه مراعاة المعايير الدولية فى العمل الإعلامى والصحفى على أن يكون رائدها سلامة الوطن من المخاطر التى تهدد أمنه واستقراره.