أخيراً أصدر المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء قراراً بإقالة عصام الأمير رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وتعيين صفاء حجازى رئيس قطاع الأخبار رئيساً للاتحاد. جاء هذا القرار على خلفية حالة انفلات إعلامى لم يسبق لها مثل بالتليفزيون المصرى، وبالذات فى قناة القاهرة، القناة الثالثة التابعة لقطاع القنوات والإقليمية. منذ شهرين ظهرت مذيعة تدعى عزة الحناوى تجاوزت بشدة على الهواء فى حق رئيس الجمهورية بعبارات لا تليق، وكل ما فعله رئيس الاتحاد السابق تشكيل لجنة من الخبراء أوصت بإيقافها عن العمل. وعلى نفس القناة فى الأسبوع الماضى، ومن خلال برنامج اسمه «ثوار لآخر مدى» ظهرت مذيعة تدعى هبة عز العرب تثمن حق التظاهر يوم 25 أبريل، وتتحدث وكأنها فى قناة الجزيرة القطرية. وبعد فوات الأوان أصدر الأمير قرارا بإقالة رئيس القناة محيى عثمان وتحويل القائمين على هذا البرنامج للنيابة الإدارية. وما حدث كان السبب الرئيسى فى إقالة الأمير، ولكن هناك أسبابا أخرى أيضاً هي أن الأمير فشل على مدى أكثر من عامين ونصف العام فى تطوير التليفزيون وإنتاج أى برنامج ينافس الفضائيات. وتسبب فى تحويل ميزانية ماسبيرو بالكامل لجيوب العاملين بل ورفضه الترقيات بدعوى توفير المال، هذا فضلاً عن قطع التيار الكهربائى لأكثر من نصف ساعة العام الماضى لأول مرة فى تاريخ ماسبيرو، بسبب انعدام الصيانة بل وفشل تليفزيون الدولة بشكل واضح فى إبراز إنجازات الحكومة. وشهدت الأيام الأخيرة للأمير اضطراباً كبيراً، وكانت هناك حالة من فقدان الثقة بينه وبين قيادات الدولة. قرار إقالة الأمير كان معداً منذ فترة بعد واقعة عزة الحناوى، وتأجل القرار لأكثر من مرة، لكن مسلسل عدم الثقة استمر حتى جاءت واقعة هبة عزالعرب فى برنامج "ثوار لآخر مدى" على قناة القاهرة، وكان هناك صراع محتدم بين الأمير وصفاء حجازى على مدى أكثر من عام، لدرجة أن طلب الأمير من المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق إقالة صفاء حجازى ورفض محلب طلبه، وتدخل شخصياً للصلح بينهما ولكن استمرت العلاقة مضطربة للغاية. وأبلغ الأمير بقرار الإقالة فى السادسة من مساء أمس من مكتب رئيس الوزراء، وتوجه أمس الى مكتبه فى العاشرة صباحاً وجمع متعلقاته، وقام بتوديع العاملين وغادر ماسبيرو لآخر مرة. صفاء حجازى ورثت تركة ثقيلة جداً، منذ ثورة يناير 2011، إعلام الدولة يواجه محنة حقيقية نتج عنها تراجع التليفزيون تماما أمام الفضائيات الخاصة، وخضوع قيادات ماسبيرو لمطالب العاملين المالية، وخصصت الدولة مبلغ 220 مليون جنيه شهرياً لأجور العاملين. خضعت القيادات للعاملين على حساب الشاشة والميكروفون، ومات قطاع الإنتاج وصوت القاهرة تواجه شبح الانقراض، والهندسة الإذاعية عاجزة عن تقوية محطات الإرسال الإذاعى والتليفزيونى، والأمر عجز القيادات عن التطوير لإرضاء العاملين ببرامج لا طائل منها. أكبر تحدٍ يواجه صفاء حجازى هو إعادة البريق لشاشة التليفزيون وشهر رمضان على الأبواب وإعادة للثقة للمشاهد فى تليفزيون الدولة وهى مفقودة منذ أكثر من خمس سنوات وضرورة استبعاد المذيعين والمذيعات عديمى الكفاءة الذين عجلوا برحيل الأمير. أكبر مشكلة تواجه صفاء حجازى فى بعض العاملين أنفسهم، الذين يتقاضون مرتبات عالية ومكافآت دون عمل حقيقى، وتعودوا على ذلك بالفعل، تري هل تستطيع صفاء حجازى عودة الروح للعاملين الفاقدين للطموح أصلاً؟. بقى أن نقول إن صفاء حجازى لم تحقق إنجازا حقيقيا فى قطاع الأخبار وعجزت عن إنتاج برنامج سياسى يقبل عليه المشاهدون، فهل تستطيع عمل إنجاز حقيقى فى قطاعات اتحاد الإذاعة والتليفزيون التى تعانى من الترهل والكسل؟.