كما يوجد أشخاص سعداء يعيشون حياة مرفهة بها جميع وسائل التسلية والاستمتاع، هناك حيوانات تحيا حياة رغدة تنام في الفنادق وتتناول الطعام الذي تريده وهناك من يهتم بها بدايةً من إطعامها وحتى تقليم أظافرها، لذا قررنا فتح ملف الحيوانات، لنكشف المحظوظ منها بمن يرعاها ويهتم بها والأموال التي ينفقها الأثرياء على مقتنياتها من القطط والكلاب والعديد من الحيوانات النادرة، فضلاً عن إقامتها في قصور وفنادق خمس نجوم، بينما على الجانب الآخر حيوانات ضالة ملجأها الوحيد الشارع، ومصيرهم وجبة مسمومة أو طلقة رصاصة. والغريب في الأمر ليس العناية والخدمة المبالغ فيها بالكلاب والقطط، وإنما وجود فنادق خمس نجوم وقصور في بلد، نصف سكانها تقريباً تحت خط الفقر، فضلاً عن وجود قرابة مليوني طفل مشرد في الشوارع، مما يطرح العديد من الاسئلة، أبرزها: من الأولي بالرعاية الحيوانات أم البشر، ولماذا يتفاني البعض في خدمة الحيوان ولا يعبأ بمتاعب الإنسان؟ فنادق خمس نجوم كما يوجد جمعيات الرفق بالحيوان ومتطوعون لخدمة الحيوانات ورعايتها، يوجد ايضاً فناق خمس نجوم مجهزة بأحدث الاجهزة وبها عيادات بيطرية لتقديم الرعاية الطبية الكاملة لها، في حال اضطر صاحب الحيوان السفر لفترة طويلة. وتجولت «الوفد» في مستشفي وفندق بيطري علي الطريق الدائري علي بعد 2 كيلو من كارفور، وبمجرد دخولي توجهت إلي مديرة الفندق وتدعي أستاذة «هبة» وهي التي تباشر العمل بنفسها، وطلبت حجز غرفة لكلبي، وأثناء حديثي معها ترددت علي أذني موسيقي هادئة تبعث في النفوس الطمأنينة والراحة النفسية، ولكن سرعان ما يعكر صفو هذه الموسيقي نباح الكلاب المرتفع. وحول تكلفة العلاج في المستشفي؟ - أجابت: الكشف 50 جنيهاً والاستشارة مجاناً.. مشيرةً إلي أن السعر من الممكن أن يزداد إذا كانت الحالة خطيرة وتحتاج إلي تدخل جراحي. وحول الرعاية الطبية الموجودة؟ - قالت: يوجد لدينا فريق طبي علي أعلي مستوي، مكون من 15 طبيباً مشهوداً لهم بالكفاءة في مجالهم، فضلاً عن وجود استشاريين، لافتةً إلي أن المستشفي بها معمل تحاليل بيطري وعيادة للعلاج الطبيعى بالليزر، إضافة إلى غرفة العناية مركزة مصممة بأعلى تكلفة وأحدث الأجهزة، وجهاز للقلب وجهاز سونار ومنظار. وعن الفندق الموجود وما يقدمه من خدمات؟ - تابعت حديثها: يوجد بالفندق جميع أنواع الرعاية من حلاقة شعر إلى تنظيف أسنان وتقليم الأظافر، ويشرف على غرف هذه الحيوانات أكثر من 25 عاملاً من أجل توفير أجواء جيدة طوال الوقت. وعن تكلفة الإقامة؟ - الليلة الواحدة تبدأ ب120 جنيهاً وتصل إلي 250 جنيهاً، وهناك غرف تطل على حمام السباحة وأخرى تطل على الحديقة، ويخرج الكلب للتنزه كل يوم. وماذا عن الطعام؟ - تقدم لكل كلب وجبتان فى اليوم.. في الإفطار تكون الوجبة عبارة عن لبن وزبادي، أما الغداء يكون خضار وكوسة أو البطاطس معها لحوم أو فراخ. وبعدما انتهيت من حديثي معها، تجولت في الفندق، فالمكان نظيف ومنظم من الداخل، ومجهز بشكل جمالي، فكل كلب يجلس في غرفته الخاصة، والتي عبارة عن سرير صغير مغطي ببطانية، وبجواره طبق ملىء بالطعام ومياه. وأكد طبيب بالمستشفي البيطري، أن الفندق يمتلئ أحياناً بالنزلاء ولا يوجد مكان لاستقبال نزلاء جدد، وأحياناً أخرى يكون الفندق فارغاً. مشيراً إلي أن فترة الصيف تكون الأكثر ازدحماً بالكلاب نظراً لسفر أصحابها إما لخارج البلاد أو لقضاء وقت ممتع على البحر لذلك يتركون حيواناتهم داخل الفندق لحين عودتهم. ويتابع: «هناك الحيوانات تأتي للفندق بسبب خلافات زوجية بين الزوجين بسبب إقامة الكلاب في المنزل لكن يفضلون نقلها للإقامة في الفندق». وفضلاً عن الخدمة المميزة بالفندق، يوجد العديد من وسائل الترفيه، فالكلاب لها ألعاب تناسبها، وإذا حل الليل بهدوئه تبعث موسيقى هادئة لتساعدها على الاسترخاء والهدوء. سرير لكل كلب في قرية مترامية الأطراف، علي طريق سقارة توجد جمعية تسمي «أسمي» مخصصة لرعاية وحماية كلاب الشوارع، والتي تعتني بالعديد من الحيوانات الضالة وتضم عيادة بيطرية لعلاج الحالات الحرجة وتقدم الدواء المناسب لها، كما يوجد عاملون بالمكان مهامهم الرعاية الكاملة بالكلاب وتقليم أظافرها ونظافتها، والاهتمام الكامل بالمريض منها. وتضم الجمعية عدداً كبيراً من الكلاب المتواجدة علي أراض مفروشة بالبطاطين، فضلاً عن وجود آخرين في حجرات تفصلها عن بعضها أسوار حديدية يتوسطها أبواب لدخول العامل الذي يتولي تنظيفها ووضع الأطعمة اللازمة لها. وتقول الدكتورة مني خليل المشرف علي الجمعية: «لا توجد ثقافة في مصر للاعتناء بصحة الحيوانات، فالكثير من الأفراد يعاملونها بطريقة سيئة، فضلاً عن تعذيبها، مشيرةً إلي أن هدف الجمعية هو إنقاذ حياة الحيوانات. ولفتت «خليل» إلي أن أهم أولويات الجمعية هو منع استخدام القسوة كلياً ضد الحيوانات وتعقيمها لمنع تكاثرها فى الشارع، فضلاً عن إيواء الكلاب المعذبة والجائعة وعلاجها ورعايتها حتى تكون مؤهلة للذهاب إلى منازل من يريد إيواءها. وأكد «محمد دسوقي» رئيس مجلس إدارة الجمعية، أنه بإمكان أي فرد التقدم بطلب لتبني كلب، ولكن هناك شروطاً لقبول طلبه منها أن يكون لديه منزل مناسب ليعيش فيه الحيوان، فضلاً عن توفير الرعاية اللازمة له. وأوضح: «أن الجمعية تستقبل نزلاء من الكلاب للإقامة مقابل 30 جنيهاً لليلة الواحدة وهو سعر رخيص للغاية مقارنةً بالفنادق والجمعيات الأخري». وأشار إلي أنهم يقومون بعمل نزهة للحيوان كل أسبوع لينبعث فيه الأمل والروح من جديد. وأكد «محمود عبدالغني» عامل بالجمعية: «إنه يتقاضي 1000 جنيه نظير عمله، مشيراً إلي أنه يأتي إلي العمل في 9 صباحاً ويقوم بتنظيف حجرات الكلاب، ثم يحضر لها الطعام، وأخيراً يقوم بإعطاء الدواء للحيوانات المريضة. وقد تواجد بالمكان مجموعة من الاشخاص الأجانب المحبين للحيوانات، يأتون كل يوم جمعة لنزهة الحيوانات واصطحابهم لجولة في الشوارع لمدة ساعة تقريباً، ولا يقتصر الأمر علي الأجانب فقط، بل يأتي أطفال من القرية للعب مع الكلاب وإطعامهم. وقالت «كريستينا»: أنا تربيت في بيت ملىء بالحيوانات.. واعتدت منذ صغري علي التعامل مع الحيوان والعطف عليه، وأشارت إلي أنها تأتي كل أسبوع إلي جمعية «اسمي» لإطعام الكلاب وإخراجها في نزهة. وكما يوجد جمعيات وفنادق لرعاية الكلاب، هناك أشخاص عشقت الحيوانات ومن هؤلاء «سوسن حمدي» التي قامت بتجهيز حديقتها لكي تضع بها عدداً من الكلاب تحتاج إلي رعاية ولتحميها من برد الشتاء وحر الصيف.. وتقول «حمدي» إنها تعتني بالحيوانات بشكل جيد، وربت بناتها علي العطف عليهما، وإذا رأت حيواناً يتألم فى الشارع أو به مكروه، لا يتأخرون فى مساعدته.. مشيرةً إلي أن الكلاب والقطط في أمس الحاجة إلي العناية بها، خاصةً بعد الحوادث البشعة التي حدثت مؤخراً من قتل وتعذيب لها. أما «سميرة عبدالوهاب» فقررت اقتناء عدد من الكلاب والقطط، بعدما حرمت من نعمة الإنجاب، مشيرةً إلي أنها تتعامل معها بكثير من الاهتمام والرحمة، كما تعتني بها ولا تبخل في شراء كل ما يلزمهم، فهي تعتبرها مصدر ألفة لها. وتضيف «عبدالوهاب» أنها تقوم بشراء شامبوهات للقطط والكلاب، كما تخصص ميزانية للأطعمة والكشف الدوري عليها. ومع اهتمام عدد كبير من الأفراد بتربية الحيوانات، انتشرت محال بيعها والمحال التي تبيع الأطعمة التي تأكلها وغالباً ما تكون مستوردة من الخارج وأسعارها باهظة. أطعمة أمريكية بمرور الوقت شهدت القاهرة مزيداً من المحلات التي تبيع أطعمة واكسسوارات ولعب وملابس للكلاب والقطط بخلاف عيادات الأطباء المتخصصين لعلاجها من أى مرض. وتعددت الشركات المصدرة للأطعمة، حيث تأتى أمريكا فى مقدمة الدول المصدرة فضلاً عن فرنسا وتركيا وألمانيا. وتقول «مروة صبحي» عاملة بأحد المحلات: «إن الإقبال علي المحلات كثيف للغاية نظراً لوجود أسر كثيرة تقتني الحيوانات، لذلك تقوم بشراء هذه الأطعمة والتي عادةً تكون مستوردة من امريكا، مشيرةً إلي وجود وجبات مخصصة للكلاب حتى عمر سنة، وهناك أطعمة لتسهيل الهضم على معدة الكلاب مستوردة من أستراليا، لافتة إلي أن سعر الوجبة الواحدة 100 جنيه. ويقول «صبري حافظ» صاحب سوبر ماركت إن هناك أشياء مستفزة للغاية يقوم بعض الأفراد بشرائها، مثل عضاضة للكلب والتي يصل ثمنها 30 جنيهاً، وطوق زينة يتم وضعه علي رقبته ب 35 جنيهاً، فضلاً عن الأطباق التي يأكل فيها، والسرير الذي ينام عليه حيث يصل ثمنه إلي 250 جنيهاً. أما الحاج «حسين عبدالمنعم» ففضل إقامة محل تجاري لبيع شامبوهات للكلاب والقطط، بعدما انقطع مصدر رزقه الوحيد كبائع متجول في الشوارع عقب ثورة 25 يناير 2011 نتيجة الانفلات الأمني، وأكد «عبدالمنعم» أنه يعيش فى حي شعبي، لذلك واجه انتقاداً بسبب نشاطه، ولكن سرعان ما تأقلم الناس علي الوضع، وشعروا بأهمية هذه المحلات التجارية بعدما تزايد عدد المحبين لتربية الحيوانات. والشىء الأغرب من الفنادق والجمعيات والمحال التي تبيع السلع الكمالية للحيوانات، ما قاله د. عبدالحميد عيسي، طبيب بيطرى يمتلك عيادة خاصة: «إن بعض أصحاب القطط والكلاب الذين يطالبون بإجراء عمليات تجميل لبعض الحيوانات مثل تقصير الذيل أو قص جزء من الأذن»، مؤكداً أن ثمن العملية من الممكن أن يتعدى آلاف من الجنيهات. مواطنون وتباينت ردود فعل المواطنين حول الفنادق والجمعيات والمحال التي تبيع أطعمة الكلاب، فيري شريف عبدالغني أنها تثير الحقد في المجتمع خاصةً أن غالبيته يعاني من الفقر، بينما رأي محمد عبدالحميد أن رعاية الحيوان مهمة للغاية ولابد من توعية الناس وحثهم على العناية به، لأنها في النهاية كائنات حية ينبغي أن نعاملها برحمة وعدم قسوة.