القناة الجديدة.. والأمن القومي المصري بقلم: عباس الطرابيلى منذ 1 ساعة 22 دقيقة ليست مجرد قناة تصل بين بحرين، فعندنا اشهر قناة في العالم، هي قناة السويس.. وليس مشروعاً للنهوض بسيناء.. فعندنا المشروع القومي لتنمية سيناء.. ان أحسنا تنفيذه لأصبحت سيناء واحدة من أكبر مناطق الجذب في العالم.. أي ليست مجرد مشروع تنمية إقليمي.. ولكنها مشروع تنموي هائل هدفه تنمية مصر كلها.. يضعها في مكانها الصحيح مع الألفية الثالثة.. لان مصر دائماً ما كانت علي موعد مع القدر سلباً أو ايجاباً في بداية كل قرن.. وبداية كل ألفية.. واذا كان أصحاب الأفق الضيق هم الذين يرونها مجرد قناة ملاحية حتي وان كانت عملاقة بحكم الطول والعمق والعرض.. والقدرة علي استيعاب، ليس فقط السفن العملاقة الحالية.. ولكن بحكم نظرتها إلي المستقبل ربما لقرنين قادمين أو حتي ثلاثة قرون.. واذا كانت قناة السويس قد اضطرت مصر إلي تعميقها وتوسيعها وازدواجها عبر عمرها القصير حتي الآن «1869-2011» وقد تتوقف عمليات التطوير هذه لاسباب عديدة.. فإن القناة الجديدة قد لا تحتاج إلي عمليات تعميق وتوسيع ربما الا بعد عدة قرون!! وفي صمت عظيم - بينما مصر تغلي بالثورة ويسقط نظام ولم نبدأ بعد بناء النظام البديل، كانت تجري الدراسات في كل المجالات.. دراسات علمية: هندسية، مائية، جيولوجية، سكانية، زلزالية، ومطرية وهيدرولوجية، وبيئية وبيولوجية.. ثم دراسة مالية من التكاليف إلي العائدات، مع دراسة لمسار القناة المقترحة.. نعم هناك جدوي للمشروع من ناحية تطوير ونهضة لشبه جزيرة سيناء ولكنها - ومن النظرة الأولي - دراسة لمشروع نهوضي بمصر كلها.. ولما كان العالم الآن يتجه إلي عالم الكيانات الكبري العملاقة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وفي غيرها من مجالات الحياة.. نجد أمريكا والدول الكبري تجري وراء انشاء المدن المعرفية والسفن العملاقة والطائرات والقاطرات العملاقة.. وهذا يقتضي أن نفكر بالقنوات العملاقة للاستفادة بالموقع الجغرافي الفريد والمتميز الذي تنفرد به مصر.. واذا كانت قناة السويس الأولي «1869» قد أعادت الحياة لموقع مصر الجغرافي العبقري فأصبحت مركز حركة التجارة العالمية.. فإن القناة الثانية ستجعل مصر مركزاً أكثر تأثيراً في العالم.. واذا كانت مصر لم تستفد كثيراً من القناة الاولي في فترتها الاولي «1869-1956» فإن النسبة الاكبر من عائداتها في فترتها الثانية «1957-2011» تذهب سداداً لتكاليف عمليات التطوير والتوسيعات المتتالية وسداد خدمة ديونها.. ولنا أن نتخيل مشروعا عملاقاً يجذب عشرات الألوف من المصريين للعمل في تنفيذه وحفره.. وإذا كانت القناة الاولي قد أفرزت لنا وتركت مدنا عملاقة واحدة في المدخل الشمالي كانت مجرد قرية صغيرة للصيادين هي الفرما.. واصبحت بورسعيد اسماً علي كل لسان واقيمت مدينة عملاقة في الوسط كانت تلاً للعقارب فأصبحت هي الاسماعيلية.. وقفزت بمدينة السويس من مجرد ميناء صغير لا ينشط إلا في موسم الحج إلا قليلاً.. فإن القناة الجديدة سوف تنشأ علي ضفتيها العديد من المدن والمراكز البحرية والصناعية والتجارية.. وإذا كانت القناة الاولي قد شكلت حاجزاً كبيراً بيننا وبين اسرائيل في حربين كبيرتين «1956 و1967» بحكم انها تمثل مانعاً مائياً رهيباً، وبالتالي كانت هذه القناة هي خط دفاع مصر الاول بيننا وبين اسرائيل.. فإننا عندما ننشيء قناة طابا - العريش نكون قد حركنا هذا الخط الدفاعي لمسافة 170 كم شرقاً، أي بالقرب من خط الحدود الدولية، وإذا كانت اسرائيل عسكرياً قد نجحت في الوصول إلي مياه قناة السويس خلال 6 ساعات من جنوب النقب وحتي القناة.. فإن الامر - بعد القناة الثانية - يصبح مستحيلاً، بعد انشاء القناة الثانية.. لانها بعمقها.. وعرضها تمثل عائقاً أكبر كثيراً.. ونقطة ثانية.. ذلك اننا كنا ننظر إلي منطقة الممرات الجدي ومتلا علي انها فاصل عسكري.. ولكن بعد شق القناة الثانية ستصبح هذه الممرات بالكامل لا تمثل أي خطورة عسكرية علي مصر.. ثم سوف ينتهي للأبد تعاملنا مع سيناء، علي أنها فراغ أو خواء أرضي تجري عليه الحروب والكر والفر.. لتصبح كل سيناء ولأول مرة في تاريخها أرضاً للنماء والتطور والبناء، أي بهذه القناة الثانية سوف نكسب كل شبه جزيرة سيناء ومساحتها 61 الف كم أي مساحة اكبر من ضعف مساحة الدلتا كلها.. ولا يقول أحد أن هذه من الطمي وأخصب بقاع الدنيا.. وهذه رمال وصخور لان الاقتصاد وحسن الاستثمار يصنعان المستحيل.. ونظرتي من ناحية الأمن القومي المصري تجب أي شيء.. لان علي سيناء فقدنا من الأموال والبشر ما كان يجعلنا نبني دولة قوية وكم من الأموال فقدناها في الحروب المتتالية علي الأقل ثمنا للسلاح.. وهكذا فإن انشاء هذه القناة كحاجز مائي سوف يوفر علي مصر الكثير، من الذي ضاع في الحروب السابقة.. بل إن انشاء هذه القناة سيقربنا أكثر من الاشقاء العرب في الجزيرة العربية وفي منطقة الخليج لكي نقيم سوقاً مشتركة كبيرة بحكم ان الجزيرة والخليج مع مصر منطقة استهلاكية غنية لكل المنتجات.. وإذا لم يكن للمشروع الجديد إلا هذا البعد الأمنى القومى.. وهذه الشراكة الاقتصادية.. لكفى. لكفى لقيام نهضة شاملة هنا تقفز بمصر فعلاً وتأكيداً إلى الألفية الثالثة.. وإلى عملاق بين العمالقة.. وإلى الغد.