بيع الأراضي.. يبدو أنه الحل الوحيد لإصلاح الهياكل المالية لدى شركات قطاع الأعمال العام ورغم التحفظ على بيع الأراضى التابعة للشركات خلال السنوات الماضية واعتبار هذا التصرف مرفوضا وتفريطا فى الأصول إلا أنه كان الطريق الوحيد لتصفية وتسوية الديون المستحقة على الشركات للبنوك والتى بدأت فى عام 2005 وانتهت بنسبة نجاح كبيرة حيث تمت تسوية نحو 32 مليار جنيه على شركات قطاع الأعمال العام للقطاع البنكى وحيث تسلمت البنوك الاراضى المملوكة للشركات مقابل الديون وبهذا امكن إيقاف نزيف الفوائد البنكية واعباء الدين التى أرهقت كاهل الشركات لسنوات طويلة. وبعد أن تمت تلك العملية لم يعد أحد يتكلم عن بيع الأراضى وظهر مفهوم إدارة الأصول المملوكة للدولة بطريقة أكثر فعالية فى تحقيق عوائد ثم تم الإعلان عن إنشاء شركة ادارة الاصول التابعة للشركة القابضة للتشييد والتعمير والتى يمكن من خلالها أن يتم الدخول فى شراكات بين الشركات من خلال ما تملكه من أراض على أن تتولى شركة إدارة الأصول عمليات البناء ورغم الإعلان عن التفكير فى أكثر من مشروع منفذ عبر تلك الآلية إلا أنه لم نسمع حتى الآن عن مشروع أنجز فى هذا الإطار. ومع توالى الازمات على قطاع الأعمال العام والمشكلات التى تواجه عددا كبيرا من الشركات لدرجة أنه وفقا لأحدث بيانات من وزارة الاستثمار فإنه من بين 125 شركة تابعة تحسنت أحوال 70 شركة فقط فى العام المالى الأخير أى أن هناك نحو 55 شركة فى حالة سيئة، الأمر الذى دفع أشرف سالمان وزير الاستثمار للإجابة بصراحة على سؤال وجه له حول التصرف فى الأراضى التابعة للشركات بالبيع فقال: لا مانع من بيع أراض لإصلاح الهياكل التمويلية للشركات. وبعد هذه التصريحات بأقل من يومين أعلن مجلس الوزراء الموافقة على التقرير المقدم من وزارة الاستثمار والخاص بخطة الشركة القابضة للنقل البحرى والبرى والخاصة بإحلال وتجديد أسطول أتوبيسات نقل الركاب التابعة لشركات النقل البرى الثلاث وتمت الموافقة على بيع 5 قطع أراض تابعة للشركة على أن يتم استخدام حصيلة البيع فى خطط التطوير والإحلال والتجديد، ومن جانبه وصف اللواء محمد يوسف رئيس الشركة القابضة عمليات الإحلال والتجديد بأنها ضرورية ومهمة لأسطول السيارات. بعض الشركات أيضا تحركت فى إطار استغلال الأراضى ولكن فى الشراكات على مشروعات مثل ما قامت به الشركة العامة للسياحة والفنادق «إيجوث» عندما أعلنت الشراكة على أرض العين السخنة فى إقامة مشروع سياحى رغم أن هذه الأرض كانت من قبل مطروحة للبيع فى 2006 ولم تتم عملية البيع ولكن الظروف اختلفت فتحول التفكير فى البيع الى شراكة على الأرض. اما الامر بالنسبة للشركة القابضة للقطن والغزل النسيج فيبدو محسوما للاتجاه الى البيع حيث تعانى الشركات التابعة من خلل خطير فى هياكلها التمويلية من عجز رهيب وهذا ما دفع المهندس أحمد مصطفى رئيس القابضة للقطن والغزل والنسيج للاعلان عن قرب طرح الشركة القابضة أراضى تابعة له ربما تصل قيمتها الى 5 مليارات جنيه للبيع بعد تقييمها من قبل مكتب وارنر الأمريكى الذى فاز بمناقصة دراسات تطوير الشركات التابعة للقابضة للقطن والغزل والنسيج والتى بنيت فى مجملها على خطة استغلال الأصول غير المستغلة ومنها الأراضى والمصانع المتوقفة أو تلك التى ارتفعت أسعار أراضيها بصورة كبيرة نظرا لدخولها حيز المدن على أن يكون التفكير الجدى هو نقل تلك المصانع وبيع أراضيها. اضافة نشاط الاستثمار العقارى كان أحد أهم الإجراءات التى تمت الفترة الماضية فى شركات قطاع الأعمال العام لإتاحة فرصة استغلال الشركات لأصولها فى أنشطة تدر ربح عبر استغلال أصول لها أو أراضى، حدث هذا فى شركات التجارة الداخلية وكان ارخها شركة الازياء الحديثة بنزايون التى وافقت الجمعية العامة لها على اضافة نشاط الاستثمار العقارى اليها مما اتاح لها عرض اصول لها للمشاركة مع القطاع الخاص واقامة عقارات كان اخرها فرع ديروط بمحافظة اسيوط الذى تمت المشاركة عليه على ان يتم بناء مبنى سكنى ادارى تجارى وتحصل بنزايون على فرع 300 متر كامل التجهيز فى المبنى بالإضافة الى عائد يصل الى 16 مليون جنيه بعد أن كان الفرع لا يدر أكثر من 4 آلاف جنيه شهريا. نفس الأمر تكرر فى شركات الإسكندرية للتبريد والمتحدة للإنتاج الداجنى واللتين كانتا تحت التصفية وتم وقف تصفيتهما ودمجهما مع شركتى حسن علام ومختار ابراهيم بعد إضافة نشاط الاستثمار العقارى الى نشاطهما وهو الأمر الذى يتيح استغلال الأراضى التى تملكها الاسكندرية للتبريد والمتحدة للدواجن لتعظيم العوائد وإقامة مشروعات عقارية وسكنية وتجارية على أراضى الشركات. ورغم سلامة الإجراء بالتصرف فى الأراضى أو تغيير النشاط فى الشركات إلا أن هناك معارضين ومؤيدين أما المؤيدون فمن رأيهم أنه لا يجوز ان يظل الانسان يعانى من عجز فى امواله ولديه قطعة أرض غير مستغلة يمكن أن يبيعها ليستفيد من حصيلتها فى تحسين أحواله؟ هذا هو المنطق الذى يستند اليه أصحاب الرأى فى التصرف فى اراضى الشركات المتعثرة وحجتهم الكبرى فى هذا انه لا يمكن اقامة مشروع أو توسع والشركات تعانى عجزا كبيرا وخللا رهيبا فى هياكلها التمويلية، إذ من أين تأتى بالاستثمارات المطلوبة؟ أما الرافضون فهم يبنون رفضهم على أن ما يحدث سوف ينهى أصول الشركات فى فترة قريبة وأن البحث دائما عن أصل للبيع هو إفلاس قريب.