البابا تواضروس الثانى يصلى الجمعة العظيمة فى الكاتدرائية بالعباسية..صور    إسكان النواب: مدة التصالح فى مخالفات البناء 6 أشهر وتبدأ من الثلاثاء القادم    أحمد التايب لبرنامج "أنباء وآراء": موقف مصر سد منيع أمام مخطط تصفية القضية الفلسطينية    أمين اتحاد القبائل العربية: نهدف لتوحيد الصف ودعم مؤسسات الدولة    نشرة الحصاد الأسبوعي لرصد أنشطة التنمية المحلية.. إنفوجراف    الشكاوى الحكومية: التعامُل مع 2679 شكوى تضرر من وزن الخبز وارتفاع الأسعار    وزارة الصحة توضح خطة التأمين الطبي لاحتفالات المصريين بعيد القيامة وشم النسيم    برواتب تصل ل7 آلاف جنيه.. «العمل» تُعلن توافر 3408 فرص وظائف خالية ب16 محافظة    أبرزها فريد خميس.. الأوقاف تفتتح 19 مسجدا في الجمعة الأخيرة من شوال    الذهب يرتفع 15 جنيها في نهاية تعاملات اليوم الجمعة    محافظ المنوفية: مستمرون في دعم المشروعات المستهدفة بالخطة الاستثمارية    حركة تداول السفن والحاويات والبضائع العامة في ميناء دمياط    عضو «ابدأ»: المبادرة ساهمت باستثمارات 28% من إجمالي الصناعات خلال آخر 3 سنوات    الاستعدادات النهائية لتشغيل محطة جامعة الدول بالخط الثالث للمترو    المنتدى الاقتصادي العالمي يُروج عبر منصاته الرقمية لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    نعم سيادة الرئيس    السفارة الروسية بالقاهرة تتهم بايدن بالتحريض على إنهاء حياة الفلسطينيين في غزة    المحكمة الجنائية الدولية تفجر مفاجأة: موظفونا يتعرضون للتهديد بسبب إسرائيل    حاكم فيينا: النمسا تتبع سياسة أوروبية نشطة    المقاومة الفلسطينية تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم    سموحة يستأنف تدريباته استعدادًا للزمالك في الدوري    بواسطة إبراهيم سعيد.. أفشة يكشف لأول مرة تفاصيل أزمته مع كولر    الغندور: حد يلعب في الزمالك ويندم إنه ما لعبش للأهلي؟    مؤتمر أنشيلوتي: عودة كورتوا للتشكيل الأساسي.. وسنحدث تغييرات ضد بايرن ميونيخ    تشافي: نريد الانتقام.. واللعب ل جيرونا أسهل من برشلونة    «فعلنا مثل الأهلي».. متحدث الترجي التونسي يكشف سبب البيان الآخير بشأن الإعلام    "لم يحدث من قبل".. باير ليفركوزن قريبا من تحقيق إنجاز تاريخي    بسبب ركنة سيارة.. مشاجرة خلفت 5 مصابين في الهرم    مراقبة الأغذية تكثف حملاتها استعدادا لشم النسيم    كشف ملابسات واقعة مقتل أحد الأشخاص خلال مشاجرة بالقاهرة.. وضبط مرتكبيها    إعدام 158 كيلو من الأسماك والأغذية الفاسدة في الدقهلية    خلعوها الفستان ولبسوها الكفن.. تشييع جنازة العروس ضحية حادث الزفاف بكفر الشيخ - صور    تعرف على توصيات مؤتمر مجمع اللغة العربية في دورته ال90    لأول مرة.. فريدة سيف النصر تغني على الهواء    فيلم "فاصل من اللحظات اللذيذة" يتراجع ويحتل المركز الثالث    الليلة.. آمال ماهر فى حفل إستثنائي في حضرة الجمهور السعودي    في اليوم العالمي وعيد الصحافة.."الصحفيين العرب" يطالب بتحرير الصحافة والإعلام من البيروقراطية    عمر الشناوي ل"مصراوي": "الوصفة السحرية" مسلي وقصتي تتناول مشاكل أول سنة جواز    مواعيد وقنوات عرض فيلم الحب بتفاصيله لأول مرة على الشاشة الصغيرة    دعاء يوم الجمعة المستجاب مكتوب.. ميزها عن باقي أيام الأسبوع    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة.. فيديو    خطيب المسجد الحرام: العبادة لا تسقط عن أحد من العبيد في دار التكليف مهما بلغت منزلته    مديرية أمن بورسعيد تنظم حملة للتبرع بالدم بالتنسيق مع قطاع الخدمات الطبية    بعد واقعة حسام موافي.. بسمة وهبة: "كنت بجري ورا الشيخ بتاعي وابوس طرف جلابيته"    خطبة الجمعة اليوم.. الدكتور محمد إبراهيم حامد يؤكد: الأنبياء والصالحين تخلقوا بالأمانة لعظم شرفها ومكانتها.. وهذه مظاهرها في المجتمع المسلم    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    قوات أمريكية وروسية في قاعدة عسكرية بالنيجر .. ماذا يحدث ؟    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    محافظ المنوفية: 47 مليون جنيه جملة الاستثمارات بمركز بركة السبع    إصابة 6 سيدات في حادث انقلاب "تروسيكل" بالطريق الزراعي ب بني سويف    وزير الصحة: تقديم 10.6 آلاف جلسة دعم نفسي ل927 مصابا فلسطينيا منذ بداية أحداث غزة    نقيب المهندسين: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف طمس الهوية والذاكرة الفلسطينية في    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البدانة ... وباء القرن الحادي والعشرين
نشر في التغيير يوم 15 - 03 - 2012

تقدر منظمة الصحة العالمية البدناء وزائدي الوزن عالمياً بنحو 1.6 مليار شخص، منهم 400 مليون بديناً. وأصبحت البدانة تصيب السكان مبكراً، كالأطفال دون الخامسة. وأعلن العام الماضي أن بريطانيا "رجل أوروبا البدين"، إذ تم تصنيف ربع السكان الراشدين، و14 بالمائة من الأطفال تحت سن 16 عاماً كبدناء.
وقدرت شبكة البدانة الكندية مؤخراً الكنديين زائدي الوزن ب11 مليوناً، منهم نصف مليون مريض بالبدانة بحاجة لتدخل علاجي، كالجراحة مثلاً، بينما المستشفيات والعيادات غير معدة للتعامل مع الوباء. وتصاعد عدد من تزيد أوزانهم عن الطبيعي ب45 إلى 90 كيلوغراماً، وبين كل أربعة أطفال هناك بدين واحد. ويتوقع الخبراء أن تتجاوز البدانة نطاق وباء التدخين.
وفي الولايات المتحدة، يُعاني أكثر من ثلثي السكان زيادة في الوزن، وثلث هؤلاء بدناء بالفعل. وتبلغ الوفيات الناجمة عن البدانة سنوياً 300 ألف، وتكلف نظام الرعاية الصحية مائة مليار دولار سنويا.
وتشير بيانات معاهد الصحة القومية الأميركية إلى تضاعف عدد الأطفال الأميركيين زائدي الوزن خلال العقود الثلاثة الماضية، إذ يعاني حالياً طفل واحد من بين كل خمسة من زيادة الوزن. وتسري هذه الزيادة على الأطفال والمراهقين بكل الفئات العمرية والإثنية من الجنسين.
لا يقل نطاق المشكلة في العالم العربي عن ما سبق، خاصة في دول الخليج. فقد أدى تغير نمط المعيشة وتوزيع العمل والوفرة الاستهلاكية والرفاه لزيادة أوزان معظم السكان، مواطنين ووافدين. وارتفعت مستويات البدانة فجلبت معها أوبئة أخرى.
تعدد الأسباب والأسقام
للبدانة أسباب متعددة، تتراوح من الإفراط المباشر في الأكل والعوامل الوراثية، إلى مشكلات التمثيل الغذائي (الأيض أو الميتابولِزم، أي عملية تحويل الطعام إلى طاقة وبروتين وغيرها مما يحتاجه الجسم لوظائفه الحيوية والبنائية)، وربما الفيروسات والعدوى.
فقد خلص علماء بجامعة لويزيانا الشهر الماضي إلى أن العدوى بفيروس شائع، يسبب التهابات الحلق والعين، تسبب تغيرات بالأنسجة البشرية بحيث تولد خلايا دهنية أكثر وأكبر، مقارنة بأنسجة غير المصابين بالفيروس. ويؤمل أن يساعد فهم استجابة الخلايا الدهنية لعدوى الفيروس على تطوير لقاح لمنع زيادة الوزن.
من المعلوم أن زيادة الوزن المفرطة تفضي غالبا لأحوال صحية سيئة، كأمراض البول السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، وانسداد وتصلب الشرايين، وقد تكون سببا للوفاة المبكرة.
ووجدت دراسات متعددة أن البدانة تؤثر على بنية ووظيفة عضلة القلب، وتفاقم شراسة وعواقب سرطان المبيض، وتعيق اكتشاف سرطان البروستاتا، ووجد لها ارتباط بعقم الرجال. كما اكتشف ارتباط للإجهاد العصبي وقلة النوم بالبدانةً.
كيمياء الوجبات السريعة
تواصلت المناقشات في الأعوام الأخيرة حول دور الوجبات السريعة في زيادة البدانة، نظراً لازدياد استهلاكها في العقود الثلاثة الماضية؛ كما تتابعت الأبحاث والدراسات حول أضرار هذه الوجبات.
فقد وجدت دراسة أميركية ارتباطاً وثيقاً لاستهلاك الوجبات السريعة بالبدانة وازدياد مقاومة الجسم للإنسولين، ما يزيد احتمالات الإصابة بالنوع الثاني لمرض البول السكري. وجاءت النتائج في سياق دراسة مخاطر مرض الشريان التاجي لدى الراشدين الشبان.
وفي الشهر الماضي، وجدت دراسة بريطانية أن تناول الأمهات للوجبات السريعة أثناء الحمل والرضاعة تعرض أطفالهن لمخاطر الإفراط في الأكل والإصابة بالبدانة. وأوصت الدراسة بوجوب تجنب الحامل أو المرضع الأطعمة الدهنية والسكرية والمالحة.
تقول ستيفاني بايول، مؤلفة الدراسة، أن تناول الحامل أو المرضع لأطعمة غنية بالدهون والسكر والملح يعزز رغبة الذرية بتذوقها، ويثبط السيطرة الطبيعية على الشهية، ما يدفعهم للبدانة. وهذا يفسر صعوبة السيطرة على استهلاك الوجبات السريعة لاحقاً لدى البعض رغم توفر الغذاء الصحي.
فالسيطرة على الشهية عملية مركبة، تشمل هرمونات ترسل للدماغ إشارات لتقنين مستوى الطاقة، والجوع والشبع. لكن الأكل ليس مجرد تنظيم للطاقة، فهو خبرة ممتعة متصلة بمراكز "الإثابة" في الدماغ، بحيث يتجاوز ثنائي الأكل واللذة تنظيم الشعور الاعتيادي بالشبع.
وأظهرت أبحاث أخرى أن الغذاء الغني بالدهون والسكر يثبّط إشارات الشعور بالشبع، ويعزز الإحساس بالجوع، ويحفز نشاط مراكز "الإثابة" بالدماغ لطلب الطعام.
وقد وجدت مراجعة بحثية بريطانية أن الأطفال الرضّع الذين يتمتعون بأجسام كبيرة ونمو سريع في السنتين الأوليين، مما يؤشر عادة لصحة جيدة، هم أكثر تعرضا لمخاطر الإصابة بالبدانة في الطفولة والمراهقة والنضج المبكر. بيد أنه لم يكن واضحاً في السابق متى تبدأ عملية الوقاية أو في أي مرحلة من العمر. ويُرجح أن العوامل المتصلة بنمو الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة أو قبلها قد تؤثر في مخاطر البدانة لاحقاً.
بيئة غذائية "سامة"!
كذلك، وجدت مراجعة أخرى بجامعة كاليفورنيا، أن بدانة الطفولة أكثر أمراض الأطفال انتشاراً، وأحد أسبابها الرئيسة الغذاء عالي السعرات ومنخفض الألياف، ما يعزز الاختلالات الهرمونية المشجعة على إفراط الأطفال في الأكل
يعتبر الباحثون أن ممارسات صناعة الغذاء خلقت "بيئة سامة" تفضي بالأطفال للبدانة، ما يطرح مجدداً إشكاليات القابلية البيولوجية والمحاسبة الاجتماعية والمسؤولية الأخلاقية إزاء صحة الأطفال.
ويلفت الأطباء إلى أن أمراضاً كانت، في السابق، حكراً على الراشدين، كالنوع الثاني من مرض البول السكري، أصبحت تصيب مؤخراً أعداد متزايدة من الأطفال. ونظراً لأن الأطفال زائدي الوزن أكثر تعرضاً لزيادة الوزن في سن الرشد، تزداد مخاطر إصابتهم بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكتات. كما يتعرض الأطفال البدناء لمضايقات اجتماعية كعدم القبول والسخرية المستفزة، ما يعرضهم للاكتئاب، ومشكلات نفسية.
من ناحية أخرى، اكتشف باحثون من جامعة شيكاغو العلاقة بين قلة النوم والهرمونين المسؤولين عن إشعار المخ بالجوع (غِريلين) أو بالشبع (لبتين). فوجدوا أن قلة النوم تخفض مستوى الثاني وتزيد مستوى الأول، وتسبب ازدياد الشهية للسكريات والملوحة، لا للأغذية عالية القيمة كالخضروات والفاكهة. وهذا يفسر علاقة البيئة ونمط العيش بزيادة البدانة.
يرد الباحثون الميل لتناول السكريات والأطعمة عالية السعرات إلى احتياج المخ لسكر الغلوكوز بصورة دائمة، ما يجعل الحصول عليه من مصدر نشوي أسرع منه من مصدر ليفي، كالخضروات. كذلك، تؤثر قلة النوم على قرار اختيار الأطعمة، فيميل لأطعمة تعتمد المذاق لا الفائدة الغذائية.
هذا الدليل البيوكيميائي يفسر ارتباط قلة النوم بزيادة البدانة المضطردة في بعض المجتمعات. ففي الستينات مثلاً، كان الفرد الأميركي الراشد ينام في المتوسط 8.5 ساعة يومياً، بينما انخفض النوم حالياً لأقل من 7 ساعات. كذلك، كان في الستينيات شخص زائد الوزن بين كل أربعة، وبدين واحد بين كل تسعة. أما الآن فهناك اثنان زائدا الوزن وبدين بين كل ثلاثة أشخاص تقريباً.
آليات واختلالات هرمونية
يلاحظ الخبراء مثل الدكتور روبرت لوستِغ، أستاذ طب الأطفال بسان فرانسيسكو، أن البيئة الغذائية الراهنة أصبحت مولدة جداً للأنسولين، كما يظهر من كثافة طاقة الغذاء المتزايدة، وتتمثل بارتفاع محتوى الدهون ومؤشر سكرية الدم، وزيادة تكوين سكر الفركتوز، ونقص الألياف والألبان.
ويرى لوستغ أن الإفراط في محتوى الفركتوز والافتقار للألياف هما أساس وباء البدانة، من خلال تأثيرهما على الأنسولين. والمعلوم أن هرمون الأنسولين يؤثر على الدماغ محفزاً الرغبة في الطعام عبر آليتين منفصلتين.
الأولى تعترض الإشارات العصبية المنطلقة من دهون الجسم إلى الدماغ بتثبيط عمل هرمون لبتين، مما يزيد تعاطي الطعام وانخفاض النشاط البدني. في الآلية الثانية، يعزز الأنسولين الإشارة العصبية الساعية للشعور بالإثابة الناجم عن عملية الأكل وتحمله مادة دوبامين التي تجعل الشخص يرغب بالأكل للحصول على دفقة دوبامين لذيذة.
يتحكم هرمون لبتين في تعاطي وصرف السعرات الحرارية. فعندما يقوم لبتين بوظيفته جيداً، يزداد النشاط البدني، وتقل الشهية للطعام، ويزداد الشعور بالعافية. لكن لدى تثبيط لبتين، يقل النشاط البدني والشعور بالعافية، وتزداد الشهية للطعام، وهي حالة تعرف بمقاومة لبتين.
أدت التغيرات بعملية صنع الغذاء خلال العقود الثلاثة الماضية، وخصوصاً إضافة السكر لأطعمة عديدة، وإزالة الألياف منها، وكلاهما يعزز إنتاج الأنسولين في بيئة تجعل الأغذية سبباً للإدمان.
يرى لوستغ أن الأطفال لا يلامون أو يتحملون مسؤولية شخصية تجاه سلوكهم الغذائي، عندما تكون بيئة الأطعمة المعروضة عليهم، خصوصاً الوجبات السريعة الرخيصة الغنية بالسكر والخالية من الألياف، بيئة سامة.
فمفهوم المسؤولية الشخصية لا يمكن قبوله إزاء الأطفال. فليس هناك طفل يختار أن يكون بدينا. كما أن الأطفال غير مسؤولين عن اختيار الغذاء بالبيت والمدرسة. ولا يمكن القول بأن أطفال، تنتشر بينهم البدانة في سن ما قبل المدرسة، هم في وضع يسمح بتحميلهم المسؤولية الشخصية.
تراجع الذكاء والقدرات الإدراكية
وجه الانتشار المضطرد لوباء البدانة عالمياً أنظار الباحثين إلى استكشاف أي ارتباط لأمراض اضطراب التمثيل الغذائي (كالبدانة والبول السكري) بالقدرات والوظائف الإداركية.
فتبين أن هرمون لبتين المتحكم في التمثيل الغذائي، يُفرز لدى البدناء بمستويات عالية وغير طبيعية، تؤدي لتغيرات وظيفية بخلايا الدماغ العصبية، وتؤثر سلباً على قدراتهم الإدراكية وتحصيلهم الدراسي. هذا الهرمون تنتجه الأنسجة الدهنية لتثبيط الشهية وزيادة حرق الدهون الزائدة.
وهي إحدى آليات "التغذية المرتدة السلبية" في الجسم، فكلما ازداد النسيج الدهني، زاد إفراز هرمون "لبتين" فتنخفض الشهية، ويقل تناول الطعام، فتتراجع الأنسجة الدهنية في الجسم. ولدى زيادة الوزن المبكرة، يؤدي إفراز هرمون "لبتين" لسيطرة محمودة على عمليات الهدم الغذائي.
لكن عند الوصول للبدانة، يتم إفراز "لبتين" بمستويات عالية وغير طبيعية، وتكاد تكون غير مؤثرة. ويؤدي هذا الإفراز الزائد لتثبيط قدرة الخلايا العصبية في الدماغ على الاستجابة الطبيعية للمؤثرات.
رصد باحثون بجامعة تولوز الفرنسية تناسباً عكسياً بين منحنى الذكاء ومؤشر كتلة الجسم، أي بين وزن الشخص ومستوى ذكائه، كما أظهرت نتائج اختبارات للقدرة العقلية؛ تناولت تعلُم وتذكر مفردات، وتعويض رموز رقمية، وانتباه انتقائي. تعزو الدكتورة ماكسيم كورنو تراجع البدناء إدراكياً لدور هرمونات (الدهون) المدمر لخلايا الدماغ، ما يؤدي لتراجع وظائفه. ونظراً لدور البدانة في زيادة مخاطر أمراض القلب والشرايين، لأنها تزيد سماكة وتصلب الأوعية الدموية، ترجح كورنو حدوث نفس الأمر لأوعية الدماغ.
سبل الوقاية والعلاج
تركز معظم المقاربات لوباء البدانة على أهمية النشاط البدني في مكافحتها والحد من نتائجها المرضية. وقد نشرت في السنوات الماضية دراسات طبية عديدة حول فوائد الرياضة البدنية في خفض مخاطر معظم الأمراض، بما فيها السرطانات والاضطرابات العصبية.
كذلك، وجد باحثون أن تناول البروتينات يعزز الهرمون المكافح للجوع، ويساعد على خفض الوزن. بيد أن الحمية الغذائية البروتينية تجهد الكلى نظراً لكثافة أحماض البروتينات الأمينية. ويحذر الإخصائيون من الإجهاد العصبي والحرمان من النوم لتسببهما بالبدانة. يوصي خبراء التغذية بخفض المحتوى الدهني والسكري في الغذاء وزيادة الألياف والخضروات، واختيار كربوهيدرات وبروتينات من مصادر جيدة كالبقول والمكسرات، واستخدام زيوت نباتية، كزيت الزيتون وعباد الشمس وغيرها.
يقترح العلماء أن تهتم دراسات بدانة الأطفال باستقصاء عوامل النمو، واستكشاف فوائد ومضار التدخلات، الطبية والغذائية، الهادفة لتغيير نمط نمو الطفل. وينبغي تقييم مطاوعة العوامل المؤثرة في مراحل نمو الأطفال المبكرة لعملية التغيير والتبديل، سعياً لصياغة استراتيجيات لتغيير نمو الأطفال، والنظر في مدى قبول الوالدين لها.
من ناحية أخرى، يوصي خبراء التغذية الوالدين بالرضاعة الطبيعية من الأمهات حصراًً في أشهرهم الستة الأولى على الأقل، وتجنب الإفراط في كمية الغذاء، وإتاحة الأغذية الصحية كالخضروات والفاكهة، وتجنب الأغذية فقيرة القيمة والغنية بالدهون والسكريات
بدانة الأطفال مؤشر للإصابة بأمراض قلبية عند المراهقة
أكدت دراسة جديدة أن الأطفال الذين لديهم زيادة في الوزن ربما يواجهون مخاطر الإصابة بأمراض قلبية عند مراهقتهم.
ووجد الباحثون أن الأطفال البالغ عمرهم ثمانية أعوام من الذين لديهم زيادة في الوزن أو البدناء تزيد لديهم احتمالات مواجهة عوامل مخاطر الإصابة بمرض بالقلب في عمر 15 عاما بمعدل سبعة أضعاف مقارنة بنظرائهم الأكثر نحافة.
وتتضمن هذه المخاطر ارتفاع ضغط الدم ومستويات الكوليسترول غير الصحي، وكذلك ارتفاع السكر بالدم والأنسولين.
وإلى جانب البدانة تعد كل هذه المشاكل مكونات لأعراض مشاكل التمثيل الغذائي الذي يزيد في المقابل من مخاطر الإصابة بمرض البول السكري من النوع الثاني على المدى الطويل للإصابة وبأمراض القلب.
وتضاف هذه النتائج التي نشرت في الدورية الأميركية للتغذية الطبية إلى أدلة على وجود عواقب صحية وخيمة للبدانة في الطفولة.
وكانت دراسات سابقة وجدت أنه حتى المراهقين والبالغين الصغار يمكن أن تظهر عليهم مؤشرات لمرض في شرايين القلب إذا كانوا بدناء أو مصابين بمرض البول السكري من النوع الثاني.
كما تشير النتائج الحالية إلى أن الأطباء بحاجة فقط إلى قياس وزن وطول الأطفال وليس محيط خصرهم للحصول على صورة جيدة للمخاطر المتعلقة بالقلب التي تواجههم في المستقبل.
مخاطر أمراض القلب
ويرتبط مؤشر كتلة الجسم في الطفولة وهو قياس للوزن مقارنة بالطول بشكل أكثر قوة بعوامل مخاطر أمراض القلب في المستقبل مقارنة بقياس محيط الخصر.
وهذا يتناقض مع الوضع لدى البالغين حيث يكون محيط الخصر على وجه خاص لديهم فيما يبدو مؤشرا على ما يتعلق بصحة القلب.
وحتى الرجال والنساء الذين لديهم مؤشر كتلة جسم طبيعي، ويحملون دهونا حول منطقة وسط الجسم تزيد لديهم فيما يبدو مخاطر الإصابة بأعراض مشاكل التمثيل الغذائي وأمراض القلب.
واستندت الدراسة إلى 172 طفلا جرى قياس مؤشرات كتلة الجسم لديهم وكذلك محيط الخصر في عمر ثمانية أعوام وقيموا من أجل عوامل مختلفة لمخاطر الإصابة بأمراض في القلب في عمر 15 عاما. ووجد أن 10 % تقريبا لديهم ثلاثة أو أكثر من عوامل المخاطر هذه.
وقالت المشرفة على الدراسة الدكتورة سارة بي غارنت بمستشفى الأطفال في ويستميد في أستراليا "مجموعة عوامل المخاطر التي لوحظت لدي المراهقين من المرجح أن تستمر لوقت وستتقدم من الناحية الإكلينيكية" وتركز هذه النتائج على الحاجة لمنع البدانة مبكرا كما تقول الباحثة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.