ليس القتل فقط أن تندفع طلقات بنادقك في الشرفاء العُزل فوق كبري قصر النيل، أو أن ترصد قناصًا يمطر رصاصًا من فوق الأبنية على معتصمين سلميين، أو أن تدفع لهجَّامتك فيقتحموا بجمالهم ورَجِلهم قلب ميداننا المقدس، وإنما أيضًا أن تضع الكبريت بجوار النار في مكان مفعم بالحركة فيأتيك حريق حتمي..! بل إنك تدفع بالحركة لتلتذ بقتل بشع، ومجازر لا تعرف الرحمة، ثم تجلس من وراء جدر محصنة تتحدث عن "الروح الرياضية" الغائبة وخطورة التعصب! نصائح باهتة من قلوب غادرة تقع في المسامع سخفا وحنقا. تماما كشعارات: "عجلة الإنتاج" و"مصر فوق الجميع" و"المحاكمة العادلة" و"الثائر الحق الذي يهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الأمجاد". شعارات حق وصدق أريد بها باطل، وفُصِّلت على مقاس غول الاستبداد المرتجف العاري أمام فرسان الحرية ونبلائها. ها أنت تستبيح دماءنا وتقتلنا من جديد، تُريق دماءنا وتُشعل أحزاننا. تُطلق أنفاسا كريهة فوق نبع وحدتنا. تسعى لكسر إرادتنا. لا ترانا بعين مطرقتك إلا مسامير تدق، ولا تدرك لفرط غبائك مدى عبقريتنا.. لا تتمكن لصممك من سماع وجداننا تئن بداخله "مجزرة بورسعيد" فيردد نشيج "عبّارة غرقى" صدى هادرا. تلتئم في وعينا صورة لجثة رجل ملقىً في الزبالة بيد جلاوزتك. بفتاة شريفة عراها ودهسها أزلامك. بشابٍ بهيّ خنقته زورا بمخدراتك، وآخرٍ فتك به في "الفراعنة" جلادوك.. تصطف بجوار أجيال عُذبت في سراديب أمنك. نساء خربت حياتهن على أعتاب سجونك بلا أمل.. عقول لامعة هربت منك مغتربة بلا نهاية. شباب فتكت بهم وبددت طاقاتهم بطالة وانحرافًا قربى لطمعك وفسادك. أجساد التهمها سرطان عمالتك، وأوبئة إهمالك وعطنك. إن درس ثورتنا الذي لم تعه أننا لم ننس، ولم ترق لنا تسليتك الممنوحة هزءا واستخفافا. سوف نجدل جراحاتنا حبلا متينا بطول النيل العظيم، يضيق خناقه على رقبتك كل يوم. فزدنا جراحًا إن شئت فسينفجر صديدها بوجهك، وانفض يدك من فتنة خامدة مهما تمنيت ورددت أبواقك، فدون حلمك المستحيل بتفريقنا نهر من عطاء فطرنا الله عليه، يفيض ويعلو ويجرف ليطهر هذا الوطن من كل الخبائث..!