\r\n اذا لم يكن بامكان المنطق الاستراتيجي او الاخلاقي تفسير الدعم الامريكي المفرط لاسرائيل, فكيف يمكن لهذا الدعم ان يفسر? \r\n \r\n التفسير هو النفوذ الذي لا يبارى للوبي الاسرائيلي ونحن. نستخدم كلمة »اللوبي« كاختصار للتحالف الواسع للافراد والمنظمات الذين يعملون بنشاط لتوجيه السياسة الخارجية الامريكية باتجاه مؤيد لاسرائيل, ولا يعني هذا ان »اللوبي« هو حركة موحدة ذات قيادة مركزية, كما انه لا يعني ان الافراد ضمن اللوبي لا يختلفون فيما بينهم حول قضايا معينة, كذلك لا ينضوي جميع اليهود الامريكيين تحت لواء اللوبي لان اسرائيل لا تعتبر قضية ملحة بالنسبة للجميع, وفي استطلاع اجري عام 2004 ظهر ان 36 بالمئة من اليهود الامريكيين يعتبرون انفسهم, »غير معنيين جدا« او »غير معنيين على الاطلاق« باسرائيل. \r\n \r\n كما يختلف الامريكيون حول السياسات الاسرائيلية المحددة.الكثير من المنظمات المهمة في اللوبي مثل لجنة الشؤون الامريكية الاسرائيلية العامة (ايباك) ومؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الكبرى يدار من قبل متشددين يدعمون السياسات الليكودية التوسعية ويعادون عملية اوسلو السلمية. \r\n \r\n غالبا ما يتشاور زعماء اليهود الامريكيون مع المسؤولين الاسرائيليين لضمان ان تأتي افعالهم لصالح الاهداف الاسرائيلية, ويلتزم اعضاء اللوبي بموقف متشدد ضد اي انتقاد للسياسة الاسرائيلية, اما تسليط الضغط على اسرائيل فأمر غير وارد بالمرة. \r\n \r\n يضم اللوبي ايضا شخصيات بارزة من المسيحيين الانجيليين امثال غاري بوور, وجيري فولويل, ورالف ريد, وبات روبرتسون, الى جانب ديك آرمي وتوم ديلاي زعيمي الاغلبية السابقين في مجلس النواب, وهم جميعا يؤمنون بان ميلاد اسرائيل الجديد هو تحقيق لنبؤة انجيلية, ولذلك فهم يؤيدون اجندتها التوسعية ويعتقدون بان معارضة ذلك هي معارضة لارادة الرب, ومن بين المؤيدين المخلصين لاسرائيل المسيحيون من المحافظين الجدد امثال جون بولتون, وروبرت بارتلي, رئيس تحرير صحيفة وول ستريت جورنال السابق , وويليام بنيت, وزر التعليم السابق, وجين كير كباتريك, سفيرة الولاياتالمتحدة السابقة الى الاممالمتحدة, والكاتب الصحفي المتنفذ جورج ويل. \r\n \r\n ان هيكلية الحكومة الامريكية تمنح الناشطين رسائل عديدة للتأثير في العملية السياسية, اذ تستطيع جماعات المصالح حشد النواب المنتخبين واعضاء الجهاز التنفيذي, والمساهمة في تنظيم وتمويل الحملات الانتخابية, والتصويت في الانتخابات والمساهمة في صياغة الرأي العام وما الى ذلك, وتتمتع هذه الجماعات بنفوذ كبير لا يتناسب مع حجمها الفعلي عندما تكون ملتزمة بقضايا ليس لاغلبية السكان موقف محدد منها. \r\n \r\n يتبع اللوبي الاسرائيلي استراتيجيتين عريضتين الاولى, هي ممارسة نفوذه البارز في واشنطن ضاغطا على كل من الكونغرس والجهاز التنفيذي, ومهما كانت وجهة نظر المحامي او السياسي البارز, فان اللوبي يسعى الى جعل دعم اسرائيل يبدو كما لو انه »الاختيار الذكي« اما الاستراتيجية الثانية فهي سعي اللوبي الى ضمان اظهار اسرائيل بالمظهر الايجابي في الخطاب العام عن طريق تكرار الاساطير المتعلقة بقيامها وترويج وجهات نظرها. احدى الدعامات الهامة لفاعلية اللوبي الاسرائيلي تتمثل في تأثيره في الكونغرس حيث تتمتع اسرائيل بحصانة ضد الانتقاد, وهذا في حد ذاته امر غريب لان الكونغرس نادرا ما يحجم عن مناقشة القضايا الخلافية, الا ان لسان النقد ينعقد كلما تعلق الامر باسرائيل, يعود ذلك الى اسباب عديدة منها ان بعض الاعضاء البارزين في الكونغوس هم من المسيحيين الصهاينة امثال ديك آرمي الذي صرح في شهر ايلول 2002 قائلا: »ان اولويتي رقم (1) في السياسة الخارجية هي حماية اسرائيل, رغم ان المرء ينتظر من اي عضو في الكونغرس ان تكون اولويته رقم (1) هي حماية امريكا, وهناك ايضا اعضاء يهود في الكونغرس ومجلس الشيوخ يعملون على ضمان تأييد السياسة الخارجية الامريكية للمصالح الاسرائيلية. \r\n \r\n المصدر الآخر لنفوذ اللوبي هو استخدامه لموظفين موالين لاسرائيل في الجهاز الوظيفي في الكونغرس موريس اميتاي, الرئيس السابق لأيباك, اقر بوجود »عدد كبير« من الموظفين اليهود في جهاز الكونغرس ومجلس الشيوخ ووصفهم بأنهم »مستعدون للنظر الى قضايا معينة من زاوية يهوديتهم.. وهم في موقع يمكنهم من صنع القرارات الخاصة بتلك القضايا وتقديمها لاعضاء مجلس الشيوخ.. ان بوسعك ان تفعل الكثير على المستوى الوظيفي«. \r\n \r\n تشكل أيباك قطب نفوذ اللوبي الاسرائيلي في الكونغرس ويعود نجاحها الى قدرتها على مكافأة المشرعين او المرشحين لعضوية الكونغرس من الذين يؤيدون اجندتها وعلى معاقبة اولئك الذين يتحدون تلك الاجندة. يلعب المال دورا حاسما في الانتخابات الامريكية وتضمن أيباك لاصدقائها الحصول على دعم قوي من الكثير من لجان العمل السياسي المؤيدة لاسرائيل, وعلى كل من يظهر العداء لاسرائيل ان يكون واثقا من ان أيباك سوف توجه مساهماتها المالية في الحملة الى المرشح الذي يعارضه كما تتولى أيباك تنظيم حملات كتابة الرسائل وتشجيع محرري الصحف على مساندة المرشحين المؤيدين لاسرائيل. \r\n \r\n وكمثال على كفاءة هذه الاساليب نورد الحالة التي ساعدت فيها أيباك في هزيمة السناتور تشارلز بيرسي في انتخابات عام 1984 كان بيرسي قد اظهر حسب تعبير شخصية بارزة في اللوبي »عدم اكتراث وبعض العدائية للنقاط التي تثير اهتمامنا« ويصف توماس داين, رئيس أيباك في ذلك الحين, ما حدث, فيقول: »كل يهود امريكا من المحيط الى المحيط اجتمعوا لاسقاط بيرسي. وقد وصلت الرسالة الى جميع السياسيين الامريكيين سواء منهم من يشغل منصبا عاما الان او من يتطلع الى ذلك في المستقبل«. \r\n \r\n يذهب نفوذ أيباك على مجلسي الشيوخ والنواب الى ابعد من ذلك. يقول دوغلاس بلومفيلد, الموظف السابق في أيباك »ان من المألوف ان يعود اعضاء الكونغرس وموظفوهم الى أيباك كلما احتاجوا الى المعلومات وغالبا ما يتم اللجوء الى ايباك من اجل كتابة مسودات الخطابات, والعمل على التشريعات, وتقديم المشورة حول التكتيكات, واجراء البحوث والعثور على مساندين يشاركون في تبني التشريعات المقترحة وتوجيه التصويت«. \r\n \r\n المهم هو ان أيباك, المنظمة العميلة لحكومة اجنبية, تمسك بخناق الكونغوس على نحو يحول دون طرح السياسة الامريكية تجاه اسرائيل للمناقشة تحت سقفه. ويمكن القول بكلمة اخرى, فان هذا الذراع من الاذرع الثلاثة الرئيسية للحكومة ملتزم بشدة بدعم اسرائيل, ارنست هولينغز, عضو مجلس الشيوخ السابق, وصف الحال عند مغادرته منصبه قائلا: »ليس بوسعك ان تتخذ موقفا ازاء اسرائيل سوى ما تعممه عليك أيباك في مجلس الشيوخ«. او كما قال ارئيل شارون يوما امام جمهور امريكي: »عندما يسألني الناس عن الكيفية التي يستطيعون بها مساعدة اسرائيل اقول لهم: ساعدوا أيباك«. \r\n \r\n وبسبب التأثير الذي يمارسه الناخبون اليهود في الانتخابات الرئاسية, فان اللوبي يتمتع بتأثير مهم على الجهاز التنفيذي. وعلى الرغم من ان اليهود يشكلون اقل من 3 بالمئة من سكان الولاياتالمتحدة فانهم يقدمون مساهمات انتخابية كبيرة للمرشحين من الحزبين, وقد قدرت صحيفة »واشنطن بوست« مرة حجم اعتماد المرشحين الرئاسيين الديمقراطيين على المساهمة اليهودية فتوصلت بان اولئك المرشحين »يعتمدون على المؤيدين اليهود في تقديم 60 بالمئة من الاموال اللازمة لحملاتهم الانتخابية«. \r\n \r\n تأخذ المنظمات المهمة في اللوبي على عاتقها مهمة الحيلولة دون حصول منتقدي اسرائيل على مناصب مهمة في السياسة الخارجية. فقد اراد جيمي كارتر ان يعين جورج بول وزيرا للخارجية في ادارته لكنه كان يعلم بأن بول يعتبر من منقدي اسرائيل وان اللوبي سوف يعارض تعيينه وبهذه الطريقة يشجع كل من يتطلع الى العمل في السياسة على ان يصبح مؤيدا معلنا لاسرائيل. ولهذا السبب اصبح الذين يجاهرون بانتقادهم للسياسة الاسرائيلية افرادا في سلالة منقرضة في مؤسسة السياسة الخارجية الامريكية. \r\n