"الأمن السيبراني" في ورشة عمل بجامعة بنها الأهلية    الإجازات الرسمية في شهر مايو 2024.. وقائمة العطلات الرسمية لعام 2024    بالصور.. محافظ الوادي الجديد يزور كنيسة السيدة العذراء بالخارجة    بالصور.. محافظ الشرقية من مطرانية فاقوس: مصر منارة للإخاء والمحبة    محافظة الجيزة : دعم قطاع هضبة الأهرام بمنظومة طلمبات لتحسين ضخ المياه    25 مليون طن، زيادة إنتاج الخضراوات في مصر خلال 2023    خبير اقتصادي: الدولة تستهدف التحول إلى اللامركزية بضخ استثمارات في مختلف المحافظات    الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين تمتد إلى اليابان    ريال مدريد يقترب من حسم لقب الدوري الإسباني رسميًا بفوزه على قادش بثلاثة أهداف دون مقابل    إصابة 9 أشخاص خلال مشاجرة بالأسلحة النارية بمدينة إدفو    السعودية تصدر بيان هام بشأن تصاريح موسم الحج للمقيمين    لأول مرة، باليه أوبرا القاهرة يعرض "الجمال النائم"    خاص| زاهي حواس يكشف تفاصيل جديدة عن مشروع تبليط هرم منكاورع    وكيل صحة الشرقية يتفقد طب الأسرة بالروضة في الصالحية الجديدة    استشاري تغذية يقدم نصائح مهمة ل أكل الفسيخ والرنجة في شم النسيم (فيديو)    التعادل السلبي يحسم السوط الأول بين الخليج والطائي بالدوري السعودي    أمريكا والسفاح !    السفير الفلسطيني بتونس: دولتنا عنوان الحق والصمود في العالم    قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة عامل دليفري المطرية |تفاصيل    السجن 10 سنوات ل 3 متهمين بالخطف والسرقة بالإكراه    غرق شاب في قرية سياحية بالساحل الشمالي    5 خطوات لاستخراج شهادة الميلاد إلكترونيا    "حريات الصحفيين" تثمّن تكريم "اليونسكو" للزملاء الفلسطينيين.. وتدين انحياز تصنيف "مراسلون بلا حدود" للكيان الصهيوني    شروط التقديم على شقق الإسكان الاجتماعي 2024.. والأوراق المطلوبة    صالون الأوبرا الثقافي يحتفل بيوم حرية الصحافة بمشاركة النقيب    رمضان عبد المعز يطالب بفرض وثيقة التأمين على الطلاق لحماية الأسرة المصرية    وزير الشباب يفتتح الملعب القانوني بنادي الرياضات البحرية في شرم الشيخ ..صور    رسميا .. مصر تشارك بأكبر بعثة في تاريخها بأولمبياد باريس 2024    بعد القضاء على البلهارسيا وفيروس سي.. مستشار الرئيس للصحة يزف بشرى للمصريين (فيديو)    دعاء تعطيل العنوسة للعزباء.. كلمات للخروج من المحن    إصابة 8 في انقلاب ميكروباص على صحراوي البحيرة    ميرال أشرف: الفوز ببطولة كأس مصر يعبر عن شخصية الأهلي    مفاجأة- علي جمعة: عبارة "لا حياء في الدين" خاطئة.. وهذا هو الصواب    لاعب تونسي سابق: إمام عاشور نقطة قوة الأهلي.. وعلى الترجي استغلال بطء محمد هاني    محمد يوسف ل«المصري اليوم» عن تقصير خالد بيبو: انظروا إلى كلوب    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    استقبال 180 شكوى خلال شهر أبريل وحل 154 منها بنسبة 99.76% بالقليوبية    تشييع جنازة الإذاعي أحمد أبو السعود من مسجد السيدة نفيسة| صور    «الصحة» تعلن أماكن تواجد القوافل الطبية بالكنائس خلال احتفالات عيد القيامة بالمحافظات    بعد رحيله عن دورتموند، الوجهة المقبلة ل ماركو رويس    ما حكم أكل الفسيخ وتلوين البيض في يوم شم النسيم؟.. تعرف على رد الإفتاء    خريطة القوافل العلاجية التابعة لحياة كريمة خلال مايو الجارى بالبحر الأحمر    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    الانتهاء من 45 مشروعًا فى قرى وادى الصعايدة بأسوان ضمن "حياة كريمة"    الخارجية الروسية: تدريبات حلف الناتو تشير إلى استعداده ل "صراع محتمل" مع روسيا    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    إيقاف حركة القطارات بين محطتى الحمام والعُميد بخط القباري مرسى مطروح مؤقتا    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    توريد 398618 طن قمح للصوامع والشون بالشرقية    المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة "ابدأ" .. الليلة مع أسامة كمال في مساء dmc    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 473 ألفا و400 جندي منذ بدء العملية العسكرية    أبرزها متابعة استعدادات موسم الحج، حصاد وزارة السياحة والآثار خلال أسبوع    مستشار الرئيس للصحة: مصر في الطريق للقضاء على مسببات الإصابة بسرطان الكبد    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فك الارتباط الإسرائيلي مع غزة يمهّد ل: عودة الارتباط الاردني الفلسطيني في ال
نشر في التغيير يوم 29 - 09 - 2005

ولذلك يرى الملك عبدالله وهاني الملقي أن الضرورة تستدعي وجود إرادة لتوظيف أو ربما إيجاد طريقة جديدة لحل النزاع. وفي هذا السياق ربما تعتبر مصادقة الملك الأردني على طلب محمود عباس بإرسال لواء (بدر) التابع لجيش التحرير الفلسطيني الموجود في الأردن إلى الضفة الغربية للمساعدة في المحافظة على الأمن نوعاً من أهم المؤشرات على عودة الارتباط الأردني بالضفة الغربية منذ فك الارتباط الأردني عنها في تموز/ يوليو عام 1988. فقد جاء انفكاك الأردن عن الضفة الغربية باستثناء الإرتباط الديني بالمقدسات الإسلامية في القدس بعد سنوات بذلت خلالها المملكة الأردنية ومنظمة التحرير الفلسطينية جهوداً مكثفة للتوصل إلى اتفاق على نوع من الاتحاد الكونفدرالي الأردني الفلسطيني في عامي 1985 و1986. وعلى الرغم من توصل الجانبين إلى اتفاق مبدئي في شباط/ فبراير عام 1985 إلا أن المحادثات انهارت بعد سنة بين الجانبين. وحين تولى الحكم قام الملك عبدالله الثاني بطرح برنامج «الأردن أولاً» الذي يدعو إلى إجراء تغييرات سياسية وإصلاحات اقتصادية يتضمن بعضها تقليل مركزية العاصمة عمان من ناحية سياسية وتقسيم المملكة إلى مناطق عدة هي: الشمالية، والوسطى، والجنوبية وبالشكل الذي يسهل انصهار الفلسطينيين الذين يعيشون في الأردن مع الأردنيين داخل هذه المناطق أو المحافظات. وبعد تلك الإجراءات لم تظهر أي ملامح أو مؤشرات على العودة إلى سياسة «الخيار الأردني» واستعادة ضم أو ربط الضفة الغربية بالمملكة وهو ما كان قائماً في مؤتمر لندن عام 1987 والذي مني بالفشل. لكن هذه التقسيمات الإدارية الجديدة في الضفة الشرقية ربما حملت مضاعفات ضمن ظروف محددة على المستقبل السياسي للضفة الغربية خصوصاً إذا ما مني عباس بالفشل في إدارة الضفة الغربية وعدم التغلب على الفوضى فيها. ولا بد أن يتوقف الحديث عن أي دور أردني على مدى سيطرة عباس على الفصائل الفلسطينية فعدم نجاحه في هذه المهمة سيطرح سؤالاً حول دور أردني. وفي الوقت نفسه، ثمة نقاش عميق يجري مرة أخرى بين عدد من القادة الفلسطينيين حول طبيعة العلاقة التي يتعين وجودها بين المملكة والسلطة الفلسطينية، وفيما إذا كان من الأفضل بناؤها على أساس فيدرالي، أو كونفيدرالي. وكان الناشر الفلسطيني حنا سنيورة قد نوّه منذ وقت قريب إلى أن «التطلعات التي بدأت تضعف حول وجود حل من دولتين يمكن أن تجبرنا على إعادة النظر في إمكانية إنشاء كونفدرالية مع الأردن». (حنا سنيورة في محادثة خاصة في واشنطن 27/7/2005). ويبدو أن هناك المزيد من الفلسطينيين الذين يدركون أن الفساد والفوضى التي تعاني منهما السلطة الفلسطينية سيلحقان الضرر بطموحاتهم المتطلعة إلى الاستقلال.
\r\n
\r\n
\r\n
هل هناك إشارات ما من عمان؟
\r\n
\r\n
لا شك أن الاقتراح الذي تقدم به الملك الأردني للجامعة العربية يمثل تحولاً في موقف عمان تجاه النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. فلأول مرة في تاريخ الديبلوماسية العربية يقدم الأردن مسوّدة اقتراح سلمي يجري فيه حذف الشروط العربية المسبقة للسلام مع إسرائيل وهي عودتها إلى حدود عام 1949، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل. ففي مقابلة أجريت في 7/3/2005 في قناة (2) الفرنسية أوضح الملك عبدالله الثاني طبيعة المرونة الواردة في الاقتراح حين قال: «إن الثمن الحقيقي يكمن في أن الإسرائيليين سيحصلون على السلام مع الدول العربية من المغرب حتى عُمان وإذا ما تفهمنا مخاوف الآخرين فإن مثل هذه المشاكل يمكن حلها حقاً». ومن البارز هنا أن اقتراح الملك الأردني يدعو إلى تحقيق تسوية مع إسرائىل تقوم على مبدأ «السلام مقابل الأرض» ومؤتمر مدريد للسلام الذي عقد عام 1991. وقال الملك: «إن مدريد على خلاف عملية أوسلو التي بدأت بعده مع منظمة التحرير تميزت بوجود وفد أردني - فلسطيني ولم تطلب من إسرائىل حل النزاع مع الفلسطينيين كشرط مسبق للبدء في مصالحة بينها وبين العالم العربي». وكان سفير الأردن في إسرائيل الدكتور معروف البخيت من بين من عزز استراتيجية السلام التي تبناها الملك في مقابلة أجريت معه في آذار/ مارس 2005 وقال فيها: «إن مبادرة الملك تتحدث عن سلام شامل وليس عن سلام إسرائيلي - فلسطيني. وإنني أعتقد بشكل شخصي أن الفلسطينيين ليس هم من يمسكون بمفتاح أمن إسرائيل بل العالم العربي». وأضاف البخيت قائلاً: «إن فكرة إنشاء دولتين إحداهما فلسطينية، وأخرى إسرائيلية لن تؤدي إلى الاستقرار. ونحن يمكننا تقبل ذلك لكن المجابهة حينئذ ستبقى مستمرة». (مقابلة مع البخيت أجرتها وكالة كيودو اليابانية آذار/ مارس 2005). لكن عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية وعدداً من الدول العربية أعلنوا رفضهم لمبادرة الملك عبدالله الثاني واعتبروها مبادرة تتعارض مع مبادرة السلام العربية التي تقدم بها الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز عام 2002 والتي تشترط وجود انسحاب كامل لإسرائىل حتى حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967من أجل تطبيع العلاقات بين العرب وإسرائىل. ومع ذلك، ذكر عدد من الوفود العربية في الجامعة العربية أن 13 دولة على الأقل من بين 22 دولة عربية أعربت عن تأييدها لمبادرة الملك الأردني رغم انتقاد الفلسطينيين والإعلان عن أن الأردن يقدم تنازلات فادحة.. وعلى الرغم من أن الملك عبدالله الثاني لم يحضر مؤتمر القمة العربي في الجزائر بسبب التزامات مسبقة (ألقى فيها خطاباً أمام مؤتمر لليهود الأميركيين في واشنطن)، إلا أن أسباباً جعلته يعتقد أن مبادرته هذه ستلقى النجاح بسبب رغبة دول شمال إفريقيا إنهاء قيادة مصر للجامعة العربية. وفي المداولات التي سبقت انعقاد القمة في الجزائر اشتكى هاني الملقي وزير خارجية الأردن وأبدى تذمره من فشل الدول العربية في التكيف مع التغيرات التي تطرأ وقال لعدد من وزراء الخارجية العرب إن «العرب لا يقرأون التاريخ بشكل جيد ويتعاملون معه بعاطفة وليس بالعقل». ولم يكن من الصدفة أن نجد أن مبادرة الملك الأردني هذه جاءت في أعقاب الاجتماع الذي عقده مع الرئيس بوش قبل أسبوع من الإعلان عنها. وأعلن وزير خارجية الأردن بعد اجتماع الجامعة العربية أنه حاول دفع الدول العربية إلى قبول اقتراح الملك الأردني بحجة أنها «لا تقدم تنازلات إلى إسرائىل بل إلى الواقع الموجود».
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
الأردن هو فلسطين وفلسطين هي الأردن
\r\n
\r\n
وفي إسرائىل أشار البروفسور آشير زوسير إلى أنه كان من السهل تاريخياً السفر من الشرق إلى الغرب عبر نهر الأردن أكثر من سهولة السفر من الجنوب إلى الشمال في الأردن، ولذلك هناك ارتباطات عائلية حميمة بين مدن الضفة الغربية ومدن الضفة الشرقية. ويستذكر زوسير ما كان يعلنه الملك حسين في الخمسينات والستينات من أن الأردن هو فلسطين وفلسطين هي الأردن. ويبدو أن التغير في تحديد خط خلافة الملك عبدالله الثاني ينعكس منه اهتمام بالأغلبية الفلسطينية في الأردن. ويقال إن القرار المفاجئ الذي اتخذه الملك عبدالله الثاني هذا العام بعزل شقيقه حمزة عن ولاية العهد وتسمية ابنه الحسين الذي يبلغ من العمر عشر سنوات ومن أم فلسطينية سوف يعزز شعبيته بين الفلسطينيين. ويبدو أن خطة عبدالله في إعادة تنظيم الضفة الشرقية وزيادة اللامركزية فيها يرى البعض فيها نوعاً من التحرك تجاه كسب الفلسطينيين ونوعاً من الأساس الذي يمكن بناء هيكلية سياسية تتعاون في المستقبل مع الضفة الغربية. لكن جهود الملك نحو بناء هوية وطنية «أردنية» جديدة ولّدت في النهاية مقاومة ذاتية أردنية لعودة الارتباط بالضفة الغربية سواء بين الأوساط الأردنية الحاكمة أو بين عدد من الفلسطينيين الذين يسيطرون على جزء مهم من الاقتصاد الأردني. فالمملكة بنظر هذه الأوساط ينبغي أن تتحرر من العبء النفسي والتاريخي الناجم عن نكبة عام 1948 التي تشكل أهمية كبيرة لدى الفلسطينيين في أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة. وبالإضافة إلى هذا، يواجه الملك أيضاً مشكلة ترتبط بتزايد الفوضى في الضفة الغربية التي يهدد عدم الاستقرار فيها المملكة نفسها وما زال الخوف الأردني قائماً من احتمال أن تولد السياسة الإسرائيلية في الجدار الفاصل ظروفاً تدفع الفلسطينيين إلى التوجه نحو الضفة الشرقية. وكان السفير الأردني في إسرائيل قد ناقش منذ وقت قريب مسألة توطين اللاجئين الذين يعيشون في الأردن وقال: «علينا إعطاء الحق للاجئين بالاختيار فأنتم أيها اللاجئون جئتم إلى هنا (الأردن) عندما كانت وحدة موجودة بين الأردن وفلسطين (المقصود بين الضفة الشرقية والضفة الغربية) أما الآن فثمة دولة فلسطينية. ولقد كنتم بيننا تتمتعون بحقوق كاملة كمواطنين وأصبح الوقت المناسب هو الآن للاختيار بين الرغبة بالعودة إلى (فلسطين) وبين البقاء هنا. ونحن لا نستطيع إجبارهم على الاختيار وليس من المفيد لإسرائيل وللمنطقة إقامة سلام مع جزء من الفلسطينيين. لكن هل سيقيم الفلسطينيون منظمة تحرير جديدة إذا لم يشعروا بالسعادة؟ إننا نريد ضمان أن تكون أي اتفاقية قد حظيت بموافقة أغلبية الفلسطينيين، فنحن نتجه نحو مصالحة تاريخية وليس نحو تسوية سياسية. (من مقابلة مع وكالة كيودو اليابانية آذار/ مارس 2005).
\r\n
\r\n
\r\n
الظروف المتغيرة واحتمال التوجه نحو الخيار الأردني
\r\n
\r\n
إن أي مؤشرات تدل على احتمال إعادة ارتباط الضفة الغربية بالأردن ينبغي النظر إليها في سياق الظروف الجيو سياسية الجديدة في المنطقة، وخصوصاً في سياق السياسة الأميركية التي لا تتساهل مع «الإرهاب» وتدعو إلى الإصلاحات الديموقراطية في الشرق الأوسط. وإلى جانب ذلك، لا بد من التأكيد على أن الغزو الأميركي للعراق 2003 وموت ياسر عرفات في 2004 وانتخاب محمود عباس في كانون الثاني/يناير 2005 والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة قد عززت بدورها الظروف المناسبة لزيادة النفوذ الأردني المباشر على المسألة الفلسطينية. ولا شك أن سقوط نظام صدام حسين حوّل الأردن إلى لاعب مركزي على خشبة المسرح السياسي في المنطقة. فقبل سقوط صدام كان الدور الأردني الجيوسياسي محدوداً بصفته دولة عازلة بين إسرائيل والعراق. وكان الأردن مدركاً بأن إسرائيل شكلت ضامناً لاستمرار وجود الأردن وضد أي غزو سوري من الشمال أو غزو عراقي من الشرق. (استناداً إلى ما قاله مسؤول أردني لكاتب المقال في نهاية عام 2004). ولا شك أن الاحتلال الأميركي للعراق والضغوط المتلاحقة الأميركية والأوروبية على سورية لسحب تأييدها عن المنظمات «الإرهابية» وانشغال السعودية في مواجهة مجموعات القاعدة وأخطارها فتح فرصة للأردن للتأثير على التطورات في العراق ولعب دور أكثر مباشرة في الضفة الغربية أيضاً. وإن موت عرفات وانتخاب محمود عباس يشكلان أيضاً عهداً جديداً في العلاقات الأردنية الفلسطينية، فعرفات تجاوز الأردن خلال سنوات تطبيق اتفاقات أوسلو وقوّض الدور الأردني الخاص كحارس على المواقع الإسلامية في القدس. أما عباس فهو من يحافظ على علاقات مقربة مع الملك الأردني والمسؤولين الأردنيين.
\r\n
\r\n
\r\n
الجدل الفلسطيني المتجدد حول كونفدرالية مع الأردن
\r\n
\r\n
يبدو أن التشاور المكثف بين السلطة الفلسطينية والأردن منذ 2004 بدأ يعكس اهتماماً متزايداً بأن سيادة الفوضى في الضفة الغربية تهدد بالخطر استمرار وجود السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس. ولذلك طلب بعض الفلسطينيين من الأردن إرسال قوات أمن إلى الضفة الغربية للمساعدة في المحافظة على القانون والنظام، ووافق الملك على إرسال قوات جيش التحرير الفلسطيني المتمركزة في الأردن وتخضع لإدارة الجيش الأردني ومعظم أفرادها من النازحين من الضفة الغربية بعد حرب عام 1967. ويرى بعض المسؤولين في إسرائيل أن الاقتراح بإرسال قوات بدر يذكر بفشل عملية أوسلو التي أدت إلى نشر قوات أمن فلسطينية في الأراضي الفلسطينية تحت قيادة عرفات. وعلى المستوى السياسي لا تعتبر فكرة عودة الارتباط بالأردن مسألة غريبة على القادة الفلسطينيين في منظمة التحرير، فقد كان المجلس الوطني الفلسطيني هو من صادق على قرار يقترح وجود فيدرالية فلسطينية أردنية عام 1984، وفي 11 شباط/ فبراير 1985 توصل عرفات والملك حسين الى اتفاق شفوي غير مكتوب حول كونفدرالية فلسطينية أردنية لكنها لم توقع بين الجانبين. ويذكر أن عدداً من الأكاديميين الفلسطينيين يناقشون منذ عام 2004 أفكاراً متنوعة حول اسئناف العلاقة الثنائية بين الأردن والفلسطينيين.
\r\n
\r\n
\r\n
عدم انقطاع علاقة الأردن بالضفة الغربية منذ عام 1988
\r\n
\r\n
في تموز/ يوليو عام 1988 أعلنت الأردن عن فك ارتباطها بالضفة الغربية واعتبر الكثيرون في المجتمع الدولي أن هذا القرار يمثل نهاية الحكم الهاشمي والإداري والقانوني في الضفة الغربية مثلما يمثل إنهاءً لأي دور أردني في أي اتفاق تسوية نهائية يجري التوصل إليها بين إسرائيل والفلسطينيين. لكن الأردن لم يكن راغباً في التخلي عن صلته بالضفة الغربية، فثمة ارتباطات اقتصادية واجتماعية وصلات عائلية لا يمكن قطعها. وحين جرى فك الارتباط المذكور كان الملك حسين قد أعلن في ذلك الوقت أن: «هذا القرار اتخذ استناداً إلى رغبة منظمة التحرير الفلسطينية وسكان الضفة الغربية والدول العربية». (من خطاب الملك في 31/3/1988). وظهر في الحقيقة أن الأردن لم تقطع صلاتها بالضفة الغربية لأن المملكة واصلت إصدار جوازات السفر الأردنية لسكان الضفة الغربية. وكان فك ارتباط الأردن عام 1988 بالضفة الغربية تعود بعض أهم أسبابه إلى اتخاذ الأردن إجراءً دفاعياً كرد فعل على انتفاضة الفلسطينيين في الضفة الغربية عام 1987 التي دفعت الملك إلى الخوف من انتشارها وتوسعها في أراضي الأردن. ومع ذلك يقول أحد الديبلوماسيين الأميركيين المقربين من الملك حسين إن الملك كان واثقاً بأن قيادة (م.ت.ف) ستتعامل بمرونة في مسألة الحدود النهائية لأراضي الضفة الغربية عند التسوية الشاملة مع إسرائيل، وهذا من شأنه تجنيب الأردن القيام بتنازلات تتحمل مسؤوليتها أمام العرب. (حوار جرى مع هذا الديبلوماسي في 7/7/2005). ويقول ديبلوماسي إسرائيلي كان في عمان بعد التوقيع على اتفاقات أوسلو إن الملك ورابين تحدثا بصوت عال حين اجتمعا في قصر عمان في كانون الأول/ ديسمبر 1993 واستعاد الإثنان علاقتهما لأن الملك كان يعتبر بيريس مؤيداً بشكل مبالغ به لعرفات. وكان الملك مهتماً بالمحافظة على دور المملكة في استمرار وصايتها للمواقع المقدسة في مدينة القدس وقامت إسرائيل بتعزيز هذا الدور الأردني على الوقف الإسلامي في المدينة. وتبين في ما بعد أن «إعلان واشنطن» عام 1994 والتوقيع على اتفاقية سلام بين عمان وإسرائيل تفاوض بشأنه رابين والملك دون تدخل من بيريس. وفي عام 1995 تدخل عرفات في الوقف الإسلامي وقرر تعيين الشيخ عكرمة صبري رئيساً له متجاوزاً الملك حسين، وكان عكرمة من بين قادة (م.ت.ف) وهو من دعا الله إلى «تسويد البيت الأبيض» قبيل وقوع أحداث (11 أيلول/ سبتمبر 2001) بقليل، فاعتبر الفلسطينيون أن الله استجاب لدعوة الشيخ عكرمة. ولا ننسى أن انتفاضة أيلول/ سبتمبر 2000 الأخيرة أطلق عليها انتفاضة (المسجد الأقصى) ومدينة القدس. ومنذ عام 2003 ورغم استمرار الانتفاضة احتفظت المملكة بدورها الخاص في مدينة القدس بعد إبعاد رجال (م.ت.ف) من القدس الشرقية. ويحظى الدور الأردني الخاص على الأماكن المقدسة في مدينة القدس بموافقة من قبل رئيس السلطة الجديد محمود عباس وإسرائيل أيضاً.
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.