فشارون يلاقي تحديا من رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو الذي ترك الحكومة ويقود الآن المعارضة لشارون في حزب الليكود . ولكن استطلاعات الرأي تظهر أنه يتمتع بين العامة بتأييد كبير : فاثنان من كل ثلاثة إسرائيليين - بصرف النظر عن انتمائهما السياسي - يشعرون انه يقود إسرائيل في الاتجاه الصحيح . فإذا هزم شارون في المؤتمرات الانتخابية الأولية من نتنياهو , فلن أدهش إذا ترك الليكود وشكل حزب وسط جديدا مع فصائل وجماعات اخرى . إن الساحة السياسية في إسرائيل , والتي توقفت منذ وقت طويل عن أن تعكس آمال وطموحات ومصالح الإسرائيليين , جاهزة لمثل ذلك التحول . فليبقى نتنياهو مع الليكود القديم ويتعلق بالماضي . إن حزب وسط جديدا يجب أن ينظر إلى مستقبل تعيش إسرائيل فيه - أصغر في الحجم ولكن أقوى في الروح - متجاورة في سلام مع دولة فلسطينية قابلة للحياة .على أن شارون لو قدر له تكوين مثل ذلك الحزب , فإنه سيتعين عليه حتما ولابد التعامل مع المستعمرين اليهود . وهؤلاء الناس قد استعمروا الضفة الغربية وقطاع غزة بمباركة من الحكومات الإسرائيلية من اليسار واليمين على السواء . لقد كانوا يشعرون حقا أنهم الصهيونيون الجدد , أحفاد الذين أسسوا دولة إسرائيل .وكثيرون منهم تحركهم دوافع دينية , معتقدين ان استعمار كل أجزاء الأرض الموعودة هو دورهم . والآن , مع الانسحاب من غزة وشمال الضفة الغربية , يتبدد حلم المستعمرين . ومن ثم , فإنهم إما أن يعزلوا أنفسهم عن الدولة التي قد (خانتهم )من وجهة نظرهم أو يحشدوا قواهم للإطاحة بشارون , الذي كان في وقت من الأوقات أكبر داعم لهم , من أجل استعادة نتنياهو كمنقذهم ومخلصهم . \r\n ليس هناك من سبيل في المستقبل المنظور يمكن أن يسترد به شارون الدعم والتأييد السياسي من المستعمرين مرة أخرى .غير أننا لو نظرنا بشكل أكثر عمقا لما حدث في إسرائيل الأسبوع الماضي , لأدركنا انه بالرغم من كل التنبؤات المحتومة بحرب أهلية , لم يحدث شئ من هذا النوع . ففي هذا الاختبار الصعب سادت وتغلبت الديمقراطية الإسرائيلية . وعلاوة على ذلك , وبالرغم من أن المستعمرين شرعوا في عراك وقتال ضار , إلا أنه في التحليل الأخير أقروا بأن دولة إسرائيل تأتي قبل أرض إسرائيل. فالبنسبة لهم تعد مسألة بالغة الأهمية أن تحافظ هذه الدولة على هويتها اليهودية القوية , وهذا بالضبط ما يمكن لشارون أن يلعب فيه دورا حساسا ومهما . \r\n وبدلا من إهمال وتجاهل أسباب عملية الانسحاب , كان يجب ان يقول شارون بصوت واضح ومسموع إن إسرائيل - بانسحابها من غزة - كانت تتصرف وفقا لأفضل مصالحها الخاصة , في محاولة للحفاظ على الأغلبية اليهودية في الدولة الإسرائيلية . وهذه لغة سيقدرها المستعمرون اليهود , لأنها تعطي معنى جديدا لما يتصورونه حتى الآن على أنه خطوة غير معقولة . \r\n لقد أسدى شارون أكبر خدمة لبلاده بوضع نهاية للحكم الإسرائيلي على اكثر من مليون فلسطيني . على أنه لو أراد ورغب في ان يدخل التاريخ بوصفه واحدا من قادة إسرائيل العظام بحق , فلا يجب ان يتوقف عند هذا الحد : فبدلا من التمسك والتعلق بالضفة الغربية , يجب أن يحافظ على قوة الدفع ويسحب إسرائيل إلى حدود يمكنها فيها أن تحيا كدولة يهودية وديمقراطية . فهل شارون قادر على مثل تلك الخطوة الجريئة ؟ لقد فاجأنا بالفعل بالانسحاب من غزة ؛ ويمكن أن يفاجئنا مرة اخرى . لو حدث هذا , فإن المستعمرين قد يعارضون ذلك سياسيا , غير أنهم في قرارة أنفسهم وفي أعماق قلوبهم سكيونون قادرين على إدراك منطقية وسببية الخطوة . إن كثيرا من الإسرائيليين الآخرين يدعمون ويؤيدون بشكل علني ومفتوح مثل تلك الخطوة . وفي يوم الانتخاب , قد أصوت حتى أنا نفسي (كاتب هذا المقال) لشارون .. \r\n \r\n يوري درومي \r\n مدير التواصل الدولي ب (معهد الديمقراطية الإسرائيلية) في إسرائيل \r\n خدمة إنترناشيونال هيرالد تريبيون - خاص ب الوطن \r\n