\r\n اثناء عملي في الاممالمتحدة, اعتدت التندر على طريقة ادارة المنظمة الدولية بالقول ان تلك الادارة تشبه ادارة مصلحة ما من خلال 184 مديراً كل يتكلم لغة مختلفة, ويقدم مجموعة من الاولويات المختلفة, ويقف وراءه صهر او نسيب عاطل عن العمل يتطلع الى تحقيق دخل شهري. وقد قام الامين العام الحالي كوفي انان بكل جهد ممكن لمكافأة المبدعين وتحسين شروط توظيف العاملين الجدد, لكن الضغوط التي تكتنف عملية ارضاء الدول المختلفة اعتباراً من افغانستان حتى زمبابوي تظل كابوساً مزعجاً تصعب معالجته. \r\n \r\n من المشاكل المزمنة الاخرى كون القرارات المتعلقة بعضوية اللجان ورئاستها تتخذ في اغلب الاحيان على اساس دوري واقليمي يعطي وزناً متساوياً لدولتين مثل جنوب افريقيا وسوازيلاند, على سبيل المثال. ومثل هذه القرارات غير قابلة, تقليدياً, للتغيير الامر الذي يؤدي الى وصول دولة مثل ليبيا الى رئاسة مفوضية الاممالمتحدة لحقوق الانسان كما هو الحال فعلياً. ويترتب على من يريد الحيلولة دون وقوع مثل هذا الامر ان يضطر الى ذبح بقرة مقدسة. وقد فعل الرئيس بيل كلينتون شيئاً من هذا القبيل عندما عارض اعادة انتخاب بطرس غالي لمنصب الامين العام عام 1996 وترشيح السودان لعضوية مجلس الامن عام .2000 وقد اثارت الحادثتان الكثير من الامتعاض من موقف الولاياتالمتحدة, لكنهما ساهمتا في تعزيز مكانة ومصداقية المنظمة الدولية. \r\n \r\n الاممالمتحدة فشلت في دور المحافظة على السلام. \r\n \r\n غير صحيح, فالقوات الدولية لحفظ السلام ساهمت في استتباب الامن والنظام في مناطق مختلفة من العالم من بينها ناميبيا والسلفادور وكمبوديا وموزمبيق وقبرص. ان دور الاممالمتحدة التقليدي هو في واقع الحال تمرين على بناء الثقة. يتم وسط اجواء من الحياد التام بين جميع الاطراف المعنية التي تطلب المساعدة الدولية لحفظ السلام او تطبيقه. الا ان لقوات حفظ السلام الدولية حكاية اخرى. ففي السنوات التي عملت فيها ممثلة دائمة في الاممالمتحدة. اظهرت التجارب المأساوية في البوسنة والصومال ورواندا ان العاملين الدوليين التقليديين في مجال حفظ السلام يفتقرون الى التفويض والهيكلية القيادية ووحدة الهدف والقوة العسكرية اللازمة لتحقيق النجاح في الحالات المتأزمة حيث يحمى وطيس القتال, ويواجه الابرياء الموت, ويعارض المقاتلون الوجود الدولي. \r\n \r\n احد الحلول الممكنة هو بعثات فرض السلام التي تعمل بتخويل من الاممالمتحدة حيث ينتدب مجلس الامن احدى الدول الرئيسية لتنظيم تحالف يتولى فرض الارادة الدولية الجماعية. وهو ما حصل في حالة التدخل الامريكي في هاييتي »1994«, وبعثة الانقاذ في تيمور الشرقية بقيادة استراليا »1999«, والعملية البريطانية في سيراليون »2000«, وكلها امثلة ناجحة وفرت النموذج الصالح للمستقبل. \r\n \r\n ان عملية حفظ السلام غالباً ما تكون مهمة شاقة وخطرة وغير محمودة. فردع الاشخاص الذين يحملون السلاح يتطلب اشخاصاً يحملون سلاحاً اقوى, والعثور على مثل هؤلاء الاشخاص ليس بالمهمة السهلة. حيث يجوز لك ان تتوقع قيام الجندي بتعريض حياته للخطر دفاعاً عن وطنه. لكن من الصعب ان تتوقع قيام الجندي نفسه بالسفر الى نهاية العالم وتعريض نفسه للقتل في نزاع حول الماس او النفط او الهيمنة العرقية يدور فوق اراضي شعب اخر. ان معظم الناس لا يتحلون بهذا القسط من الايثار خصوصاً عندما يرون من سبقهم في موضع الانتقاد على ما اخفق في انجازه بدلاً من ان يكون في موضع الثناء على ما اضطلع به من اعباء. وكان من نتيجة هذا ان ظل نظام الازمات العالمي جزئياً وبراجماتياً وغير منتظم بدلاً من ان يكون مبدئياً وقاطعاً واهلاً للاعتماد عليه. \r\n \r\n ان بوسع الاسرة الدولية, رغم ذلك, ان تستثمر ما هو متوفر في سبيل تحقيق الافضل في مجال تدريب وتجهيز وحدات عسكرية مختارة على استعداد للتطوع مقدماً في مهمات حفظ السلام وذلك عن طريق تجنيد اشخاص يمثلون حلاً وسطاً بين الشرطة خفيفي التسلح والجيوش التقليدية ثقيلة التسلح, وعن طريق محاكمة مجرمي الحرب, ومكافحة جذور النزاعات مثل تهريب السلاح والاحباط الاقتصادي. \r\n \r\n - ينبغي توسيع مجلس الامن الدولي. \r\n \r\n - من دون شك. ولكن علينا ان لا نتوقع الكثير. ربما لم تحصل اية قضية دولية اخرى على دراسة اكبر ونتائج اقل من قضية توسيع مجلس الامن الدولي. \r\n \r\n لقد وضع مؤسسو الاممالمتحدة مبدأ العضوية الدائمة في مجلس الامن وحقق النقض »الفيتو« اللذين تتمتع بهما الدول الرئيسية الخمس التي ربحت الحرب العالمية الثانية وهي الولاياتالمتحدة, وبريطانيا العظمى, وفرنسا, والاتحاد السوفيتي, والصين. وكان الغرض من ذلك هو ضمان قوة المجلس كراعٍ للسلام والامن في العالم وترك اولئك المؤسسون لبقية الدول الاعضاء التنافس على المقاعد العشرة الباقية في المجلس حيث يشغل الفائز المقعد لمدة عامين. \r\n \r\n من الواضح ان العالم تغير عما كان عليه عام ,1945 وتضاعف عدد الدول الاعضاء في المجلس بما يزيد على الثلاثة اضعاف وتوجد في اسيا اليوم ثلاث من مجموع الدول الثماني الاكثر سكاناً في العالم. وعلى الرغم من الاتفاق حول قضية توسيع المجلس, فان اعضاءه يواجهون صعوبة الاتفاق على الكيفية التي ينبغي ان يتم بها ذلك التوسيع. ومن بين نقاط الاختلاف الكبرى مشكلة التمثيل الاقليمي العادل والتحفظ على توسيع دائرة الفيتو لتشمل اعضاء اضافيين. \r\n \r\n خلال السنوات التي قضيتها في الاممالمتحدة في اواسط التسعينات, ساندت الولاياتالمتحدة توسيع عدد اعضاء المجلس الى ما لا يزيد على 21 عضواً مع اعطاء كل من المانيا واليابان مقاعد دائمة في المجلس. وقد اثار هذا الموقف حفيظة المندوب الايطالي باولو فولتشي الذي تعارض بلاده اضافة المزيد من الاعضاء الدائمين. وقد جادل قائلاً اذا كانت المانيا واليابان ستنضمان الى مجلس الامن فلماذا لا تنضم اليه ايطاليا ايضاً كعضو دائم »فالايطاليون, ايضاً, خسروا الحرب العالمية الثانية«. \r\n \r\n - ان الاممالمتحدة تمثل تهديدا لسيادة الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n - هراء. فصلاحية الاممالمتحدة تنبثق عن اعضائها. وهي خادمة وليست سيدة. والاممالمتحدة لا تملك قوات مسلحة خاصة بها, ولا صلاحية فرض الضرائب. ولا الحق في القبض على احد, ولا القدرة على الغاء المعاهدات. ان صلاحيات الجمعية العامة للامم المتحدة محدودة جداً, باستثناء المصادقة على ميزانية الاممالمتحدة التي يجب ان تتم بالاجماع, في حين ان مجلس الامن الدولي الذي يمتلك الصلاحية لا يستطيع التحرك من دون موافقة الولاياتالمتحدة والدول الاربع ذات العضوية الدائمة. وهذا يعني ان من غير الممكن انتخاب الامين العام او البدء بعملية حفظ سلام دولية او اقامة محكمة دولية من دون موافقة الولاياتالمتحدة. ان طرح الاسئلة حول كفاءة الاممالمتحدة امر وارد, لكن الخوف على سيادة الولاياتالمتحدة في غير محله وهو يصدر عن اشخاص يسوؤهم امتلاء الاممالمتحدة بكل هذا العدد من الاجانب. وهذا امر يؤسفني ان اقول انه لا يمكن تفاديه. \r\n \r\n - ان الاممالمتحدة عبارة عن بيروقراطية هائلة. \r\n \r\n - كلا. انها بيروقراطية بالتأكيد لكنها ليست هائلة. ان الميزانية السنوية للوظائف الاساسية للامم المتحدة في مقراتها في كل من نيويورك وجنيف ونيروبي وفيينا. اضافة الى المفوضيات الاقليمية الخمس لا تزيد على 1.25 مليار دولار اي ما يساوي انفاق البنتاغون في 32 ساعة. \r\n \r\n لقد قلصت الامانة العامة للامم المتحدة عدد موظفيها بنسبة 25 بالمئة على مدى العشرين عاماً الاخيرة ولم تشهد ميزانيتها اية زيادة منذ عام .1996 ويبلغ عدد العاملين في كامل اجهزة الاممالمتحدة بما فيها الامانة العامة و 29 منظمة اخرى اكثر من 50 الف شخص بقليل اي ما يزيد على موظفي مدينة استوكهولم ب 2000 موظف فقط. ويعادل الانفاق السنوي على جميع صناديق الاممالمتحدة وبرامجها ووكالاتها المتخصصة حوالي ربع الميزانية البلدية لمدينة نيويورك.0 \r\n \r\n عن مجلة «فورن بوليسي« \r\n \r\n \r\n \r\n