لكن مسؤولين أميركيين اعترفوا في اليوم التالي بأنهم ما زالوا يتصارعون مع عنصر أساسي في الخطة: كيف يمكن قياس التقدم بالنسبة للوحدات العراقية لتحديد النقطة التي تم الوصول إليها في مجال قدرة الوحدات العراقية على الاكتفاء بنفسها بما يخص توفير الأمن الكافي لبلدها؟ \r\n وأصبح المنتقدون داخل الكونغرس قليلي الصبر حيث راحوا يطالبون بمعرفة الكيفية التي ستعتمدها واشنطن لقياس هذا العنصر حينما يصبح العراقيون جاهزين لتولي المسؤولية. لكن المسؤول العسكري الأول في الجيش لم يقدم سوى تفاصيل ضئيلة بخصوص هذا الجانب. \r\n إذ قال جنرال الجو ريتشارد مايرز رئيس هيئة الأركان العامة يوم الخميس الماضي «سنبدأ بالخروج حينما نلمح أي قدرة حقيقية» لدى القوات العراقية. وأضاف «ذلك ليس سهلا... قضينا عقودا كثيرة كي نتمكن من فحص قدراتنا القوة العسكرية الأميركية، وأنتم عليكم أن تدركوا أنه في ذلك البلد وبدون وجود وزارة دفاع أو داخلية قوية فإن الانسحاب سيكون صعبا». \r\n ومن جانبه اعترف دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأميركي في مؤتمر صحافي يوم الخميس، بأن الكثير من الجوانب التي يجب أن يمتلكها جيش عراقي ناجح هي «نوعية وتختلف عما هو كمي». \r\n وهذا يتضمن توفر سلسلة هرمية من القيادات مع عمليات استخباراتية وتنسيق بين السلطات المدنية والعسكرية، وهذه عناصر يصعب قياسها على الرغم من أنها قد تتحسن مع مرور الوقت. وقال رامسفيلد «كلما قمت بعمل ما أصبحت أكثر مهارة في أدائه». \r\n وتحدث مايرز ورامسفيلد يوم الخميس مع الليفتنانت جنرال ديفيد بتراوس الذي يدير برنامج تدريب القوات العراقية للبدء بتكوين مجموعة من المقاييس لتحديد درجة القدرة لدى القوات العراقية. وقال مسؤولون في البنتاغون إن وضع مقاييس موحدة لفحص درجة التدريب هو إجراء مهم، والاختبار الحقيقي الوحيد بالنسبة للوحدات العراقية هو كيفية أدائها تحت نيران المدافع. وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع «حينما يطلق الرصاص عليها هل تهرب». \r\n ويحاجج مسؤولو البنتاغون بأن التقدم لا يمكن فحصه من خلال عدد قوات الأمن العراقية خصوصا أن قدرة الوحدات مختلفة وتستند إلى مقدار التدريب الذي تلقته كل منها ومن هم الضباط الذين يقودونها. وقال رامسفيلد «الرقم لا يعطيكم القدرة بل يعطيكم عددا». وحسب إحصائيات البنتاغون فإن في العراق 136 ألف عسكري ما بين منتم للجيش أو الحرس الوطني أو الشرطة، وهم مدربون ومجهزون بالأسلحة اللازمة، ويساوي هذا العدد نصف العدد المطلوب الوصول إليه وهو 271 ألف عسكري. لكن هناك اختلافا ما بين المسؤولين العسكريين الكبار حول نسبة أولئك القادرين على مواجهة المتمردين. \r\n فعلى سبيل المثال، بالرغم من أن أرقام البنتاغون تظهر أن هناك 53 ألف شرطي يؤدون واجبهم حاليا داخل العراق فإن بعضا من آمري الوحدات الأميركية ظلوا يشتكون من أن وزارة الداخلية العراقية التي تشرف على الشرطة في حالة عجز عملي كبير. \r\n وفي شهادته أمام لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ قال مايرز إن أقل من ثلث القوات العراقية المدربة والمسلحة قادرة على محاربة المتمردين. وأضاف «هناك حوالي 40 ألف شخص قادرون على التنقل داخل البلد ومواجهة أي نوع من المخاطر... ذلك لا يعني أن البقية غير مفيدة». \r\n ومع تحسن الوحدات العسكرية سيتمكن المدربون الأميركيون في نهاية المطاف من قياس التقدم المتحقق من خلال عدد حالات الهروب من الجيش والتي سيتم تضاؤلها مع مرور الوقت. \r\n وقال خبراء إن هناك طرائق كثيرة لقياس التقدم والتراجع أيضا بالنسبة للوحدات العسكرية ابتداء من التهديف إلى عدد الاشتباكات مع العدو إلى عدد المرات التي يفقدون فيها أسلحتهم بسبب الحوادث المفاجئة. \r\n وللولايات المتحدة عقود كثيرة من تدريب القوات الأجنبية. لكن منذ حرب فيتنام لم يجر مجهود بمستوى ما يجري حاليا في العراق بينما تحاول في الوقت نفسه هزيمة التمرد المميت. \r\n وبسبب ذلك فإنه من غير المرجح أن يكون الجيش العراقي مستعدا للوقوف على قدميه لوحده خلال فترة قصيرة، حسبما قال خبراء في هذا الميدان. ودفع ارتفاع نسبة الإقبال على الانتخابات العراقية يوم الاحد الماضي وانخفاض معدلات العنف عما كان متوقعا، المسؤولين في البنتاغون لإصدار القرار بالبدء في تخفيض عدد القوات الاميركية في العراق اعتبارا من الشهر المقبل، حيث سيسحب 15 الف جندي ليصل عديد القوات الاميركية هناك الى 135 الف جندي، طبقا لما ذكره نائب وزير الدفاع بول وولفويتز اول من مس. \r\n ويشمل الخفض ثلاثة الوية من قوات الجيش والمارينز، ممدت مدة خدمتهم في العراق في الشهر الماضي لدعم الأمن قبل الانتخابات، بالاضافة الى 1500 من القوات المنقولة جوا التي ارسلت الى العراق لفترة 4 أشهر. واعرب وولفويتز عن اعتقاده «اننا سنتمكن من الوصول الى المستوى الذي كان قائما قبل الانتخابات». الا ان وولفويتز حذر خلال شهادته امام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ من «طريق صعب للغاية» لهزيمة المتمردين العراقيين، واشار الى انه لم يتم اجراء خفض اخر متوقع في عدد القوات في العام الحالي. واوضح مسؤول كبير في البنتاغون عقب الاجتماع ان الانخفاض المبدئي لا يعكس تحسن الوضع الأمن في العراق، ولكن القوات التي كانت موجودة بصفة خاصة من اجل الانتخابات انتهت مهمتها ويمكنها المغادرة كما كان مقررا. \r\n من ناحية اخرى اعلن الجنرال ريتشارد مايرز رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة، ان اقل من ثلث قوات الأمن العراقية التي يصل عددها الى 136 الف جندي التي ذكر البنتاغون انها مدربة ومسلحة يمكن ارسالها لمهام تمثل تحديا اكبر في البلاد، في الوقت الذي ذكر فيه مسؤولان كبيرين في البنتاغون ان وحدات الجيش العراقي تعاني من نقص حاد في القوات. \r\n وقال الجنرال مايرز في شهادته امام اللجنة ان 40 الفا من قوات الأمن العراقية «يمكنها الذهاب الى أي مكان في البلاد لمواجهة اية تهديدات»، ولكنه اضاف ان باقي القوات نافعة في مهام اقل خطورة، مثل اعمال الشرطة في مناطق مستقرة نسبيا في جنوب العراق. \r\n وعرض المسؤولون في البنتاغون جدولا يشير الى وجود نحو 80 الف شرطي وضابط في وزارة الداخلية العراقية، و57 الف جندي وضابط في القوات المسلحة. واضاف الجنرال مايرز الي ان لديه ثقة اكبر في صدق ارقام الجيش، ويعتقد بان ارقام الشرطة مبالغ فيها. \r\n وخلال الجلسة قرأت السناتور سوزان كولينز الجمهورية عن ولاية مين رسالة إلكترونية من كولونيل بالمارينز اشتكى فيه من القادة العراقيين الفاسدين في منطقته. \r\n وقالت الرسالة «يكذبون بخصوص حجم قواتهم للحصول على مزيد من المال. يقولون ان عددهم 150 جنديا في الوقت الذي لا يوجد فيه الا 100 . ويحصل الضباط الكبار على نسبة من الميزانية المخصصة. وقبضنا على جنود وهم يسرقون المنازل ولم يفعل قادتهم أي شيء. ليس لديهم اهتمامات بتعلم الوظيفة، لان المارينز يقومون بكل شيء». \r\n وذكر وولفويتز والجنرال مايرز ان مثل هذا الفساد غير منتشر على نطاق واسع بين الضباط العراقيين، ولكنهما اعترفا بان نسبة غياب الجنود، التي اوضح وولفويتز انها تصل الى 40%، مشكلة حقيقية، لان الجنود يحصلون بطريقة منتظمة على اجازات لتسليم مرتباتهم لأسرهم، لعدم وجود طريقة لتحويل المبالغ، وانه حتى فترة قريبة لم يكن الغائبون يعاقبون لعودتهم متأخرين. \r\n ويؤكد الكشف عن هذه الارقام زعم الديمقراطيين الذين اتهموا البنتاغون بعدم الصدق فيما يتعلق بعدد العراقيين الذين يمكنهم مواجهة اخطر المهام في العراق. \r\n * «خدمة «لوس انجليس تايمز» و«نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» خاص ب«الشرق الاوسط»