وزير الري يلتقى المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو بالقاهرة    أسعار الذهب في مصر ترتفع استجابة لتحرك السعر العالمي    ضبط 1356 مخالفة تموينية في حملة مكبرة بدمياط    حملات مكبرة لإزالة المباني المخالفة والتعديات على الأراضي الزراعية بالشرقية    ضعف المهارات و القطاع غير الرسمي من اهم التحديات في سوق العمل    هشام آمنة: بدء تشكيل لجان محلية للمناطق الساحلية بالمحافظات    أعضاء ب«الشيوخ الأمريكي» يقترحون وقف تمويل الأمم المتحدة حال الاعتراف بفلسطين    مؤتمر كلوب: سأحاول عدم الحصول على إنذار لهذا السبب.. وإيمري من الأفضل في العالم    ضبط 16601 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وزارتا الداخلية والصحة تنفيان انتشار عصابات تجارة الأعضاء تضم بينها أطباء بالمحافظات    قتلهم الدخان.. قرارات عاجلة فى مصرع شخص وابنته فى حريق شقة سكنية بمنشأة القناطر    جامعة المنيا تحصد 4 مراكز في منافسات مهرجان إبداع في موسمه ال12    الكشف الطبي بالمجان على 1282 مواطنًا في قافلة طبية بدمياط    الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" يتبادلان القصف    أسعار الخضروات اليوم الجمعة 10-5-2024 في الدقهلية    انطلاق فعاليات القوافل التعليمية لطلاب الثانوية العامة بالشرقية    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    مواعيد قطارات القاهرة إسكندرية المكيفة 2024 بعد التعديل لموسم الصيف    الزمالك يحدد موعد مران الفريق اليوم استعدادًا لمواجهة نهضة بركان    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    رئيس جامعة القاهرة يترأس لجنة اختيار المرشحين لعمادة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية    بروتوكول تعاون بين «تيودور بلهارس» و«طب الزقازيق» في مجالات التعليم والتدريب    قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف منطقة اللبونة في بلدة الناقورة جنوبي لبنان    حصاد جامعة حلوان الأسبوعى    "يا عزيز عيني" فانتازيا أسطورية تحكي عن إيزيس وأوزيريس بطنطا    الفنانة يسرا اللوزي تشيع جنازة والدتها عقب صلاة الجمعة    هنا الزاهد وشقيقتها فرح يرقصان في حفل زفاف لينا الطهطاوي (صور وفيديو)    رد فعل محمد عادل إمام بعد قرار إعادة عرض فيلم "زهايمر" بالسعودية    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد عبدالحليم محمود بالشرقية    الاستغفار والصدقة.. أفضل الأعمال المستحبة في الأشهر الحرم    "لديه ذبذبة".. مهاجم الزمالك السابق يتحدث عن فرص الزمالك للفوز بالكونفدرالية    رحلة مبابي في باريس تنهي بمكالمة الخليفي    ترفع الكوليسترول وتضر القلب.. 5 أطعمة احذر تناولها على الإفطار    تجنب 4 أطعمة لتقليل خطر الإصابة بالسرطان    مصرع وإصابة 4 أشخاص في اصطدام سيارة بكوبري في الغربية    463 ألف جنيه إيرادات فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في يوم واحد بدور العرض    فريدة سيف النصر ضيفة عمرو الليثي في «واحد من الناس».. الإثنين    مصرع ضابط شرطة إثر اصطدام «ملاكي» ب«جمل» على الطريق ببني سويف    سعر متر التصالح في مخالفات البناء بالمدن والقرى (صور)    فضل يوم الجمعة وأفضل الأعمال المستحبة فيه.. «الإفتاء» توضح    10 علامات ابحث عنها.. نصائح قبل شراء خروف العيد    حماس: الكرة الآن في ملعب الاحتلال للتوصل لهدنة بغزة    القسام تعلن مقتل وإصابة جنود إسرائيليين في هجوم شرق رفح الفلسطينية    «التنمر وأثره المدمر للفرد والمجتمع».. موضوع خطبة الجمعة اليوم بالمساجد    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    تاو يتوج بجائزة أفضل لاعب من اتحاد دول جنوب إفريقيا    نشوب حريق بمصفاة نفط روسية بعد هجوم أوكراني بالمسيرات    حماس: لن نترك الأسرى الفلسطينيين ضحية للاحتلال الإسرائيلي    أول مشاركة للفلاحين بندوة اتحاد القبائل الإثنين المقبل    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الناس بتضحك علينا.. تعليق قوي من شوبير علي أزمة الشيبي وحسين الشحات    3 فيروسات خطيرة تهدد العالم.. «الصحة العالمية» تحذر    هل قول زمزم بعد الوضوء بدعة.. الإفتاء تجيب    عبد الرحمن مجدي: أطمح في الاحتراف.. وأطالب جماهير الإسماعيلي بهذا الأمر    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنقرة على خطى مدريد، لماذا تعد تركيا المرشح الأقل شعبية لعضوية الاتحاد الأوروبي؟
نشر في التغيير يوم 11 - 03 - 2005


\r\n
\r\n
بينما يرى الجيش ان الحصول على العضوية يجسد تتويجاً لاصلاحات اتاتورك، مع الأخذ بعين الاعتبار الهواجس الأمنية، ويريد رجال الأعمال الوصول إلى رؤوس الأموال والأسواق الأوروبية ودخول مستويات الإدارة الأوروبية لتركيا، كما يتطلع القوميون الأكراد إلى العضوية نظراً لأن حقوق الأقليات معترف بها في الاتحاد الأوروبي. \r\n
\r\n
وباختصار، فإن أوروبا هي الأرض الموعودة للأتراك بمختلف فئاتهم. ففي مارس 2004 قال كمال أوناكيتان وزير المالية بحكومة حزب العدالة والتنمية أمام حشد من الموالين للحزب في اسطنبول: «عليكم ادراك ان طريقنا يؤدي إلى أوروبا، ومكان تركيا الطبيعي هو داخل الاتحاد الأوروبي، وينبغي علينا ان نرتقي لمستوى المسؤولية إذ ليس هناك أي طريق آخر».
\r\n
\r\n
جسور تاريخية
\r\n
\r\n
يشير المؤلف إلى ان مؤيدي عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي يرون ان هناك علاقات تاريخية جمعت بين تركيا وأوروبا حتى أيام الأمبراطورية العثمانية التي دأبت على الضلوع في سياسات القوى الأوروبية بدخولها حليفاً لفرنسا ضد آل هابسبرغ في النمسا، أو مع بريطانيا ضد روسيا. كما كانت السلع والأفكار تتحرك في الاتجاهين حتى خلال الحروب، وبعد الحرب العالمية الثانية أصبحت تركيا عضواً في منظمة التعاون الأوروبي عندما بدأت في الاستفادة من مشروع مارشال.
\r\n
\r\n
كما حصلت على عضوية المجلس الأوروبي في 1950 وانضمت إلى دول جنوب أوروبا، مثل ايطاليا واليونان، في القيادة الجنوبية لحلف شمال الأطلنطي «ناتو» في عام 1952، وعندما أصبحت تركيا عضواً منتسباً غير متمتع بكامل الحقوق في السوق الأوروبية المشتركة عام 1964، أعلن رئيس اللجنة الأوروبية البروفيسور وولتر هالشتاين ان: «تركيا جزء من أوروبا وهذا هو المعنى المقصود من وراء قرارنا اليوم».
\r\n
\r\n
منذ ذلك الوقت، أكد الاتحاد الأوروبي مراراً وتكراراً أحقية تركيا في الحصول على عضويته، وفي 1996 أصبحت تركيا أول دولة لا تتمتع بالعضوية الكاملة بالاتحاد الأوروبي وتدخل في اتحاد جمركي معه، وفي ديسمبر 1999 سمى وزراء مجلس الاتحاد الأوروبي تركيا رسمياً مرشحاً للحصول على العضوية الكاملة.
\r\n
\r\n
ومع ذلك فإن هناك الكثير من الشكوك الأوروبية تجاه تركيا. ففي خريف 2002 أظهرت دراسة أجراها الاتحاد لنيل العضوية. في ذلك الوقت كان عدد المهاجرين من تركيا الذين أصبحوا مواطنين بدول الاتحاد الأوروبي يبلغ 3,1 مليون نسمة، وهو رقم يزيد على سكان قبرص ومالطا اللتين حصلتا على العضوية الكاملة في 2004.
\r\n
\r\n
إضافة إلى ذلك فإن هناك 5,2 مليون شخص يحملون جوازات سفر تركية يقيمون في دول الاتحاد الأوروبي، والتركز الأكبر للأتراك موجود في ألمانيا، حيث يقيم 6,2 مليون مهاجر من تركيا، من بينهم 700 ألف حصلوا على الجنسية الألمانية.
\r\n
\r\n
ويرى المؤلف ان المواقف الأوروبية تجاه تركيا تقوم جزئياً على أساس تجارب الأوروبيين مع الهجرة التركية إلا ان معظم هؤلاء المهاجرين وصلوا إلى أوروبا من مناطق ريفية فقيرة، ووجدوا صعوبة في الاندماج بمجتمعات الدول المضيفة والتعايش مع مواطني هذه الدول، والقليل منهم تعلم لغة الدولة التي يقيم فيها، والغالبية تعتمد على الأخبار والبرامج الترفيهية التي تبث على القنوات الفضائية التركية، أو تعتمد على الطبعات الأوروبية للصحف التركية.
\r\n
\r\n
وعلى الرغم من كل ذلك، فإن الأوروبيين يرون ان الأتراك يتمتعون بالنشاط في العمل، ويكتسبون بسرعة مهارات فنية، والبعض منهم ينجح في تأسيس شركات قوية، والأهم من ذلك ان الجيل الثالث، ان لم يكن الثاني، يتكيف مع المجتمع الأوروبي ويندمج فيه، وهناك سياسيون من أصل تركي تم انتخابهم في البرلمانات الأوروبية، كما ظهر من بين أوساط مجتمع المهاجرين بعض الكتاب الذين يؤلفون باللغتين التركية والألمانية.
\r\n
\r\n
ويشير المؤلف إلى ان الأتراك في أوروبا يتجهون بصورة تدريجية لتولي مناصب قيادية في أوروبا، ولكن ماذا عن الوطن الأم؟
\r\n
\r\n
يقول بروفسور مانغو: إن الاختلاف الأكبر بين الاتحاد الأوروبي وتركيا لا يكمن في الدين أو المؤسسات أو الثقافة، ولكن في كون تركيا أكثر فقراً بكثير من أوروبا، ومن المؤكد ان تركيا أفضل حالاً بكثير مما كانت عليه في 1923 عندما أسس أتاتورك الجمهورية. لكن الوضع ينطبق أيضاً على أوروبا.
\r\n
\r\n
حكاية الأقليات
\r\n
\r\n
يشكو بعض المعلقين الأتراك من ان الاصرار الأوروبي على احترام حقوق الأقليات قد ألحق الضرر بتركيا، إذ انه يأتي في وقت لم تستكمل عملية بناء الدولة، أو بمعنى آخر قبل أن يدمج الأكراد في المجتمع. كما أنه سيتعين على تركيا أن تضفي الصبغة اللامركزية على مؤسساتها، وذلك قبل أن تستكمل العمل في تطوير مناطق الشرق والجنوب الشرقي من البلاد. إن الحكومة المركزية بذلت قصارى جهدها لفرض القانون والنظام في مدينة بينجول الجبلية حيث تغطي إيرادات الضرائب 11% فقط من إجمالي الانفاق العام، وهو واحد من أقل النسب في البلاد.
\r\n
\r\n
يذكر أن التحقيقات في التفجيرات التي دمرت معبدين يهوديين والقنصلية البريطانية وأحد المصارف البريطانية باسطنبول في نوفمبر 2003 شارك فيها أشخاص قدموا من هذه المدينة الصغيرة، التي يقطنها نحو 70 ألف شخص. ومع ذلك فإن افتتاح المؤسسات التعليمية الحديثة لم يكبح جماح العنف والتطرف المنتشر في هذه المناطق الفقيرة.
\r\n
\r\n
كما قد تختلف تركيا عن الغرب في كونها دولة فتية من حيث الشرائح العمرية لسكانها، فمن بين السكان البالغ عددهم نحو 70 مليون نسمة، هناك 22 مليون طفل وصبي في سن الدراسة التمهيدية (يمثلون 32% من إجمالي السكان). وبالمقارنة سنجد أنه كان في بريطانيا عام 1999 نحو 11 مليوناً في سن المدرسة من بين عدد إجمالي للسكان يبلغ 59 مليوناً (أي 19%).
\r\n
\r\n
وعند إجراء إحصاء 2000 في تركيا، كانت المجموعة العمرية بين 6 30 عاماً تستحوذ على نحو 60% من إجمالي السكان (مقابل 32% في بريطانيا). وهذا العدد الكبير للشباب يمثل مصدر قوة لتركيا، لكنه يثير لها المشكلات أيضاً إذ أحياناً يثور الشباب احتجاجاً على ما يواجهونه من صعوبات معيشية ونتيجة لفشل المجتمع في تحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم خاصة مع تزايد أعداد البطالة.
\r\n
\r\n
ويرى مؤلف كتابنا أنه على الصعيد السياسي نجحت الجمهورية التركية في انتهاج خط تم تحديده جيداً وهو حماية وحدة أراضي البلاد والاستقلال وصون مصادر الثروات المتوفرة لتحقيق التنمية الاقتصادية. ودأبت التنمية على أن تكون مركزاً للمناقشات السياسية في تركيا منذ إقامة الجمهورية، حيث ناقش المفكرون بمختلف أطيافهم سبل رفع مستوى المعيشة. كما كان التطور الشخصي الشغل الشاغل الأساسي للأفراد الأتراك.
\r\n
\r\n
وفي سعيهم لتحسين ظروفهم المعيشية، يسعى الأتراك للخروج من الدائرة الضيقة للبيئة التي يعيشون فيها، ويحاولون الوصول إلى العالم الخارجي الأوسع. ورغم أن المتعصبين الدينيين والثوريين العلمانيين أصحاب الأفكار اليوتوبية يقدمون صورة عكسية لهذا التوجه، فإنهم يمثلون توجهاً هامشياً للحياة التركية. أما أغلبية الأتراك فإنهم يرغبون في تحسين ظروفهم المعيشية والحياتية بالاستفادة من خبرات الآخرين واللحاق بالتيار الرئيسي للحضارة الانسانية.
\r\n
\r\n
ويقول المؤلف ان هذا التوجه يبدو جلياً بين المثقفين الأتراك على وجه الخصوص، فهم يتحمسون للحداثة التي تنعم بها المجتمعات الغربية. وترغب طبقة الأكاديميين والكتاب والمفكرين في الخروج من العزلة وهدم الجدران التي أقامها التاريخ وإيجاد نقاط اتصال بين تركيا والغرب. ويرفض الأتراك نظرية الصدام الحتمي بين الحضارات ويرون إمكانية أن تستفيد أوروبا من انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.
\r\n
\r\n
إلا أنه ليس من السهل أن تقتنع أوروبا بسهولة بهذه الحجج خاصة ان العضوية التركية لن تكون من دون أعباء. فألمانيا بصورة خاصة تخشى من حدوث تدفق للعمال الأتراك، حتى ولو تم منح حق التنقل الحر للعمالة إلى تركيا بعد مرور فترة انتقالية طويلة. ونظراً للقطاع الزراعي التركي الكبير، فإن أنقرة ستستفيد من الدعم الزراعي الأوروبي.
\r\n
\r\n
ويرى المؤلف أن المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا سوف تكون طويلة وشاقة ولا يمكن لأحد أن يتكهن بموعد حصول تركيا على العضوية أو ما إذا كانت تركيا ستحصل على العضوية الكاملة.
\r\n
\r\n
ويعتقد الأتراك أن عمليات الارجاء الأوروبية يمكن أن تكون لها تأثيرات عكسية، وتشجع مؤيدي الاتجاه الانعزالي وتزيد عدم الثقة في الغرب. إلا أنه يتعين على الأتراك القيام بالإصلاحات الضرورية واللازمة لنهضة بلادهم، وليس لمجرد إرضاء الغرب. بل ويمكن القول أنه إذا ما وصلت تركيا إلى المستويات الأوروبية في الأحكام واللوائح، فإنها قد تحقق تقدماً يرقى إلى مستوى الرفاهية الأوروبية بصورة أسهل مما لو كانت مقيدة بالقوانين الأوروبية.
\r\n
\r\n
بين أنقرة ومدريد
\r\n
\r\n
يعتقد بروفسور مانغو ان هناك الكثير من النقاط المشتركة بين تركيا وأسبانيا. ووفقاً لرؤية زكي كوندلاب السفير التركي لدى أسبانيا خلال السبعينات من القرن الماضي فإنه يرى أن هناك الكثير من أوجه التشابه بين البلدين. ويقول انه حتى بداية النصف الأول من القرن العشرين كانت أسبانيا دولة يعاني سكانها من الفقر ويتولى فيها الحكم زعماء ضعفاء، وتدور فيها رحى الحرب الأهلية. وفي السنوات الأخيرة (أي في أواخر عقد السبعينات) تغيرت الأوضاع.
\r\n
\r\n
فقد أصبح الشعب غنياً، وارتفع الدخل الفردي من 300 إلى 3 آلاف دولار. وظهرت صناعات جديدةوتطورت شبكة الطرق والمرافق الأخرى. وأصبحت جديدة. وأصبحت اسبانيا، التي كانت دولة متخلفة، واحدة من الدول العشر الكبرى في العالم من حيث الانتاج القومي.
\r\n
\r\n
كتب كونرلاب تلك الملاحظات في 1979 عندما كان اجمالي الناتج القومي التركي للفرد أقل من 1900 دولار.
\r\n
\r\n
وبحلول عام 2001 جاء الاقتصاد الأسباني في المركز الثالث عشر من حيث الحجم على مستوى العالم حيث بلغ اجمالي الناتج القومي 816 مليار دولار، أو ما يقل قليلا عن 20 ألف دولار للفرد. وجاء الاقتصاد التركي في المركز العشرين بقائمة اكبر الاقتصاديات العالمية، حيث بلغ اجمالي الناتج القومي 383 مليار دولار أو 5800 دولار للفرد (حسب القوة الشرائية للعملة المحلية). وشهدت تركيا، كما حدث في أسبانيا، ظهور صناعات جديدة وتطورا بالبنية التحتية. وقد تباطأ نمو الدخل الفردي في تركيا نتيجة للزيادة السريعة في عدد السكان.
\r\n
\r\n
ويرى الكاتب أن بامكان تركيا أن تقتفي أثر النهج الأسباني لتلحق بمدريد في المستقبل المنظور على صعيد الاستقرار السياسي والرخاء الاقتصادي. ويعتقد في امكانية تحقيق ذلك في ضوء التشابه الكبير بين البلدين تاريخيا وجغرفيا. ويقول أن شبه جزيرة الأناضول وشبه جزيرة ايبريا متشابهتان من حيث المناخ والطبيعة الجغرافية، فكلتاهما عبارة عن هضبة وسطى تحيط بها الأراضي الساحلية الخصبة. كما كان للبلدين امبراطوريتان كبيرتان قبل ان تنكمشا داخل حدودهما الحالية.
\r\n
\r\n
كما دخلت الدولتان في صراع بين التقليديين ومؤيدي الحداثة بين رجال الدين والمناهضين لهم في اسبانيا وبين العلمانيين والاسلاميين في تركيا. كلاهما يتعين عليه أن يحقق التوافق بين أيديولوجيات قومية متصارعة في الداخل. ففي أسبانيا هناك الباسك والكتالونيون، وفي تركيا هناك الاتراك والأكراد.
\r\n
\r\n
والدولتان تعانيان من الحركات الارهابية، منظمة «ايتا» في اسبانيا، وحزب العمال الكردستاني والثوريين اليساريين ومجموعات اسلامية عديدة في تركيا. كما عرف جيشا البلدين مذاق السلطة السياسية في فترة من الفترات. الا ان اسبانيا تعرضت لكارثة الحرب الأهلية، نتيجة لانقسام الجيش في ولائه، وهي الكارثة التي تجنبتها تركيا نتيجة لنجاح الجيش في الابقاء على وحدة صفه.
\r\n
\r\n
الا ان الكاتب يرى ان هناك اختلافا مهما واحدا، وهو ان الاسبان لهم خلفية مسيحية كاثوليكية والاتراك لهم خلفية اسلامية. ويتساءل: هل من الممكن قيام مصالحة بين الاسلام والحداثة؟
\r\n
\r\n
ويجيب بروفسور مانغو عن هذا السؤال مشيرا الى ان ذلك يعتمد على الارادة السياسية. فعندما شن اتاتورك ثورته الثقافية، اصبحت الافكار التنويرية سياسة رسمية في تركيا، وتسارعت بمقتضاها خطى التطور في السنوات التالية. فقد استخدمت تركيا تصميما أميركيا ونجحت في تصنيع أول سيارة في 1960. كما يمتاز الشعب التركي بأنه يتحمل مشاق العمل، ويكد، ويجتهد لرفع مستواه المعيشي.
\r\n
\r\n
وهو يرى ان بالامكان مواصلة التطور والتحديث والانطلاق في مسيرة التنمية للحاق بالعالم الاول.
\r\n
\r\n
ويقول انه بامكان الاتراك ان يعلقوا امالهم على النجاح الذي حققته اليونان التي كانت دولة تعاني من الفقر والتخلف حتى وقت قريب، لكنها اصبحت الآن بمثابة ضاحية أوروبية تتمتع بالرخاء، على الاقل وفقا للمقاييس التركية.
\r\n
\r\n
مخاطر التقدم
\r\n
\r\n
يرى المؤلف أن اندماج تركيا في السوق العالمية وعضويتها بنادي الدول المتقدمة سوف يجعلها عرضة للصدمات الخارجية، مثل الحروب والتهديد بالحروب والأزمات الاقتصادية والركود.
\r\n
\r\n
الا انه بدءا بالكساد العالمي في 1929، وانتهاء بالحرب العالمية الثانية، ثم الصدمات البترولية والحروب الاقليمية، نجح الاقتصاد التركي في تجاوز الازمات من دون خسائر كبيرة باستثناء بعض التباطؤ ولفترة محدودة. ولكن اذا كانت العوامل الخارجية ستؤثر تأثيرا طفيفا على الافاق التركية، فان التطورات الداخلية تمثل العامل الاكثر أهمية.
\r\n
\r\n
فمع بداية الألفية الجديدة اشارت الصحف التركية الى ان «التعليم هو الحل الوحيد للخروج من الأزمة» وتقصد بالأزمة انتشار الفقر الذي يثير القلق في مختلف الأوساط التركية خاصة وأن الكثير من المحللين يرون انه من الضروري ان تلحق بقطار الدول التي انضمت حديثا للاتحاد الاوروبي، ونجحت في ان تصبح دولا غنية، بعد ان كانت تعاني من الفقر. ومن بين مظاهر الفقر الوضع المتردي على صعيد الرعاية الصحية.
\r\n
\r\n
ويقول مؤلفنا ان عبء الديون العامة يمنع الدولة التركية من ضخ مخصصات كافية بقطاع الرعاية الصحية. ففي عام 2002 تم انفاق 9% فقط من ميزانية الدولة على الخدمات الصحية.
\r\n
\r\n
ومع ذلك يتعين ان نضيف الى ذلك انفاق هيئات التأمين الصحي والمجالس المحلية. وقد وضعت حكومة حزب العدالة والتنمية التي تولت الحكم في 2002 خطة لتطوير نظام الرعاية الصحية واضفاء الصبغة اللامركزية عليه. كما يعاني القطاع الصحي من نقص حاد في أعداد الأسرة للمرضى. ففي عام 1999 كان يوجد بتركيا نحو 1200 مستشفى، منها 25% خاصة، بجملة أسرة تزيد قليلا على 150 ألف سرير تخدم عدداً من السكان يقترب من 70 مليون نسمة.
\r\n
\r\n
وهناك بعض المستشفيات الخاصة التي تنافس المستشفيات الدولية على صعيد التكلفة وجودة الخدمة التي تقدمها الأمر الذي يجعلها تجتذب الكثير من المرضى الاجانب، ومع ذلك فان الاثرياء الأتراك يسافرون للخارج لتلقي العلاج الطبي وكانوا يتوجهون الى فيينا أو سويسرا قبل الحرب العالمية الثانية ثم تحولوا الى لندن والآن فان وجهتهم هي الولايات المتحدة الأميركية.
\r\n
\r\n
وفي اسطنبول يفضل الاثرياء المؤسسات الصحية الاجنبية بالمدينة مثل المستشفى الدولي او المستشفيات الأميركية أو الفرنسية أو الايطالية. ورغم ان هذه المستشفيات يعمل بها استشاريون أتراك، الا انها تقدم خدمات صحية ذات جودة عالية، كما انها ليست مزدحمة مثل المستشفيات العامة.
\r\n
\r\n
ومع ذلك، فإن خدمات الطوارئ العامة، مثل المطافئ والاسعاف وفرق الاغاثة شهدت تحسنا ملحوظا في السنوات الأخيرة في اعقاب الزلزال الذي ضرب ضواحي اسطنبول في اغسطس 1999. كما تحسنت الخدمات التي يقدمها الهلال الاحمر وهيئات الاغاثة الطوعية.
\r\n
\r\n
وفي 2000، كان عدد الاطباء المسجلين يبلغ 85 ألف طبيب أو ما يعادل طبيبا واحدا لكل 830 شخصا. وبينما يعتبر هذا المعدل كافيا، الا ان المشكلة تكمن في التوزيع الجغرافي لهؤلاء الأطباء، اذ يتركز معظمهم في مناطق الحضر وفي المدن الرئيسية بينما تعاني الاقاليم والمناطق الريفية من قلة عدد الاطباء.
\r\n
\r\n
ويبلغ متوسط الاعمار 66 عاماً للرجال و71 عاماً لنساء، أما متوسط الوفيات بين الاطفال فيبلغ 40 لكل ألف وهو معدل يزيد ثماني مرات على المتوسط الاوروبي. وقبل عشر سنوات أي في عام 1992 كان المتوسط يبلغ 50 لكل ألف.
\r\n
\r\n
ومرة اخرى يرى الكثير من الاخصائيين الاجتماعيين ان مواصلة التحسن يعتمد على توسيع مظلة التعليم وتعزيز اجراءات الصحة العامة ويجب الاشارة هنا الى حدوث بعض الانجازات التي ينبغي اغفالها، ولنترك الارقام تتحدث... فهناك 70% من السكان تتوفر لهم مياه الشرب النقية وتتوفر ل 85% من السكان شبكات صرف مناسبة ويبلغ عدد الاشخاص لكل غرفة في المنزل 3,1 ويتم تطعيم 80% من الاطفال ضد الحصبة.
\r\n
\r\n
مخاطر الانفجار السكاني
\r\n
\r\n
يوضح المؤلف ان النصف الاخير من القرن العشرين شهد في تركيا انفجاراً سكانيا، وهجرة من الريف الى المدن، وتزايداً بالتوجه نحو التصنيع، وقفزة في الاتصالات ورافق كل ذلك تزايد معدلات الاستياء وعدم الرضا، لكن الامر لم يصل الى درجة الغليان في صفوف الجماهير، وفي ظل ذلك الوضع، الذي غلب فيه صوت العقل على العاطفة، فانه من المرجح ان يتواصل التطوير بالطريقة نفسها التي تحققت منذ الحرب العالمية الثانية، اولا في ايطاليا ثم اسبانيا والبرتغال، وهي دول ذات تقاليد راسخة وعريقة ومشاركة في صنع الثقافة الأوروبية.
\r\n
\r\n
ويرى المؤلف انه ليست هناك دولة تستطيع نسخ تجربة دولة اخرى على الرغم من وجود بعض الامور المتماثلة وفي حالة تركيا فان اوجه التماثل الأكثر أهمية توجد مع دول جنوب اوروبا وليس مع دول الشرق الاوسط. فعلى غرار دول جنوب اوروبا، نسخت تركيا قوانينها ومؤسساتها من الجمهورية الفرنسية، كما تتماثل شبكاتها الاجتماعية مع تلك الشبكات الموجودة في ايطاليا. وتتشابه تجربة النمو الاقتصادي القائمة على الشركات العائلية العملاقة مع التجربة البرتغالية.
\r\n
\r\n
واذا كان الاتراك يعنون بكلمة «اوروبا» مكاناً خارج اطار حدودهم، فان الامر نفسه ينطبق على الاسبان واليونانيين وشعوب اخرى أصبحت الآن ضمن الاتحاد الاوروبي، وعلى أي حال فان القضية المثارة في تركيا الآن ليست هي الرغبة في الوصول الى مستوى المعيشة الأوروبي من خلال الانضمام لعضوية الاتحاد الاوروبي. اذ ان العديد من الاتراك المنتمين للطبقة الوسطى قد وصلوا بالفعل الى هذا المستوى.
\r\n
\r\n
ولكن السؤال المطروح هو: بالامكان امتداد مثل هذه المستوى ليشمل جميع افراد الشعب الذي يبلغ الآن تعداده 70 مليون نسمة ويواصل الصعود؟ واذا كانت هناك امكانية لتحقيق ذلك فما هي الفترة التي يمكن ان يتحقق فيها ذلك؟
\r\n
\r\n
يقول المؤلف ان الاجابة عن هذه الاسئلة تعتمد على التطورات الخارجية في جانب منها، فتركيا بحاجة الى استتباب السلام على حدودها وبحاجة الى دول مجاورة تثق فيها. كما ان هناك اوضاعا لاتزال معلقة من دون حسم، وقد يتطلب الامر وقتاً لاعادة تشكيل الوحدة الطبيعية لحوض بحر ايجه الذي يعاني من التمزق نتيجة لوجود دولتين يونانية وتركية.
\r\n
\r\n
وسيستغرق الامر وقتاً لتسوية الوضع في قبرص، بأي شكل تمليه الظروف ويبدو ان كلا الشعبين يرغب الآن في العيش في سلام، ولكن بصورة منفصلة، جنباً الى جنب.
\r\n
\r\n
اما الحدود مع الاتحاد السوفييتي سابقا فتظل غير مريحة، لقد استفادت تركيا من سقوط الشيوعية، ولم تعد روسيا تهدد الامن التركي، بل اصبحت اهم شريك تجاري لتركيا. صحيح ان العلاقات مع جمهورية ارمينيا الصغيرة ليست على ما يرام لكنها لا تشكل تهديدا لتركيا. وستؤثر التطورات بمنطقة بحر قزوين وآسيا الوسطى على المكاسب التي ستجنيها تركيا من علاقاتها الاقتصادية مع هذه المنطقة من خلال خطوط أنابيب النفط والغاز الجديدة وبيع السلع الاستهلاكية التركية والعقود المربحة التي ستحصل عليها شركات البناء التركية.
\r\n
\r\n
الا انه من غير المرجح ان يتعرض الامن التركي لتهديد من هذا الاتجاه. لكن التهديد الاكبر للأمن التركي يأتي من الجبهة الشرقية مع ايران ومن الجنوب مع سوريا والعراق، فعدم الاستقرار في الشرق الاوسط يهدد تركيا وذلك لسبب بسيط هو ان الشرق الاوسط يمتد سياسياً حتى تركيا.
\r\n
\r\n
ويخلص المولف في خاتمة الكتاب الى القول ان تركيا دولة متحضرة بها طبقة متوسطة متقدمة، لكنها تعاني من جيوب متخلفة، كما لدى تركيا مجتمع مدني نشط، وحكومة رشيدة وسياسة خارجية تقوم على اساس حسابات منطقية تخدم المصلحة الوطنية، وهو الامر الذي لا يعني انها معصومة من الخطأ. لقد دخلت الجمهورية التركية المرحلة الثالثة من تطورها بعد المرحلة الاولى التي تم خلالها ارساء الأسس لقيامها، وبعد المرحلة الثانية التي تم فيها رفع شعار «ضرورة التحول لمجتمع غني».
\r\n
\r\n
وعلى الرغم من الاصول المتنوعة للاتراك فإن الاغلبية الكبيرة منهم يعتبرون أنفسهم اتراكا توحدهم لغة واحدة وثقافة واحدة ومصير مشترك على الرغم من وجود اختلافات بين الاتراك والاكراد والعلمانيين الدينيين ولكن تم تجاوز كل هذه الخلافات نتيجة لشعور قوي بالتضامن القومي التركي الذي يصمد في مواجهة الصراعات السياسية والازمات الاقتصادية. وهذا الشعور ساهم في جعل المجتمع التركي اكثر انفتاحاً واكثر رغبة في التعلم من تجربة الدول الغنية، واكثر تعطشاً لاعتراف العالم الخارجي بانجازاته.
\r\n
\r\n
ويشدد المؤلف أخيراً، على ان تركيا دولة مهمة للعالم ليس فقط لانها الدولة العلمانية الديمقراطية الوحيدة التي يتكون معظم سكانها من المسلمين، بل ايضا لانها تمثل نمطاً لدولة غير غربية تسعى لتنظيم مجتمعها على الطراز الغربي.
\r\n
\r\n
وفضلا عن ذلك فان تركيا تقع بالقرب من الدول الاوروبية التي كانت مهداً للحضارة الغربية الحديثة. وقد تفاعلت تركيا مع هذه الدول حتى منذ غزو الاتراك لبقايا الامبراطورية الرومانية الشرقية في الوقت الذي كان فيه عصر النهضة يمهد الطريق للعصر الحديث. لقد اجتازت تركيا مسافة ليست بالقصيرة في طريق الحداثة بكل صعوباته ومشكلاته ومكافآته، ولا تزال هناك على الطريق الكثير من الصعوبات، لكن الهدف يلوح في الافق بوضوح أمام الاتراك.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.