\r\n كونزاليس هذا هو الذي اعد المذكرات التي تتسامح تجاه استخدام التعذيب وان دل اختياره على شيء فإنه يدل على الاختيار غير الموفق للرئيس بوش عندما قرر ترقية هذا الرجل الذي ارتبط اسمه بصورة وثيقة بفضيحة سجن أبو غريب وبالاساءات التي تمت كذلك في غوانتانامو ولا يزال يتم الكشف عن المزيد من هذه الاساءات مع مرور الأيام سواء في أفغانستان او العراق على أيدي الجنود الأميركيين‚ \r\n \r\n مثله مثل وزير الدفاع دونالد رامسفيلد المهندس الآخر لهذه السياسات جلب كونزاليس العار للولايات المتحدة وعرض حياة الجنود الأميركيين للخطر الذين قد يقعون في المستقبل ضحايا لأعمال مماثلة قد يرتكبها الغير ضدهم‚ فعند الجميع العين بالعين والسن بالسن والبادىء أظلم‚ \r\n \r\n ان الكونغرس بدأ قبل أيام بمناقشة قضية تعيين كونزاليس لشغل منصب المدعي العام ووزير العدل وعليه ان يطلب الحصول على كل الوثائق ذات العلاقة بموضوع التعذيب قبل ان يوافق على تعيينه في ذلك المنصب الحساس‚ \r\n \r\n بعد هجمات 11 سبتمبر استغل بوش رغبة الأميركيين في الاقتصاص من اولئك الذي وقفوا خلف الهجمات الارهابية ومنع حدوث اي هجمات جديدة فأصدر اوامره للقانونيين لمراجعة الموقف القانوني لسجناء طالبان و«القاعدة» بهدف الالتفاف حول مواثيق جنيف والاتفاقيات الدولية الأخرى والقوانين الأميركية ذات العلاقة بمعاملة السجناء‚ \r\n \r\n وكان كونزاليس هو محور ومركز ذلك النشاط وفي 25 يناير 2002 بعث الى بوش رسالة يؤكد له فيها ان «الحرب على الارهاب» تجيز تخطي الحدود التي تنص عليها مواثيق جنيف حول السجناء الأعداء‚ \r\n \r\n في أغسطس تلقى كونزاليس رأيا قانونيا من جي بيبي الذي كان يشغل منصب مساعد المدعي العام مفاده ان بامكان الرئيس تعليق العمل بمواثيق جنيف إذا ما أراد ذلك وان بالامكان اللجوء الى بعض انواع التعذيب باعتبار ان ذلك «شيء يمكن تبريره»‚ \r\n \r\n والقانونيون العاملون مع رامسفيلد ايضا اعدوا وثائق تبرر الاساءات للسجناء الذين نقلوا من أفغانستان الى غوانتانامو‚ كونزاليس وافق على تلك المذكرات او لم يعترض‚ \r\n \r\n بعد مرور حوالي ثمانية أشهر ظهرت تلك الفضائح التي تسببت بها تلك المذكرات في سجن ابو غريب ورآها العالم كله غير مصدق ما يحدث‚ ولم تنته الأمور عند هذا الحد حيث اصدرت وزارة العدل رأيا قانونيا آخر يرفض رأي بيبي الغريب القائل بامكان اصدار الرئيس اوامر للبدء باستخدام التعذيب ولكنه يسمح باستخدام اي اسلوب «لا يوقع اصابات قاتلة بالسجناء»‚ \r\n \r\n لقد سررنا لهذا التغيير الذي حصل بالرغم من كونه جاء متأخرا ثلاث سنوات‚ فالسجناء قد وقع بهم الضرر واهينوا وعذبوا وقتل البعض منهم‚ لقد تلطخت السمعة الدولية للولايات المتحدة بل ومرغت في التراب‚ \r\n \r\n المذكرة الجديدة تقول «ان التعذيب شيء مكروه وهو يتجاوز القيم الأميركية والمواثيق الدولية» الآن عرفت الولاياتالمتحدة ان المواثيق الدولية والقوانين الوطنية تمنع استخدام الايذاء الجسدي او العقلي من أجل انتزاع معلومات من السجناء‚ \r\n \r\n ولن تعدم الإدارة الأميركية ان تجد لها طريقا للالتفاف والوصول الى ما تريد‚ \r\n \r\n فعلى سبيل المثال تقول مواثيق جنيف انه تعذيب محض عندما يعاني السجين عقليا من أدوية تؤثر على التفكير او استخدام التهديد بالتلويح بالموت القريب‚ اما محامو الإدارة فقد قرروا ان استخدام الصدمة المؤقتة لا يخضع للتعريف السابق كون المعاناة النفسية والعقلية هي تلك التي تستمر لسنوات‚ \r\n \r\n أكثر من مرة حصل ان اجبر جنود أميركيون مراهقين عراقيين على حفر قبورهم بأيديهم وعلى النزول فيها والركوع هناك على ركبهم ووضع البندقية على رؤوسهم كأسلوب للتخويف او للتسلية‚ \r\n \r\n ألا يعتبر تعذيبا إلا إذا استمر لخمس سنوات؟ \r\n \r\n هناك الكثير من علامات الاستفهام المحيطة بكونزاليس والخلفية التي خرج منها‚ فهو الشخص المسؤول وراء الأخذ بالسياسات السرية التقييدية غير المقبولة‚ \r\n \r\n وهو المسؤول عن اساءات السلطة للحريات المدنية التي وردت في «القانون الوطني»‚ \r\n \r\n ويتوقع الجمهوريون موافقة سهلة على التعيين كونهم الغالبية في مجلس الشيوخ ولكن على الأقل يجب ان يحاسب كونزاليس على أفعاله‚ عليه ان يستنكر التعذيب وغيره من الاساءات غير القانونية في التعامل مع السجناء في السجون العسكرية كذلك يتوجب عليه ان يشرح لنا كيف يستخدم وطيفته الجديدة في تنظيف الفوضى التي تسببت بها وظيفته السابقة‚ \r\n \r\n ولو نظرت الولاياتالمتحدة الى نفسها في المرآة الآن لما عرفت نفسها‚ \r\n \r\n ان الإدارة الأميركية التي دفعت اصبعها في عين مواثيق جنيف نسيت شيئا اسمه القيم الأميركية الكبرى كالشرف والعدل والحقيقة‚ \r\n \r\n كونزاليس كان مستشارا قانونيا للرئيس ومايسترو اللوبي المدافع عن التعذيب‚ هذا المستشار مرشح لشغل منصب المدعي العام الذي يعتبر أكبر قوة منفذة للقانون في الولاياتالمتحدة‚ ويجري استجوابه في الكونغرس للتأكد من مدى ملاءمته للعمل الجديد‚ \r\n \r\n لا يجب السماح لكونزاليس بشغل هذا المنصب او أي منصب آخر قريب منه‚ فآراؤه فيما يتعلق باعتقال السجناء وسومهم سوء العذاب في العراق فيما يسميها بالحرب على الارهاب كانت غير منطقية بل ومخزية في نفس الوقت‚ \r\n \r\n بعض تلك الممارسات تولدت عن آرائه وكانت قبيحة ومريعة ومرعبة أقرب منها للعصور الوسطى منها الى العصر الحديث‚ \r\n \r\n انها إدارة بوش التي تكافىء عدم الكفاءة والفشل بأعلى الأوسمة لدى الأمة‚ ونتذكر جميعا «وسام الحرية» الرئاسي الذي علق على صدر جورج تينيت‚ الآن جاء دور كونزاليس الذي فتح الباب امامه ليصل ليس فقط الى مكتب المدعي العام وانما ايضا سيجري تلميعه من أجل اعطائه ترقية اخرى توصله للمحكمة العليا‚ \r\n \r\n انه لأمر مؤسف ان رجلا مثل هذا لعب دورا بارزا في تشكيل السياسات التي ادت الى الاساءة للسجناء وممارسة التعذيب يتوقع له ان يحصل على موافقة سهلة من مجلس الشيوخ ليصبح المدعي العام‚ انها اولى مهازل القرن الحادي والعشرين‚ \r\n \r\n ان إدارة بوش وكونزاليس تحاول بيع الوهم بالقول ان كونزاليس يقف ضد التعذيب كما أصدرت وزارة العدل رأيا قانونيا في الاسبوع الماضي قالت فيه ان التعذيب يعتبر شيئا مقيتا بالنسبة للقانون الأميركي وبالنسبة للقيم والأعراف الدولية‚ \r\n \r\n ما الذي حدث؟ ولماذا نقوم نحن الأميركيين وتحت أي ظرف من الظروف بالتعذيب وبتر الأطراف والاساءة جنسيا للغير او حتى قتل السجناء؟ ثم أين هو الدليل على أننا توقفنا عن فعل ذلك؟ \r\n \r\n ان إدارة بوش لم تتغير‚ ان هذه الإدارة تعتقد ان بإمكانها فعل او قول ما تريد ومثل هذا الموقف يغير جوهر وطبيعة الولاياتالمتحدة‚ انه يدفع الرقابة للاهتراء والتآكل‚ \r\n \r\n انها سياسة قادت الولاياتالمتحدة ضد التيار العالمي وشنت حربها على العراق‚ وهذا المنطق دفع كونزاليس لتجاهل وزارة الخارجية التي اعربت عن قلقها مما يجري ودفع العسكريين لفتح بوابات التعذيب والاساءات للسجناء ولا يزال هذا الأمر يحدث في سجوننا ومعتقلاتنا حتى اللحظة‚ \r\n \r\n ان هناك أشياء قليلة أكثر خطورة من هذا الخليط من السلطة والعنجهية وعدم الكفاءة‚ في ادارة بوش اصبح الخليط متفجرا‚ ان شيئا لم يتغير‚ \r\n \r\n وقد أوردت صحيفة «واشنطن بوست» في اوائل هذا الشهر خبرا مفاده ان الإدارة تعد خططا سرية للاحتفاظ بالسجناء مدى الحياة حتى دون ان توجه اليهم اي تهم‚ من يعرف هؤلاء السجناء وما الذنب الذي اقترفوه؟ كل ما سيتوجب علينا فعله هو ان نثق في أناس من شاكلة البرتو كونزاليس أو رامسفيلد او المعين الجديد من قبل الرئيس جورج بوش ليرأس «سي‚آي‚إيه» بورتر غوس حتى نتأكد من أن كل خطوة تمت حسب الأصول! \r\n \r\n ان الأميركيين اعتادوا النظر للولايات المتحدة على انها الحامية لمبادىء العدالة والعدل‚ والشيء الذي يؤسف له ان مثل هذا الاعتقاد اصبح من الصعب المحافظة عليه مع مرور الوقت‚ \r\n \r\n وإذا ما شغل اناس مثل كونزاليس وجون اشكروفت المناصب العليا في وزارة العدل وبدأوا بوضع مقاييس العدالة وفق اهوائهم فلن يملك الآخرون سوى البحث عن عمل في أماكن أخرى‚ \r\n \r\n انه لأمر سار ان ننظر الآن الى ما وراء البحار‚ في الشهر الماضي قررت أعلى محكمة في بريطانيا انه ليس بوسع الحكومة الاستمرار باعتقال الأجانب المشتبه بممارستهم للارهاب الى فترات غير محدودة دون توجيه تهم لهم او محاكمتهم‚ \r\n \r\n ان مثل هذا الشيء مفقود بالكامل لدى البرتو كونزاليس او جورج بوش‚ \r\n