تعرف على حدود التحويلات عبر تطبيق انستاباي خلال إجازة العيد    محافظ المنيا: حملات مستمرة على مجازر خلال أيام عيد الأضحى    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على صعود    الأمين العام للأمم المتحدة يدعو إلى وقف تخريب الأرض    مسؤول إسرائيلي يعلق على مصير عشرات الرهائن في غزة    مسئول في الموساد يعكس "صورة قاتمة" حول صفقة التبادل مع حماس    نائب لبناني عن كتلة الوفاء: المقاومة لا تخضع للتهديد وهي مستعدة لكل الاحتمالات    سرايا القدس تعرض مشاهد لقصف عناصرها جنودا وآليات عسكرية إسرائيلية في رفح    إصابة دموية ل مبابي في افتتاح مشوار فرنسا باليورو (صور)    عملية جراحية بانتظاره.. تفاصيل إصابة مبابي في مباراة فرنسا والنمسا    وفاة أول حاج من الوادي الجديد خلال أداء مناسك الحج    حريق يلتهم مقلة لب بطنطا في ثاني أيام عيد الأضحى (صور)    مفاجأة عن الحالة الصحية للطيار المصري قبل وفاته، والشركة تبرر تصرف مساعده    «قضايا الدولة» تهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عودته بعد أداء فريضة الحج    وفاة والد عمرو أدهم عضو مجلس إدارة نادي الزمالك    أحمد حلمي من كواليس "ميمو" ونيللي كريم في طريقها للسعودية ..10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    هيئة الدواء المصرية تسحب عقارا شهيرا من الصيدليات.. ما هو؟    8 أعراض تظهر على الحجاج بعد أداء المناسك لا تقلق منها    عاجل.. لجنة الحكام تكشف عن 4 أخطاء لحكم مباراة الزمالك والمصري    صدمة في فرنسا.. مبابي يخضع لجراحة عاجلة    الأرز ب 34 والسكر 37 جنيهًا.. أسعار السلع الأساسية بالأسواق في ثالث أيام عيد الأضحى الثلاثاء 18 يونيو 2024    محمود فوزي السيد: عادل إمام يقدر قيمة الموسيقى التصويرية في أفلامه (فيديو)    عبد الله غلوش لصاحبة السعادة: عادل إمام مثقف ومتطور ويتحدث بمصطلحات الشارع    عبدالحليم قنديل ل"الشاهد": طرحت فكرة البرلمان البديل وكتبت بيان الدعوة ل25 يناير    إسماعيل فرغلي: ربنا كرمني بعد مرارة سنوات.. وعشت ظروف صعبة لا تنسى    «الأزهر» يوضح آخر موعد لذبح الأضحية.. الفرصة الأخيرة    مرشحو انتخابات الرئاسة الإيرانية فى أول مناظرة يدعون لحذف الدولار.. ويؤكدون: العقوبات أثرت على اقتصادنا.. النفط يُهدر بنسبة 17% والتضخم تجاوز 40%.. ومرشح إصلاحي يعترف: عُملتنا تتدهور والنخب تهرب والوضع يسوء    الزمالك يهدد بمنتهى القوة.. ماهو أول رد فعل بعد بيان حسين لبيب؟    تراجع سعر سبيكة الذهب اليوم واستقرار عيار 21 الآن ثالث أيام العيد الثلاثاء 18 يونيو 2024    من مشعر منى.. ولي العهد السعودي يوجه رسالة للعالم عن غزة    أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس يكشف السيناريوهات المتوقعة عقب حل مجلس الحرب الإسرائيلي (فيديو)    في ثالث أيام العيد.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر ودرجات الحرارة المتوقعة    وفاة 10 حجاج من أبناء كفر الشيخ خلال أداء مناسك الحج.. اعرف التفاصيل    بيان عاجل من وزارة السياحة بشأن شكاوى الحجاج خلال أداء المناسك    تعليق عاجل من الخارجية الأمريكية بشأن قرار نتنياهو بحل مجلس الحرب الإسرائيلي    بعد الارتفاع الأخير.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 18 يونيو في ثالث أيام العيد    وزراء البيئة بالاتحاد الأوروبي يوافقون على قانون استعادة الطبيعة    «حضر اغتيال السادات».. إسماعيل فرغلي يكشف تفاصيل جديدة عن حياته الخاصة    تهنئة إيبارشية ملوي بعيد الأضحى المبارك    االأنبا عمانوئيل يقدم التهنئة بعيد الأضحى المبارك لشيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب    عاجل.. أميرة نايف تعلن وفاة والدتها: «اللهم ارحم موتانا»    مصطفى عمار: عادل إمام سفير فوق العادة للكوميديا المصرية في الوطن العربي    بعد الفوز على الزمالك| لاعبو المصري راحة    لسبب جسدي.. أنس جابر تعلن غيابها عن أولمبياد باريس 2024    البطريرك يزور كاتدرائية السيّدة العذراء في مدينة ستراسبورغ – فرنسا    التحقيق مع حداد مسلح أشعل النيران في زوجته بسبب خلافات بينهما بالعاشر    قائمة الاتحاد السكندرى لمواجهة الأهلى.. غياب مابولولو وميسى    شقق التضامن الاجتماعي.. تفاصيل تسليم 1023 وحدة سكنية ب 400 مليون جنيه    وكيل «صحة الشرقية» يقرر نقل 8 من العاملين بمستشفى ههيا لتغيبهم عن العمل    الإفتاء توضح حكم طواف الوداع على مختلف المذاهب    مشروع الضبعة.. تفاصيل لقاء وزير التعليم العالي بنائب مدير مؤسسة "الروس آتوم" في التكنولوجيا النووية    شروط القبول في برنامج البكالوريوس نظام الساعات المعتمدة بإدارة الأعمال جامعة الإسكندرية    إطلاق مبادرة «الأب القدوة» في المنوفية.. اعرف الشروط    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    ثاني أيام عيد الأضحى 2024.. طريقة عمل كباب الحلة بالصوص    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإصلاح الأندونيسي.. انقلاب نخبة أم ثورة شعبية ؟
نشر في التغيير يوم 16 - 10 - 2004

فأندونيسيا أكبر دولة ذات أغلبية اسلامية ورابع أكبر دولة في العالم من حيث تعداد السكان تمر بعملية تحول سياسية عميقة فخلال الأعوام الخمسة الماضية، تم اصلاح نظامها الديمقراطي بهدوء ولكن بذكاء، وتم وضع الأسس لنظام حكم أفضل والحكومة التي ستتولى مهامها في 20 اكتوبر الحالي ستكون هي خيار الشعب اكثر من اي وقت مضى.
\r\n
\r\n
لقد بدأت عملية التحول الديمقراطي الاندونيسية المعروفة باسم «ريفورماسي» في 1998 ففي اعقاب عشر سنوات من الدكتاتورية المستعرة في ظل حكم الرئيس سوكارنو واكثر من ثلاثة عقود من حكم القبضة الحديدية من قبل الرئيس سوهارتو، كانت المؤسسات السياسية في البلاد ضعيفة وقد تكون عملية الاصلاح انقلاباً للنخبة اكثر من كونها ثورة للشعب.
\r\n
\r\n
ولكن هدفها كان العثور على طريق قابل للتحقق الى مجتمع عادل ومزدهر في 1999، تم اختيار برلمان وطني جديد في اول انتخابات مفتوحة منذ 1955، واصبح عبدالرحمن واحد رئيساً للبلاد عبر تصويت غير مباشر وفي منتصف 2001 اجبر واحد على التخلي عن منصبه بسبب قيادته غريبة الاطوار، واعتلت ميجاواتي سوكارنو بوتري، وهي الابنة البكر لسوكارنو سدة الرئاسة.
\r\n
\r\n
اظهرت نتائج انتخابات وطنية اجريت في 5 ابريل الماضي مدى عمق تأثير عملية الاصلاح على النظام السياسي الاندونيسي وبخوضها الانتخابات، فإن الرئيسة ميجاواتي كانت لديها جميع المزايا التي تؤهلها لشغل هذا المنصب، ولكن النتيجة عكست خيبة أمل واسعة من قيادتها فقد فاز حزبها، وهو حزب النضال الديمقراطي الاندونيسي (حزب وطني علماني)، بأقل من 20% من الاصوات لانتخاب البرلمان الوطني المؤلف من 550 مقعداً، منخفضاً عن النسبة السابقة في 1999 والبالغة 34% .
\r\n
\r\n
وجاء حزب غولكار وهو حزب الوسط البيروقراطي الذي انشأه سوهارتو في المقدمة، حيث حصد معظم المقاعد في البرلمان، مع ان حصته من الاصوات انخفضت قليلاً منذ 1999.وقد أفادت هذه النتائج الهزيلة للحزبين البارزين على نحو خاص الحزب الديمقراطي التقدمي العلماني، الذي يقوده الجنرال السابق سوسيلو بامبانغ يودويونو، وحزب العدالة والرفاهية، وهو حزب اسلامي يتمركز في المدن، اللذان خاضا الحملة الانتخابية بالاعتماد على برنامج يؤكد على الحكم النظيف.
\r\n
\r\n
وفي قلب عملية الاصلاح تعديل دستوري يتطلب الانتخاب المباشر للرئيس لفترة خمس سنوات تبدأ هذا العام ومن خلال مجموعة معقدة ومتناغمة جيداً من القواعد، حصدت الانتخابات البرلمانية في 5 ابريل القوائم الخمس للرئيس ونائب الرئيس التي تنافست في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في الخامس من يوليو وكانت النتائج علامة على التطور المتنامي للناخبين، فقد حل سوسيلو بامبانغ يودويونو في المرتبة الاولى بنسبة 34% من الأصوات.
\r\n
\r\n
ان الانتخابات في ابريل ويوليو اعادت التأكيد على قوة الاسلام المعتدل في اندونيسيا. فخمسة احزاب من بين الاحزاب الثمانية التي حصلت على أكثر من اثنين في المئة من الاصوات في ابريل كانت احزابا اسلامية، ولكنها جميعا لديها قادة معتدلون وبرامج معتدلة. اربع من بين القوائم الخمس التي تنافست في انتخابات 5 يوليو ضمت مرشحا اسلاميا معتدلا، ومع ذلك، فان ثلث الناخبين اختاروا القائمة العلمانية بالكامل والتي يرأسها سوسيلو يودويونو.
\r\n
\r\n
خلال الجيل الماضي، كانت عملية الوراثة السياسية تمثل تحديا رئيسيا للبلدان الاسيوية، واصبحت كذلك قضية الساعة في معقل المسلمين بالشرق الاوسط.وبالاضافة الى الانتقال الناجح خارج وصاية صندوق النقد الدولي وتخفيف ديون نادي باريس، فان الانتقال السلس الى حكومة جديدة في 20 اكتوبر الجاري، برئاسة يودويونو سيكون انجازا كبيرا لاندونيسيا، حيث يقدم لها فرصة لوضع نفسها بحزم على الطريق نحو الحكم الجيد ومستوى معيشة افضل لمواطنيها الذين بلغ عددهم 235 مليون نسمة.
\r\n
\r\n
ان حجر الزاوية في النظام السياسي الاندونيسي، والمتجذر في دستور 1945، هو الرئاسة القوية. ولكن في مناورة مذهلة في البناء السياسي، ادخلت مجموعة من التعديلات الدستورية التي تم تبنيها بين 1999 و2003 مراجعات وتوازنات حاسمة على هذا الاطار.
\r\n
\r\n
نص دستور 1945 على انتخاب برلمان وطني مؤلف من ممثلي الاحزاب كل خمس سنوات. وكان البرلمان الوطني بالاضافة الى مجموعة من الممثلين الاقليميين، والجيش و«الجماعات الفاعلة» الاخرى، تشكل الجمعية الاستشارية الشعبية، وكانت الوظيفة الرئيسية لها هي اختيار رئيس البلاد. وكان الرئيس يقوم بتعيين مجلس الوزراء ويحكم بشكل اساسي بموجب المرسوم.
\r\n
\r\n
وكان سوهارتو قد شكل وتلاعب بالاحزاب الثلاثة التي «تنافست» في انتخابات البرلمان الوطني التي جرت بين عامي 1977 و1997 وسيطر على عملية اختيار الممثلين الاخرين الذين شغلوا مقاعد الجمعية الاستشارية الشعبية. وكان حزبه المفضل هو غولكار، الذي تطور في بداية السبعينيات عن تنظيم معاد للشيوعية بقيادة الجيش. وكان البرلمان الوطني يصادق بشكل روتيني على التشريعات المقترحة من قبل حكومة سوهارتو، وكانت الجمعية الاستشارية الشعبية تعيد انتخاب سوهارتو حسب الاصول للرئاسة كل خمس سنوات من دون معارضة.
\r\n
\r\n
وبالاضافة الى تدشين عملية الانتخاب المباشر للرئيس ونائب الرئيس، فان التعديلات التي تم تبنيها بعد 1998 الغت الممثلين «الفاعلين» في الجمعية الاستشارية الشعبية. وهؤلاء حل محلهم مجلس شيوخ مؤلف من 128 عضواً غير متحيزين حزبيا يتم انتخابهم بصورة مباشرة، اربعة من كل واحد من أقاليم اندونيسيا التي يبلغ عددها 32. والجمعية الاستشارية الشعبية تتألف الآن من البرلمان الوطني ومجلس الشيوخ معا.
\r\n
\r\n
وتم تقييد صلاحياتها بشكل حاد لتنحصر فقط في تعديل الدستور وتقليد الرئيس ونائبه منصبيهما بحلف اليمين، واقالتهما بسبب انتهاكات محددة ونصت التعديلات ايضا على تشكيل محكمة دستورية لمراجعة القوانين وحل النزاعات حول نتائج الانتخابات العامة والقيام بأعباء تشكيل «لجنة عامة للانتخابات ذات شخصية وطنية، دائمة ومستقلة» ووضع اجراءات حماية أساسية لحقوق الانسان.
\r\n
\r\n
في 2001، مرت اندونسيا بواحدة من اكثر عمليات التحول اللامركزي للسلطة جوهرية في العالم.
\r\n
\r\n
اذ اصبحت السلطة المحلية الاقليمية تتجاهل التقسيمات الاوسع للاقاليم لتتركز في 349 مقاطعة و91 مدينة. وعلى الرغم من انه لا يزال من المبكر القول الى أي مدى ستسهم هذه التغيرات المؤسساتية في انشاء حكم افضل، الا انها تعتبر التركة الابرز للعملية الاصلاحية وينبغي ان تحسن من آفاق عمليات انتقال السلطة الروتينية بينما تقلل من احتمالات العودة الى الحكم المطلق.كان دستور 1945 جزءا من الاتفاق الذي تفاوضت عليه اندونيسيا للفوز بالاستقلال من الهولنديين.
\r\n
\r\n
وفي 1950، حل محله دستور اتحادي شكل حكومة برلمانية برئيس شرفي. غير ان الحكومات التي تشكلت في ظل دستور 1950 كانت عنيدة وقصيرة العمر، فاندلعت التمردات الاقليمية واصبح الشعب غير مبال بما يجري على نحو متزايد. وفي 1959، اعاد سوكارنو دستور 1945 بموجب مرسوم رئاسي.
\r\n
\r\n
في دراسته الكلاسيكية حول سبب التخلي عن دستور 1950، أكد المحلل السياسي الاسترالي هيربرت فيث على العواقب غير المقصودة لانتخابات 1955 حيث قال: «عملت «الانتخابات» على تقويض الثقة بالديمقراطية البرلمانية وتثبيت قدم اولئك الذين لديهم مصلحة في الاطاحة به، وحالما انتهت الانتخابات، عززت العوامل طويلة الاجل التي تعمل ضد النظام البرلماني وعقيدته من نفسها».
\r\n
\r\n
لا تزال هذه العوامل وبخاصة التوتر في اوساط الجماعات الاجتماعية والعرقية المختلفة عبر الارخبيل لا تزال موجودة وتمثل التحدي الرئيسي لنظام الاصلاح. ولا تزال الهيكلية الحزبية في تغير مستمر وقد لا تستقر على نمط قابل للتحقق قبل ان ينفد صبر الناخبين.يعمد المحللون السياسيون في الغالب إلى ربط الهيكلية الحزبية في اندونيسيا بهيكليتها الاجتماعية، من خلال مفهوم يعرف باسم «أليران» ويعني «التيار».
\r\n
\r\n
وبحسب هذا التفكير، هناك ثلاثة تيارات «أساسية» هي الفلاحون والارستقراطية العلمانية ورجال الدين المسلمين، وفي انتخابات 1955، انعكست التيارات الثلاثة في التعادل العام بين الحزب الشيوعي والحزب القومي والحزبين اللذين يتقاسمان الأصوات الإسلامية.وبعد الانقلاب الفاشل في 1965، تم القضاء على قيادة الحزب الشيوعي وحظر الحزب».
\r\n
\r\n
النتيجة الأبرز لانتخابات أبريل ويوليو كانت نجاح يودو يونو على الرغم من عدم تطابقه مع أي من التيارات.أعيد تشكيل الحزب القومي الذي أسسه سوكارنو تحت اسم الحزب الديمقراطي الاندونيسي خلال حكم سوهارتو ثم انقسم في 1996 عندما حاول سوهارتو اجبار ميغاواتي على التخلي عن السياسة. وحصد حزبها الجديد، حزب النضال الديمقراطي الأندونيسي، ثلث الأصوات في انتخابات 1999 استناداً إلى قوة جذوره العميقة وعلاقته الوثيقة بالمشاعر القومية في عهد سوكارنو.
\r\n
\r\n
غير ان انتخابات أبريل 2004 كانت كارثة على حزب النضال الديمقراطي الاندونيسي الذي شعر بالرضى إلى حد ما مع حلول ميغاواتي في المركز الثاني في يوليو. غير ان هزيمة ميغاواتي في الدورة الثانية للانتخابات في سبتمبر الماضي ستترك أثراً سلبياً على مستقبل الحزب. فليس هناك من وريث واضح لها يتولى مهمة لملمة أجزاء الحزب، وسيحتاج الأمر على الأرجح إلى أكثر من عام كي تظهر قيادة جديدة.
\r\n
\r\n
وفي عهد سوهارتو، ازدهر حزب غولكار بسبب استغلاله للرعاية وقدرته على تقديم وعود انتخابية، وحتى بعد سقوطه وخيبته، فان قوة آلة غولكار مكنّته من احتلال المركز الثاني في انتخابات 1999، متقدماً بشكل جيد على أقوى حزب إسلامي، وفي الانتخابات البرلمانية لهذا العام، برز غولكار في القمة، ولكن ذلك مرده فقط إلى الأداء الضعيف لحزب ميغاواتي والانقسام في الصوت الإسلامي.
\r\n
\r\n
أما مستقبل غولكار، فمن الصعب التنبؤ به لأسباب عديدة، بدءاً بالهزيمة المفاجئة لزعيم الحزب منذ فترة طويلة أكبر تانجونغ كمرشح الحزب لمنصب الرئيس، اعقبه الأداء الضعيف للرجل الذي هزمه، وهو ويرانتو، في انتخابات يوليو الماضي.ان هزيمة ويرانتو في الوصول إلى انتخابات سبتمبر، وضع تانجونغ في قيادة آلية الحزب مجدداً، وجعله في وضع جيد لاستغلال ثقله في الحزب لتقرير من يكون الرئيس المقبل لاندونيسيا. التحالف مع ميغاواتي قد يكون مغرياً، لأنه سيديم الشراكة الضمنية التي كانت قائمة خلال السنوات الثلاث الماضية، ولكن ذلك لم يحدث.
\r\n
\r\n
الأحزاب الإسلامية الرئيسية الخمسة حصلت مجتمعة على 36% من الأصوات في انتخابات 1999، متفوقة على حزب ميغاواتي بقرابة نقطتين، وفي أبريل الماضي، حافظت الأحزاب الخمسة نفسها على حصتها الجماعية عند 35% ولكنها زادت من هامشها عن أقوى حزب منفرداً وهو حزب غولكار، إلى أكثر من 12 نقطة، وهذه الأرقام تشير إلى ان تحالفاً من الأحزاب الإسلامية يدعم لائحة واحدة كان من الممكن ان يفوز بالرئاسة، ولكن مثل هذا التحالف لا يمكن تخيله. فالتيار الإسلامي يفرخ قادة ذوي خط مستقل يفضلون ان يخسروا على ان يتحدوا خلف منافس لهم.
\r\n
\r\n
على الرغم من ان الأحزاب السياسية البارزة في أندونيسيا يعود وجودها إلى أجيال عديدة، إلا أنه ينبغي النظر إليها على أنها أحزاب جديدة انشئت أو «أعيد تشكيلها» خلال عملية الاصلاح ويجري تعريفها من خلال الشخوص أكثر مما يتم ذلك من خلال القضايا، وعندما تصبح الأحزاب ذات طابع مؤسساتي أكثر، فانها ستبدأ بشغل مناطق أكثر بروزاً في الطيف السياسي، وتحت ضغط ثقافي قوي لتجنب المواجهة، فان الأحزاب الأصغر حجماً من المتوقع ان تنضم إلى تحالفات وزارية أوسع بدلاً من الاتحاد مع الآخرين في جماعة معارضة.
\r\n
\r\n
ولا تزال القوات المسلحة الاندونيسية تلقي بظلها الطويل على الحياة السياسية في أندونيسيا اليوم، وفي معظم الروايات، فان القوات المسلحة تصوّر على أنها القوة المهيمنة في عملية صنع السياسة الحكومية، حيث تملك فيتو فعالاً على القرارات المهمة، وتعزز حقيقة قيادة جنرالات متقاعدين لاثنتين من اللوائح المتنافسة في انتخابات يوليو هذا الرأي. غير أنه عند المعاينة عن كثب، تبدو القوات المسلحة وفي ظل عملية الاصلاح، اصبح الجيش ايضاً اكثر ضعفاً من الناحية العملياتية. وهذا يعود في جانب منه الى العديد من الاصلاحات، بما في ذلك الفصل الرسمي للشرطة عن القوات المسلحة.
\r\n
\r\n
وذلك نجم ايضاً عن مشكلات في التجنيد وتدريب ضباط على درجة عالية من الكفاءة وشراء عتاد جديد. ولا توجد حالياً اي خطة لتطوير القوات المسلحة الى قوة مقاتلة فاعلة تخضع لسيطرة مدنية. وكان وزير الدفاع قد اصدر في بداية 2003 تقريراً حكومياً سعى الى وضع اجندة اصلاحية، ولكنه اغفل قضايا اساسية مثل المبالغ الضخمة من الاعتمادات خارج الميزانية التي تذهب للجيش (وهي مبالغ يقدرها البعض بأنها ضعف مخصصات الميزانية الرسمية الخاصة به).
\r\n
\r\n
منذ الاستقلال، حافظت القوات المسلحة على هيكلية قيادة توازي الحكومة المدنية نزولاً الى مستوى القرية. وعلى الرغم من انها تؤكد على اهمية الدفاع عن الأمة ضد الاعداء الخارجين، إلا أنها نشرت قواتها بشكل اساسي لمكافحة التمرد الداخلي. ويدعم الاندونيسيون بوجه عام عمليات القوات المسلحة الهادفة لقمع عمليتي التمرد في اتشيه وبابوا، ولكن نهج القوات المسلحة يبدو اكثر تناغماً مع الاحتلال الدائم من كسب عقول وقلوب سكان هاتين المنطقتين.
\r\n
\r\n
لقد تراجع ايضاً النفوذ الاقتصادي للقوات المسلحة في السنوات الاخيرة. فمنذ ولادة الدولة الاندونيسية، ادارت وحدات الجيش خليطاً من نشاطات الأعمال المشروعة وغير المشروعة. وفي السبعينيات والثمانينيات، ظهرت شبكة من المؤسسات والجمعيات التعاونية العسكرية، التي تدير مجموعة من النشاطات الغامضة وتعتمد على مصادر تمويل مشبوهة.
\r\n
\r\n
ووصلت القوة الاقتصادية للقوات المسلحة الناجمة عن ذلك الى ذروتها على الارجح في منتصف الثمانينيات ثم تراجعت مع بروز شبكة الأعمال المملوكة والمسيطر عليها من قبل اقارب سوهارتو واصدقائه المقربين. وتم ملء الفراغ في الاقتصاد الناجم عن انهيار شركات سوهارتو من قبل آلاف المشروعات الصغيرة ومتوسطة الحجم، وليس من قبل الجيش. وعلى النقيض من دول آسيوية أخرى مثل كوريا الجنوبية، وتايلند، فإنه لا يمكن العثور على مؤسسة عمل واحدة ناجحة يديرها الجيش في المراتب الأولى للشركات الاندونيسية.
\r\n
\r\n
وبصفتها قوة سياسية، فإن القوات المسلحة تصور في الغالب على انها عنيدة في ملاحقتها للمصالح الضيقة، غير ان مشاركة الجيش في الحملات الانتخابية لهذا العام تكذب هذا التماسك.فعلى الرغم من ان الافراد النشطين في الجيش امروا بالبقاء على الحياد الى حد التخلي عن حقهم في التصويت الا ان الضباط العسكريين المتقاعدين كان لهم حضور لافت كمرشحين ومؤيدين.
\r\n
\r\n
غير انهم وبدلاً من الانكماش وراء حزب واحد، فقد توزعوا بين الاحزاب ال 24 جميعها. وهذا النمط يعكس انتهازية من جانب الضباط السابقين (الذين يرون في السياسة فرصة الحصول على جوائز مالية كبيرة على مجهود ضئيل) ومن جانب الاحزاب (التي تجد ان التجربة العسكرية تمنح المرشح سلطة لجمع التبرعات وفطنة تنظيمية). وفي غضون ذلك، تمثل المعارضة القوية للقيادة العسكرية صمام امان موثوق من العسكرياتية الزاحفة.
\r\n
\r\n
عندما تولت ميغاواتي الرئاسة في 2001، ورثت اقتصاداً ضعيفاً جداً. فقد ظل الناتج المحلي الاجمالي دون مستوى الذروة الذي بلغه قبل الازمة المالية في 1996. وتوترت العلاقات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي واتحاد المانحين. وكانت البلاد تسعى للحصول على المزيد من اعفاءت لديون من دائني نادي باريس ونادي لندن بدلاً من جدولتها، وتم تعليق الاصلاحات الضرورية بسبب الصراع على السلطة بين الرئيس واحد والبرلمان.ومنذ ذلك الحين، كانت الانعطافة كبيرة، ذلك ان المستشارين الاقتصاديين الذين عينتهم ميغاواتي كانوا من التكنوقراط اكثر من كونهم من السياسيين.
\r\n
\r\n
وقد ارتقوا الى مستوى التوقعات في العديد من النواحي الاساسية فاطلق عليهم سريعاً وصف «فريق الاحلام» وعلى نحو خاص، فقد قاموا بقيادة وزير التنسيق دوروجاتون كونجوروجاكتي ووزير المالية بوديونو، بتهيئة الحلبة لعملية تحول ناجحة خلال 2004 انطلاقاً من تمويل صندوق النقد الدولي لميزان المدفوعات وتخفيف الديون. وهذه الخطوة كانت مؤشراً على نهاية الانتعاش من الازمة المالية في 1997 1998 والعودة الى علاقات طبيعية مع مصادر رسمية وخاصة للتمويل الخارجي.
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.