" جلست أم رفيدة في حالة حيرة من تصرف ابنتها تجاه أخوها أحمد الذي لم يتجاوز عامه الأول، فهي عنيفة جدا معه، دائما ماتضربه وتعنفه، بل وتتخيل أنه يؤذيها في بعض الأحيان..ولاتجد الأم تفسير منطقي تجاه طفلتها " أن ما تعاني منه رفيدة هو شعور بالغيرة من أخوها الأصغر أحمد، وكما يوضح لنا خبير الاستشارات التربوية والاسرية مجدي ناصر أن الغيرة تركيبة من أحاسيس مختلفة كَحُب التملك و السيطرة و الإحساس بالنقص و الغضب، و قد تسبب الغيرة المفرطة اضطراباً في السلوك قد يصل إلى العدوانية و العنف أحياناً. ويضيف ناصر أن الغيرة في طبيعتها شعورطبيعي موجود لدى الإنسان مثلها مثل الحب، لكن على الأسرة عدم السماح لها بالنمو في الطفل حتى لا تؤثر على شخصيته و نفسيته سلباً. أسباب الغيرة يشير خبير الاستشارات الاسرية والتربوية إلى أن الغيرة تنشأ عند الطفل من حبه الشديد لشخص لدرجة التخوف من فقدانه، كالأبوين مثلاً... معتقداً أن هذا الشخص ملكه وحده، و ليس لأحدٍ الاقتراب منه غيره. كما أنها قد تنشأ من التفرقة في المعاملة من قِبَل الآباء أو المدرسين، الذين قد يظهروا تفرقةً في المعاملة بين طفل و آخر، أو ذم هذا و مدح ذاك، مِمَّا يولِّدُ الغيرة لدى الطفل، و قد تصحبها أحاسيس أخرى كالعنف و اهتزاز ثقته بنفسه. كما أن الإفراط في تدليل الطفل و تلبية رغباته بسخاءٍ فاحش و بصورة لا عقلانية، قد يجعل الغيرة تتملك منه، لأن الطفل إذا لاحظ أنه يُعامَل بمعاملة غير بقية إخوانه مثلاً، أو في المدرسة غير بقية زملائه، و طلباته كلها مُجابة، - و إن كانت غير ضرورية-، فإنَّ شعوراً بالفوقية سيتسلل إليه، مما يجعل الغيرة تتملكه لمجرد أنه تعوَّد على التفضيل. كما أنَّ ضعف ثقة الطفل بنفسه يعتبر عاملاً أساسياً في ظهور الغيرة لديه، حيث أنه لا يكون واثقاً في قدراته و مهاراته، و يسكنه شعور بالنقص ممن حوله، خاصة إذا كان هذا الأخير مصابٌ بمرض ما، أو بإعاقة ما، أو لديه اختلاف ما عن بقية الأطفال. وظهور خصم لديه في الأسرة ايضا يشعل بداخله الغيرة، فكثيراً ما يلاحظ الطفل أن ولادة طفل آخر بعده في الأسرة، قد تسحب منه الرعاية و الإهتمام، بعد أن كان يشعر بأن له كل شيء، و بعد أن كان الجميع يهتمون به و يدللونه، و فجأة ينتقل هذا الإهتمام و هذا التدليل إلى من جاء بعده. كما أن تفضيل الآباء لطفلاً على آخر، يولد لدى الطفل غيرة من إخوانه، قد تؤدي إلى ظهور أعراض نفسية، لا سيما إن كانت أسباب تفضيل طفل آخر عليه، لإصابته بمرض مثلاً، مما يجعله يغار منه أو يتمارض ليكتسب نفس درجة التمييز و الإهتمام... و قد يكره أخاه أحياناً. أعراض الغيرة لدى الأطفال ويوضح خبير الاستشارات الاسرية والتربوية أن الطفل الذي يعاني من الغيرة تظهر عليه مجموعة من الأعراض يجب أن يلتفت لها الوالديين هي: قد يثور و يتمرَّد. يميل للعزلة و الإنطواء. خجولٌ و شديد الحساسية، ويميل للحزن و للبكاء. قد يعدِلُ عن الأكل و يرفضه. قد يبدو نحيفاً و شاحباً ومُتعَباً، كما أنه قد يصاب بالتبوّل اللاإرادي. كما أن الطفل المصاب بالغيرة قد يتظاهر بالمرض أحياناً للفت الإنتباه و اكتساب أهمية أكثر. علاج الغيرة ولعلاج الغيرة لدى الأبناء في حالة ظهورها يجب على الوالديين إتباع هذه الخطوات: - عدم إظهار حُبِّ طفلٍ دون آخر، و اعتبار كُلٍّ من الأطفال شخصية مستقلة. - عدم التفرقة بين الذكور و الإناث. - عدم إشعار الطفل الأكبر بأن وقت تدليله قد فات. - تحضير الطفل نفسياً و إخباره بأنه سيجيؤه أخاً يلاعبه و يكون صديقه، حتى لا يتفاجأ بوجود أخ له، فجأة. عدم المقارنة بين الأبناء لأن لكلٍّ منهم قدراته الخاصة و ميوله الخاص، فهذا يختلف باختلاف أعمارهم. - عدم مدح أحد الأبناء أمام الآخر و عدم توبيخ أحدهم أمام الآخر. - خلق روح الجماعة و تنمية مبدأ التعاون و الألفة بين الأبناء لجعلهم روحاً واحدة في كذا جسد، متحابين متراصين، متآزرين. - تنمية روح الإيثار كي يحب كل من الأبناء أخاه بتفاني. ويختتم ناصر حديثه بقوله أن الحل السري للقضاء على مشكلة الغيرة يكمن في المساواة في التعامل مع كل الأبناء حتى لا نثير الغيرة المرضية لديهم، و نساعدهم على أن ينشؤوا نشأةً صحيحةً و يكونوا شخصيات سوية في المجتمع.