يقال أن لكل فعل رد فعل، ويقول المثل العربي " كل إناء ينضح بما فيه"، لعل حديث الأباء الدائم عن كذب أبنائهم يذكرني بهذين المقولتين فالكثير من أولياء الأمور يشكون من أن أبنائهم معتادي الكذب دون الوقوف على السبب الذي يدفعهم إلى ذلك . وعن الأسباب التي تجعل الكثير من أطفالنا يعتادو الكذب يقول خبير الاستشارات التربوية والأسرية مجدي ناصر، يكتسب الطفل الصدق و الأمانة من بيئته و محيطه الذان يعيش فيهما، و يتعايش مع ما يراه من حوله و كل الخصال التي يتربى عليها... بما فيها ما يراه من تصرفات الكبار، و ما يعلمونه إياه... و من ثم يدرك معنى الحقيقة و الصدق في أقواله و أفعاله. ويوضح خبير الاستشارات التربوية والأسرية أن الطفل قد يلجأ للكذب كي يعوض نقصاً لديه، و قد يكون كَذِبُهُ مهرباً من العقاب جَرَّاء ارتكاب خطأ ما، أو للهروب من تلقي ملاحظاتٍ أو لَومٍ تجاه قعلٍ ما قام به و لم يكن لائقاً. كذب التهديد ويشير ناصر إلى أنه في الكثير من الحالات، يكون الكبار هم سبباً في إقدام الأطفال على الكذب، فقد يُجبِرُ الكبار أطفالهم على الكذب، و لو عن غير قصد، فقد يكذب الطفل على والديه خوفاً منهما، كإخفاء نتيجته الدراسية مثلاً، إن كانا غير راضيين عنها... و هذه كذبة من وجهة نظره، يرتكبها لإرضائهم. كذب التخيلي ويرى خبير الاستشارات التربوية أن الطفل قد يكذب من باب تخيله لشيء ما، يطمح له و لم يتسنى له امتلاكه، كأن يتظاهر بأن والديه في وظائف سامية مرموقة، و هذا ما يصوره له خياله... أو للتباهي أمام أقرانه في المدرسة مثلاً.. ويقول ناصر أن خيال الطفل يتَّسِمُ بالمبالغة و الإبتكار، و عدم الخضوع للواقع المُعاش، حتى أن هذا يظهر في ألعاب قد يلعبها، أو قصص يرويها تكون من نسج خياله، و يضع لها شخصيات و أبطال و أحداث، يرويها بالفعل كأنها حدثت له. كذب تعويضي ونتقل بنا ناصر إلى نوع آخر من الكذب، فيقول يعتبر الطفل الكذب ملجأ له، كطريقة يحافظ بها على صورته أمام من حوله، و يكره هذا الأسلوب بمجرد أن يصبح واعياً للأمور بشكل أفضل، و يكتسب قوة في الشخصية و ثقة بالنفس. غير أن بعض الأطفال يستمرون في الكذب لدرجة أنعم يفقدون القدرة على التفريق بين الكذب و الصدق، أو بالأحرى بين ما يتخترعونه من أحداث و ما يعيشونه فعلاً. و هنا يصبح تدخل الآباء ضرورياً لا محال، ومهمتهم البحث عن السبب الرئيسي الذي يجعل أطفالهم يكذبون، كأن يكلفوا أبناءهم بمهام كثيرة و صعبة، يصعب على أطفالهم القيام بها، فيلجئون للكذب لتفادي تلقي العقاب، وقد يشعر الطفل بإضطهاد في المدرسة أو بنقص ما، فيلجأ للكذب ظناً منه أنه بهذا يحافظ على نظرة زملائه له و مكانته بينهم. الكذب والحب ويوجه ناصر حديثه في النهاية للوالدين بقوله " إذا كانت نفسية الطفل مُفعمةٌ بالحب و الحنان و التحفيز الدائم، والأمان و الإستقرار، فإنه نادراً ما يكذب، و قد لا يكذب أبداً. ويطالب خبير الاستشارات التربوية الوالدين أن يكونوا نِعمَ القدوة الحسنة و المثال الأعلى أمام أبنائهم، أو عموماً، وذلك بالتزامهم بالقول و الفعل و الوفاء بالوعود. كما على الآباء توضيح أهمية الصدق في القول و العمل، لأبنائهم، و تشجيعهم على التمسك بهذه الخصلة الحميدة، ومعاقبتهم إذا كذبوا،