يتراجع الوجود المسيحي بشكل متسارع في بريطانيا، غذ تبين إحصاءات سكانية أن المسيحيين سيتحولون إلى أقلية في هذا البلد غن بقوا عازفين عن ممارسة طقوس دينهم، مقابل تصاعد إسلامي يقلب موازين الديموغرافيا البريطانية. لندن: حذرت أرقام رسمية من أن المسيحية قد تواجه انهيارًا كارثيًا في بريطانيا، مشيرة إلى تراجع الديانة المسيحية بوتيرة تزيد عن 50 بالمائة على ما كان يُعتقد في السابق. وتبين دراسة جديدة لمعطيات الإحصاء السكاني في بريطانيا في العام 2011 أن عقدًا من الهجرة الجماعية ساهم في تمويه حجم انخفاض عدد معتنقي المسيحية بين السكان المولودين في بريطانيا، لكنه عمل على إحداث زيادة حادة في انتشار الإسلام، وخصوصًا بين الشباب. وتوقعت الدراسة أن يصبح المسيحيون في بريطانيا أقلية خلال العقد المقبل، لأول مرة في تاريخ بريطانيا. في هذه الأثناء، يشكل المسلمون نحو 10 بالمائة من الذين تقل أعمارهم عن 25 عامًا في بريطانيا. وانخفضت نسبة الشباب الذين يعتبرون أنفسهم مسيحيين ولو صوريًا إلى اقل من 50 بالمائة لأول مرة. كما تبين النتائج الأولية لإحصاء 2011 أن إجمالي عدد الأشخاص الذي يعتبرون أنفسهم مسيحيين في انكلترا ومقاطعة ويلز انخفض بواقع 4.1 مليون، أي بنسبة 10 بالمائة. تراجع مسيحي لكن التحليل الجديد الذي أجراه مكتب الإحصاء الوطني يبين انضمام 1.2 مليون مسيحي مولودين خارج بريطانيا إلى من يعتبرون أنفسهم مسيحيين، بينهم كاثوليك بولنديون وإنجيليون من بلدان مثل نيجيريا، وهذا تسبب في تمويه حجم الانخفاض بين المسيحيين المولودين في بريطانيا. وكشفت الدراسة أن عدد الذين يعتبرون أنفسهم مسيحيين من المولودين في بريطانيا انخفض في الحقيقة بواقع 5.3 شخص أو بنسبة 15 بالمائة في غضون عشر سنوات، بينما ارتفع عدد المسلمين في انكلترا ومقاطعة ويلز بنسبة 75 بالمائة، بعد أن رُفدت أعدادهم بنحو 600 ألف مسلم مولودين خارج بريطانيا. وفي حين أن زهاء نصف المسلمين البريطانيين هم دون سن الخامسة والعشرين، فإن نحو ربع المسيحيين يزيد أعمارهم على الخامسة والستين، بحسب الدراسة نفسها. ويبلغ متوسط عمر المسلم البريطاني 25 عامًا، نحو نصف متوسط عمر المسيحي البريطاني. كما سجلت الدراسة ابتعادًا عن الدين بين الشباب، بانضمام 6.4 مليون شاب إلى من يعتبرون أنفسهم بلا ديانة، مقارنة بعددهم قبل عشر سنوات. تغيير كبير قال ناشطون علمانيون إن الأرقام الجديدة تبين أن المسيحية انخفضت دون مستوى الكتلة الحرجة، وهذا يقدم مبررًا جديدًا للدعوة إلى إلغاء كنيسة انكلترا، لكن الكنيسة تصر على أن نواتها المسيحية صلبة رغم الهبوط الكبير في عدد المسيحيين. ونقلت صحيفة دايلي تلغراف عن البرفيسور ديفيد كولمان، المختص بالدراسات السكانية في جامعة اوكسفورد، قوله: "هذا تغير كبير جدًا، ومن الصعب أن نرى تغيرًا يضاهيه في معطيات الإحصاء السكاني". وتساءل كولمان إلى أي مدى تعكس نتائج الإحصاء حدوث تغير عميق في المجتمع، بحيث أصبح من المقبول والطبيعي أن يقول المرء إنه ليس متدينًا أو ليس مسيحيًا. وقال الدكتور فريزر واتس، عالم اللاهوت في جامعة كامبردج: "من الجائز تمامًا أن يصبح المسيحيون أقلية في غضون العقد المقبل على أساس هذه الأرقام". أضاف: "انه اتجاه يبعث على القلق، ويؤكد ما يستطيع كل شخص أن يلاحظه، وهو أن غالبية المصلين في الكثير من الكنائس فوق سن الستين". دون الكتلة الحرجة وأكد كيث بورتيوس وود، المدير التنفيذي للجمعية العلمانية الوطنية، أن انخفاض عدد المسيحيين على المدى البعيد اتجاه لا يمكن وقفه الآن. وقال: "في غضون 20 عامًا سيكون عدد المسلمين الذين يمارسون طقوس دينهم أكبر من عدد زوار الكنائس". وأعلن وود أن وجود مؤسسة الكنيسة المسيحية لم يعد مبررًا بعد أن هبط عدد المسحيين إلى أقل من مستوى الكتلة الحرجة. لكن متحدثًُا باسم كنيسة انكلترا قال لصحيفة دايلي تلغراف: "هذه الأرقام تسلط الضوء على تنوع الكنيسة في هذا البلد، وهو أمر يتزايد منذ عقود، ويبين أن للمسيحية مكانتها بين أشخاص من مختلف الأصول". لكنه اعترف بأن هبوط عدد الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم مسيحيين يشكل تحديًا للكنيسة، عليها التصدي له بمحاولة إعادة ربط المسيحيين بديانتهم.