رسالة إيران إلى الحلفاء والخصوم: «تل أبيب ستكون مقابل دمشق» رئيس الموساد السابق: تل أبيب تسعى بكل جهدها من أجل إسقاط نظام بشار الأسد عطوان: الأوضاع السياسية فى سوريا تُدار فى إسطنبول.. والخطط العسكرية تُعَد فى الأردن «فيجارو» : السلطات الأردنية فتحت مجالها الجوى أمام الطائرات الإسرائيلية لضرب سوريا استكمالا لما تنبهنا إليه فى العدد الماضى من تحركات أمريكية بريطانية متدفقة عبر الأراضى الأردنية وتجميعها هناك لشن ضربات عسكرية ضد جيش نظام بشار لحسم المعركة لصالح جيش قدم كل فروض الولاء والطاعات لأمريكا وإسرائيل، ولما كتبناه فى مقالنا الثابت بالجريدة من أن أمريكا وإسرائيل تعدان العدة لتجهيز جيش فاصل على الحدود بين سوريا وإسرائيل مكون من الليبراليين العرب للدفاع عن إسرائيل، يحول دون هجمات السلفية الجهادية على الكيان الغاصب.. تشهد العاصمتان التركية والأردنية هذه الأيام لقاءات مكثفة على الصعيدين السياسى والعسكرى؛ فقد استضافت تركيا مؤتمرا لأصدقاء سوريا تقرر خلاله تزويد المعارضة السورية المسلحة بمعدات عسكرية «دفاعية»، ورفع الحظر النفطى المفروض أوروبيا على سوريا بما يمكن المعارضة «المعتدلة» من تصدير النفط من المناطق التى تسيطر عليها فى دير الزور والحسكة والرقة. فى الوقت ذاته، شهدت العاصمة الأردنية مناورات عسكرية، وأعلنت صحيفة «فيجارو» الفرنسية القريبة من صنّاع القرار، أن السلطات الأردنية قررت فتح المجال الجوى الأردنى أمام طائرات سلاح الجو الإسرائيلى لتوجيه ضربة عسكرية ضد سوريا. وفى هذا الصدد، يشير عبد البارى عطوان إلى أن معرفة تطورات الأوضاع سياسيا فى سوريا تتطلب مراقبة ما يجرى فى إسطنبول من لقاءات ومشاورات وتصريحات، وإلى أنه لا بد لمن يريد استقراء طبيعة الخطط العسكرية، من قراءة خريطة التحركات المتلاحقة فى العاصمة الأردنية عمان، من خلال وصول قوات أمريكية، والمناورات العسكرية، السرية والعلنية، وعمليات تهريب الأسلحة والمقاتلين إلى العمق السورى. الأردن دخلت فى المواجهة الأردن فى اللحظة الفارقة قرر أن ينتقل من موقفه شبه المحايد تجاه الأزمة السورية، إلى موقف منحاز تماما بجانب خطط إطاحة النظام فى دمشق، واستسلم للضغوط الأمريكية والسعودية. والحقيقة أنه بعد حسمه موقفه من الأزمة السورية، تجاوز كل الخطوط الحمراء؛ ومن ذلك السماح للطائرات الإسرائيلية باستخدام الأجواء الأردنية؛ ليس لضرب سوريا النظام فقط، بل إيران أيضا، إذا قررت القيادتان الإسرائيلية والأمريكية تنفيذ تهديداتهما بضرب مفاعلات إيران ومنشآتها النووية. ويرى عطوان أن «تطورات الوضع السورى، أمنيا وعسكريا على وجه الخصوص، هى الخطر الأكبر على الأردن؛ لأن الحروب الأمريكية والإسرائيلية فى المنطقة، مهما كانت محكمة التخطيط والتنفيذ، غير مضمونة النتائج؛ فقد علمتنا التجارب أن (اليوم التالى) للانتصار مقدمة لأيام صعبة من الهزائم لاحقا». وعندما يطالب جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى، حلف الناتو -فى اجتماع لوزراء خارجيته فى بروكسل- بأن يستعد للرد على الخطر الناجم عن النزاع فى سوريا، خصوصا الأسلحة الكيمياوية، وحماية أعضائه من هذا الخطر؛ فإن هذا يؤشر على أن الطائرات الإسرائيلية، أو قوات التدخل السريع الأمريكية التى تتضخم أعدادها بسرعة فى الأردن، باتت على وشك الانطلاق إلى العمق السورى فى محاولة لتدمير أو الاستيلاء على المخزونات السورية من الأسلحة الكيمياوية. سخونة الجبهة الأردنية السورية تتصاعد سخونة الجبهة الأردنية السورية بتسارع، فى اللحظة التى ذهب فيها العاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى للقاء الرئيس الأمريكى باراك أوباما وأركان إدارته وقيادته العسكرية، للإعداد أو لتنفيذ خطة الحسم عسكريا بالسرعة المطلوبة. وفى منتصف هذا الشهر، سيذهب رجب طيب أردوغان إلى واشنطن ليحسم خيار سيناريو الحرب الفاصلة؛ هل كما تفضل أمريكا إرسال قوات تعدادها 17 ألف جندى للاستيلاء على الأسلحة الكيمياوية المزعومة؟ أم يرجحان السيناريو الثانى، بحكم المناورات والتدريبات المتواصلة منذ عام فى هذا الصدد، لكن لا يمكن استبعاد السيناريو الأول بالنظر إلى سماح الأردن للطيران الإسرائيلى باستخدام أجوائه. سيناريوهات الحرب على سوريا فمن الواضح أن استخدام ذريعة السلاح الكيميائى، وتسليط الضوء عليها سياسيا وأمنيا، يأتى للإعداد والتجهيز فى سياق عمل عسكرى، أو اعتداء واسع؛ الأمر الذى ستترتب عليه نتائج جديدة على مستوى المنطقة. فما أشبه اليوم بالبارحةّ؛ فقد نشاهد فيما يخص «الكيميائى السورى» ما شهدناه فى قضية «النووى العراقى».. كرة الثلج السياسية والإعلامية والدبلوماسية حوله تكبر وتتدحرج وتنذر بتغيير قواعد اللعبة التى حكمت الصراع فى سوريا خلال أكثر من عامين. وقد نكون أمام سيناريو مشابه لما جرى فى العراق لكن أقسى وأكثر دموية وتدميرا، مع فارق فى التفاصيل، وفى أسماء وعناوين اللاعبين؛ إذ لن تكون الولاياتالمتحدة وبريطانيا والحلفاء وحدهم فى المواجهة، وستقف كل من إيرانوروسيا والصين فى جبهة الدفاع عن مصالحهم فى الشرق الأوسط داخل سوريا وخارجها، وستتلقى إسرائيل أكبر ضربة صاروخية فى تاريخها إذا اعتدت واشنطن على سوريا، أو إذا أوكلت الأمر إلى تل أبيب؛ حتى لا تحتك بموسكو وبكين مباشرة ضمن ساحة المعركة السورية المفتوحة على كل احتمال. سيناريو أخير يطرحه راجح خورى فى جريدة «النهار»؛ أنه «ما كان يعتبر سيناريوهات أو تكهنات إعلامية خلال العامين المنصرمين من عمر الأزمة السورية عن احتمال انقسام سوريا إلى كيانات طائفية؛ يبدو -راهنا وفق مصادر دبلوماسية عليمة- أمرا غير مستبعد فى ضوء المعارك التى يخوضها النظام ضد المعارضة من أجل استرجاع أرض فقد السيطرة عليها. وتبعا للخرائط الميدانية التى يتم متابعتها فى عملية محاولة استعادة السيطرة والفرز الطائفى؛ لا تخفى هذه المصادر أن سوريا قد تكون متوجهة إلى خيار الكيانات الطائفية، وأنه بات يتم الاعتراف بأن ثمة من يرى الأمور تذهب فى هذا الاتجاه، بعدما كانت غالبية الدوائر المعنية تنفى مثل هذا الاحتمال فى أوقات سابقة، رغم أن هذه المصادر ترى أن الكيانات المحتملة قد تكون لمرحلة انتقالية ليس إلا؛ لأنها قد لا تجد فرصة ولا مجالا للاستمرار؛ لاعتبارات جيوسياسية متعددة، أو لأنها قد تكون مشروع حروب دائمة فى المنطقة». ويقول خورى مواصلاً: "فى أية حال، فإن خيار نشوء الكيانات الطائفية فى سوريا ضمن مناطق سيطرة معينة، بات من الخيارات التى يُعترَف بوجودها، مع أنها ليست من تلك التى وضعت علنا على أى طاولة للبحث حتى الآن، خشية الإيحاء بأن تقسيم سوريا أمر محتمل أو ممكن؛ علما بأن ثمة من يقول إن الأمر إذا كان سيحصل فإنما بقوة الأمر الواقع لا وفق إرادات الدول؛ لأنه ستُقتطَع مناطق نفوذ بالقوة من أجل التفاوض انطلاقا من أوراق قوية أو من أجل الاحتفاظ بها».
تل أبيب مقابل دمشق على صعيدها، اتخذت إيران قرارها وحسمته منذ اللحظة الأولى فى سياق الصراع داخل سوريا؛ لذلك لم تجد غضاضة أن تبلغ الحلفاء والخصوم أن «أية ضربة عسكرية ضد دمشق سوف ترد عليها مباشرة فى تل أبيب، وسيكون الرد مدمرا». وقد تكون مصالح الغرب فى كل منطقة الخليج عرضة للاستهداف. وحسب المعلومات، فإن زيارة رئيس لجنة الأمن القومى والسياسة الخارجية فى البرلمان الإيرانى علاء الدين بروجردى، إلى سوريا الأسبوع الماضى؛ حملت رسالة واضحة والتزاما أكيدا من قِبل طهران تجاه دمشق، وقد وصفت مصادر مطلعة على جوّ اللقاء، المعادلة التى أنشأها بروجردى بأنها معادلة توازن رعب؛ إذ أبلغ كل من التقاهم أن «تل أبيب ستكون مقابل دمشق» إذا شنت واشنطن أو إسرائيل أى اعتداء على سوريا. ورسالة سوريا التى أبلغوها إياه، أن قرار دمشق حاسم فيما يخص استعداداتها لصد أى اعتداء: دمشق لن تكون بغداد ثانية. روسيا والصين ليستا بعيدتين عن الموقف الإيرانى الرافض لأى عمل عسكرى ضد دمشق، لكن الموقف الروسى لن يدخل فى رسائل مباشرة قبل أن تلمس الدوائر الدبلوماسية الروسية أن قرار الحرب قد اتخِذ. أما الصين فقد سارعت إلى إصدار بيان يرفض التدخل العسكرى الخارجى فى سوريا تحت أى ذريعة. وهنا يشير خبراء بالعلاقات الدولية والسياسات الأمريكية إلى أهمية الموقف الصينى أيضا لكن فى السياسة، الذى قد يدفع واشنطن إلى تجنب الاحتكاك المباشر بالعملاق الصينى والدب الروسى فى سوريا، فتكلف إسرائيل بعمل عسكرى محدد. الجبهة السورية فيما تتعامل سوريا على أساس أن كل الاحتمالات واردة. وتشير المعلومات إلى أن القيادة العسكرية السورية قد وضعت مخططات وسيناريوهات تأخذ بعين الاعتبار احتمال تعرضها لاعتداء خارجى؛ وذلك بالتنسيق مع الحلفاء. وفى إطار هذا السياق، قال الأستاذ ناصر قنديل على قناة «سما»، إنه «لا يمكننا فصل المعركة الدائرة فى المنطقة عن حرب النفط والغاز. وهناك وثائق أمريكية من عام 2000 تبحث فى هذا الموضوع، وأن العقبة أمام السيطرة على ذلك هى سوريا. وأنا أجزم أن التوقيع بين إسرائيل وروسيا كان ضمن هذا الاتفاق بمنح الغاز فى المتوسط للروس مقابل الضمان للبنان بأن مصالح لبنان مضمونة فى الغاز». الجبهة الفلسطينية على الجبهة الفلسطينية، زادت وتيرة التهديدات الإسرائيلية بشن عملية عسكرية جديدة ضد قطاع غزة، بالتزامن مع تحركات عسكرية إسرائيلية غير مسبوقة على الأرض؛ إذ تنقل عشرات الدبابات والآليات العسكرية، وأطنان من العتاد والذخيرة إلى المواقع العسكرية المحاذية للقطاع، لإشغال الفلسطينيين عما سيحدث من حرب قادمة فى المنطقة وتأمين إسرائيل جبهتها الداخلية. وتقول «قدس برس» إن هناك حركة غير اعتيادية وغريبة لجيش الاحتلال بدأت عصر يوم الجمعة (26/4)، على الحدود الشرقية مع قطاع غزة، ولوحظ تجمع عدد كبير من آليات الاحتلال شرق بلدة جُحر الديك جنوب شرق مدينة غزة خلف موقع «إسناد الكاميرا»؛ حيث شوهدت حركة نشطة لشاحنات الاحتلال وهى تنقل دبابات وذخائر عسكرية إلى موقع «إسناد الكاميرا»، الذى يقع شرق الموقع بين أشجار الكينا الكثيفة. وحسب مراقبين للشريط الحدودى، فان هذه الذخائر «قذائف مدفعية» جُلبت من داخل الأراضى المحتلة عام 1948، إلى موقع المدفعية الجديد الذى يقع شرق موقع «الكاميرا» بين أشجار الكينيا الكثيفة دون توقف؛ ما يدل على أنه قد تكون هناك عملية عسكرية إسرائيلية قريبة، تحت غطاء جوى كامل من الطائرات الحربية والمروحية وطائرات الاستطلاع؛ وذلك حماية لحركة النقل بجانب دوريات مستمرة على الشريط الحدودى خشية تعرضها لأى هجوم من المقاومة الفلسطينية. وتأكيدا لما يتم من تحركات فى عواصم الإقليم والحدود المشتركة، قال رئيس جهاز الموساد الإسرائيلى السابق مائير ديجان، إن تل أبيب تسعى بكل جهدها من أجل إسقاط نظام بشار الأسد، موضحا أن الدول العربية باتت أكثر كرها له، وقال أن إقصاء الأسد من حكم سوريا ذو أهمية استراتيجية قصوى لإسرائيل، وأضاف أن إسقاط بشار سيقطع الصلة بين إيران وحزب الله اللبنانى. كم قتلت الصواريخ مقارنة بالكيميائى؟! يقول مازن حماد بصحيفة «الوطن» القطرية: «نستطيع القول إن السلاح الكيمياوى لم يقتل سوى العشرات فى سوريا، لكن صواريخ (سكود) وطائرات (ميج) و(سوخوى) والمدفعية الثقيلة وأسلحة أخرى متنوعة ومحرمة، قتلت وأصابت مئات الآلاف من المواطنين. ومن أراد التدخل حقا لوقف حمامات الدم كان عليه أن يفعل ذلك منذ شهور طويلة بدل الجلوس فى انتظار (مزيد) من الأدلة على استعمال جديد محدود لغاز السارين؛ لذلك كله، فإن ربط قضية التدخل لإنهاء الحرب بالعثور على مزيد من الأدلة نوع من التهرب من المسئولية المعنوية والإنسانية والأخلاقية، ويشجع النظام على مزيد من الانتهاكات والجرائم». ويرى سمير عطا الله بصحيفة «الشرق الأوسط» أنه «يبدو أن المشرق العربى على وشك السقوط فى الجحيم الأحمر. العراق والأردن ولبنان تنزلق مع سوريا نحو نهايات الاهتراء الوطنى كدول قابلة للحياة المدنية. وما من رابح واحد فى حروب يخوضها رجال بلا خطوط من أى لون سوى ألوان الجحيم المفتوح. الخط الأحمر الأول والأخير كان الفيتو الروسى - الصينى. والخط الأحمر الثانى كان فى مؤتمر جنيف الذى تركت قراراته مبهمة مثل دعوة مفتوحة إلى استمرار الخراب. والخط الأحمر الثالث كان اعتبار الأسلحة الكيمياوية خطا أحمر، كأنما أسلحة الفتك والهلاك الأخرى خطوط خضراء فى سباق القتل والدمار وتقويض سوريا دولةً. فى النهاية سوف تجلى روسيا رعاياها وتحذر أمريكا رعاياها من السفر، وتسحب إيران حرسها الثورى، وتبقى فى مكانها سوريا الممزقة والمشتتة». تحريض عربى فيما يقول الكاتب والمفكر حازم صاغية بصحيفة «الحياة»: «فى الحرب العراقية – الإيرانية على مدى الثمانينيات، وقف النظام البعثى بجانب طهران الخمينية، مخالفا عموم المواقف العربية، فيما كانت العواطف الشعبية تميل إلى بغداد الصدّامية، مثلها مثل عمّان وباقى عواصم العالم السنى. والاصطفاف هذا من دون أن ينفع أيا من وجهتى النظر أخلاقيا وسياسيا، نمّ عن أسبقية عادت لتتكرر اليوم مع وقوف (سوريا الأسد) وحيدة مقابل إجماع عربى عريض. وفى الحرب الأهلية فى الجزائر، أوائل التسعينيات، لم يُخف النظام السورى تعاطفه مع شقيقه النظام العسكرى و(التقدمي) الذى عطل الانتخابات، حائلا دون السيطرة ل(جبهة الإنقاذ) وباقى قوى الإسلام السياسى المسلحة. وهنا أيضا عناصر شبه لا تخطئها العين». ويرى طارق الحميد رئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط»، أن الحملة الدعائية الأسدية الساعية، ترسخ فكرة أن بديل الأسد هو «القاعدة» والإسلاميون فى واشنطن، التى باتت تأتى أكلها؛ ليس بسبب مصداقيتها، بل لأنها وافقت هوى لدى الإدارة الأمريكية الباحثة عن أعذار لتبرير عدم تدخلها، رغم تجاوز الأسد الخطوط الحمراء التى وضعها أوباما، وهى عدم استخدام الأسلحة الكيمياوية التى استخدمها الأسد بالفعل، موضحا أن التردد الأمريكى يعقد الأمور أكثر فى سوريا، والمنطقة كلها؛ فكل ساعة تمضى مع تردد أوباما تعنى أن القادم أسوأ على المجتمع الدولى وسوريا والسوريين. وما يفعله الرئيس أوباما يوجب القول لعقلاء المنطقة إن عليهم أن يتذكروا دائما، وكلما سمعوا الإدارة الأمريكية الحالية تردد عبارات الصداقة والتحالف؛ المثل الأميركى الشهير: «مع أصدقاء مثل هؤلاء.. مَن بحاجة إلى أعداء؟!».