بقلم: د.هاني شادي تعليقا على قمة الرئيسين الروسي والأميركي فلاديمير بوتين وجورج بوش في مزرعة الأخير، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن الرئيس الروسي باغت نظيره الأميركي بمقترحه المتعلق باستعداد روسيا لتوسيع دائرة البلدان التي تشارك في التصدي للمخاطر العالمية، وبأن مجلس "روسيا - الناتو" يعتبر ميدانا نموذجيا لمثل هذا التعاون، وباقتراح إنشاء مركزين لتبادل المعلومات حول عمليات إطلاق الصواريخ يقع أحدهما في روسيا والآخر في إحدى العواصم الأوروبية وتحديدا في بروكسل. كما أن بوتين جدد مقترحه الخاص بالاستخدام المشترك لمحطة الرادار التي تستأجرها روسيا في منطقة غابالا الأذربيجانية لأغراض منظومة الدفاعات المضادة للصواريخ، مؤكدا في الوقت ذاته استعداد روسيا لتحديث هذه المحطة. كما لم يستبعد الرئيس الروسي احتمال استخدام محطة الرادار الجديدة التي يجري تشييدها في ارمافير بجنوبروسيا في التعاون مع الولاياتالمتحدة في مجال الدفاعات المضادة للصواريخ. ونقلت "واشنطن بوست" عن الرئيس بوتين قوله إن الجانب الروسي سيبني محطة رادار حديثة جدا في جنوبروسيا إذا كان من غير الممكن تحديث رادار غابالا والوصول به إلى المستوى المطلوب. وذكرت أن الرئيس بوتين اقترح وضع المنظومة تحت إشراف مجلس "روسيا - الناتو" لتكون بذلك درعا صاروخيا أوروبيا. وردا على هذه المقترحات المباغتة من بوتين، اكتفى بوش بوصف هذه المقترحات بأنها بناءة جدا وشجاعة. أما مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي ستيفن هيدلي فقد رأى في هذه المقترحات تحركا مثيرا للاهتمام وتقدما حقيقيا في الموقف الروسي من الدفاع المضاد للصواريخ. وفي موسكو ذكرت وسائل الإعلام الروسية أن مصدرا في الوفد الروسي الذي شارك في المحادثات بين الرئيسين الروسي والأميركي أعلن أن مبادرات الرئيس بوتين بشأن الدفاعات المضادة للصواريخ ستنفذ فقط في حال تخلي الولاياتالمتحدة عن خططها الخاصة بنشر درعها الصاروخي في أوروبا الشرقية. وقال هذا المصدر الروسي الذي لم تكشف عنه وسائل الإعلام الروسية بهذا الشأن: "تحمل المقترحات الروسية طابعا تاريخيا لأنها تتعلق بإنشاء منظومة مشتركة للدفاعات المضادة للصواريخ، وتحديد التهديدات بشكل مشترك والتصدي لها بفعالية". وأضاف هذا المصدر أن الوصول المشترك للمعلومات لا بد وأن يؤدي إلى تبادل التكنولوجيات المتعلقة بالدفاع الصاروخي. وتعليقا على نتائج قمة بوتين وبوش غير الرسمية، يرى الخبير الروسي دميتري اورلوف أنه لا يمكن خلال هذه المحادثات التوصل إلى إيجاد حل لمسألة تتعلق بإنشاء منظومة صاروخية دفاعية أو تقرير مصير إقليم كوسوفو. ويؤكد أورلوف أن بوتين لم يقدم على خطوة من شأنها إرضاء الولاياتالمتحدة، وبالتالي لم يتم التوصل إلى أي اتفاق عملي باستثناء إبرام اتفاقية تعاون في مجال الطاقة النووية بالأحرف الأولى. أما بالنسبة لاتفاقية الحد من انتشار الأسلحة التقليدية في أوروبا والتي هددت روسيا بالانسحاب منها ما لم تصادق عليها دول الناتو، فيرى الخبير الروسي أنه بات معلوما أن القيادة الروسية ستتخذ قرارها بشأن الانسحاب المؤقت منها في ضوء تقييم نتائج المحادثات الأخيرة بين بوتين وبوش. ويعتقد محللون روس آخرون أن مقترحات بوتين تأتي كمحاولة لأخذ زمام المبادرة السياسية في ما يتعلق بالعلاقات مع الولاياتالمتحدة. ويذكر هؤلاء المحللون أن طرح هذه المقترحات لا يعني أن الولاياتالمتحدة ستتخلى مباشرة عن خططها بنشر درعها في أوروبا الشرقية حيث سيحتاج الأمر إلى المزيد من المباحثات على مستوى خبراء البلدين. ويخشى البعض في روسيا من تجاهل واشنطن لمقترحات بوتين الجديدة بشأن التعاون في مجال الدفاعات الصاروخية وتكتفي فقط بفوز الرئيس الروسي دون سواه بصيد الأسماك الأميركية.