بقلم: د.هاني شادي على مقربة من موسكو وفي العاصمة اللاتفية ريغا ُافتتحت في الثامن والعشرين من الشهر الجاري قمة رؤساء دول وحكومات ستة وعشرين بلدا عضوا بحلف شمال الأطلسي. وبالرغم من أن الأمين العام للناتو ياب دي هوب شيفر أعلن عشية هذه القمة أنها لن تكون قمة مواصلة توسيع الحلف ، إلا أن موسكو لا تزال تشعر بالقلق من احتمالات ضم جورجيا وأوكرانيا وربما مولدوفا مستقبلا إلى صفوف الناتو. وكان أكثر من مسئول رسمي روسي أعلن صراحة أن انضمام هذه الدول إلى الحلف سيعني تغيير الوضع الجيوسياسي حول روسيا وسيهدد أمنها القومي. وبالرغم من أن هذه القمة لم تناقش عمليا ضم أعضاء جدد ، إلا أن المشاركين فيها أكدوا على سياسة الأبواب المفتوحة التي يمارسها الناتو، ووجهوا إشارات إيجابية إلى بلدان غرب البلقان وكذلك الدول التي لدى الناتو معها حوار مكثف مثل أوكرانيا وجورجيا. وتقول بعض المصادر الروسية أنه بفضل الضغوط الفرنسية والإسبانية والألمانية تراجعت واشنطن هذه المرة عن جعل قمة ريغا مرحلة جديدة من مراحل توسع حلف الناتو في أوروبا الشرقية نحو الحدود الروسية . وهذا دفع حسب هذه المصادر الرئيس الأميركي جورج بوش لإعداد مبادرة أطلق عليها " الشراكة الكونية " تدعو إلى تكثيف التعاون بين الحلف والبلدان الأخرى غير الأوروبية . ويؤكد الجنرال قسطنطين توتسكي، مندوب روسيا الدائم لدى الناتو، اهتمام روسيا بمقررات قمة ريغا خاصة أن الحلف بصدد توسيع مجال عمله وزيادة مهامه. ويقول إنه من حق الدول ذات السيادة الانضمام إلى أي حلف أو تكتل ومن حق الناتو قبول عضوية أي دولة، ولكن روسيا تطلب من الناتو أن يأخذ في الاعتبار قلقها بشأن انضمام الجمهوريات السوفيتية السابقة، خصوصا جورجيا، إلى الحلف لأن روسيا ليست واثقة من أن القيادة الجورجية لن تحاول حل مشكلاتها مع أقاليم أعلنت الانفصال عنها باستخدام القوة . الأمر الذي سيؤدي في رأيه إلى اندلاع حروب عند الحدود الروسية. ويرى بعض المراقبين الروس أن روسيا تحاول إقامة علاقات طبيعية مع الناتو، غير أن الحلف هز هذه العلاقات عندما قرر قصف يوغسلافيا في عام 1999 والتوسع بشكل كبير نحو الحدود الروسية . ومع ذلك يشير الجنرال قسطنطين توتسكي، مندوب روسيا الدائم لدى الحلف إلى أن موسكو تتمنى نجاح الناتو في مهمته في أفغانستان، مؤكدا استعداد القيادة الروسية لمساعدة الحلف على تحقيق هذه المهمة بكل الطرق ، ولكن دون إرسال الجنود الروس إلى الأراضي الأفغانية . ومن المعروف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبعد أحداث سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة بارك الحرب الأميركية ضد طالبان ، ووافق على استخدام القوات الأميركية لأراضي دول آسيا الوسطى السوفيتية السابقة لإنجاز مهمتها في أفغانستان . ويرى بعض الروس المنتقدين بشدة لتوسع الناتو أن أحد الأسباب الرئيسية لهذا التوسع يتمثل في غياب رؤية إستراتيجية واضحة لدى موسكو ترغم الحلف على وقف الانتشار حول روسيا ومحاصرتها عمليا من جميع الاتجاهات.