مأساة حقيقية تضاف إلى جملة المآسى التى يعانيها المصريون فى حياتهم، ولكن المأساة التى بين أيدينا الآن هى مأساة تسبب أحزانا عميقة للأسر بسبب فقدان عزيز عليهم، وتتلخص فى حوادث الطرق التى وصلت إلى معدل مخيف طبقا للإحصائيات الرسمية الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، والتى جاء فيها أن حوادث الطرق تشهد زيادة ملحوظة فى مصر، فأتت ضمن أكثر الدول فى حوادث المرور والطرق؛ فقد أكدت الإحصائية الخاصة بعام 2012 وقوع أكثر من 65 ألف حادثة مرور نتج عنها 15800 حالة وفاة و71 ألف مصاب. وتتعدد الأسباب ومعظمها معروف للجميع، إلا أن من بين المتسببين فى هذه المآسى بل من أهمهم، مكاتب تأجير السيارات التى أصبحت بلا مبالغة مكاتب تأجير الموت! وذلك بسبب أن كثيرا من الحوادث تقع بسبب السيارات المؤجرة والتى يتعمد فيها أصحاب مكاتب التأجير على أن تكون السيارة معدة خير إعداد لتحمل حادثة رهيبة! رغم أنه كلام مثير للدهشة، فإنها حقيقة مفجعة رصدتها «الشعب» من بين كثير من الكوارث التى بات المصريون يعايشونها حتى ألفوها. المصيبة هى أن مكاتب تأجير السيارات تخل عمدا بوسائل الأمان والسلامة المتعارف عليها والمشترطة فى السيارات؛ حتى يتعرض مؤجرها لحادثة، ومن ثم يجدد السيارة بالكامل على نفقته! وخاصة أن المكتب جعله يوقع و«يبصم» على إيصال أمانة «على بياض». وفى ذلك الشأن التقت الشعب بعض أصحاب مكاتب تأجير السيارات؛ فقد أكد محمد منير، صاحب وشريك مكتب لإيجار السيارات، أنه بالنسبة إلى مكاتب تأجير السيارات فهناك الكثير من أصحاب النفوس الضعيفة والضمائر الميتة الذين يمارسون النصب على الناس عن طريق عدم صيانة السيارات التى يؤجرونها أملا فى أن يتعرض العميل لحادثة، فيجدد السيارة على حسابه، وهذا نصب وجبروت. ففى أحيان كثيرة تكون الحوادث مفجعة تسبب وفاة مستأجر السيارة، ورغم ذلك فإن أصحاب هذه السيارات لا يتورعون عن مطالبة أهل المتوفى بتعويض عن السيارة أو تصليحها، مستندين إلى القانون الذى يوجب على أهل المتوفى الوفاء بديونه المكتوبة وخاصة إيصال الأمانة! وأشار حنفى عنتر، ميكانيكى، إلى أنه يعرف كثيرا من هذا النوع من أصحاب مكاتب التأجير الذين يركزون على تسليم السيارة للعميل فى حالة سيئة، وخاصة العميل المستعجل؛ إذ يتصادف أحيانا أن شخصا ما لديه أمر ضرورى وعاجل، فلا يتمكن من الاطمئنان على سلامة السيارة، مما يسبب له مشكلات على الطريق وأحيانا حوادث. ويضيف «حنفى» معظم هؤلاء يركبون إطارات متهالكة للسيارات على أمل وقوع حادثة للمستأجر. «حسبى الله ونعم الوكيل فى هؤلاء الظالمين».. بهذه الكلمات بدأ «وائل مسعد» حديثه واصفا مكاتب التأجير بأنها مكاتب نصب؛ فيقول: كنت فى ظروف حرجة فقد توفى عمى بالمنيا ولم يكن معى سيارة فى ذلك الوقت، فاستأجرت سيارة من مكتب بحدائق الزيتون، ولضيق الوقت استلمت السيارة بسرعة، ومضيت فى طريقى لأتعرض لحادثة مؤلمة؛ وفوجئت بعد الكشف الفنى أن السيارة لم تكن صالحة للسير؛ فقد كانت تحتاج إلى صيانة شاملة. ويضيف: وقع الحادث فى طريق الكريمات الجديد التابع للقوات المسلحة، وعلى الرغم من ذلك فلم يتم الإفراج عن السيارة إلا بعد دفع مبلغ 2000 جنيه لصالح القوات المسلحة مقابل تلفيات طريق. ورغم أن السيارة كانت فى التأمين فإن مكتب التأجير اتفق مع مندوب التأمين على عدم تغطية مصاريف إصلاح السيارة بدعوى أن صاحبها لم يدفع رسوم التأمين لمدة شهرين. وتكلف إصلاح السيارة أكثر من 21000 جنيه؛ إذ تم تجديدها بالكامل، وكان أصحاب المكتب يرواغوننى ويبتزوننى مستغلين إيصال الأمانة الذى وقّعت عليه عند استلام السيارة. وأضاف «مسعد» أن هناك تنسيقا بين المباحث ومكاتب التأجير؛ فقد أعطاه المكتب محضر فقد رخصة السيارة. والمثير للدهشة أنه بعد وقوع الحادث رفض قائد طريق حلوان – الكريمات تسليم السيارة إلا بعد إحضار الرخصة الخاصة بها، وفورا ظهرت الرخصة التى كان مثبتا بالمحضر أنها مفقودة!