أكد الأمين العام لحزب الله أن النصر الذي حققته المقاومة في العدوان الذي شنه الاحتلال الصهيوني على لبنان في يوليو العام الماضي أدى إلى تدمير مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي بشرت به وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس في بداية العدوان. وقال حسن نصر الله - في خطاب نقل على شاشة عملاقة أمام حشد في بلدة بنت جبيل في الجنوب اللبناني بمناسبة الذكرى الأولى للعدوان مساء أمس – إنه لا شرق أوسط جديدا بعد 14 أغسطس 2006 ذهب مع الريح ورايس بلعت لسانها وإلى الأبد وانهار الشرق الأوسط أمام مجاهديكم. وأعاد زعيم حزب الله تصريح رايس التي قالت خلال الحرب : إننا نشهد مخاض الشرق الأوسط الجديد لا مكان فيه للمقاومة والممانعة بل هناك دويلات طائفية ممزقة متقاتلة يلجأ كل منها إلى أمريكا و"إسرائيل" لتكون حامية لها. واعتبر نصر الله أنه كان هناك تبن دولي وغطاء عربي للحرب على لبنان. وجدد تأكيده عدم إطلاق سراح جنديين صهيونيين أسرهما الحزب سوى من خلال مفاوضات غير مباشرة من أجل ضمان إنجاز عملية تبادل بين الجانبين. وكان مقاتلو حزب الله أسروا جنديين صهيونيين خلال هجوم على الحدود يوم 12 يوليو العام الماضي اتخذته تل أبيب ذريعة لشن حرب على لبنان استمرت 33 يوما. وهاجم الأمين العام لحزب الله بشدة الأغلبية النيابية الحاكمة في لبنان واعتبر أن من أهداف حرب الصيف الماضي التي شنتها دولة الاحتلال تمكين طرف لبناني من السيطرة على طرف آخر. كما اعتبر أن الهدف الثاني للاحتلال كان التوصل إلى اتفاقات أمنية كحد أدنى مع هذه الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة التي كانوا يفترضون أنها ستسيطر على لبنان وإلى اتفاقات سياسية كحد أقصى. وقال زعيم حزب الله إن الحكومة فقدت ثقة أغلبية اللبنانيين بعد الحرب بفعل أدائها وابتعادها عن الشراكة الوطنية ففقدت شرعيتها ودستوريتها. واتهم نصر الله فريق الأغلبية بالتنسيق مع واشنطن وتل أبيب قائلا إن هذا الفريق الحاكم كان يتوقع له الصهيوني والأمريكي أن يقف عندكم في مثل هذه الأيام ليعلن ما يعلن فخرج مليون لبناني وبعد عشرة أيام مليون ونصف ليقولوا لهذا الفريق عليكم الرحيل أنتم حكومة فاشلة نريد حكومة شراكة ووحدة وطنية حقيقية. ونفى الأمين العام لحزب الله بشدة أنه تحدث يوما عن استبدال اتفاق الطائف الذي أبرم عام 1989 وأنهى الحرب الأهلية في البلاد واصفا هذا الاتهام بأنه كذب وافتراء. كما أكد أن طموحه هو مشاركة اللبنانيين بكافة طوائفهم معا في حكم بلدهم مشددا على ضرورة الوحدة الوطنية الحقيقية وليس سيطرة فريق على الثاني. ووجه أمين حزب الله رسالة للعدو الصهيوني قال فيها إن انتصار المقاومة دوما على ذلك العدوان رغم ما أحدثه من دمار. وأكد مجددا أن حزبه يملك حاليا صواريخ قادرة على قصف أي مكان بالأراضي الفلسطينية قائلا : أنا حسن نصر الله أقول لمجلس الأمن أن يأخذ تصريحا مني نحن نملك وسنبقى نملك صواريخ تقصف أي مكان في فلسطينالمحتلة إن اعتدت دولة الاحتلال على لبنان. وفي سياق تحركاته لحل الأزمة اللبنانية حذر وزير الخارجية الفرنسي من وقوع حرب في لبنان إذا أخفقت القوى السياسية فيه في إقامة حوار ناجح. وقال برنار كوشنر إنّ كثيرا من العوائق ما زالت قائمة في طريق حل الأزمة اللبنانية مؤكدا أن باريس ستواصل مسعاها للتقريب بين اللبنانيين رغم اعترافه بأنه لا يملك حلا سحريا. وأجرى الوزير الفرنسي الجمعة والسبت محادثات مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي وقادة القوى اللبنانية الأخرى وفؤاد السنيورة. وقالت مصادر سياسية إن محاولة كوشنر الاجتماع بكل الفرقاء اللبنانيين في لقاء واحد –ربما بالسفارة الفرنسية- يبدو أمرا بعيد المنال بالنظر إلى حجم الخلافات بعد أسبوعين من لقاء سان كلو الذي قالت باريس إنه كسر الجليد. وأوضح كوشنر أن المحادثات يمكن أن تتواصل بعد انتخابات الخامس من الشهر القادم الفرعية لانتخاب بديلين عن نائبين من تحالف السنيورة اغتيلا. وينتقل الوزير الفرنسي اليوم إلى القاهرة ليحمل نتائج لقاءاته إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الذي فشل هو الآخر الشهر الماضي في تقريب وجهات نظر الفرقاء. ويأتي ذلك في إطار الاتفاق بين الجامعة وفرنسا على التعاون في جهود الوساطة الفرنسية بين اللبنانيين على الرغم من معارضة الجامعة العربية في البداية لتلك الوساطة الفرنسية باعتبارها تدخلاً خارجيًّا في القضايا العربية. ومن المفترض أن يواصل كوشنير جولاته السياسية في لبنان بعد 5 أغسطس القادم وهو الموعد المحدد لإجراء الانتخابات التشريعية التكميلية في كلٍّ من المتن الشمالي وبيروت لملء المقعدَين اللذَين خلَيا بوفاة كلٍّ من وزير الصناعة بيير الجميل في المتن الشمالي ووليد عيدو القيادي في تيار المستقبل الذي يقود الأغلبية البرلمانية بعد أن قُتِل كلاهما في عمليتي اغتيال مفصلتين. وقد أدت تلك الانتخابات إلى حالة جديدة من التوتر السياسي بين الأغلبية والمعارضة، إلا أنها اقتصرت فقط على الساحة المسيحية؛ حيث بدأت التجاذبات السياسية بين القطبين المسيحيين، وهما العماد ميشيل عون زعيم التيار الوطني الحر المعارض والرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل أبرز مؤيدي الأغلبية، وهي التجاذبات التي كانت قائمةً من قبل على زعامة الساحة المسيحية ووجدت في الانتخابات التشريعية التكميلية متنفسًا لها؛ حيث سيقدم التيار الوطني الحر مرشحًا بينما سيدخل الجميل نفسه الانتخابات بدلاً من ابنه القتيل. وأطلق أمين الجميل حملةَ انتقادات حادَّة ضد ميشيل عون اتهمه فيها بالمسئولية عن حالة الشلل السياسي الذي تعانيه البلاد وهو ما ردَّ عليه عون بالقول: إننا مستمرون في المعركة وعلى الرئيس أمين الجميل التوقف عن مهاجمة العماد عون. وانتقد عون- في كلمةٍ عصر أمس في منزله في الرابية أمام وفد شعبي من مناطق الجديدة والبوشرية وسد البوشرية- إصرار قوى الأغلبية بما فيها الجميل على إجراء الانتخابات على الرغم من معارضة الرئيس اللبناني أميل لحود لكنه أوضح أنه طالما أصبحت الانتخابات أمرًا واقعًا فإنه يجب المشاركة فيها من أجل إسقاط مخططات الأغلبية. وقال عون إن المتن الشمالي سيكسر التعسُّف الحكومي وستسقط الحكومة اللا شرعية وسَيُقْهَر المال السياسي وسيكون الموقع الرائد في تحرير لبنان من الأمراض المتبقية في المجتمع اللبناني.