في أعقاب رفعه مذكرة بابوية لرئيس الدولة تستنكر اعتداءً على أقباط أثناء إقامتهم الصلاة في منزل أحدهم، قرر البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية تشكيل لجنة مجمعية تابعة للمجمع المقدس الذي يضم الأساقفة والمطارنة ويرأسه البابا نفسه، لتتولى شؤون المشاركة الوطنية للأقباط، ودفعهم للخروج من عزلتهم السياسية والمشاركة بشكل أوسع في الحياة العامة، من خلال ندوات ومؤتمرات للتثقيف السياسي. وتضع اللجنة الخطوط العريضة لعملها مستقبلاً في اجتماعاها التأسيسي الاثنين المقبل، برئاسة الأنبا موسى أسقف الشباب والأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة والأنبا بيمن أسقف قوص، ومن المقرر أن يحاضر في الاجتماع المفكر طارق حجي. وطالب برلمانيون وحقوقيون مسلمون وأقباط سرعة إقرار اقتراح بمشروع قانون كان قد تقدم به النائب بالحزب الوطني الديمقراطي محمد جويلي، لتوحيد شروط البناء والترميم للمساجد والكنائس، معتبرين أن تقييد بناء الكنائس وترميمها من أكثر الأسباب التي أدت لاحتقان طائفي بين أبناء الديانتين، بينما قال مصدر بمجلس الوزراء إن إجراءات إصدار قانون جديد تتطلب الكثير من الإجراءات. وطالب البابا شنودة في مذكرة لرئيس الدولة باتخاذ إجراءات لحماية الأقباط من الاعتداءات التي يتعرضون لها، قائلاً إنه يجب ألا يتم التعامل معها كأحداث فردية، مشدداً على ضرورة تفعيل مواد الدستور الذي يضمن حرية العقيدة والمساواة وحماية الوحدة الوطنية وحقوق المواطنة، وحذر فيها من تكرار ما وصفه بالمأساة (الاعتداء على الأقباط) في حال انتهت (تلك المطالب) الواردة في مذكرته بالحفظ. وتدور المذكرة حول أحداث شغب وقعت بقرية بمها بمحافظة الجيزة يوم 11 من الشهر الجاري، بسبب احتجاج مواطنين مسلمين على صلاة لمسيحيين بالقرية داخل منزل أحد الأقباط، لتخوفهم (المسلمين) من تحول منزل القبطي لكنيسة، حيث استنكر البابا في مقالته الاعتداءات على الأقباط وقال إن صلاة الأقباط في أحد المنازل كان باتفاق مسبق مع رجال الأمن. والمذكرة التي رفعها البابا شنودة لرئيس الدولة ظهرت في البداية كمقال له بمجلة الكرازة، الصوت الرسمي للكنيسة، ثم نشرت يوم السبت الماضي على موقع البابا على الإنترنت كرسالة موجهة للأقباط، حتى تحولت أخيراً لمذكرة مرفوعة لرئيس الدولة، وأشار البابا فيها إلى اعتداءات قرية بمها، قائلاً إنها بدأت تثير جروحا ربما يظن البعض أنها اندملت، لأحداث مماثلة وقعت في السابق. وأضاف قائلاً في مذكرته لرئيس الدولة: تذكر الجميع أنه في كل الأحداث السابقة (بين المسلمين والأقباط) لم تكن هناك عقوبة رادعة حتى في حوادث القتل، وكثير منها كان ينتهي بعمل مصالحة والضغط على الأقباط حتى يتنازلوا عن شكواهم وينتهي الأمر، ثم يعود فيتكرر دون علاج ودون وقاية. وجاء في المذكرة أيضاً قوله إن عنصر الرعب والفزع (في القرية) بقي كما هو، والحديث عن المصالحات كان مجرد غطاء لخطورة الأحداث. وكان المجلس القومي لحقوق الإنسان قال في تقريره السنوي الأخير إنه تلقى شكاوى عديدة من مواطنين مسيحيين خلال العامين الماضيين يدور معظمها عن تعسف سلطات الإدارة المحلية في بناء الكنائس أو ترميمها. وحث حقوقيون مجلس الشعب الشهر الماضي على إصدار قانون دور العبادة الموحد بما يسهم في التخلص من أسباب الاحتقان الطائفي. وقال الباحث سمير مرقس إن أحداث قرية بمها لم تكن على كنيسة بل على مشروع كنيسة، ولذلك فكل كنيسة جديدة بمثابة قنبلة موقوتة ربما تثير الفتن من جديد. ورفض المستشار نجيب جبرائيل رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان سياسة دخول الكنيسة في السياسة (العامة بالدولة)، قائلاً لا يوجد أحد قُدم إلى محاكمة في قضايا أحداث فتنة طائفية وأدين، وهذا ما يتسبب في تكرار الاعتداءات، وكان المستشار محمد جويلي رئيس لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب تقدم بمشروع القانون للبناء الموحد لدور العبادة، وأحيل للجنة الإسكان والمرافق بالبرلمان قبل نحو عامين، لكن دون أن يتم عرضه للمناقشة في جلسة عامة لإقراره، ويهدف المشروع، بحسب ما قاله جويلي، وهو نائب بالحزب الوطني الديمقراطي إلى وضع ضوابط محددة لبناء المساجد والكنائس بما يؤدي للقضاء على عملية البناء العشوائي لهما، وتوحيد جهة إصدار تراخيص البناء والترميم لكل منهما. وأرجعت النائبة بالبرلمان جورجيت قليني سبب الخلافات (التي تتطور أحياناً لاشتباكات بين مسلمين وأقباط)، إلى عدم صدور مشروع القانون قائلة إنها تضامنت مع اقتراح النائب جويلي،.. واكتشفتُ أنه معطل في لجنة الإسكان.. الاقتراح لن يرى النور إلا إذا قدمته الحكومة. وقال الدكتورعبد الاحد جمال الدين إن مشروع القانون لم يعرض على الحزب، وأن هذا لا يتنافى مع احترامنا للمستشار جويلي، وعليه أن يصر على مشروعه حتى يعرض للمناقشة في البرلمان. لكن الدكتورة زينب رضوان وكيلة مجلس الشعب أرجعت سبب تأخر إقرار مشروع قانون البناء الموحد في البرلمان إلى ازدحام جدول أعماله بقضايا منها تعديلات دستورية استقطعت عدة جلسات وتعديلات في قوانين أقرها البرلمان بجلساته الأخيرة ما حال دون عرض مشروعات قوانين مثل البناء الموحد لدور العبادة. بينما قال مصدر بمجلس الوزراء إن إصدار قانون جديد ، مقدم من الحكومة، أو من نائب بالبرلمان، يتطلب الكثير من الإجراءات.