الصحة: ترشيح 8 آلاف و481 عضو مهن طبية للدراسات العليا بالجامعات    دليلك الكامل للالتحاق ب مدارس التمريض 2024.. شروط التسجيل والأوراق المطلوبة والمزايا    ذبح 360 أضحية للمواطنين ب«المجان» بمجازر كفر الشيخ    بيت الزكاة والصدقات يستعد لتوزيع 300 طن لحوم على المستحقين غدا    «ري كفر الشيخ»: متابعة مناسيب المياه بالترع والمصارف على مدار الساعة    إنجاز جديد.. طلاب حاسبات القاهرة يفوزون بمسابقة تكنولوجية في الصين    الحكومة بغزة: نطالب بإفراج الاحتلال عن 310 من الكوادر الطبية    خبير عسكري روسي: موسكو تخطط لاستهداف سفن الأعداء بالأسلحة النووية    تل أبيب: في حالة حرب شاملة سيتم تدمير حزب الله    البرتغال ضد التشيك.. رونالدو يقود برازيل أوروبا بالتشكيل الرسمى فى يورو 2024    أخبار الأهلي: التعادل السلبي يحسم الشوط الأول من مباراة الأهلي والاتحاد السكندري    عاجل.. إيقاف قيد الزمالك رسميا    محافظ الدقهلية يحيل 188 محضرا بمخالفات التموين والرقابة على الأسواق للنيابة العامة    شؤون الحرمين تعلن نجاح خطتها التشغيلية لموسم حج 2024    أكرم حسني يوجه الشكر لتركي آل الشيخ بعد دعوته لحضور "ولاد رزق 3" في الرياض    نوستالجيا 90/80 عرض كامل العدد على مسرح السامر من إخراج تامر عبدالمنعم    دار الإفتاء عن حكم التعجل في رمي الجمرات خلال يومين: جائز شرعا    لسهرة مميزة في العيد، حلويات سريعة التحضير قدميها لأسرتك    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج إنتاج وتكنولوجيا القطن بزراعة سابا باشا جامعة الإسكندرية    مطران مطاي يهنئ رئيس مدينة سمالوط بعيد الأضحى    زراعة 609 آلاف شجرة بالطرق العامة والرئيسية بالشرقية خلال الأيام الماضية    عودة الاقتصاد المصرى إلى مسار أكثر استقرارا فى عدد اليوم السابع غدا    غارة إسرائيلية بصاروخين "جو - أرض" تستهدف بلدة عيتا الشعب جنوبي لبنان    سامح حسين عن مسرحية عامل قلق : أعلى إيرادات إفتتاحية فى تاريخ مسرح الدولة    «دعم اجتماعي ومبادرات خيرية» كيف غيّرت قصة بائع غزل البنات من حياته؟    تنسيق الجامعات 2024.. قائمة المعاهد الخاصة العليا للهندسة المعتمدة    أخبار الأهلي : تصنيف "فيفا" الجديد ل منتخب مصر يفاجئ حسام حسن    لمتبعي الريجيم.. ما الحد المسموح به لتناول اللحوم يوميًا؟    إسماعيل فرغلي يكشف عن تفاصيل إصابته بالسرطان    خروجة عيد الأضحى.. المتحف المصري بالقاهرة يواصل استقبال زواره    الجارديان: حل مجلس الحرب سيدفع نتنياهو لمواجهة الفشل وحده    "تخاذل من التحكيم".. نبيل الحلفاوي يعلق على أزمة ركلة جزاء الزمالك أمام المصري    جدول مباريات ريال مدريد بالكامل فى الدورى الإسبانى 2024-2025    مصرع 13 شخصا بسبب الفيضانات فى السلفادور وجواتيمالا    «البيئة» توضح تفاصيل العثور على حوت نافق بالساحل الشمالي    «الصحة» تقدم نصائح لتجنب زيادة الوزن في عطلة عيد الأضحى    هل يؤاخذ الإنسان على الأفكار والهواجس السلبية التي تخطر بباله؟    مجدي يعقوب يشيد بمشروع التأمين الصحي الشامل ويوجه رسالة للرئيس السيسي    تفاصيل جديدة في واقعة وفاة الطيار المصري حسن عدس خلال رحلة للسعودية    شد الحبل وكراسى موسيقية وبالونات.. مراكز شباب الأقصر تبهج الأطفال فى العيد.. صور    الجثمان مفقود.. غرق شاب في مياه البحر بالكيلو 21 بالإسكندرية    تنسيق الأزهر 2025.. ما هي الكليات التي يتطلب الالتحاق بها عقد اختبارات قدرات؟    خبير سياحي: الدولة وفرت الخدمات بالمحميات الطبيعية استعدادا لاستقبال الزوار    في ثالث أيام عيد الأضحى.. المجازر الحكومية بالمنيا تواصل ذبح أضاحي الأهالي بالمجان    الصحة: فحص 14 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى.. «اللهم إياك أرجو ولك أدعو»    دار الإفتاء: ترك مخلفات الذبح في الشوارع حرام شرعًا    الاتحاد الأوروبي والصين يعقدان الحوار ال39 بشأن حقوق الإنسان والعلاقات المشتركة    بعثة الحج السياحي: إعادة 142 حاجًا تائهًا منذ بداية موسم الحج.. وحالة مفقودة    الحرس القديم سلاح البرتغال في يورو 2024    "سويلم" يوجه باتخاذ الإجراءات اللازمة للاطمئنان على حالة الري خلال عيد الأضحى    هل يجوز للزوجة المشاركة في ثمن الأضحية؟ دار الإفتاء تحسم الأمر    عبد الله غلوش: «إفيهات» الزعيم عادل إمام لا تفقد جاذبيتها رغم مرور الزمن    مدرب بلجيكا: لم نقصر ضد سلوفاكيا ولو سجلنا لاختلف الحديث تماما    تعرف على حكام مباراة الاتحاد والأهلي    العثور على جثة شخص بجوار حوض صرف صحى فى قنا    مصرع شخص وإصابة 5 فى حادث تصادم بالدقهلية    البطريرك يزور كاتدرائية السيّدة العذراء في مدينة ستراسبورغ – فرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المساعدات العسكرية.. وسياسة الاستهداف
نشر في الشعب يوم 02 - 06 - 2007


بقلم: د. بثينة شعبان
كيف يقرأ المواطن العربي خبر «إقامة واشنطن جسراً جوياً لإمداد الجيش اللبناني بالمساعدات» في الوقت الذي بذلت أقصى جهودها لتمديد أمد الحرب الإسرائيلية في الصيف الماضي على لبنان ومدت إسرائيل عبر جسر جوي بالقنابل العنقودية التي مازالت تقتل المزيد من المدنيين اللبنانيين؟ وكيف يقرأ المواطن العربي تقديم واشنطن مساعدات عسكرية لدعم حركة «تحرير» إقليم دارفور؟ هذا الى جانب الاحتلال العسكري الدموي الأمريكي للعراق الذي ذهب ضحيته مليون مدني عراقي، وتهجير أربعة ملايين آخرين!! وكيف يقرأ المواطن العربي خبر الاقتتال الفلسطيني في الوقت الذي تهدد إسرائيل باستكمال سياساتها المعلنة رسمياً في اغتيال وقتل وأسر وتفجير المئات من القادة والسياسيين والمثقّفين والإعلاميين مثل غسان كنفاني وكمال ناصر وكمال عدوان وسمير طوقان وخليل الوزير، والقائمة تطول لتضمّ خيرة المناضلين من أجل حريّة فلسطين وعروبتها. كيف يمكن للمواطن العربي اليوم أن يتحدّث عن الصراع العربي - الإسرائيلي في وقت نجحت كلٍّ من إسرائيل وحليفتها الاستراتيجية، الولايات المتحدة، في تنفيذ خريطة طريق لعدد من الصراعات الجديدة التي هي الأعقد والأدهى والأقسى، وهي كالنار الكامنة في الرماد تتلقى المزيد من وقود الفتنة الأمريكية الصنع لتشتعل بؤراً عدّة ولينشغل العرب بإخمادها، وهي تشتعل بفجائية وسرعة من مكان إلى آخر. ولكي أشارك القارئ في مسؤوليته بإدراك وربط وتحليل كلّ ما يجري، أؤكّد له أنّ فهْمَنَا لما يجري لا يتمّ من خلال الدخول بالتفاصيل بل من خلال جمع خيوط كلّ ما يجري في منطقتنا العربية للوصول إلى ما تمّ التخطيط له من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل وهما يستهدفان تدمير حياة وحريّة الشعب العربي في هذه المنطقة منذ عدّة أعوام. ومع أنّ الكثير قد نُشِرَ بهذا الصّدد، إلا أنّ دراسة استراتيجية أعدّتها مؤسسة الدراسات الاستراتيجية والسياسية عام 1996 بعنوان «الاختراق النظيف: استراتيجية جديدة للسيطرة على المنطقة» توضّح المدى الذي تشارك فيه الولايات المتحدة إسرائيل في حملة العداء والحروب والكراهية ضدّ العرب وارتباط هذه الاستراتيجية بالذي حصل والذي يحصل هذه الأيام من مآس وحروب للعرب على الأيدي الملطّخة بدماء ملايين العرب. شارك في إعداد هذه الدراسة مؤسسات بحثية عديدة مثل المؤسسة الأمريكية البحثية بقيادة ريتشارد بيرل، والمؤسسة اليهودية لمسائل الأمن الوطني بقيادة جيمس كولبيرت، وجامعة جون هوبكنز بقيادة تشارلز فيربانكز وعضوية ميراف ورمسر، ومؤسسة فيث بقيادة دوغلاس فيث، ومؤسسة الدراسات الاستراتيجية والسياسية بقيادة روبرت لوينبرغ وعضوية دافيد وريمسر، ومؤسسة واشنطن لدراسات الشرق الأدنى بقيادة جوناتان توروب. أي أنّ مئات الباحثين والمفكّرين قد شاركوا في وضع هذه الدراسة التي هي بمثابة الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة نحو الألفية. لقد وضعت هذه الاستراتيجية في أعقاب فشل إسرائيل في تحقيق عملية السلام بينها وبين العرب وفق شروطها. ومن الواضح وفق هذه الاستراتيجية أنّ إسرائيل رفضت مبدأ «السلام الشامل» واعتبرته «كارثة على أمن إسرائيل وهوية إسرائيل وسيادتها على عاصمتها»! ولذلك فإنّ واضعي الدراسة، المعروفين بشدّة كراهيتهم للعرب، قرروا إيجاد بدائل تضع حدّاً نهائياً لمبدأ «السلام الشامل» لتتحوّل السياسة الإسرائيلية، وبالطبع السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصراع العربي - الإسرائيلي، إلى مفهوم تقليدي للاستراتيجية يعتمد على «توازن القوى». ومن هذه البدائل تغيير طبيعة العلاقة مع الفلسطينيين بما فيها «الاحتفاظ بحقّ ملاحقتهم واستهدافهم». ومن البدائل أيضاً تغيير العلاقة مع الولايات المتحدة من بلد يعتمد على الولايات المتحدة إلى بلد شريك لها وندّ لها في مسائل الشرق الأوسط. كذلك تغيير التعامل مع العرب بحيث ترفض إسرائيل نهائياً مبدأ «الأرض مقابل السلام» وتتبنّى مبدأ «السلام مقابل السلام» أو «السلام من خلال القوّة».

ومن أجل تحقيق هذا الهدف، اعتبرت الدراسة العراق «عقبة حقيقية»، ولذلك اعتبرت التخلّص من "عراق قويّ" هدفاً استراتيجياً لإسرائيل بحدّ ذاته. وخطّطت للعمل مع بعض دول المنطقة للتخلّص من هذا «التهديد»، كما اعتبرت «التخلّص من المقاومة ومن الوجود السوري في لبنان» أمراً في غاية الأهمية أيضاً لحماية الجبهة الشمالية لإسرائيل. وتحدّثت الدراسة عن رغبة بعض العرب بتمديد نفوذهم واستعداد إسرائيل لتلبية رغباتهم بما يخدم أهدافها الاستراتيجية، وحتى أن بعض العرب قد قدموا لإسرائيل أفكاراً بهذا الصدد تخدم «توجّهاتهم المشتركة». وتهدف الدراسة في النتيجة إلى إيجاد بديل للحروب العربية الإسرائيلية من خلال خلق واقع جديد تكون فيه إسرائيل الضامن ليس لأمنها فقط، وإنما للمصلحة الأوروبية - الأمريكية في المنطقة. ولكن كيف لها أن تفعل هذا؟ تقول الدراسة: «يمكن لإسرائيل أن تفكّر بالقيام بجهد خاص "لمكافأة الأصدقاء" ودعم "حقوق الإنسان" بين العرب»!! وبيّنت الدراسة أنّ هناك «عرباً مستعدون للعمل مع إسرائيل»، والمطلوب: «تحديد هؤلاء العرب ومساعدتهم»!! ودعت الدراسة إسرائيل إلى أن تجد من جيرانها من لديهم مشاكل مع البعض الآخر ويرغبون «في التعاون معها ضدّ بعضهم البعض». وبيّنت الدراسة من خلال وضع التفاصيل لهذه الخطّة والعمل مع بعض العرب ضدّ البعض الآخر وتحويل الصراع في المنطقة بطريقة تخدم أمن إسرائيل ولا تجبرها على التخلّي عن أرض أو سيادة فإنه يمكن «لإسرائيل تحت هذه الظروف أن تحظى بتعاون أفضل مع الولايات المتحدة لمواجهة التهديدات الحقيقية للمنطقة ولأمن العالم الغربي.. وهذا لن يزيل الخطر عن وجود إسرائيل فقط ولكنّه سوف يوسّع دائرة الدّعم لإسرائيل حتى بين أعضاء الكونغرس، ويمكن أن يكون عاملاً مساعداً لنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس». وبهذا فإنّ إسرائيل ستتمكن ليس فقط من احتواء أعدائها، بل من تغيير هويتهم أيضاً ووجهتهم وموقفهم منها. وتخلُض الدراسة إلى القول: «إنّ بعض المثقّفين العرب قد كتبوا عن مفهومهم بهشاشة دولة إسرائيل وأنّ هذا أعطى صورة ضعيفة عن إسرائيل وشجّع التيار الذي يحلم بتدمير إسرائيل ولذلك فإنّ استراتيجية إسرائيل الجديدة تعتمد على التخلّي عن أسلوبها الماضي ووضع مبدأ "الإجراء الوقائي" بدلاً من "ردّة الفعل والانتقام". إنّ أجندة إسرائيل الاستراتيجية، وفق الدراسة، يمكن أن تعيد صياغة المناخ الإقليمي بطريقة تمنح إسرائيل مجالاً لتركيز طاقتها حيث توجد الحاجة الملحّة لهذه الطاقة: لإعادة تأكيد طابعها الصهيوني الذي يتحقّق من خلال استبدال الأسس الحالية لإسرائيل بأسس أكثر صلابة وتجذّراً وتتغلّب على حالة "الإنهاك" التي تهدّد وجود وبقاء إسرائيل».

وبالنتيجة فإنّ إسرائيل يمكن أن تفعل أكثر من إدارة الصراع العربي - الإسرائيلي من خلال الحرب. إذ لا يمكن لأية كمية من الأسلحة أو الانتصارات أن تمنح إسرائيل السلام الذي تسعى إليه. ولذلك فإنّ إسرائيل لن تدير الصراع العربي - الإسرائيلي وحسب، بل ستغيّر وجهة هذا الصراع وماهيّته. وضعت الدراسة هدفاً آخر: «على إسرائيل إعادة إحياء قيادتها الفكرية والأخلاقية وهذا أهمّ عامل في تاريخ الشرق الأوسط.. إسرائيل الفخورة الغنيّة والمتينة والقويّة ستكون الأساس لشرق أوسط جديد وآمن» وكما هو معروف فإنّ مراكز الأبحاث في واشنطن تضع الهدف الاستراتيجي، ومن ثمّ تضع الخطوات التفصيلية لأجهزتها التنفيذية من إدارة وجيش ومخابرات ووزارة خارجية وكونغرس من أجل تحقيق هذا الهدف. ومن هنا فإنّ هذه الدراسة قد وضعت الهدف الاستراتيجي المشترك لإسرائيل والولايات المتحدة في إغراق العرب بالحروب الدموية وفي الفتن المتتالية، ومن ثمّ وضعت الخطط للخطوات التنفيذية والأدوات المحلية والخارجية التي تضمن الوصول إلى ذلك الهدف، وضمن هذه الخطوات التنفيذية تأتي «الحرب على الإرهاب» ووصف كلّ مقاومة عربية للاحتلال الإسرائيلي بالإرهاب وبالتالي تبرير كلّ الانتهاكات والمجازر والتّعذيب. ويأتي في هذا السياق أيضاً الحرب على العراق، ومسلسل الاغتيالات في لبنان، والشرخ بين الأخوة الجاثمين جميعاً تحت احتلال بغيض في فلسطين، والتدخّل بشؤون الصومال، والسودان، والحملة المسعورة على سورية، كلّ هذا يهدف في النتيجة إلى خلق شرق أوسط جديد ينشغل به العرب والمسلمون بحروب طائفية وإقليمية لتحصد إسرائيل نتائجها بأن تكون خلال العقدين القادمين «القوّة الوحيدة المهيمنة والمسيطرة في الشرق الأوسط». ليس هذا حديثاً عن مؤامرة، بل هو إيضاح لاستراتيجية مكتوبة، ومنشورة، ومعتمدة كأساس للعمل ضدّ العرب وبلدانهم. إنّ كلّ ما نقرأه من أخبار وتحليلات يغوص في تفسير وقراءة وفهم سياسات وأحداث يدبرُها أعداء هذه الأمّة وفق الهدف الاستراتيجي المشترك، دون أن ينشغل الحريصون عليها بتجميع أفكارهم وقواهم لوضع استراتيجيتهم البديلة، وضمان عدم تنفيذ استراتيجية أعدائهم التي تستهدف بالنتيجة وجودهم ومصيرهم كلّهم ومستقبل أوطانهم جميعاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.