أدى تدهور الوضع الإنساني في مخيم نهر البارد بلبنان نتيجة أعمال القصف والاشتباكات بين الجيش اللبناني وجماعة فتح الإسلام إلى فرارَ آلاف اللاجئين الفلسطينيين من المخيم . فقد غادر الآلاف من الرجال والنساء والأطفال المخيم بالسيارات وسيرًا على الأقدام؛ حيث ذهبوا إلى مخيم البداوي المجاور. وقال مسئول فلسطيني في البداوي إنه تمت استضافة الفارِّين في مدارس المخيم، مشيرًا إلى أنها لن تتسع لهذه الأعداد الكبيرة، كما وصل مئات الفلسطينيين أيضًا إلى طرابلس- كبرى مدن الشمال- التي شهدت أمس معركةً بين القوى الأمنية اللبنانية ومسلَّح يعتقد أنَّه من جماعة "فتح الإسلام" تحصَّن بمبنى في المدينة، ثم فجَّر نفسه. كما قُتل أمس أيضًا مدنيَّان فلسطينيَّان حين استُهدفت قافلةُ مساعداتٍ برصاصٍ مجهول المصدر لدى دخولها مخيم نهر البارد. وقالت المتحدثة باسم وكالة الأممالمتحدة لغوث وتنشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) هدى سمراء إنَّ إحدى قوافل الإغاثة تمكَّنت من توزيع مواد غذائية وأدوية مؤكدةً أن المنظمة ستحاول تأمين مزيد من المساعدات اليوم الأربعاء كذلك نجحت سيارتا إسعاف للهلال الأحمر في إجلاء ثمانية أطفال وثلاث نسوة حوامل من المخيم. وفي الملف الإنساني أيضًا طالب منسق المساعدة الإنسانية بالأممالمتحدة جون هولمز بتأمين طريقة للوصول إلى اللاجئين الفلسطينيين. وقال هولمز إن المنظمة الدولية تواجه مشكلةً إنسانيةً جديةً في المخيم مضيفا أن ما نطلبه هو الوصول إلى المخيم في ظروف هادئة أو عبر وقف لإطلاق النار أو عبر أي طريقة أخرى من أجل تقديم المساعدات الإنسانية والعلاجات الطبية إلى الذين يحتاجونها. ودعا المسئول الدولي الأطراف المتصارعة في المخيم إلى احترام القانون الإنساني الدولي عبر حماية حياة المدنيين وتجنب استخدام الأسلحة الثقيلة. على صعيد آخر زعم المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية شون ماكورماك أن الحكومة اللبنانية طلبت من الولاياتالمتحدة مزيدًا من المساعدات العسكرية في أعقاب القتال الذي خاضه الجيش اللبناني ضد جماعة فتح الإسلام إلا أنَّ مصدرًا في الحكومة اللبنانية نفى أن تكون حكومته قد تقدمت إلى واشنطن بطلبٍ كهذا. أما فيما يخص ردود الأفعال العربية والدولية المتواصلة إزاء أزمة نهر البارد فقد أدانت عمان ما وصفته بالاعتداء على الجيش اللبناني. وقال المتحدث باسم الحكومة الأردنية ناصر جودة إنَّ بلاده تشعر بقلقٍ عميقٍ من التداعيات التي تشهدها لبنان مؤكدًا دعمَ بلاده لأي جهدٍ يصبُّ في الحفاظ على السيادة اللبنانية. من جهته جدَّد وزير الخارجية السوري وليد المعلم نفيَه وجودَ أيِّ علاقة بين جماعة "فتح الإسلام" ودمشق قائلاً إنَّ "ما يُسمى ب"فتح الإسلام" جماعة مرفوضة وسوريا أعلنت قبل عدة أشهر ملاحقة قوات الأمن السورية لبعض عناصرها عبر الإنتربول". كما طالبت الحكومة الفلسطينية مجدَّدًا نظيرتها اللبنانية بالعمل على وقْف ما يتعرَّض له الفلسطينيون من أعمالِ قتلٍ في مخيم نهر البارد. وأعرب وزير الإعلام مصطفى البرغوثي عن قلق الحكومة من تطورات الأوضاع في المخيم وسقوط عشرات القتلى والجرحى، نافيًا في الوقت ذاته أي علاقة بالجماعة، "فهي ليست فلسطينية أصلاً". كما دعت حركة الجهاد الإسلامي قادة الفصائل الفلسطينية في لبنان وسوريا إضافةً إلى الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة إسماعيل هنية إلى التدخل العاجل لفكِّ الحصار المفروض على المخيمات بلبنان ووقف عملية القصف العشوائي لمخيم نهر البارد. فيما أجرى رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي اتصالاً مع الرئيس اللبناني إميل لحود استنكر وأدان خلاله الاعتداء الذي وقع على الجيش اللبناني من جانب عصابات فتح الإسلام مؤكدًا وقوف الشعب الفلسطيني بجانب الجيش اللبناني. وحول اجتماع المندوبين الطارئ في جامعة الدول العربية أمس أكد الأمين العام للجامعة عمرو موسى أنَّ مجلس الجامعة اجتمع بشكل طارئ لمناقشة الوضع في لبنان وفلسطين. وقال موسى إن البيان الختامي أكد ضرورة وقف كل الإجراءات التي تؤثر سلبًا على المدنيين مشدِّدًا على أنه من غير المقبول المساس بالسيادة اللبنانية. كما أجرى الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو اتصالاً مع رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة أكد فيه دعمه الجيشَ اللبنانيَّ في محاربة من أسماهم بالإرهابيين. وقال بيانٌ للمنظمة إن أوغلو أدان العمليات الإرهابية التي شهدتها الساحة اللبنانية مؤخرًا وأبدى تأييد المنظمة للدور الذي يقوم به الجيش في مواجهة عناصر فتح الإسلام. هذا وقد أدانت فرنسا التفجيرات التي تعرَّضت لها العاصمة بيروت وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية جان باتيست ماتييه إن بلاده تدعو جميع اللبنانيين إلى البقاء موحَّدين خلف سلطات الدولة في مواجهة من يريدون المساس باستقرار البلاد. كما وصل إلى بيروت المفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي خافيير سولانا الذي وصف لبنان بأنه يمر بلحظة صعبة مؤكدًا أنَّ الاتحاد الأوروبي سيبذل كل ما بوسعه لمساعدته. من جانبها أعلنت بريطانيا عن دعمها للسلطات اللبنانية في مواجهة مَن وصفتهم ب"متطرفين مقرَّبين من تنظيم القاعدة". وقال وزير الدولة البريطاني للشئون الخارجية كيم هاولز إن وجود متطرفين قريبين من القاعدة يشكِّل تهديدًا للبنان والمنطقة في المعنى الواسع وللغالبية العظمى من الفلسطينيين داخل المخيم. وكانت حركة فتح الإسلام قد اتهمت في وقت سابق الجيش اللبناني بقصف المخيم أثناء توزيع مساعدات قافلة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة وهو ما اعترف به الجيش ولكنه أكَّد أن إطلاقه النار باتجاه البحر الذي يقع على الأطراف الجنوبية للمخيم كان للاشتباه بهروب مَن وصفهم ب"المطلوبين" من جهة البحر. وكان الجيش اللبناني قد أعلن عن وقف القصف المدفعي على مخيم نهر البارد، إلا أنَّه حذَّر من جهةٍ أُخرى بأنه سيرد مباشرةً على أيٍّ مصدرٍ للنيران، ولكن مصادر الجيش قالت إنَّها لن ترد على مصدر النيران بالقصف وإنَّما باستهداف الأماكن التي تصدر منها فقط.