كشفت دوائر أمنية في تل ابيب عن أربعة أسباب حالت دون إقدام الكيان الصهيونى على اغتيال قائد الجناح العسكري لحماس "أحمد الجعبري"، وازاحت الدوائر الستار عن ان الجعبري الذي كان مسؤولاً عن احتجاز الجندي الصهيونى في غزة، وألزم الكيان الصهيونى بعدم المساس به بعد إبرام صفقة الافراج عن شاليط. وارتبط اسم القيادي الحمساوي أحمد الجعبري والذي يطلق عليه الكيان الصهيونى لقب (قائد اركان حماس)، بالجندي الصهيوني المُفرج عنه جلعاد شاليط، ورغم ان الدوائر الامنية في تل ابيب كانت على علم بأن الجعبري هو الشخصية التي تحتجز شاليط بحسب صحيفة "يديعوت احرونوت"، الا انها لم تضعه في قائمة عمليات التصفية التي استهدفت بها كوادر حماس، الامر الذي فرض العديد من علامات الاستفهام، وزاد منها تحركات الجعبري عبر انفاق قطاع غزة إلى القاهرة دون اية قيود او عراقيل صهيونية. وأشارت الصحيفة العبرية إلى انه في الوقت الذي اغتال الصهاينة قيادات حمساوية عديدة، مثل "احمد ياسين والرنتيسي وشحادة "وغيرهم، احجمت عن اغتيال الجعبري قبل وبعد اطلاق سراح جلعاد شاليط لعدة اسباب، جاء في طليعتها تحسب الدوائر الامنية في تل ابيب من أن اغتيال الجعبري، سيفضي بالضرورة الى مساس حماس بالجندي الصهيوني المخطوف، فعلى الرغم من ان شاليط كان بمثابة ثروة لحماس، يمكن من خلالها مساومة الكيان الصهيونى او ممارسة ضغوطات عليه، الا انه حال اغتيال الكيان الصهيونى لشخصية قيادية في الجناح العسكري لحماس كالجعبري، سيزيل ذلك رغبة الحركة في مقايضة اسراها لدى الكيان الصهيونى بالجندي المخطوف، ويحضها على الانتقام من الكيان الصهيونى في شخص شاليط. ورأى معدو تقرير يديعوت احرونوت ان الجعبري كان من اهم الشخصيات الحمساوية التي عارضت بقوة اطلاق سراح الجندي الصهيوني، وان الاستخبارات العسكرية الصهيونية (أمان) تلقت معلومات تحمل هذا المضمون، وبررت قيادات المؤسسة الاستخباراتية في الاراضى المحتلة موقف الجعبري بأن الأخير يدرك ان بقائه على قيد الحياة مرهون ببقاء شاليط تحت يديه، إذ انه من غير المستبعد ان تقوم الصهاينة باغتياله فور الافراج عن شاليط. يسوق هذا التحليل الى سبب آخر من اسباب إحجام الكيان الصهيونى عن اغتيال الجعبري بعد الافراج عن شاليط، إذ تؤكد معطيات الصحيفة العبرية، ان الجعبري قائد كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحماس) حصل على وعد من الصهاينة خلال مفاوضات صفقة المقايضة التي جرت في القاهرة بعدم مساس الصهاينة به بعد عودة شاليط إلى بلاده، وربما منح الوعد الصهيوني الجعبري فرصة التنقل بين قطاع غزةوالقاهرة بعد الافراج عن الجندي المخطوف، فضلاً عن ظهوره الاعلامي غير المسبوق، حيث أجرت معه صحيفة الحياة اللندنية حواراً موسعاً بعد الافراج عن شاليط بأيام. اما السبب الثالث فيكمن في مخاوف الكيان الصهيونى من اطلاق قذائف حمساوية باتجاه جنوب ووسط الاراضى المحتلة، إذا ما اتخذت الدوائر الامنية في الكيان الصهيونى قراراً باغتيال الجعبري، بالاضافة إلى مخاوف تل ابيب من احتمالات استهداف حماس لأهداف صهيونية في الخارج، خاصة ان الأجهزة الامنية في تل ابيب تدرك ان حزب الله يبذل محاولات مضنية لاستهداف مصالح صهيونية في الخارج، رداً على اغتيال القيادي العسكري في حزب الله عماد مغنية، إذ يعتقد حزب الله ان الموساد يقف وراء اغتيال مغنية بالعاصمة السورية دمشق في فبراير 2008، في وقت تنفي الصهاينة مسؤوليتها عن الحادث، فيما تؤكد معطيات الصحيفة العبرية ان السبب الرابع في احجام الكيان الصهيونى عن اغتيال احمد الجعبري، يعود الى عدم رغبة دوائر الاستخبارات الصهيونية في تكثيف جهودها لاصطياد القيادي الحمساوي، نظراً لما يترتب على ذلك من انعكاسات تتعلق بالأمن الصهيوني وبالجندي جلعاد شاليط. وفي مستهل حديثها عن القيادي الحمساوي احمد الجعبري، قالت يديعوت احرونوت ان شاشات التلفزيون الصهيوني رصدت ما كان الصهاينة ينتظرونه منذ ما يربو على الخمس سنوات، إذ بدا جلعاد شاليط يمر من معبر رفح البري لتتسلمه مصر، الوسيط المباشر في صفقة تبادل الاسرى بين حماس والاراضى المحتلة، بالاضافة الى ذلك حانت للصهاينة الفرصة، للتعرف عن قرب على احمد الجعبري قائد الجناح العسكري لحركة حماس (كتائب عز الدين القسام)، الرجل الذي وصفته الصهاينة بقائد اركان حركة حماس، والذي أضاف لشخصيته زخماً سياسياً وشعبية جماهيرية غير مسبوقة لدى الاوساط الفلسطينية وربما العربية أيضاً. ووفقاً لملف الجعبري لدى الكيان الصهيونى، فإن اسمه بالكامل هو أحمد سعيد خليل الجعبري، الملقب ب (ابومحمد)، ولد عام 1960 في حي الشجاعية بمدينة غزة، الا ان جذور أسرته تعود الى مدينة الخليل، وكانت عائلته من أكبر عائلات تلك المدينة، الا انها انتقلت نهاية عشرينيات القرن الماضي للإقامة في قطاع غزة، وامضى الجعبري طفولته في شوارع وأزقة حى الشجاعية، وبدأ نضاله الطويل مع حصوله على شهادة التعليم الثانوية، وتشير معلومات يديعوت احرونوت الى ان الرجل الذي يُعرف اليوم ب (قائد اركان حماس)، انتمى في بداية طريقه السياسي لحركة فتح، وكان عنصراً ناشطاً في إحدى الخلايا التابعة للحركة في قطاع غزة، وعندما بلغ الثانية والعشرين من عمره اعتقلته الصهاينة للمرة الاولى على خلفية مشاركته في إحدى العمليات المسلحة ضد الكيان الصهيونى، وحُكم عليه بالسجن لمدة 13 عاماً. وخلال فترة اعتقاله بدا التحول المفصلي في حياة الجعبري، إذ اقترب بقوة من مجموعة أسرى فلسطينيين ينتمون الى تنظيم (الجماعة الاسلامية)، كما التقى بمكن اصبحوا بعد ذلك النواة الاولى لتشكيل حركة حماس وقادتها، وكان من بين هؤلاء عبد العزيز الرنتيسي، ابراهيم مقادما، اسماعيل ابوشنب، وصلاح شحادة الذي اصبح فيما بعد قائد الجناح العسكري لحماس، كما اصبح شحادة معلم الجعبري الروحي، كما تعلم الجعبري خلال تواجده في المعتقل اللغة العبرية حتى أجادها أكثر من الناطقين بها. وأُفرج عن الجعبري من المعتقل الصهيونى عام 1995، الا انه فور اطلاق سراحه انضم لحماس، وفي البداية عمل في إحدى المؤسسات الادارية التابعة للحركة، وتوطدت علاقته بقيادات الحركة عندما ربطت علاقة مصاهرة بينه وبين عبد العزيز الرنتيسي أحد مؤسسي حماس، الذي اغتالته الصهاينة عام 2004، إذ تزوج الجعبري ابنته، كما زادت علاقة المصاهرة بأقطاب حماس عندما تزوج ابن الجعفري ابنة القيادي الحمساوي صلاح شحادة، ويشير ملف الجعبري لدى الكيان الصهيونى، بحسب ما نشرته يديعوت احرونوت، الى انه تسلق سُلم المناصب القيادية في الجناح العسكري لحماس رويداً رويداً، وخلال تلك الفترة اقترب من قادة الجناح العسكري للحركة مثل محمد ضيف وعدنان الرول، الامر الذي ادى الى سقوطه معتقلاً على ايدي السلطة الفلسطينية عام 1998 الا انه تم اطلاق سراحه عام 2000. ومع اندلاع انتفاضة الاقصى انضم الجعفري لكتائب عز الدين القسام وتم تعيينه مساعداً لقائد الكتائب شحادة، الا انه في عام 2002 اغتالت الصهاينة شحادة وتم تعيين محمد ضيف خلفاً له، وفي عام 2006 اقدمت الصهاينة على اغتيال ضيف لكنه في الوقت الذي نجا فيه من الموت اصيب بجروح بالغة، خلفت وراءها عاهة مستديمة اقعدته عن ممارسة نشاطه، الامر الذي وضع الجعبري على رأس قيادة الجناح العسكري لحماس، ولكنه تبجيلاً لضيف ظل الاخير قائداً شرفياً للجناح، بينما احتفظ الجعبري بمنصب النائب رغم انه القائد الفعلي. وفي عام 2004 حاولت الصهاينة اغتيال الجعبري بعد ان اطلقت قذيفة صاروخية على منزله، الا ان عملية التصفية لم تحقق هدفها رغم تواجد الجعفري في المنزل، ولكنها اسفرت عن مقتل ابنيه الاكبر محمد وشقيقة فتحي، ابالاضافة الى مقتل ثلاثة من افراد عائلته الذين كانوا في المنزل. على العكس من سابقيه، بحسب الصحيفة العبرية، عكف الجعبري على تغيير النمط القتالي والعسكري لكتائب عز الدين القسام، إذ اجرى اصلاحات عدة داخل الجناح ليحولها من مجرد ميلشيا مسلحة الى منظمة عسكرية تنقسم في تشكيلها العسكري الى عدة قطاعات، كما وضع استراتيجيات عسكرية خاصة بالكتائب وزودها بأسلحة متطورة، وبعد هذه الاصلاحات اطلقت عليه الصهاينة لقب (قائد اركان حماس).