يشهد المسجد الأقصى منذ بداية العام الحالي تصعيداً خطيراً من قوات الاحتلال الإسرائيلي ضده، فقد تم في 3 يناير الماضي الكشف عن كنيس إسرائيلي جديد وحفريات متواصلة وبناءات إنشائية أسفل حرم المسجد الأقصى المبارك، تلاه الشروع في إقامة بناء كنيس يهودي على أرض وقفية داخل القدس القديمة يبعد خمسين متراً عن المسجد الأقصى، ليصل إلى قمة الغطرسة والتعسف بهدم طريق باب المغاربة المؤدي إلى المسجد، مما يدعو إلى القلق والحذر عن نواياها السيئة التي وضعتها في خططها طويلة المدى الرامية لبناء هيكلهم المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى التي بدأت تتكشف شيئاً فشيئاً.
إن هذه الممارسات التعسفية وهذه الحملة المدروسة على المسجد الأقصى يجب على العرب والمسلمين ان ينتبهوا إليها، فالتصعيد الخطير الذي قامت به اسرائيل مؤخرا ما هو إلا عملية جس نبض للشارع العربي الإسلامي، لقياس مكانة المسجد الأقصى في قلوبهم، والعشق الذي يكنونه لثالث الحرمين وأولى القبلتين، للقيام بما هو اكبر من ذلك بكثير، في حالة وجدت صمتاً عربياً مطبقاً كما هو عليه الآن، الا من بعض تصريحات الشجب والاستنكار الخجولة التي نسمعها بين الفينة والأخرى من مسؤولين عرب.
قد يستهين البعض بأعمال الحفر هذه، لأنها خارج المسجد الأقصى وليست داخله، رغم تصريحات المسؤولين الإسرائيليين التي لا يسلط عليها الإعلام العربي الضوء لانشغاله بالكليبات والبرامج التلفزيونية الهابطة الا ما رحم ربي، فقد أشارت إحدى الصحف الإسرائيلية في تصريح «لايلات مزار» عالمة الآثار المسؤولة عن أعمال الحفر انها تريد الحفر تحت باب المغاربة بعمق 9 أمتار للبحث عن بوابة «باركليز» التي يدعون انها بوابة هيكلهم المزعوم، ليصبح اكبر مزار على الأرض لليهود، وهذه تلتقي بتصريحات أخرى حول وجود 10 حلول لديهم لبناء الهيكل، وان لديهم مجسما يظهر الهيكل بعد إزالة كافة الأبنية في القدس القديمة بما في ذلك المسجد الأقصى.
اذا فمخططاتهم العدوانية ضد المسجد الأقصى ليست وليدة اليوم فهم أصحاب نفس طويل فيما يخططون إليه، فعمليات الحفر والبحث مستمرة منذ الاحتلال أي من عام 1967 ولكن بوتيرة بطيئة تحت أساسات المسجد الأقصى، وعلى الرغم من أنهم لم يصلوا إلى شيء حتى الآن إلا أنهم لا يكلون عن أعمال الحفر وتدشين الأنفاق تحت المسجد الأقصى التي تهدف إلى انهياره.
لقد أصبحت نواياهم معروفة، فالناظر بعيني زرقاء اليمامة لن تغرر به تصريحات مسؤوليهم التي يحاولون بها تبرير أعمالهم بنوايا طيبة لما تقوم به جرافاتهم على الطريق المؤدي إلى باب المغاربة، لكن يبقى المهم، ماذا يجب ان نفعل نحن إزاء هذه الممارسات التصعيدية ؟
التي يجب الا تمر دون احتجاج قوي جدا، على كافة الصعد وخاصة للدول التي لها علاقة مع الكيان الإسرائيلي، فما من اقل من طرد السفير الإسرائيلي من عمان والقاهرة وقطع العلاقات معها على الفور، لثني إسرائيل عن التقدم في مخططاتها التي أصبحت بائنة للعيان، ولا تحتاج إلى مجهر او تلسكوب للتدقيق بها، وأقول لإخواننا في فلسطين بورك لكم اتفاق مكة، الذي سيضع حدا ان شاء الله للدماء البريئة التي تسفك، لتوجه كافة الجهود لحماية المسجد الأقصى وتحرير الأرض، فأنتم ستظلون على الحق ظاهرين، لعدوكم قاهرين كما وعد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بإذن الله تعالى، اما نحن فليس لنا إلا ان تلهج السنتا بالدعاء إلى الله ليلا ونهارا ليحفظ الأقصى ثالث الحرمين وأولى القبلتين من دنس المغتصبين.