رفض عدد كبير جدًا من المزارعين، عن توريد محصول الأرز لحكومة الانقلاب كما تقتضى العادة فى نهاية الموسم، وذلك بعدما أدركوا أنها تشتري منهم هذه السلعة الاستراتيجية بأسعار تقل كثيراً عن تلك المتداولة عالمياً، ما ينذر بأزمة نقص في المعروض، يترتب عليها ارتفاع كبير في الأسعار محلياً. وقال مسؤولون بوزارتي التموين والزراعة، في تصريحات صحفية إن ما تم توريده، حتى الآن، من المزارعين لم يتخط 25% من الكميات المطلوبة، على الرغم من حصاد أكثر من 70% من محصول الأرز للموسم الحالي، على مستوى الجمهورية. وحددت حكومة الانقلاب، أسعار توريد الأرز لصالح الشركة القابضة للصناعات الغذائية عند مستوى 2400 جنيه لطن الأرز والشعير عريض الحبة، و2300 جنيه لطن الأرز والشعير رفيع الحبة، فيما يشتريه تجار بأسعار تزيد عن الحكومة بنحو 300 جنيه للطن. وتسعى الحكومة لشراء نحو مليوني طن أرز من المزارعين، وقيدت التوريد بفترة زمنية 50 يومياً، تنتهي في الثلاثين من سبتمبر الجاري. ولعل فقدان الثقة في الحكومة وراء احجام المزارعين عن التوريد، حيث تشتري منهم الأرز بأسعار بخسة، وتسمح للتجار بتصديره للخارج بأسعار تصل إلى ألف دولار للطن، كما حدث العام الماضي. واعترضت لجنة الأرز بالمجلس التصديري للحاصلات الزراعية على الآليات التي أعلنتها وزارة التموين والتجارة الداخلية، لتوريد مليوني طن أرز وشعير من المزارعين. وقالت اللجنة في مذكرة تقدمت بها إلى مجلس الوزراء، بعد أسابيع من بدء موسم حصاد الأرز، إن هذه الآلية تؤدي إلى نفس النتائج التي وصلت إليها منظومة توريد القمح، من فساد وإهدار للمال العام. وتضمنت الآليات، الاستعانة بشركة تفتيش ومراجعة معتمدة من الهيئة العامة للسلع التموينية، تكون مسؤولة عن فحص ووزن الأرز من مضارب القطاع العام ومن القطاع الخاص، إلا أن الفحص لا يتم إلا بنهاية الموسم. وقال مستشار وزير التموين السابق، وأستاذ الاقتصاد الزراعي، عبدالتواب بركات، في تصريحات صحفية، اليوم، "المزارعون يفضلون الاحتفاظ بمحصول الأرز لأن السعر الذي حددته الحكومة لا يرضيهم، بل يحقق لهم خسائر كبيرة"، لافتاً إلى أن نقص مياه الري خلال موسم زراعة الأرز وغلاء أسعار إيجارات الأراضي، وتحصيل غرامات زراعة الأرز، أدت إلى زيادة تكلفة الإنتاج. ودائما ما تلوّح الحكومة باستيراد الأرز الرخيص، لكنها تعجز عن تنفيذ ذلك بسبب أزمة الدولار، وهو ما يخلق شعوراً لدى المزارع بأن الدولة تحتكره وتأخذ منه المحصول بربع السعر العالمي للأرز المصري الذي يعد من أفضل أنواع الأرز في العالم. وأوضح مستشار وزير التموين السابق، أن حكومة السيسي تخلت عن برنامج السلع التموينية، الذي أقرته حكومة، هشام قنديل، في النصف الأول 2013، فهذا البرنامج كان يدعم الأرز عبر شرائه من المزارعين بأسعار تزيد بنحو 400 جنيه للطن، عن تلك التي يعرضها التجار. ويرى بركات أن المزارع بات يشعر أن الحكومة تلتهم حقوقه لصالح التجار، خاصة أن الحكومة تحدد سعر الشراء عند مستويات منخفضة ما يحفز التجار على المنافسة، عبر وضع أسعار تزيد عن تلك التي حددتها الحكومة بفارق يبدو كبيراً، لكنها في الأساس يقل عن السوق العالمية بنحو 75%. ويخزّن التجار المحاصيل التي يشترونها من المزارعين، لحين سماح الحكومة بتصدير الأرز، وهو ترخيص مؤقت تصدره الحكومة، من حين لآخر، بدعوى وجود فائض كبير في الدولة من هذا المحصول. ويتراوح الاستهلاك المحلي من الأرز الأبيض بين 3 – 4 ملايين طن سنوياً. وتشير التقديرات إلى أن حجم الإنتاج خلال الموسم الحالي يقترب من 4.5 ملايين طن من الأرز، ما يعني أن الفائض قد يصل إلى مليون طن في المتوسط.