بعدما أعلنت حكومة الانقلاب العسكرى، حظر استيراد القمح المصاب بفطر الإرجوت المسرطن، الشهر الماضى، وإعلان وزير الزراعة عن مؤتمر صحفى لإيضاح الحظر، تم اكتشاف تغيبه عن المؤتمر الذى أعلن عنه بنفسه. ولكن الحكومة عادت وتراجعت أمس الأربعاء 22 من سبتمبر 2016م وقررت رفع الحظر عن استيراد قمح الإرجوت على ألا تزيد نسبة الإصابة بالفطر عن (0.05%).
والإرجوت فطر طفيلي ينمو على كثير من المحاصيل الزراعية التي تعتبر مصدراً هاماً كالشعير والقمح، ويحتوي على كثير من المواد الفعالة التي تختلف في تركيبها وأثرها على الجسم، وقد يتسبب بالتسمم، خصوصاً في المرضى الذين يعانون من أمراض الكبد والكلى.
ومن جانبنا رصدنا 3 عوامل دفعت حكومة الانقلاب إلى التراجع عن قرار حظر استيراد "القمح المصاب بالإرجوت" نسردها في التقرير التالي:
أحد أهم العوامل والأسباب وراء تراجع حكومة الانقلاب عن قرارها هو التوتر الذي حصل مع الجانب الروسي على خلفية قرار حظر قمح الإرجوت ورد شحنة روسية تبلغ 60 ألف طن وهو ما تسبب في حالة التوتر بين الجانبين.
وردا على القرار المصري، أفادت وكالة "انترفاكس" الروسية، الجمعة 16 سبتمبر أن موسكو حظرت استيراد الفواكه والخضروات من مصر.
وقالت يوليا شفاباوسكيني، نائبة الهيئة الفيدرالية الروسية للرقابة البيطرية والصحة النباتية: "ابتداء من الخميس 22 سبتمبر، سنفرض قيودا مؤقتة على استيراد الفواكه والخضروات من مصر، بالأخص الحمضيات والطماطم والبطاطس وغيرها من المنتجات".
ثانيا: ضغوط شركات توريد القمح
وكان الدكتور محمد رزق، رئيس مجلس إدارة مؤسسة رزكوزان إنكوربوريت، أحد الموردين الأمريكيين الكبار في سوق القمح العالمي، قد أكد أن هناك 6 موردين من أكبر الشركات العالمية في القمح، يمتنعون عن دخول أي مناقصات خاصة بتوريد القمح إلى مصر.
وأضاف في تصريحات صحفية يوم الثلاثاء 20 سبتمبر الجاري 2016 أن شركات "كارجيل وأيه دي إم ورزكوزان ولويس دريفس ويونيتد وبانجي فود"، رفضوا دخول أي مناقصات بعد الشروط الجديدة التي يفرضها الجانب المصري الخاصة بنسبة 0.05 % من الإرجوت في القمح.
وأوضح أن الجانب المصري لم يطلب من الموردين في بلد المنشأ، من فصل القمح من الإرجوت على جهاز فصل الألوان لأن ذلك يكلف الطن من 67 إلى 100 دولار فوق السعر الرسمي للقمح.
ودلل على كلامة بأن الموردين رفضوا الدخول في أي مناقصات وأخرها الاثنين 19 سبتمبر بعد رفض الشحنة ال 9 بعد قرار وزير الزراعة برفض دخول شحنات تحتوي على أي نسبة من فطر الإرجوت.
وبحسب مراقبين فإن ضغوط شركات التوريد كان أحد العوامل المهمة التي أجبرت حكومة الانقلاب على التراجع عن قرارها الصحيح.
ثالثا: الخوف من التحكيم الدولي والتعويضات
كذلك من الأسباب التي دفعت حكومة الانقلاب على التراجع هو أن وزارة التموين تواجه أزمة دولية بسبب توابع إقرار وإلغاء استيراد القمح المصاب بفطر الأرجوت، بعد طلب إحدى الشركات الرومانية رد 500 ألف دولار قيمة الشرط الجزائى لشحنة قمح تم رفضها لوجود نسبة "أرجوت" بها، فى ظل صدور قرار من وزير الزراعة بمنع استيراد ودخول تلك الأقماح المصابة بالفطر السام.
وكانت صحيفة "الوطن" المقربة من سلطات الانقلاب قد كشفت عن مصادر مسئولة أن هيئة السلع التموينية تعاقدت على نحو 780 ألف طن قمح مع الشركات العالمية بها نسب "أرجوت" خلال يونيو ويوليو الماضيين، من روسيا ورومانيا وأوكرانيا ودول أخرى، فى عهد الدكتور خالد حنفى وزير التموين السابق.
وأبدت المصادر مخاوفها من لجوء باقى الدول، مثلما فعلت الشركة الرومانية، إلى إلزام هيئة السلع التموينية بدفع الشرط الجزائى فى التعاقدات، خاصة أن التعاقد يتضمن شرطاً جزائياً فى حالة تراجع أى طرف.
فوضى في صناعة القرار
من جانبه، علق الإعلامي إبراهيم عيسى، على تراجع وزارة الزراعة عن قرارها بمنع استيراد الأقماح التي تحتوي على نسبة 0.05% من فطر الإرجوت، قائلا: "يدل على الارتباك والهشاشة والفشل في إدارة شؤون البلاد".
وأضاف خلال برنامجه "مع إبراهيم عيسى"، المذاع على قناة "القاهرة والناس"، الأربعاء، أن طريقة صناعة القرار في مصر تدل على الهزل الشديد، متسائلا: "كيف ينفرد وزير الزراعة بقرار استراتيجي وهام جدًا مثل استيراد القمح؟، وكيف يصدر قرارًا دون دراسته مع زملائه من الوزراء؟".