- الشيخ أمين عامر : قبول الدية يهدر حق شهداء الثورة. - د. آمنة نصير: ما يحدث في قضية شهداء الثورة هو تسويف وتضليل للعدالة.
الواضح من مجريات الأحداث في مصر ، خصوصا بعد جمعة " الثورة أولاً " أن الجميع وعلى رأسهم أهالي الشهداء يرفضون بشدة مسألة قبول " الدية " مقابل العفو عن قتلة الثوار خلال أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير ، وهو ما أعلن عنه عدد كبير من الأهالي الذين فقدوا أبناءهم برصاص الشرطة خلال فاعليات الثورة التى نفذ النظام المخلوع خلالها عدة مذابح جماعية هي جرائم ضد الإنسانية مكتملة الأركان خصوصا في أيام : جمعة الغضب 28 يناير والسبت 29 يناير والأحد 30 يناير وخلال وقائع يوم الأربعاء الأسود 2 فبراير ، الذي زحفت فيه جموع بلطجية الحزب الوطني على ميدان التحرير بعد الخطاب الذي ألقاه المخلوع مساء الثلاثاء أول فبراير.
فجأة ظهر اقتراح قيام رموز النظام المخلوع بدفع الدية لأسر شهداء الثورة ليحدث بعض الجدل قبل أن يحسمه أهالي الشهداء بالرفض التام للتفريط في حقهم في القصاص من قتلة أبنائهم ، بحسب مصادر "الشعب " فصفقة شراء دم الشهداء بدفع الدية لذويهم ظهرت على يد عدد من قيادات مديرية أمن الإسكندرية الذين جعلوا حلقة الوصل بينهم وبين أسر الشهداء العميد خالد شلبي رئيس المباحث الجنائية بمديرية أمن الإسكندرية الذي استعان ببعض الشيوخ المستقلين لإقناع أسر الشهداء بقبول الدية التى تقدر بقيمة 100 ناقة عن القتيل الواحد أي ما يقارب نصف مليون جنيه ، وبالفعل بذلت قيادات الامن بالإسكندرية محاولات كبيرة بمعاونة هؤلاء الشيوخ لإقناع أهالي الشهداء بقبول الدية .
التطور التالي جاء عندما انضم رئيس جامعة الأزهر الدكتور أسامة العبد لقائمة من يدعون لقبول الدية في الشهداء قائلا لوسائل الإعلام أنه لا يوجد نص في الإسلام يمنع عقد صلح بين أسر الشهداء وضباط الداخلية الذين قتلوا أبناءهم ، العبد أضفى على دعوته لقبول الدية في الشهداء مسحة عاطفية لم تلق رواجا ولا قبولا عندما قال أن مصر الآن خارجة من فترة حرجة وتحتاج لكل ما من شأنه لم الشمل وإغلاق الجراح !
دعوة البعض للصلح بين أسر الشهداء وضباط الداخلية المتهمين بقتل الثوار مقابل دفع الدية ، ومحاولة ترويجها باعتبارها هي رأي الشرع المناسب لما يحدث في مصر الآن لاقت رفضا جماعيا من قبل حشد من رموز الدعوة الإسلامية وأساتذة جامعة الأزهر ، بعضهم تحدث للشعب موضحا أسباب دعوته لرفض مسألة الصلح وقبول الدية.
من جانبه رفض الشيخ أمين عامر ، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر فكرة قبول الدية في شهداء الثورة ، قائلا أن ما يدعو له البعض من أن يقبل أهالي الشهداء الدية في أبنائهم مقابل تغيير شهادتهم لتبرئة القتلة هو أمر مناف تماما للشرع الذي يدعو للعدل ورد المظالم ويحرم شهادة الزور ، وأضاف أن تغيير الشهادة هنا هو قول للزور الذي حرمه الشرع الحنيف يؤدي لإهدار حق الضحية وتبرئة القاتل.
أما الدكتورة آمنة نصير ، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر فتقول أن ولي الدم في قضية شهداء الثورة هو المجتمع والدولة ككل وليس فقط أسر وأهالي الشهداء ، وعلى المجتمع كله أن يقتص من القتلة .
وأضافت الدكتورة آمنة نصير أن الاستقرار والأمان الذين يتحدث عنهما الجميع ويطالب بهما لن يتحققا إلا بالقصاص ، واصفة ما يحدث في قضية شهداء الثورة باسم الدية بأنه تشويه للقضية وإغراء لأهالي الشهداء بالمال حتى يتنازلوا عن حقهم أمام القضاء، موضحة أن ما يجري في قضية شهداء الثورة هو تسويف وتضليل للعدالة وتلاعب في هذا الملف الخطير .
الدكتور أحمد رأفت عثمان ، أستاذ الشريعة بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر يقول أن الإسلام يحرص على ألا يضيع دم هدرا وبلا حساب ، وأنه لا بد من أحد ثلاثة امور : القصاص أو الدية أو العفو ، وهذا يحق لأولياء الدم وهم أهل القتيل ، ففي كل جريمة قتل يثبت مرتكبها يكون الحكم فيها أولا بالإعدام الذي يسميه الشرع " القصاص" حيث يقول الله تبارك وتعالى " ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب" ولقوله عز وجل " كتب عليكم القصاص في القتلى " ومن حق أهل القتيل التنازل عن حقهم وقبول الدية التى يقدر العلماء قيمتها بألف دينار ذهبي من الدينار الشرعي الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو ما يعادل 100 ناقة أو قيمتها .
أما الدكتور عبد الغفار هلال الأستاذ بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة فيقول أن الدية جائزة في حال قبل أهل الشهداء وهم أولياء الدم وقد ألزم الشرع الحنيف بقبول الدية في حال القتل الخطأ لكن في حال القتل العمد كما حدث أثناء الثورة فقد أصبح الأمر في يد أسر الشهداء حيث من حقهم التمسك بالقصاص أو قبول الدية أو العفو ، ولفت الدكتور هلال إلى أن أهالي شهداء الثورة يصعب عليهم التنازل عن حق أبنائهم .