علمت "الشعب" أن الطائرة الليبية التي هبطت مطار القاهرة في الثانية من بعد الظهر هي إحدى أربع طائرات غادرت ليبيا صباح اليوم الأربعاء. ولم تحدد مصادر اتصلت بها البوابة الوجهة التي طارت إليها الطائرات الثلاث، لكنها كشفت عن أن أكثر من وفد جاء على متن الطائرة التي وصلت القاهرة.
وقالت المصادر إن عبد الرحمن الزاوي رئيس هيئة الإمداد والتموين بالجيش الليبي قد جاء بحزمة مطالب سرية، أولها بحث إمكانية شراء أسلحة مصرية، وثانيها غلق الحدود بين البلدين لإحكام الحصار على الثوار، والثالث مساعدة النظام الليبي على تنشيط مندوبيته في جامعة الدول العربية وإلغاء قرار تعطيلها.
واصطحب الزاوي معه السفيرة سلمى راشد لطرح اسمها كممثلة للنظام الليبي حال تنشيط عضويته، مقابل طرح المجلس الوطني، الذي شكله الثوار، اسم السفير عبد المنعم الأهواني كممثل للدولة الليبية وللثوار معاً.
وعلمت "الشعب" أن ممثلي المركز الوطني الليبي عقدوا لقاءات متعددة مع قوى سياسية مصرية مختلفة طالبين دعمها المعنوي، وأن هناك توجهات لتنظيم مظاهرات تضامن مع الشعب الليبي ضد المذابح التي يتعرض لها على أيدي نظام القذافي وأسرته.
طائرة خاصة وكان مصدر في وزارة الدفاع اليونانية، قد ذكر أن طائرة خاصة تابعة للزعيم الليبي معمر القذافي على متنها ركاب لم تعرف هويتهم عبرت الأجواء اليونانية في طريقها إلى مصر الاربعاء، على ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.
يأتي ذلك بعد أن أفادت تقارير صحفية عربية أن القذافي يسعى للتوصل إلى اتفاق يسمح له بالتنحي، لكن المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي رفض إجراء حوار يهدف إلى ضمان خروج آمن له من السلطة، في الوقت الذي نفت فيه مصادر بالحكومة الليبية، إجراء محادثات مع الثوار.
ويواجه الزعيم الليبي منذ 15 فبراير انتفاضة شعبية غير مسبوقة تحولت إلى ثورة مسلحة أسقطت نظامه في أنحاء عدة من البلاد ولا سيما في الشرق الليبي حيث شكل الثوار في معقلهم ببنغازي (ألف كلم شرق طرابلس) مجلسا انتقاليا.
وكانت صحيفة "الشرق الأوسط" ذكرت الأربعاء، أن رئيس إحدى الحكومات الغربية والذي لم تسمه لكنها وصفته بأنه وثيق الصلة بالقذافي يسعى لتشكيل وفد أوروبي يضم بعض رؤساء شركات النفط العاملة في ليبيا للتوجه إلى طرابلس الغرب حاملاً معه عرضا للقذافي بتأمين خروجه مقابل عدم ملاحقته.
ونقلت الصحيفة عن مصادر غربية وعربية متطابقة "مع مرور الوقت سنكتشف أن لا حل عسكريا لإنهاء هذا الوضع. ثمة مشروع سري يجري تداوله بتحفظ شديد بين بعض الحلفاء السابقين للقذافي لإقناعه بترك السلطة وعدم التمادي في قيادة بلاده إلى الهاوية".
وأوضحت أن الجامعة العربية جزء من هذه المداولات للحصول على دعم عربي لها، مشيرة إلى أن هناك موافقة مبدئية من المجلس الوطني الانتقالي لاعتماد هذا المشروع إذا قبله القذافي.
كما قالت تقارير في وقت سابق إن القذافي أوفد المهندس عزوز الطلحي، وهو رئيس وزراء سابق وابن عم رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل، ليعرض على الهيئة التي تقود المعارضة تشكيل لجنة لتسيير شئون الحكم في البلاد بعد تنحيه مقابل ضمان سلامته الشخصية وسلامة عائلته وعدم ملاحقتهم قضائيا.
لكن وبحسب المصادر، رفض المجلس الوطني الانتقالي المعارض في ليبيا جملة وتفصيلا عرض القذافي بعقد اجتماع لمؤتمر الشعب العام (البرلمان) ليعلن من خلاله تخليه عن السلطة.
واعتبر المجلس السماح بتنحي القذافي ورحيله فيه نوع من "الخروج المشرف" له وأنه "تنازل عن حقوق من يرى أنهم كانوا ضحايا حرب وجرائم ضد الإنسانية، ممن سقطوا ليس أثناء الثورة الحالية فحسب بل في أحداث سابقة تسبب فيها نظام القذافي".
من جانبه، اتهم القذافي المجلس الوطني ب "الخيانة"، وقال في كلمة متلفزة بثت فجر الأربعاء، أمام شباب من قبيلة الزنتان "هؤلاء خونة لديهم استعداد للخيانة.. هؤلاء معروفون أن لديهم ارتباطات أجنبية، أي خونة".
ووصف رئيس المجلس الانتقالي بأنه عميل للسنوسيين الذين أطاح بحكمهم في انقلاب 1969، وقال إن "بعض الناس من القوى الثورية كانوا يأتوني ناصحين ويقولون لي هذا خائن، هذا عميل، هذا عبد للسنوسية... انصح المؤتمر الشعبي العام بتنحيته.. أعتقد أن المؤتمر الشعبي العام كان سيقيله في مؤتمره المقبل".
ويدعي القذافي أنه لا يحكم البلاد "حتى يستقيل"، ويزعم أن الثورة الشعبية التي تشهدها ليبيا يقف خلفها تنظيم "القاعدة"، ويصف الثوار بأنهم شبان مسلحون وقعوا تحت تأثير المخدرات ويتلاعب بهم تنظيم "القاعدة" وقوى أجنبية.