اعلنت منظمتان صهيونيتان مرتبطتان بالمستوطنين عن دورات تدريبية تهدف الى اعداد المشاركين فيها على طرق التصدي لصورة الدولة الصهيونية في الخارج، وتصحيح الرواية الصهيونية في المراجع الشعبية فيما يتعلق بالثقافة وشكل الحدود وتأكيد اسم "اسرائيل" بدلا من فلسطين كإسم للارض المقدسة. وان كان هدف المنظمتين يختلف عن برنامج "هاسبرا" العسكري الذي ولد في اثناء العدوان على غزة عام 2008 واكدت وزارة الخارجية فاعليته في الاسبوع الحالي الا ان هدف المنظمتين يتوافق مع اشكالية الصورة والتشكيك بالشرعية في اعقاب هجومها على قافلة الحرية وقتل الناشطين في نهاية مايو.
ومهمة المتدربين تقتصر على العمل الاعلامي واعادة صياغة المفاهيم في مركز اهتمامها الموسوعة الحرة "ويكيبيديا" من اجل التأكد من ان المعلومات الواردة عن الدولة الصهيونية وفلسطين ومنطقة الشرق الاوسط تعكس وجهة النظر الصهيونية.
وفي الوقت الذي تشهد فيه غرف الحوار ومنتديات النقاش او ما يعرف بمواقع "الدردشة" نقاشا حارا ومنذ سنوات حول هذه القضايا الا ان دخول منظمات صهيونية على الخط يعكس في النهاية مخاوف وقلقا من جانب الصهاينة فيما يتعلق بالقضايا المكلف المتدربون بالتصدي لها.
واللافت للانتباه ان من يقف وراء هاتين المبادرتين هو مجلس "يشع" لمستوطنات الضفة الغربية، مع حركة صهيونية يمينية الطابع ومتطرفة وهي "اسرائيلي شيلي" او (بلدي اسرائيل).
وقامت الجماعتان بتنظيم ورشة في القدس لتدريب المشاركين على طرق اعادة كتابة المواد المنشورة على الموسوعة الحرة بما يتوافق مع الرواية الصهيونية (اعادة الصياغة الصهيونية).
ونقلت صحيفة "الجارديان" البريطانية التي اعدت تقريرا عما اسمتها حروب ويكيبيديا، عن نفتالي بينيت، رئيس مجلس مستوطنات الضفة الغربية "يشع"، قوله ان ما تهدف اليه منظمته والاخرى ليس تغيير محتويات الموسوعة فيما يتعلق بالدولة الصهيونية ولكن تغيير وجهة النظر فيها عن الدولة الصهيونية التي يعتقد الناس او قراء الموسوعة ان الدولة الصهيونية وسكانها بالضرورة اشرار وكل همهم هو تسبيب الاذى للفلسطينيين والعرب كل يوم.
ويبدو ان الدافع وراء المستوطنين هو ما يرونه تلكؤ الحكومة الصهيونية بالدفاع عن قضايا الدولة الصهيونية وتأكيد الرواية التي قامت عليها الدولة.
كما ان مخاوف بينيت تنبع من قلقه على وضعه في الضفة الغربية حيث تقام المستوطنات على ارض محتلة فيما يعتبر خرقا للقانون الدولي، فالضفة المحتلة منذ عام 1976 يعتبر البناء على اراضيها غير مشروع فهو يقول ان من يقرأ الصفحة المخصصة للدولة الصهيونية على الموسوعة يجد انها تظهر مجردة من مرتفعات الجولان والضفة الغربية، التي يطلق عليها الصهاينة يهودا والسامرة، المحتلتين منذ عام 1967.
والامر المهم في المعركة الجديدة على الانترنت هو ان المؤيدين للدولة الصهيونية عادة ما يتناقصون امام عدد المؤيدين للفلسطينيين، فبحسب ايليت شكيد من منظمة "اسرائيل بلدي" فهم لا يريدون ترك الساحة للفلسطينيين ومؤيديهم ولكنهم حسب زعم المنظمة قلة امام زخم التأييد الفلسطيني. ويزعمون ان الناس في اوروبا وامريكا لم تتح لهم الفرصة ابدا لسماع وجهة النظر الصهيونية.
وتعتقد الجهتان ان هناك الكثير من العمل الواجب القيام به على ساحة الموسوعة هذه، فاضافة للضفة والجولان، هناك عمل كبير يحتاج اليه لتغيير المعلومات عن القدس التي لا تظهر على الموسوعة بحسب الزعم الصهيوني انها العاصمة الابدية لدولة الصهاينة.
ويشار الى ان هناك العديد من الصفحات التي يتم تحريرها في كل الاوقات، خاصة تلك المتعلقة بغزة والحصار عليها وما تسمح تل أبيب بدخوله اليه من البضائع، وصفحة عن فلسطين والاراضي الفلسطينية.
كما ان ما يشغل بال المستوطنين هو ما توصف به مستوطناتهم، فالاعلام الصهيوني والغربي الذي يتبنى وجهة نظره يشير الى المستوطنات بالاحياء او المدن لكن في الموسوعة يتم الاشارة الى مستوطنة كارييل في الضفة على انها مستوطنة اقيمت وسط الضفة الغربية.
وتنقل الصحيفة عن شكيد وزملائها في المنظمة ان ما يقدمونه هو دروس ذكية في كيفية الدخول الى المجتمع "الانترنتي" وتغيير صياغته بدون اية مشاكل، مثلا تعلموا انه يجب عدم الدخول في حوارات ساخنة او الهجوم او تحدي قضايا مجمع عليها وتجنب الطرق التي يمكن من خلالها منع المشاركة.
ويرى محرر للموسوعة يعمل في القدس ان الاعلان عن المبادرة لن يكون مفيدا وقد يجهضها منذ البداية، وقال ان الوضع هو وضع حرب والطريقة لادارتها يجب ان يكون عبر القنوات السرية.
ومن ضمن الخطط الموازية هي انشاء "فيس بوك" ومواد على يوتيوب، كما يخطط المشرفون على كورسات اعادة صياغة مواد الويكيبيديا تنظيم جائزة كبرى لاحسن مشارك يقدم آلية لاعادة الصياغة حسب الرواية الصهيونية.
وتعتبر ويكيبيديا من اوسع الموسوعات انتشارا وقراءة، فهي موجودة في اكثر من 271 لغة ويقرأها اكثر من 379 مليون شخص في الشهر.
العالم كله ضدّهم من ناحية أخرى، أظهر استطلاع صهيوني نشر امس الخميس أن 54% من اليهود الصهاينة يعتبرون أن الدولة الصهيونية "معزولة" و56% منهم يعتقدون أن "العالم كله" ضدهم.
وذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الصهيونية أن "مؤشر استطلاع السلام" الذي أجراه "برنامج ايفانس لتسوية الخلافات" في جامعة تل ابيب و"المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" ونشر امس أن 54% من يهود الدولة الصهيونية يعتقدون أنها معزولة إلى حد ما أو بشكل كامل، فيما اعتبر 46% أن الدولة الصهيونية ليست وحيدة.
واعتبرت غالبية اليهود الصهيونية أن العالم سيواصل انتقاده للدولة الصهيونية، وقال 77% إن ذلك سيتواصل بغض النظر عما تفعله الدولة الصهيونية أو إلى أي مدى ستذهب في القضية الفلسطينية.