قتل ستة من جنود قوات المساعدة الأمنية الدولية "إيساف"، التابعة لحلف شمال الأطلسي، "الناتو"، لتواصل حصيلة الخسائر في صفوف قوات الاحتلال ارتفاعها إلى رقم قياسي خلال يونيو الجاري، متجاوزة أكثر من 90 قتيلاً. ويعد بذلك يونيو من أكثر الشهور دموية لقوات الاحتلال منذ الغزو الأمريكي لأفغانستان أواخر عام 2001، بعد أن كان الشهر الماضي قد سجل مقتل 51 جنديًا في صفوف القوات الدولية.
وذكرت "إيساف" أن أربعة من الجنود الستة قتلوا في جنوبيأفغانستان، حيث ينشط مقاتلو حركة "طالبان" فيما لقي اثنان مصرعهما، بهجمات منفصلة شرقي البلاد، بانفجار عبوات ناسفة، وهي السلاح المفضل ل "طالبان".
ولم تكشف "إيساف" حتى الآن عن جنسيات جنودها الستة الذين قتلوا السبت في انفجار عبوات ناسفة يدوية الصنع، ، في جنوب وشرق أفغانستان.
تصاعد الهجمات وشهدت الأيام الأخيرة مقتل من ثلاثة إلى أربعة جنود يوميًا من القوات الغربية في المتوسط بأفغانستان، وسط توقعات مسئولين أمريكيين أن يصبح العام 2010، الأكثر دموية لقوات الاحتلال، حال استمرار وتيرة الهجمات على معدلاتها الحالية، إذ ارتفعت الحصيلة منذ مطلع العام إلى 309 قتلى.
ومنذ 2005 تتصاعد وتيرة الهجمات التي تقودها حركة "طالبان" في أفغانستان وينتهي كل عام بحصيلة قتلى قياسية تفوق حصيلة العام الذي سبق.
وإجمالاً، تجاوزت حصيلة الخسائر في صفوف القوات الأمريكية ألف قتيل، منذ بداية الغزو، وسط توقعات بأن العام 2010 الحالي، يليها القوات البريطانية التي بلغ عدد قتلاها إلى 300 جندي، وهو أعلى معدل خسائر يتكبده البريطانيون منذ الحرب العالمية الثانية.
تغيير القيادة ويأتي سقوط المزيد من القتلى في صفوف قوات الاحتلال بعد قليل من قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بقبول استقالة قائد القوات الأمريكية في أفغانستان، الجنرال ستانلي ماكريستال، وإسناد مهامه إلى الجنرال ديفيد بتريوس، قائد القيادة المركزية الأمريكية.
وفي هذا الإطار، اجتمع رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الأدميرال مايكل مولين مع الرئيس الأفغاني حامد كرزاي في كابل السبت لطمأنته بشأن عدم تغيير إستراتيجية الحلف الأطلسي بعد التعديل الأخير على رأس القيادة العسكرية بأفغانستان.
والتقى مولن كذلك مع قادة قوات الاحتلال في أفغانستان, قبل أن يتوجه لباكستان التي يتوقع أن يلتقي فيها بالرئيس الباكستاني آصف علي زرداري وبقائد الأركان الجنرال أشفق برويز كياني.
وعلى أثر زيارته لكابل, قالت الرئاسة الأفغانية في بيان لها إن رئيس أركان الجيش الأميركي أعرب خلال لقائه مع كرزاي عن ثقته في قدرة قائد القوات الدولية الجديد الجنرال ديفد بتريوس على بذل الجهود اللازمة، أسوة بالجنرال ستانلي.
سبب الإقالة عزت صحيفة بريطانية، السبب الحقيقي وراء الإطاحة بالجنرال ستانلي ماكريستال من مهماته كقائد لقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان إلى تقييم سلبي جدًا قدمه إلى وزراء الدفاع في دول "الناتو"، وهو ما من شأنه أن يسلط الضوء على الجانب الخفي حول الدافع وراء الإقالة التي جاءت إثر تهكمه من المسئولين الأمريكيين، ومن بينهم نائب الرئيس جو بايدن.
وذكرت صحيفة "ذي انديبندنت أون صنداي" الأحد، أن إقالة الجنرال ماكريستال لم تنتج فقط من تصريحاته كما هو معلن، بل ترجع أيضًا إلى تقرير كان قدمه قبل أيام من إقالته لوزراء الدفاع في دول الحلف الأطلسي تضمن حصيلة سلبية عن الوضع في أفغانستان، وتشكيكًا في إمكانية حدوث تقدم على صعيد الوضع الميداني بعد ثمانية أعوام ونصف من الحرب بأفغانستان.
تقرير متشائم ووفق ما ذكرت الصحيفة نقلاً عن وثائق عسكرية سرية، فإن الجنرال ماكريستال نبه وزراء "الناتو" بأنه ينبغي عدم انتظار حدوث أي تقدم في الأشهر الستة المقبلة، مشككًا بذلك في إمكان بدء سحب القوات الأمريكية في يوليو 2011 بناء على رغبة الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
وبحسب المصدر ذاته، قال الجنرال إن جزءًا صغيرًا فقط من المناطق الأساسية لإحلال الأمن على الأمد الطويل في أفغانستان يمكن اعتباره "آمنًا"، وقسمًا ضئيلاً من القوات الأفغانية يتسم "بالفاعلية".
كما شكك في الحكومة الأفغانية ووصفها بأنها "غير فاعلة ولا تتمتع بصدقية"، معتبرًا أن باكستان أخفقت "في احتواء الدعم الذي يفيد منه المتمردون".
ونقلت الصحيفة عن "مصادر مطلعة" إن هذا التقرير الذي تتناقض فيه خلاصات ماكريستال بشكل واضح مع نية أوباما البدء بسحب القوات الأمريكية خلال العام المقبل هو الذي دفع الرئيس الأمريكي إلى قبول استقالة قائد القوات الأمريكيةبأفغانستان وليس فقط التصريحات التي أدلى بها للصحافة.
الأمن القومي وكان أوباما اعتبر أن قراره بقبول استقالة ماكريستال- إثر لقاء قصير جمعهما الأربعاء بعد تصريحات سخر فيها من نائب الرئيس جو بايدن- يصب في صالح الأمن القومي الأمريكي، ولم يتخذه بناء على خلافات في السياسات معه أو على أساس شخصي، وإنما لأن "الحرب أكبر من الجميع".
بدورها، عدت حركة "طالبان" الإطاحة بالجنرال ماكريستال، دليلاً على خسارة الولاياتالمتحدة للحرب بأفغانستان، ورأت أن قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما بإقالة المسئول العسكري الأكبر في هذا البلد جاء "لحفظ الوجه".
وقال المتحدث باسم "طالبان"، قاري يوسف أحمدي، في بيان نُشرته عدة مواقع على الإنترنت، إن الرئيس باراك أوباما سعى إلى حفظ ماء الوجه بقراره إقالة الجنرال ماكريستال، وإسناد مهامه إلى الجنرال ديفيد بتريوس، قائد القيادة المركزية الأمريكية.
وكان الجنرال بتريوس الذي كان يتولى القيادة الأمريكية الوسطى المسئولة عن العراق وأفغانستان أعرب في تصريح بعد قليل من تعيينه خلفًا للجنرال ماكريستال تأييده للموعد الذي حدده الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لبدء انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان بحلول يوليو 2011.
ويجيء ذلك في الوقت تتكبد فيه تتكبد فيه قوات الاحتلال المزيد من الخسائر في صفوفها خلال الفترة الأخيرة، والتي تجاوزت خلال يونيو الجاري أكثر من 90 قتيلاً، فيما الشهر الأكثر دموية للقوات الدولية خلال الحرب المستمرة في أفغانستان منذ ثمانية أعوام ونصف العام.