طالبت مجموعة من الأطر المغربية في اسبانيا بفتح حوار مع الصحراويين أنصار البوليزاريو في هذا البلد لتسهيل التوصل الى اتفاق بين المغرب والجبهة حول نزاع الصحراء الغربية. كما اعتبرت خطة الحكم الذاتي ونظام الجهوية في المغرب مكسبا يجب تطويره وربطه بالإصلاحات الدستورية العميقة. جاء ذلك في لقاء احتضنته مدينة غرناطة الأندلسية يوم السبت الماضى من تنظيم "المنتدى المدني لمغاربة اوروبا فرع اسبانيا"، وجمع بعض الأطر المغربية من أساتذة جامعيين ورؤساء جمعيات وفاعلين حقوقيين وإعلاميين ورجال أعمال في اسبانيا.
تدارس اللقاء مشروع العاهل المغربي بمنح الصحراء حكما ذاتيا ومنح باقي مناطق المغرب نظاما جهويا متطورا. وكانت المواضيع الرئيسية في المداخلات هي هل أنظمة التسيير المقترحة، الحكم الذاتي والجهوية، تدخل ضمن نطاق إيجاد حل لنزاع الصحراء الغربية أو كحاجة ملحة لتطور الممارسة السياسية المغربية؟.
ومن جهة أخرى، الدور الذي يمكن للهجرة المغربية خاصة في اسبانيا القيام به؟.
ورغم ترحيب المشاركين بالمقترحات السياسية مثل الحكم الذاتي والجهوية، إلا أن الرأي السائد في مداخلات المشاركين شدد على أن هذه الاقتراحات تأتي أساسا في إطار البحث عن حل لنزاع الصحراء الغربية، خاصة بعد ما أصبح يعرف بما بعد فترة ملف أميناتو حيدر، الناشطة الصحراوية التي أضربت عن الطعام أواخر السنة الماضية بجزر الكناري.
يذكر أن الإضراب الذي كانت قد خاضته الناشطة الحقوقية أميناتو حيدر في مطار لانثاروتي في جزر الخالدات الإسبانية، بعدما منعها المغرب من دخول مدينة العيون وتراجعه تحت الضغط الدولي، أصبح يشكل منعطفا دفع دبلوماسية الرباط إلى إعادة النظر في تعاطيها مع هذا الملف سواء عبر ليونة أكثر في ملف حقوق الإنسان أو نهج سياسة الاقتراحات كبديل عن تقرير المصير.
ولخص البيان الختامي للقاء غرناطة الأفكار الرئيسية والتوصيات التي انتهى إليها اللقاء والتي تعكس في العمق الأفكار التي تدور وسط الجالية المغربية في اسبانيا، ومن أبرزها "ربط إقامة نظام جهوي موسع بالمغرب بإصلاحات سياسية ودستورية عميقة تقوم على نقل السلطات التنفيذية لحكومة منتخبة وتوسيع صلاحيات الوزير الأول"، وهو مطلب تشترك فيه الهجرة مع الكثير من القوى السياسية التقدمية في المغرب.
وحول الصحراء، طالب البيان برفع الدولة المغربية يدها عن الأنشطة التي ترمي للدفاع عن مغربية الصحراء خاصة في دول الاتحاد الأوروبي.
وقال أحد المشاركين ان الكثير من الأطر المغربية "يرغبون في تنظيم أنشطة للدفاع عن مغربية الصحراء، وخاصة مخطط الحكم الذاتي كحل للنزاع، لكن في غالب الأحيان تتدخل الدولة المغربية عبر جمعيات بعضها فاقد للمصداقية أو أجهزتها الاستخباراتية، وهو ما يفسر تراجع هذه الأطر التي لا تقبل الخطاب الرسمي كما هو عليه وترى استراتيجية مخالفة ترتكز على الحوار والجدل مع الطرف الآخر".
لكن الأهم في لقاء غرناطة أن بيانه تضمن اقتراحا بفتح حوار مع الصحراويين أنصار البوليزاريو في اسبانيا. ومما جاء في البيان أن "فتح قنوات للحوار مع الصحراويين الموالين للبوليزاريو المقيمين في إسبانيا وأصدقائهم من الإسبان". وتشكل هذه التوصية تطورا في معالجة الجالية المغربية لأزمة الصحراء الغربية بدل سياسة مواجهة البوليزاريو عبر التظاهرات.
وكانت الكثير من الجمعيات المغربية في أوروبا تفكر، انطلاقا من صفتها كجزء من المجتمع المدني والحقوقي، في فتح حوار مع أنصار البوليزاريو للتفكير في سوية البحث عن الحل بدل ترك ذلك حكرا على الجهات الرسمية أي قيادة البوليزاريو والنظام الحاكم في المغرب.
وأبرز حميد البجوقي أحد منظمي اللقاء أن هناك مفاوضات بين المغرب والبوليزاريو، وعليه فإن "جمعيات المجتمع المدني مطالبة بدور ما لتسهيل الحوار وبناء جسور الثقة لأن حل نزاع الصحراء سيكون فيه الخير لكل شعوب منطقة المغرب العربي".
ومن جهة أخرى، عالج المشاركون في اللقاء ضرورة تشكيل لوبي مغربي في اسبانيا يدافع عن مصالح المغاربة ومصالح اسبانيا والمغرب على حد سواء بدل الاستمرار في التوتر السياسي.