الأطباء تبحث مع منظمة الصحة العالمية مشاركة القطاع الخاص في التأمين الصحي    محافظ الإسكندرية يطلق مبادرة توظيفك علينا لتشغيل 1000 شاب وفتاة    حدث ليلا.. تل أبيب تشتعل واعتقالات بالجامعات الأمريكية وإصابة بن غفير    مصرع 76 شخصا وتشريد 17 ألف آخرين بسبب الفيضانات في كينيا    صحفي إنجليزي يكشف كواليس وأسباب أزمة مشادة محمد صلاح مع كلوب    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    طارق السيد: الزمالك سيتأهل إلى نهائي الكونفدرالية    موعد مباراة توتنهام وآرسنال اليوم في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    السكك الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد لقضاء شم النسيم بالإسكندرية    حالة الطقس اليوم الأحد على القاهرة والمحافظات    سيد رجب: بدأت حياتى الفنية من مسرح الشارع.. ولا أحب لقب نجم    لتضامنهم مع غزة.. اعتقال 69 محتجاً داخل جامعة أريزونا بأمريكا    ماكرون يعتبر الأسلحة النووية الفرنسية ضمان لبناء العلاقات مع روسيا    أسعار الأسماك واللحوم والدواجن والخضروات.. اليوم 28 أبريل    التصريح بدفن جثة شاب صدمه قطار أثناء عبوره المزلقان بقليوب    تتبع المنهج البريطاني.. ماذا قال وزير التعليم عن المدرسة الدولية؟    زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب جزيرة جاوة الإندونيسية    الفرح تحول إلى جنازة، لحظة انتشال سيارة زفاف عروسين بعد سقوطها بترعة دندرة (صور)    14 مليار دولار في طريقها إلى مصر بسبب رأس الحكمة    تسليم أوراق امتحانات الثانوية والقراءات بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    غدا.. محاكمة عاطل متهم بإنهاء حياة عامل في الحوامدية    أتلتيكو مدريد يفوز على أتلتيك بلباو 3-1 في الدوري الإسباني    السفير الروسي: انضمام مصر للبريكس مهم جدا للمنظمة    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل عن 65 عاما    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد 28 إبريل 2024 بالصاغة    حسام البدري: أنا أفضل من كولر وموسيماني.. ولم أحصل على فرصتي مع منتخب مصر    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    بعد جريمة طفل شبرا، بيان عاجل من الأزهر عن جرائم "الدارك ويب" وكيفية حماية النشء    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    وفاة الفنان العراقي عامر جهاد    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    ملف يلا كورة.. أزمة صلاح وكلوب.. رسالة محمد عبدالمنعم.. واستبعاد شيكابالا    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    بشرى للموظفين.. 4 أيام إجازة مدفوعة الأجر    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وسط شماتة صهيونية.. أزمة مياه النيل تستنفر الرئاسة المصرية
نشر في الشعب يوم 17 - 05 - 2010

أثار الاتفاق الإطاري الذي وقعت عليه إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا الجمعة الماضى بشأن تقاسم مياه النيل، تحركات مصرية مضادة، حيث ينتظر أن تبادر القاهرة خلال المرحلة القادمة بمساع لاحتواء تداعيات الأزمة يدعمها موقف بوروندي والكونغو الديمقراطية اللتين غابتا عن حفل التوقيع في "عنتيبي"، إلى جانب كينيا، الأمر الذي تسعى مصر إلى استغلاله عبر فتح قنوات اتصال مكثفة مع تلك الدول، في محاولة من مصر لاستقطابها إلى جانبها، والتراجع عن الاتفاقية المثيرة للجدل.
وستعرض القاهرة التي ستستقبل خلال الأيام القادمة رئيس الوزراء الكيني رايلا اودينجا على الدول الثلاث التي قاطعت حفل التوقيع الانخراط في مشاريع تعاون تخدم جميع الدول المتشاطئة على النهر، إضافة إلى عرض حزمة من المشروعات للاستفادة من المهدر من مياه النيل وكذلك مياه الأمطار.
وتسعى القاهرة عبر نقل ملف مياه النيل إلى مؤسسة الرئاسة إلى معالجة المشكلات التى أدت للأزمة واستعادة دورها الأفريقي، من خلال الاهتمام بمشاكل القارة الأفريقية وتفعيل التعاون السياسي والاقتصادي والتجاري مع دول القارة، خصوصا دول منبع نهر النيل وإيجاد نوع من المصالح معها.
وسيتم إيفاد مبعوثين مصريين رفيعي المستوى إلى الدول المانحة وفي مقدمتها الصين ودول أوروبية وعربية للربط بين تقديم أي منح لدول المنابع بوجود توافق بين هذه الدول على تقاسم مياه النهر بشكل يحترم قواعد القانون الدولي ويحافظ على مصالح الجميع بما فيها مصر والسودان.

دور مصر الأفريقى
وأكد الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية السابق أن استعادة مصر لدورها الأفريقي، لاسيما في منطقة دول حوض النيل وتبني نهج دبلوماسي هادئ ومحدد الأهداف هو السبيل الوحيد للحفاظ على مصالحها المائية.
واعتبر أن أمام مصر فرصة مناسبة لاستغلال غياب بعض الدول عن توقيع الاتفاق الإطاري، وأنه يتعين عليها أن توجه لها خطابًا دبلوماسيًا غير مستفز يعول على الاستفادة من جميع موارد المياه بما فيها الأمطار ومياه النهر، حيث يرى أن التعويل على قواعد القانون الدولي والاتفاقيات الموقعة ورغم أهميته ليس السبيل الوحيد لحل الأزمة.
وأشار إلى ضرورة بذل جهود لدى الدول المانحة والسعي لإقناعها بالتوقف عن تقديم المنح والمعونات لدول المنبع إلا إذا حافظت على مصالح دول المصب، وإن اعترف بصعوبة هذا الأمر في ظل تعدد قنوات المنح ووجود أطراف راغبة بقوة في الإضرار بأمن مصر والسودان واستقرارهما.
إلى ذلك، تدرس مصر حاليًا دعوة جميع وزراء المياه بدول حوض النيل لعقد اجتماع استثنائي بالإسكندرية لمناقشة المبادرة الرئاسية للتوازي مع فتح باب التفاوض حول البنود العالقة في الاتفاقية الإطارية ووفقا لفترة زمنية محددة وذلك لتوحيد الحوض حول رؤية واحدة وأهداف واحدة.
وقال الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري إن مصر بصفتها الرئيس الحالي للمجلس الوزاري توجه الدعوة لدول حوض النيل الدعوة لجميع دول الحوض مجتمعة لإعادة النظر فيما اتخذ من مواقف انفرادية في مؤتمر شرم الشيخ، والعودة إلى مائدة المفاوضات لدورة جديدة من المفاوضات الجادة التي يتم فيها التعرض بشكل جدي للبنود العالقة في الاتفاقية الإطارية، ومحاولة الوصول إلى حلول ترضى جميع الأطراف، والتأكيد على الاستغلال الأمثل لمياه نهر النيل والتعاون في استقطاب فواقده وتعظيم إرادة لصالح شعوبه.

اهتمام رئاسى
ويتسلم الرئيس المصري محمد حسني مبارك خلال ساعات تقريرًا شاملاً عن ملف مياه النيل واجتماعات عنتيبي التي شهدت توقيع عدد من الدول بالأحرف الأولي علي الاتفاقية الإطارية.
وذكرت صحيفة "الجمهورية" الرسمية أن مصر بصفتها رئيس الدورة الحالية لمجلس وزراء مياه حوض النيل تدرس حاليًا دعوة الوزراء لعقد اجتماع استثنائي بالاسكندرية لمناقشة المبادرة الرئاسية المقدمة من الرئيسين مبارك والبشير.
وقالت الصحيفة إن هذه المبادرة ترمي إلى إنشاء مفوضية عليا لإدارة حوض النيل تعمل علي جذب رؤوس الأموال والمعونات لإنشاء مشروعات تنموية في جميع دول حوض النيل مع منح مهلة زمنية محددة للتوصل إلى اتفاقية إطارية شاملة لتحقيق التنمية والاستقرار الاجتماعي لكافة شعوب النيل.
من جانبه، قال الدكتور نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري: "مصر بصفتها رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري تدعو دول الحوض مجتمعة إلى إعادة النظر فيما اتخذ من مواقف انفرادية في مؤتمر شرم الشيخ أبريل الماضي".
وأضاف "نريد منهم العودة إلى مائدة المفاوضات لدورة جديدة بحيث يتم التعرض فيها بشكل جدي للبنود العالقة في الاتفاقية الإطارية ومحاولة الوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف".
ولفت إلى أن وسائل الإعلام الإثيوبية تجاهلت العلاقات الأزلية والتاريخية وروابط الدم بين الشعبين المصري والأثيوبي وحقيقة أن ما يربط البلدين أكبر من الأمور الطارئة التي قد تظهر أحيانًا وان موقف مصر من الاتفاقية يرتكز علي احترام القانون الدولي وتفعيله.

تضامن سودانى مع مصر
من جانبه، أكد وزير الرى والموارد المائية السودانى، كمال على محمد، موقف الخرطوم الرافض لقيام مفوضية لا تعترف باستخداماتها وحقوقها الحالية من مياه نهر النيل.
وأوضح الوزير أن السودان ظل طبقاً لاستراتيجيته الثابتة يقوم بالإقناع المتواصل لدول حوض النيل بعدم القيام بعمل انقسامى لن يفيد دول المنبع ولن يضر السودان.
وأشار إلى أن السودان كثف جهوده فى هذا المضمار منذ اجتماع كينشاسا.
وأضاف على، أن السودان وبموافقة مصر قدم مذكرة من الرئيس السودانى لرؤساء دول حوض النيل، لتطوير التعاون القائم حاليا فى مبادرة حوض النيل إلى مفوضية تهدف لاستقطاب التمويل لتنفيذ مشروعات ذات منافع لكل دول الحوض بدلا من تكريس الانقسام الذى ركزت عليه دول المنبع، موضحاً أن مذكرة الرئيس السودانى وجدت قبولاً من معظم رؤساء دول حوض النيل.
وحذر مدير إدارة الموارد المائية فى كينيا، جون نيارو، من أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق على إطار تعاونى بشأن مياه نهر النيل، فلن يكون هناك سلام.
وقال نيارو «إذا لم يكن لدينا إطار تعاونى متفق عليه، فلن يكون هناك سلام»، وأضاف «إن المكان الذى لا يطبق فيه حكم القانون، فإن حكم الغابة فيه لا يجلب السلام».
بينما قال وزير المياه والبيئة فى رواندا، ستانيسلاس كامانزى، «إن مصر تطلب تأجيل التوقيع على اتفاق الإطار التعاونى، ولكن لا يمكننا الانتظار فترة طويلة، خاصة أننا نتفاوض منذ أكثر من عشرة أعوام».
من ناحية أخرى، قال أحمد المفتى، المستشار القانونى للوفد السودانى قبل الاجتماع «إن جميع دول حوض النيل كانت على وشك التوصل لاتفاق، ولذلك لم تكن هناك حاجة لكى توقع دول أعالى النيل على اتفاقها».
وأضاف «أن مصر والسودان تحتاجان للمياه أكثر من الدول التى تقع فى المناطق الأكثر خصوبة، فهذه الدول لديها الكثير من الأمطار ولا تحتاج للمياه، بينما نحتاج إلى المياه فى السودان».
وبعد توقيع الاتفاق فى عنتيبى الأوغندية، أمس الأول، قال وزير الموارد المائية الإثيوبى أصفاو دينجامو «فى اعتقادى الراسخ أن دول حوض النيل ستوقع على هذا الاتفاق التاريخى الذى يعد بنتائج فى صالح جميع دولنا على جبهة متعددة للتكامل الاقتصادى والإقليمى».
وقال وزير المياه والبيئة فى رواندا ستانيسلاس كامانزى «نأسف حقاً لأن هذا الاحتفال أقيم فى ظل غياب مقصود ولم يعلن عنه مسبقا لأشقائنا الأعزاء من مصر والسودان.. ندعوهم للانضمام إلى العملية التى نمضى فيها قدماً».
وقال وزير الموارد المائية الإثيوبى أصفاو دينجامو «بالنسبة للحرب فإننى لا أعتقد أننا سنعلن الحرب، لأنك إذا توليت إدارة الأمر بشكل لائق.. نتعاون سويا ونعمل سوياً فإن الموارد ستكون كافية لكل الدول الواقعة على النهر والمشكلة الوحيدة التى نواجهها الآن هى أن هذه الموارد لا تدار كما ينبغى».
ويتكون النيل الذى يمتد على نحو 6700 كم، من التقاء النيل الأبيض، الذى ينبع من بحيرة فيكتوريا (أوغندا، كينيا، تنزانيا)، والنيل الأزرق ومنبعه بحيرة تانا فى إثيوبيا، فى الخرطوم، حيث يشكلان نهرا واحدا يعبر مصر من جنوبها إلى شمالها ليصب فى البحر المتوسط.
وقال أحمد زكى أبو كبير إن اتفاقيات الأنهار تعامل مثل اتفاقيات ترسيم الحدود بين الدول، وهى قاعدة دولية مسلم بها فى القانون الدولى، وأضاف أن ما تزعمه تلك الدول حول إعادة تقسيم مياه النيل حالياً وعدم الاعتراف بالاتفاقيات التى وقعت من قبل لا تخوف منه فى ظل الدبلوماسية المصرية التى بدأت اتخاذ خطوات جادة لوقف أى مزايدات على حصة مصر من المياه والتى انتقلت من مرحلة التفاوض حالياً إلى مرحلة تبنى رؤية تعتمد على المصالح المشتركة.

الجامعة العربية تتدخل
ودعت الجامعة العربية مصر والسودان وباقى دول حوض النيل إلى إنهاء الخلاف حول تقاسم المياه فيما بينها، والتوصل إلى تفاهم بهذا الشأن، حتى لا يؤثر ذلك على الأجواء التى تعقد فيها القمة العربية الأفريقية فى ليبيا فى شهر أكتوبر المقبل، مؤكدة عدم وجود خطة محددة لدى الجامعة العربية، للتحرك بهذا الشأن فى الوقت الحالى.
وقال السفير هشام يوسف، رئيس مكتب الأمين العام للجامعة «ندعو إلى تسوية الخلاف حول تقاسم مياه النيل بين مصر والسودان من ناحية وباقى دول المنبع من ناحية أخرى، من خلال مواصلة الحوار حتى يتم التوصل إلى تفاهم تتفق عليه جميع دول حوض النيل».
وأضاف «الوقت مازال متاحاً لتحقيق هذا الهدف».
وأشار يوسف إلى أن هذا الموضوع يأتى فى وقت تكثف فيه الجامعة العربية من جهودها لدفع العلاقات العربية الأفريقية، حيث تعقد القمة العربية الأفريقية فى ليبيا خلال شهر أكتوبر المقبل، لتحقيق مزيد من التضامن والتعاون بين العرب والأفارقة.
وقال إن هناك أهمية كبيرة للعمل على إزالة الخلافات الحالية بين مصر والسودان وباقى دول المنبع الأفريقية لكى لا تؤثر على الأجواء التى تعقد فيها القمة العربية الأفريقية.

شماتة صهيونية
"المياه ليست هادئة.. أصوات طبول الحرب ستدق قريبا بين دول حوض النيل" كان هذا هو العنوان الاستفزازى الذى افتتحت به "صحيفة يديعوت أحرونوت" الصهيونية تقريرها المفصل عن أزمة تقسيم المياه بين دول حوض النيل، زاعمة أن التحدى المتمثل لدول الحوض يعود إلى احتكار مصر على موارد النهر وبالتالى فهم يرفضون تقديم أى تنازلات أو أى تهديدات، مضيفة أن الحرب من الممكن أن تندلع على المياه بالفعل ولكن ليس بالضرورة أن تنشب خلال العقد المقبل.
وفى سياق التقرير تساءلت الصحيفة الصهيونية عن كيف يمكن لتل أبيب أن تحرك تلك الدول لعمل هذا الانقلاب، لافتة فى الوقت نفسه إلى أن نهر النيل منذ آلاف السنين لا يعتبر فقط مجرد نهر بل إنه يعد شريان الحياة الرئيسى فى مصر، حيث له الفضل الأكبر فى تحويل قلبها من صحراء قاحلة إلى دلتا خصبة تنبض بالحياة، مشيرة إلى أنه منذ القرن الماضى أعطى لمصر الحق التاريخى بالنسبة الأكبر من مياه النهر بمساعدة السلطات البريطانية، على حد زعمها، إلا أن هذا الأمر أصبح يثير أزمة دبلوماسية حقيقية بين دول القارة السمراء وتهدد كسر النظام بها مرة أخرى.
وزعمت الصحيفة أن التوقيع المثير للجدل الذى تم أول أمس فى مدينة "عنتيبى" عاصمة أوغندا سيعد أكثر عدل لتوزيع المياه بين البلدان الأربعة الواقعة على ضفاف النهر وهم "إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا" الذين كانوا يتمتعون بدعم من كينيا.
وأشارت يديعوت إلى أنه فى ضوء الاتفاق التاريخى بين بريطانيا ومصر فى الفترة من عام 1929 أعطى لمصر حق الاعتراض على أى مشروع تقوم به أى من الدول الواقعة طول مجرى النهر يؤثر على المياه التى تتلقاها، وتم التصديق على هذه الوثيقة مرة أخرى فى عام 1959 وبعد عدة تغييرات، تم إعطاء نصيب الأسد لمصر من مياه النهر بنسبة تصل إلى أكثر من 55 مليار متر مكعب من المياه، بينما تحصل جارتها السودان على 18 مليار متر مكعب أى بنسبة 87 % لكلا البلدين من مياه النيل.
وقالت الصحيفة إن دول الحوض التى تقع على طول 6700 ميل هو طول النهر، فاض بهم الكيل حيث إن حوالى 13 % فقط من مياه النهر موجودة تحت تصرفهم، وتلك الدول السبعة فتحت فى العقد الأخير ملف الحوار من جديد على تقسيم مياه النهر بطريقة عادلة ومختلفة لأن المياه أصبحت أكثر تكلفة، ولكن هذه الجهود لم تثمر عن شىء فى ضوء نهج مصر والسودان المستمر لعدم تغيير الوضع القائم وذلك بحجة الاتفاقية التاريخية بالحصول على أكبر قدر من مياه النهر.
وأشارت يديعوت إلى أن مصر هى أكبر واحة فى العالم وتعد أقدم منحل من مناحل الحضارات القديمة بالإضافة لذلك فيوجد بها صحراء شاسعة يشقها نهر النيل ليروى مساحة 4 ٪ من مساحتها، مضيفة بأن الأبحاث الصادرة عن الهيئات الحكومية المصرية تظهر أن ارتفاع مستوى سطح البحر من الفيضانات سيدمر الحقول الزراعية والتى يمكن أن تؤدى إلى هجرة ضخمة إلى المدن الاقتصادية، فى الوقت الذى ترسم فيه بعض المراكز البحثية المستقلة صورة قاتمة للوضع المائى فى مصر، حيث يشير المحللون إلى أن الحصة الحالية ليست كافية للسنوات ال 15 المقبلة، فبالنظر إلى الزيادة الطبيعية فى عدد السكان فإن مصر تحتاج إلى مبلغ إضافى قدره 17 مليار متر مكعب من المياه بالفعل فى عام 2025.
وقالت الصحيفة إنه دائما ما يعلق البعض فى مصر حدوث أى أزمة على شماعة "المؤامرة الصهيونية" ضدها، مضيفة أنه من المدهش ارتفاع اسم الدولة الصهيونية عند حدوث أية أزمة.
حق مصرى
ووصف الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية، توقيع 4 دول أفريقية من دول حوض النيل على اتفاقية لإعادة توزيع حصص مياه النيل أمس الجمعة، بأنه خطوة خاطئة ما كان يجب أن تتم، مشيرا إلى أن هذا التوقيع ليس نهاية المطاف.
وأكد الدكتور شهاب في تصريح للتليفزيون المصري اليوم السبت، أن مصر تتمسك بحقوقها التاريخية والثابتة طبقا للاتفاقيات التي أبرمتها مع دول المنبع، وقال "من المهم أن يكون لدينا السند القانوني لإثبات حقنا في مياه النيل"، مشيرا إلى وجود اعتبارات سياسية تتطلب التعاون بين دول المنبع والمصب لتحقيق مصالحها المشتركة.
وقال "إننا أصحاب حق في مياه النيل، كما أن الدول الإفريقية دول شقيقة لنا مصالح مشتركة معها"، مؤكدا أن تحقيق هذه المصالح أمر واجب ولابد أن يكون في إطار احترام القانون، موضحا أن مصر بدأت في بحث التعاون مع العديد من الدول الإفريقية لإقامة المشروعات المشتركة وتحقيق المصالح التي تخدم الجميع.
وأشار إلى أن توقيع أربع دول من دول منبع حوض النيل على الاتفاقية أمس يتطلب المزيد من الحوار معهم لإقناعهم، بالإضافة للاتصالات التي تجريها مصر مع الدول المانحة والمنظمات الدولية ومؤسسات التمويل التي تقدم القروض لمشروعات التنمية في حوض النيل، مؤكدا أن هذه المؤسسات الدولية لا تقدم القروض إلا إذا كان هناك اتفاق بين جميع دول المنبع والمصب.

اتفاق غير ملزم
وأكد مفيد شهاب، وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، أن الاتفاقية التى وقعتها دول منابع النيل السبع، أمس الجمعة، فى عنتيبى بأوغندا لتنظيم استغلال المياه وتوزيع الحصص بالتساوى بين كل الدول التسع لا قيمة لها من الناحية القانونية بالنسبة للدول التى لم توقع عليها، فى إشارة إلى مصر والسودان.
وقال شهاب «هناك قاعدة أصولية فى القانون بأن الاتفاق لا يلزم إلا من وقع عليه فلا يمكن أن تبرم مجموعة من الدول اتفاقا فيما بينها يكون ملزما لآخرين لم يوقعوا عليه ولم يعلنوا أبدا موافقتهم عليه».
وأكد شهاب أن هذه الخطوة تدعو إلى مزيد من الحوار مع هذه الدول ليس فقط من جانب مصر والسودان وإنما أيضا من باقى التنظيمات فى العالم، وبالأخص الدول المانحة والدول ذات العلاقة الطيبة، مشيرا فى هذا الصدد إلى إعلان عدد من الدول المانحة عن أسفها الشديد لإبرام هذا الاتفاق ورفضها الاستمرار فى منح المعونات لدول المنبع السبع ومواصلة المشروعات التى تنفذها هناك ما لم توافق هذه الدول على الدخول فى مفاوضات جديدة مع مصر والسودان تراعى مصالحهما.
وأضاف شهاب أنه من أنصار الحوار مع هذه الدول لإقناعها بأن هذه الخطوة من الناحية العملية لا يمكن تنفيذها، كما أن هذه الخطوة ضارة ليس فقط بمصر ولكن بها أيضا إذ توجد مصالح مشتركة بين مصر وهذه الدول لا تستطيع التضحية بها. وتابع أن مواصلة الحوار معهم تقتضى التركيز على مزيد من تبادل المصالح المشتركة والاتصال بهم على جميع المستويات، مضيفا «لا نريد أن ننظر إلى هذه العملية على أنها عملية مدمرة ولكن ننظر لها على أنها عملية خاطئة ويجب أن نوقفها».

لا للتحكيم
وقال وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية «ما كنا نتمنى أبدا أن تتم هذه الخطوة لأنها تخرج تماما عن إطار التعاون والتكامل الذى يجب أن يسود جميع دول حوض النيل». وأضاف أنه يجب أن تكون هذه الدول حريصة على عدم القيام بأى خطوة يمكن أن تؤدى إلى الانقسام بين مجموعتين فهذا ضار للجميع.
وتابع شهاب «كنا نأمل أن نصل إلى اتفاق حول كيفية الاستفادة المثلى من مياه النيل وتنظيم القيام بمشروعات مشتركة تحقق المصلحة للجميع من خلال الحوار الذى بدأ فى السنتين الأخيرتين»، واعتبر الإقدام على هذه الخطوة محاولة للضغط من جانب هذه الدول على دولتى المصب ووضع مصر والسودان أمام الأمر الواقع.
وبشأن إمكانية قيام مصر بحشد مزيد من إمكانياتها القانونية وعلاقاتها الدولية وممارسة الضغوط كما حدث فى مسألة طابا، قال شهاب «فى طابا كان النزاع على أرض خاصة بمصر أرادت إسرائيل أن تغتصبها فكان طبيعيا أن نمارس كل الضغوط لنجبرها على الدخول فى تحكيم دولى، يرتكز على النواحى القانونية وتم الحكم لنا».
وأضاف «لا نريد أن نقفز إلى مسألة التحكيم الدولى فى الحالة الخاصة بمصر والسودان من ناحية وباقى دول المنبع من ناحية أخرى، لأن التحكيم لا يمكن أن يتم إلا بموافقة كل الأطراف».
وتابع أن «رفض اللجوء للتحكيم الدولى عقبة شكلية، فمع هذه الدول لا يمكن أن يكون الحل مبنيا على النواحى القانونية فقط وهى مائة فى المائة لصالح مصر، فالجوانب القانونية تكون عوامل قوة لك أثناء الحديث معهما».
وعما إذا كانت لغة المصالح مجدية فى هذا الملف حتى فى وجود دول أخرى محرضة، قال شهاب «رغم وجود عوامل ضغط على هذه الدول لتوجهها اتجاها معينا فإنه يجب علينا أن تكون لدينا مهارات أخرى ووسائل تحاول القضاء على هذه التأثيرات السلبية».
وأضاف «لدينا هذه المهارات، خاصة أنها تستند إلى جانب قانونى قوى، والدليل على ذلك أن المنظمات الدولية التى تريد تنفيذ مشروعات هناك كالبنك الدولى وقفت إلى جانبنا وسارع الاتحاد الأوروبى فقدم بيانا أعرب فيه عن أسفه لهذه الخطوة، وأعرب الاتحاد الأوروبى عن أمله بالعدول عن هذا الموقف».
وتابع الوزير أنه ينبغى القيام بالمزيد من الحوار والتواصل مع هذه الدول، إضافة إلى المزيد من توضيح الحقائق للمنظمات الدولية حتى لا يترتب على هذا الموقف أى نتائج فعلية واقعية، خصوصا أن ما سيتم هو «مجرد فتح الاتفاقية للتوقيع لمدة سنة».
وفى خطوة مفاجئة، قررت وزيرة الموارد المائية الكينية «تشاريتى نجيلو» عدم التوجه إلى العاصمة الأوغندية «عنتيبى» للمشاركة فى اليوم الأول لمراسم التوقيع على الاتفاقية الجديدة لمبادرة دول منابع النيل، التى ترفضها مصر والسودان.
ورفض موانجى كيونجورى، مساعد الوزيرة، التعليق على ما إذا كان القرار جاء استجابة لضغوط مصرية، وأكد أنه رغم عدم سفر الوزيرة بنفسها فإن البلاد ممثلة على مستوى المفوض الأعلى الكينى فى أوغندا جيفرى كانجا، موضحاً أن عملية التوقيع لا تقتصر على يوم واحد فقط، وإنما تمتد على مدار عام كامل.
وفى سياق متصل، أكد دبلوماسيون مصريون أن الاتفاق لن يؤثر على مصر من الناحية القانونية ولا العملية، فيما اعتبر سياسيون أن الاتفاق يعكس «فشل» القاهرة فى إدارة علاقاتها الخارجية.

التوقيع يفتقد الشرعية الدولية
وأكد الدكتور محمد نصرالدين علام، وزير الموارد المائية والرى، أن توقيع أى اتفاقية منفردة بين بعض دول حوض النيل يجعلها غير ملزمة لمصر، وغير ذات جدوى لأنها تقع خارج نطاق مبادرة النيل وتفتقد إلى المشروعية الدولية.
وقال علام، إن موقف مصر ثابت ومعلن تجاه جميع القضايا المتعلقة بالمياه، مؤكداً أنه فى حالة إصرار دول المنبع على توقيع الاتفاقية «منفردة» فإن مصر ستتخذ جميع الإجراءات القانونية والدبلوماسية اللازمة للحفاظ على حقوقها المائية واستخداماتها المائية المختلفة.
وكشف علام عن إجراء اتصالات مكثفة مع دول العالم والجهات المانحة خلال الفترة الماضية قامت بها وزارتا الخارجية والرى، وقال إن هناك تفهماً كبيراً لوجهة النظر المصرية، وتمت ترجمة ذلك بسلسلة الاتصالات التى أجرتها هذه الدول والجهات مع دول المنبع لإثنائها عن التوقيع المنفرد دون مصر والسودان والعودة إلى طاولة المفاوضات.
وأكد الوزير مجدداً قدرة مصر وثقتها الكاملة فى الحفاظ على جميع حقوقها التاريخية فى مياه النيل وعدم المساس بحصتها السنوية المصانة والمؤمنة باتفاقيات دولية يعترف بها العالم أجمع بحسب قواعد القانون الدولى.

تعاون مشترك
وقال علام «أطمئن الشعب المصرى أنه لا تأثير ولا مساس بحصة مصر من المياه»، مذكراً بما سبق أن أعلنه فى بيانه الأخير أمام مجلس الشعب من أن الحكومة المصرية تبدى اهتماماً كبيراً بقضية مياه النيل باعتبارها قضية أمن قومى تمس حاضر ومستقبل الشعب المصرى، وأنها لن تسمح تحت أى ظرف من الظروف بالمساس بحقوقها أو بحصتها السنوية، وأضاف أنه إذا كانت هناك خطورة لحدث ذلك من مئات السنين، مؤكداً قدرة مصر ممثلة فى وزارة الرى على الوفاء باحتياجاتها من الموارد المائية.
وأكد الوزير أن مصر كانت ومازالت تفتح قلبها وعقلها وتمد يدها لزيادة التعاون المشترك فى جميع المجالات فى إطار احترام القانون الدولى والاتفاقيات الدائمة، وتحرص على الاستمرار فى تقديم المنح والمساعدات للأشقاء بدول الحوض وفى مقدمتها مشروع إزالة الحشائش من بحيرة فيكتوريا والذى قدمت له مصر منحة تقدر بنحو 21 مليون دولار، وحفر الآبار الجوفية فى كل من تنزانيا وكينيا ودارفور وأوغندا بمنح تقدر بنحو 10 ملايين دولار أخرى لتوفير مياه الشرب لمواطنى هذه الدول، بجانب برامج التدريب لمبعوثى دول الحوض فى مراكز التدريب بالقاهرة والجامعات المصرية.
وأشاد علام بالموقف الموحد لمصر والسودان فى مجال الأمن المائى للحفاظ على الحقوق التاريخية فى مياه النيل للبلدين، وقال إنه على اتصال يومى مع نظيره السودانى لمتابعة ما يحدث من تطورات على الساحة واتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها.

إجراء غير قانونى
وفى الشأن نفسه، أكد خبيران فى مجال القانون الدولى أنه لا يحق قانونا لبعض دول منابع النيل توقيع اتفاقية إطار عمل فيما بينها لتغيير حصص المياه الحالية دون الحصول على موافقة الدول الموقعة على اتفاقية مبادرة حوض النيل.
قال الدكتور محمد سامح عمرو، أستاذ القانون الدولى، حقوق القاهرة، إنه وفقا لمبادرة حوض النيل، فإن ما تقوم به بعض دول المنابع إجراء «غير قانونى»، لأنه لابد من تبنى موافقة جميع الدول بما فيها مصر والسودان.
وأضاف عمرو أن القواعد الإجرائية لمبادرة حوض النيل تجعل من غير الجائز أن يتم تبنى الاتفاقية الإطارية من جانب عدد معين من الدول، معتبرا أن تحرك البعض منهم نحو توقيع الاتفاقية يعد عملا مخالفا للقواعد الإجرائية.
وأكد أستاذ القانون الدولى أن اعتراض دولة أو أكثر على توقيع بعض دول المنابع لاتفاقية إطار لا يجيز توقيعها، فضلا عن أنه فى حالة موافقة بعض الدول على الأمر فإن مصر وباقى الدول غير الموقعة غير ملزمة بها.
وتابع «من حق مصر الإبقاء على كل الاتفاقية الموجودة السابقة التى وقعتها، ولاتزال سارية المفعول، وأن توقيع بعض دول المنابع لأى اتفاقية لا يؤثر على حقوق مصر، طبقاً لمبادرة حوض النيل والاتفاقيات السابقة».
من جهته، قال الدكتور نبيل حلمى، أستاذ القانون الدولى، جامعة الزقازيق، إن نهر النيل هو أحد الأنهار الدولية لمروره بأكثر من دولة، لذا فإن القانون الدولى ينظم حقوق الدول المار بها وفقا ل«حقوق الارتفاق»، وهو ما يمنع دولة واحدة من تنظيم حصص المياه فى النهر.
وأضاف حلمى أن مصر لها حقوق تاريخية، تحفظ لها حصتها من مياه النيل التى تبلغ 55.5 مليار متر مكعب وفقا للاتفاقيات الموقعة عليها منذ عام 1929، موضحاً أن مطالبة دول المنابع بإلغاء هذه الاتفاقيات، لأنها وقعت أثناء الاحتلال البريطانى عليها أمر لا يجيزه القانون الدولى وفقا لمبدأ الاستحلاف الدولى أو التوارث الدولى.

غير قابلة للتعديل
وفى السياق، اعتبر خبراء فى الموارد المائية والشئون الأفريقية أن بدء دول منابع النيل السبع فى التوقيع على اتفاقية جديدة لمياه النيل، دون موافقة دولتى المصب «مصر والسودان»، يمثل ابتزازاً وتهديداً للحصول على مزيد من التمويل لمشروعاتها، مؤكدين أن هذه الدول لا يمكن أن تنفذ مشروعات تنموية شاملة دون الاتفاق مع مصر والسودان.
وقال الدكتور ضياء الدين القوصى، خبير المياه، إن ما تردده دول منابع النيل هو مجرد تهديد المفاوض المصرى للحد من سقف توقعاته المستقبلية لحقوقه من مياه نهر النيل.
وأضاف القوصى أنه "فى حالة توقيع هذه الدول على اتفاق منفرد فلن يكون ملزما لمصر والسودان، مؤكدا أن القانون الدولى يقر بأن اتفاقيات المياه شأنها شأن اتفاقيات الحدود لا يمكن تعديلها أو إلغاؤها، وأن المجموعة الدولية لن توافق على اتفاق لا يتكامل مع القوانين الدولية".
وأشار القوصى إلى أن رفع مستوى المفاوضات بين مصر ودول حوض النيل من الخبراء والوزراء إلى رؤساء الدول قد يؤدى إلى تراجع دول منابع النيل أو بعض منها عن مواقفها السابقة من المفاوضات المشتركة، موضحا أن البنك الدولى لن يمول أى مشروعات إلا بموافقة جميع دول حوض النيل ومنها دولتا المصب «مصر والسودان».
وأضاف القوصى أنه يجب على مصر أن تقوم بجهود مكثفة لترسيخ مفهوم التأييد الدولى للحقوق المصرية فى مياه النيل، والتزام دول منابع النيل بعدم إقامة مشروعات من شأنها أن تقلل من الحصص المائية الواردة إلى مصر عبر النهر.

ابتزاز مائى
من جانبه، أكد الدكتور عبدالقادر إسماعيل، الخبير الدولى فى الشئون الأفريقية، ضرورة استمرار التفاوض بين مصر ودول منابع النيل واستبعاد أى خيار عسكرى لمواجهة هذه الدول، مشددا على أن القانون الدولى يمنح مصر الحق فى حصة مائية 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنويا وعدم الانتقاص من هذه الحصص.
وأضاف إسماعيل أن دول منابع النيل لا يمكن أن تستمر فى إنشاء سدود تقلل من كميات المياه الواردة إلى مصر والسودان لأن كميات المياه الساقطة على هذه المناطق تحتاج إلى تصريف مستمر لأن التخزين يعنى غرق هذه الدول بالمياه.
واعتبر أن الإجراءات الحالية التى تقوم بها دول منابع النيل لا تخرج عن كونها ابتزازاً مائياً لمصر وهو مفهوم على المستوى الدولى، ويفتح الباب لمناقشة المعاهدات القديمة على مستوى أحواض الأنهار بمختلف مناطق العالم، مؤكدا أن توقيع دول منابع حوض النيل فى حد ذاته لن يؤثر على مصر.
وأشار خبير الشئون الأفريقية إلى أن مصالح الدول الأخرى والقوى الدولية مثل الصين وإيطاليا وهما من الدول التى تمول مشروعات لإقامة السدود فى إثيوبيا يمكن أن تساهم فى عدم إقامة منشآت مائية تسبب ضررا لمصر لأنه لدى الدولتين مصالح كبيرة مع مصر ولا يمكن التغاضى عنها وهو ما يجعل هذه الدول لا تفكر فى الإضرار بالمصالح المصرية لوجود مصالح اقتصادية كبيرة مع مصر مقارنة بدول منابع النيل.
ومن جانبه، قال الدكتور حمو العمرانى، الخبير الدولى للمياه ورئيس المبادرة الإقليمية لإدارة الطلب على المياه بمركز البحوث للتنمية الدولية الكندى «من المهم لمصر أن تقوم بتفعيل التعاون الثنائى مع أكثر دول حوض النيل تأثيرا وأهمية بالنسبة للسياسة المصرية لضرب حالة الاستقطاب الراهنة بين دول منابع النيل بما ينعكس على تحقيق الأمن المائى المصرى السودانى».
وأشار العمرانى إلى أن الردود السلبية لدول أعالى النيل عقب انتهاء اجتماعات شرم الشيخ هى مجرد مناورة يجب التعامل معها بحذر حتى لا تصدر عن مصر ردود أفعال انفعالية، معتبرا أن بيان دول منابع النيل ما هو إلا أسلوب استفزازى ويجب «عقلنة الموقف المصرى» حتى لا ننجر إلى نتائج تؤثر على سير العلاقات بين مصر ودول حوض النيل.

فشل دبلوماسى
من جهة أخرى، اعتبر خبراء سياسيون أن توقيع الدول الأربع على اتفاقية لتنظيم مياه النيل دون مصر والسودان، وموقف دول المنبع من مصر، يعكسان «الفشل» الذى تعانى منه القاهرة نتيجة سياساتها الخارجية، مشددين على ضرورة عودة الدور المصرى والاهتمام بالقارة الأفريقية.
قال الدكتور وحيد عبدالمجيد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن أزمة المياه مع دول المنبع تعكس الانكماش فى السياسة المصرية الخارجية فى معظم الاتجاهات سواء العربية أو الأفريقية منذ أواخر السبعينيات، وتعامل مصر مع الخريطة الجغرافية السياسية العالمية ب«عمى» وكأنها لا ترى سوى جزء صغير من العالم وهو أمريكا وأوروبا.
وأضاف عبدالمجيد «الدبلوماسية المصرية أصابها مرض «الجلوكوما» فلم تر إلا جزءا صغيرا من العالم وعندما بدأت تنتبه للمشكلة، كان القطار مضى فى طريقه، فحاولت الاتصال بالسائق، الذى لا يوجد معه هاتف محمول، والآن يحاولون الاتصال بالمحطة الأخرى أو بعمال الإشارات، ولكنهم ينسون أن القطار لا يمكن أن يعود ثانية».
ويشير عبدالمجيد إلى أن الاتصالات الثنائية يمكن أن تحدث أثرا ما، ولكن يجب قبل ذلك أن تتم تلك الاتصالات، ويجب تواجد قدر من الفهم الدقيق وفهم طبيعة الطرف الآخر الذى نقوم بالاتصال به، والعوامل المؤثرة فيه، وما الذى يمكن أن نقدمه له، لافتا إلى أن انتظار نتائج تلك الاتصالات خطر إضافى يجب معالجته بوضع سياسة معالجة للفشل الذى يجب الاعتراف به، ووضع خطة بديلة وتصور للبدائل فى حالة عدم التوصل لحل، خاصة أن المهلة التى أعطتها دول المنبع قصيرة.
وشدد الباحث هانئ رسلان على أهمية الموقف المصرى والجهود الممكنة للحفاظ على العلاقات المصرية مع دول حوض النيل، وقال: «مصر حملت العبء الرئيسى فى مبادرة حوض النيل على مدار 10 سنوات بما لديها من خبرات فى إدارة المشروعات التنموية، كما أحدثت نوعا من الالتفاف حول موقفها السياسى فى تعميق وتطوير العلاقات فى المجالات الاستثمارية الأخرى غير المياه، مثل تطهير الآبار الجوفية والمجارى فى أوغندا».
وأضاف "إن ما حدث مؤخرا أوضح أن هناك توجهاً سياسياً لاتخاذ موقف ضد مصر من بعض دول حوض النيل بما يؤكد أنهم بحاجة ماسة للدور التنموى المصرى فى تلك الدول»، مدللا على ذلك برفض 3 دول التوقيع ضد مصر.
وحول الدور الإقليمى المصرى فى دول حوض النيل، قال رسلان «إن ما حدث هو ضربة قوية ومؤلمة لمصر نتيجة انسحابها من الإقليم وانشغالها بالشرق الأوسط والشمال»، وشدد رسلان على ضرورة إعادة النظر وترتيب الأولويات السياسية المصرية الخارجية وإعطاء أهمية أكبر للامتداد الطبيعى لمصر باتجاه حوض النيل، خاصة القرن الأفريقى.


سوء استغلال للموارد المائية!
من ناحيتهم، أكد دبلوماسيون أن الجهود المبذولة بين دول منابع النيل السبع للتوقيع على الاتفاقية الإطارية لتغيير حصص المياه الحالية، لن تؤثر على مصر لا من الناحية القانونية أو العملية، مبررين ذلك بأن هناك زيادة فى روافد ومنابع نهر النيل، وأن المشكلة ترجع إلى سوء استغلال موارد المياه، داعين إلى معالجة الموضوع بدبلوماسية «هادئة».
وأوضح السفير خالد عثمان خبير الشئون الإفريقية والشرق الأوسط، أن القواعد العامة للأنهار الدولية تقضى باتفاق جميع الدول على أى وضع يرونه مناسبا لمصلحة الجميع، مؤكدا أن توقيع البعض على اتفاقية بدون موافقة دول أخرى لا يعنى إلزام الأخيرة بهذه الاتفاقية. وقال عثمان: هناك اتفاقيات موقعة من قبل تلك الدول بشأن مياه النيل، وهناك مبدأ واضح وقوى وهو الابقاء على الحدود (الاستعمارية ) وجعلها هى الفارق فى تخطيط أى حدود بين الدول الأفريقية المستقلة، وحجة أن الاتفاقيات السابقة غير ملزمة تعد حجا «وهمية».
وأضاف أن معظم حكومات دول منابع النيل ومنها إثيوبيا تحاول تبرير عدم إحراز أى إنجازات فى مجال التنمية لشعوبها، بأن الدول الأخرى تستفيد أكثر منها من مياه النيل.
وأوضح عثمان أن الوسيلة الوحيدة لحل مشكلة الاتفاقية أنها «دول المنبع» لابد أن تصل مع مصر والسودان إلى أوضاع توافقية، بحيث لا يتم تنظيم نهر النيل إلا بوجود جميع دول المنبع، نظرا لأن هناك اتفاقيات دولية ملزمة بذلك ولا يمكن المكوث عن هذه الاتفاقيات.
فى السياق نفسه قال السفير رخا حسن، عضو المجلس المصرى للشؤون الخارجية، أن «توقيع الاتفاقية لن يؤثر على مصر لا من الناحية القانونية أو العملية، لأن كمية المياه التى تصب فى نهر النيل من الروافد والمنابع تكفى احتياجات الدول وتزيد، والمشكلة تأتى نتيجة سوء استغلال الموارد».
وأضاف أن هناك اتفاقيات دولية ملزمة لكل الأطراف، ولا داعى إلى استغلال حجة أنه تم توقيعها فى ظل الاستعمار لأفريقيا، موضحا أنه إذا تم توقيع الاتفاقية بين دول المنبع السبع، فهناك عام «سماح» للانضمام اليها، مشددا على أنها لن تكون ملزمة لمصر كونها لم توقع عليها.
وطالب حسن بضرورة احترام وأكد السفير عادل العدوى، عضو المجلس المصرى للشؤون الخارجية، أن هذا الموقف «توقيع الإتفاقية بين دول المنبع» يخالف كل القواعد والالتزامات الدولية السابقة.
ودعا العدوى إلى ضرورة معالجة الموضوع بدبلوماسية «هادئة» وتفاهم.

فشل لمبادرة حوض النيل
صرح السفير حسام زكى، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، أن توقيع الدول الأربع على الاتفاق لا يعفيها من التزاماتها بموجب قواعد القانون والعرف الدوليين، والممارسات القائمة، وبمقتضى الاتفاقيات القائمة التى تتمتع بقدسية، باعتبارها اتفاقيات ذات طبيعة حدودية لا يجوز التغاضى عنها، مؤكداً أن الاتفاق غير ملزم لمصر بأى شكل من الأشكال، كما أنه يهدد بفشل مبادرة حوض النيل.
وأضاف زكى فى بيان أصدرته الوزارة، أمس، أن مصر لن تنضم أو توقع على أى اتفاق يمس حصتها التاريخية من مياه النيل، موضحاً أن انضمام مصر لأى اتفاق يعتمد فى الأساس على إقرار ما يحفظ لها استخداماتها الحالية وحقوقها فى أى اتفاق.
واعتبر زكى أن التوقيع على الاتفاق لا يمثل فى حد ذاته خطورة على حصة مصر، خاصة أنه يمثل آلية التنسيق القائمة بالفعل تحت مظلة تجمع شرق آسيا، لافتاً إلى أن ما يهم مصر من الناحية العملية هو عدم إنشاء أى مشروعات مائية فى أى من دول الحوض تؤثر سلباً على حصتها، وهو أمر تحكمه قواعد القانون والعرف الدوليين.
وأوضح زكى أن هناك قواعد دولية تحكم تقديم التمويل لأى مشروعات على الأنهار المشتركة، وهى قواعد تنص على مبدأ عدم إحداث ضرر لدول المصب، مشيراً إلى أن قواعد البنك الدولى تؤكد أهمية التشاور مع دول المصب قبل الشروع فى تنفيذ أى مشروعات مائية فى الدول المطلة على الأنهار المشتركة، كما تؤكد مبدأ عدم الإضرار بدول المصب.
وأعلن زكى أن مصر تبذل جهوداً حثيثة مع الدول والأطراف المعنية للتأكيد على التزامها بالقانون الدولى، ومع الدول والجهات المانحة، ودول الحوض لشرح موقفها القانونى، والوضع المائى فى مصر مقارنة بدول الحوض التى لا تعتمد على مياه النيل إلا بنحو 3٪، عكس مصر التى تعتمد عليها بنسبة 90٪.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.