بعد افتتاح التفريعة الجديدة لقناةالسويس، بدأت مرحلة جديدة تتمثل في محاسبة الشعب للسيسي وحكومته عن وعودهم بتوفير فرصة عمل بالمشروع، وتحقيق نهضة اقتصادية قوية في شتى المجالات، وسط تخوفات من أن تتحول الوعود إلى أوهام وسراب مثلما حدث مع وعود المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، في شهر مارس الماضي، أو مع جهاز علاج الإيدز وفيروس سي ومشروع المليون وحدة سكنية ومسابقة ال30 ألف فرصة عمل بالتعليم، والتي لم يتم إدراجها في الموازنة الجديدة. فمنذ يومين، صرح رئيس هيئة قناةالسويس الفريق مهاب مميش بأن مشروع تنمية محور قناةالسويس سيوفر أكثر من مليون فرصة عمل، في حين قال حسب الله الكفراوى، وزير الإسكان الأسبق وأحد المقربين للسيسي: إن مشروع تفريعة قناةالسويس الجديدة قادر على استيعاب كل العمالة العاطلة الموجودة بمصر، مشيرا إلى أن المشروع له فوائد سياسية واقتصادية عظيمة، ويمكن تلخيصها في أربعة جوانب أساسية يمكن الاستفادة منها، أولها خدمات السفن العابرة، والتوسع فى مجال الصناعة على جانبى المشروع، وزيادة حركة التجارة، وزيادة عائدات السياحة فى منطقة السويس والإسماعلية وتنشيطها فى شبه جزيرة سيناء. وسار على نفس النهج اللواء عبد الحميد الهجان، محافظ قنا، والذى وصف التفريعة الجديدة بأنها معجزة بشرية بكل المقاييس، ودليل على قدرة المصريين على الإنجاز والتحدي وصنع المعجزات، مشيرا إلى أن افتتاح القناة الجديدة سيؤدى إلى زيادة عائدات قناةالسويس وزيادة معدلات التشغيل بما يقارب مليون فرصة عمل، وجذب الاستثمارات الأجنبية في مجال الصناعات البحرية والتجارية، وإقامة محطات عملاقة لخدمة السفن العابرة في الاتجاهين، في حين زعم محمد المرشدي، نائب رئيس اتحاد جمعيات المستثمرين، أن افتتاح التفريعة سيساهم في خلق استثمارات جديدة ترفع من معدلات التشغيل وتقلص معدلات البطالة التي تجاوزت 12% العام الحالي، وستؤثر في القرار الاستثماري للمستثمرين من الخارج بالتوجه نحو مصر. تأتي هذه الضخة الإعلامية ومبالغات المسؤولين في وقت يؤكد فيه خبراء ومحللون وناشطون عدم جدوى المشروع اقتصاديا، وأنه لا يعدو كونه دعاية سياسية، مشيرين إلى أن مشروع "السيسي" ليس الأول لتوسعة قناةالسويس، إذ تم حفر ست تفريعات يزيد طولها على التفريعة الجديدة خلال فترة حكم رؤساء مصر السابقين، جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، وكان اللافت أن هذه التوسيعات لم تواكبها دعاية إعلامية واسعة كتلك التي تشهدها مصر حاليا. وانتقدت حركة 6 أبريل هذه المبالغات والحملات الإعلامية الواسعة التي صاحبت افتتاح التفريعة الجديدة، وقال خالد إسماعيل، عضو المكتب السياسي للحركة: إن الرئيس الراحل محمد أنور السادات شق تفريعة بشرق بورسعيد سنة 1980 بطول 40 كيلومتر، أي أطول من تفريعة السيسي، ولم يطلق عليها السادات قناة جديدة. وأكد أن الهدف من المشروع سياسي أكثر من كونه اقتصاديا، خاصة بعد فشل مشروع علاج "فيروس سي" ومشروع المليون وحدة، مفيدا بأن النظام في حاجة لشيء يعيد له جزءا من الشرعية التي فقدها، مشيرا إلى أن العديد من التفريعات دشنت منذ جمال عبد الناصر حتى الآن، ولم تلق كل هذا الصخب الإعلامي. وأكد خبراء أن مشروع "تنمية محور قناةالسويس" الذي طرحه الرئيس محمد مرسي لم يكن مجرد توسيعة، بل كان يتضمن إقامة منطقة تنمية كاملة صناعية وزراعية وتجارية وخدمية وتكنولوجية عرضها بين 7-10 كيلومترات بطول القناة بالكامل (193 كيلومتر)، ويهدف إلى جذب المستثمرين من مصر وجميع أنحاء العالم، حيث كان يستهدف إقامة إقليم متكامل اقتصاديا وعمرانيا ومكانيا ولوجستيا، ما بين ميناءي شرق التفريعة في الشمال، وميناءي العين السخنة والسويس في الجنوب، ليمثل مركزا عالميا في الخدمات اللوجستية والصناعية، وتركز خطة التطوير هذه على تنمية محافظاتالقناة الثلاث، وهي الإسماعيلية وبورسعيد والسويس. وكان مشروع "مرسي" يتكون من أربع مراحل: أولها إنشاء محطات الترانزيت التي تختص بتفريغ الحاويات ثم يعاد تصديرها كما هي، وفي المرحلة الثانية يتم إعداد وإنشاء مراكز التوزيع، حيث يتم فيها تفريغ الحاويات البترولية والسيارات في الموانئ المحورية، ويتم توزيعها كما هي، ولكن لأماكن متفرقة، وفي المرحلة الثالثة تقام على أطراف هذه الموانئ خدمات لوجيستية، وفي المرحلة الرابعة يتم إنشاء مناطق لوجيستية وخدمية، تستوعب الموانئ المحورية على طول خط القناة، لتنتقل إلى المناطق الصناعية واللوجيستية التي تتمركز على أطراف القناة ليعاد تصنيعها وتوزيعها، وتكون مساحة المحور الخدمي والتنموي للمشروع سبعة آلاف كيلومتر، ليضم خمس محافظات هي السويس وبورسعيد والإسماعيلية وشمال سيناء وجنوب سيناء.