نشر موقع "إنترناشيونال بزنس تايمز" البريطاني، تقريرا عن الزيارة المتوقعة لرئيس الانقلاب في مصر عبدالفتاح السيسي إلى بريطانيا، واعتبر أن على رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون رفض هذه الزيارة، احتراما للمبادئ الإنسانية التي يقول إنه يدافع عنها. وأورد الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، أن كاميرون أكد، في معرض تعليقه على الهجوم المسلح الذي ذهب ضحيته عدد كبير من السياح البريطانيين في سوسة، على ضرورة "الدفاع عن مبادئ السلام والديمقراطية والتسامح والحرية (...) والدفع بالمؤسسات التي تعزز العمل بالمبادئ القائمة على حكم القانون، وحقوق الأقليات، وحرية الإعلام، ودعم المنظومة القانونية، وغيرها من المبادئ الديمقراطية التي لا تروق للإرهابيين"، بحسب تعبيره. واعتبر التقرير أن هذا التصريح لا يعتبر مفاجئا، إذ إن من عادة القادة الغربيين التأكيد على المبادئ التي تقوم عليها دولهم، فور تعرضهم لمثل هذه الممارسات "البربرية". غير أن "إنترناشيونال بزنس تايمز" أشار إلى تضارب كلمات دايفيد كاميرون مع سعيه في الفترة الأخيرة للتقرب من "الدكتاتور" المصري عبدالفتاح السيسي، وسط توقعات بإجراء هذا الأخير لزيارة رسمية لبريطانيا هذا الشهر. وفي هذا السياق؛ ذكّر التقرير بالانقلاب العسكري الذي قاده السيسي في مصر في سنة 2013، والذي أدى إلى الإطاحة بمحمد مرسي؛ أول رئيس مصري منتخب، ليشن على أثر هذا الانقلاب حملة غير مسبوقة ضد الحريات الأساسية، ويقوم بانتهاك حقوق الشعب المصري بأسوأ الطرق. وأضاف، نقلا عن منظمة العفو الدولية، أن هذا الانقلاب قد أدى إلى الزج بعشرات الآلاف من النشطاء السياسيين في السجن، ناهيك عن سياسة التعذيب التي انتهجها النظام العسكري، و"المحاكمات الجائرة" التي انتهت بالحكم بإعدام المئات من السجناء السياسيين، من بينهم الرئيس المنتخب محمد مرسي. وأوضح أن السيسي لم يتوقف عن المضي في سياسة "التطهير" التي ينتهجها "بوقاحة مذهلة"، فعلى الرغم من حملة التنديد الدولي التي رافقت احتجاز مراسلي قناة الجزيرة الثلاث؛ فإن نظام السيسي قام مؤخرا بالقبض على مجموعة أخرى من الصحفيين والزج بهم في غياهب السجن. وكشف التقرير عن أسماء بعض الصحفيين المحتجزين، مثل محمد عدلي، وحمدي مختار، وشريف أشرف، مشيرا إلى أن تهمتهم هي "أنهم قاموا بتغطية وصول جثامين تسعة من نشطاء الإخوان المسلمين، قضوا خلال مداهمة شنتها قوات الأمن المصرية". وحذر، نقلا عن اللجنة المصرية لحماية الصحفيين، من أن النظام المصري يحتجز أكبر عدد من الصحفيين، منذ أن بدأت اللجنة عملها قبل سنوات، حيث إن "جنون الارتياب" قد استبد به في الفعل، وهو ما بدا واضحا من خلال "قانون الإرهاب" الذي تم تمريره الأسبوع الماضي؛ والذي أصبح بمقتضاه انتقاد فشل السيسي في التعامل مع ما يسمى بالمجموعات الإرهابية "جرما يعاقب مرتكبه". وأكد أن القمع السياسي الذي يمارسه نظام السيسي؛ أورث حالة من الضياع والاضطراب لدى الشباب، الأمر الذي تركهم فريسة للتنظيمات المسلحة، مثل تنظيم الدولة، الذي شهدت عملياته بصحراء سيناء خاصة، كثافة متزايدة منذ الانقلاب العسكري في سنة 2013. واعتبر التقرير أن ما تشهده مصر اليوم من موجة كثيفة من التفجيرات والاغتيالات التي اتسع مداها ليصل العاصمة؛ يعد دليلا على أن الحديث عن قوة وسطوة السيسي ليست إلا وهما. وقال إن الهجمة "المروعة" التي طالت السياح البريطانيين في تونس؛ تثبت أن تنظيم الدولة لا يعترف بالحدود، ولا يلقي بالا لطبيعة الأنظمة، فسواء كان الأمر متعلقا بدكتاتورية مصر أم بديمقراطية تونس؛ فإنه سيستمر في نشر "سمومه" في كل مكان، ما يحيل على الخطأ الذي ارتكبه الغرب حين وثق في قدرة النظام المصري على حفظ الأمن. وأشار التقرير إلى "التناقض" بين الوضع في كل من تونس ومصر، "ففي حين قام الإسلاميون في تونس بتسليم السلطة بطريقة حضارية عن طريق الانتخابات؛ تعرض الإخوان المسلمون في مصر إلى انقلاب عسكري عنيف، سلّط عليهم ألوانا من القمع والتشويه الإعلامي، بينما تواجه قيادات التنظيم أحكاما بالإعدام". ولفت إلى المرسوم الرئاسي الأخير، الذي نص على تسريع تنفيذ أحكام الإعدام، ما يحرم المتهمين من حقهم في اللجوء للاستئناف، وهو ما يطرح تساؤلات عما إذا كانت مصر ستشهد قريبا إعداما جماعيا لأعضاء الحكومة المصرية "الشرعية"، بسبب "محاكمة غير مستوفية للشروط القانونية". وبناء على ذلك؛ تساءل التقرير عما إذا كانت هذه هي "المبادئ" التي لطالما نادى بها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ودعا إلى تبنيها، معتبرا أنه لا قيمة لتصريحات كاميرون التي تلت أحداث تونس، حيث إن دعوته للدفاع عما اعتبرها مبادئ الغرب، تتناقض مع ترحيبه برجل فاقت دكتاتوريته الرئيس المخلوع حسني مبارك بأشواط. وفي الختام؛ أكد موقع "إنترناشيونال بزنس تايمز" أنه على البريطانيين الاختيار بين مساندة الديمقراطية الناشئة، ودعم الأنظمة الاستبدادية، معتبرا أن حلول السيسي في بريطانيا سيعني تخلي هذه الأخيرة عن مبادئها.