كشفت مصادر صحفية تركية تفاصيل خطة انقلاب عسكرى وضعها الجيش التركي العلماني للقضاء على حكومة حزب "العدالة والتنمية" ذي الجذور الإسلامية برئاسة رجب طيب أردوجان. وقالت صحيفة "طرف" التركية: إن الخطة التي أعدها الجيش التركي في مارس 2003، حددت هدفها بأنه "إقصاء حكومة العدالة والتنمية عن السلطة واستخدام القوة لمنع "الرجعية" الإسلامية من إعادة بناء ذاتها، وإعادة تأسيس سلطة الدولة العلمانية". وأضافت الصحيفة أن الخطة حددت أهدافها أكثر وهي "تعليق الديمقراطية ولو بالقوة، واتخاذ كل التدابير الضرورية حتى لا يبقى فرد واحد من (الرجعيين)، وحتى لا يرفع أحد رأسه بعد ذلك". وأكدت أنه "يجب استخدام كل القوى المادية والمعنوية، وفي مقدمها إمكانات القوات المسلحة والقوى الرسمية وغير الرسمية بهدف تصفية سلطة حزب "العدالة والتنمية" وتعطيل القوى المتعاونة معها" حسبما نقلت صحيفة السفير.
تصفية المعارضين وقالت الصحيفة إن الخطة أشارت إلى تصفية بعض العناصر العسكرية التي يمكن أن تعارض الخطة، وكذلك إقصاء 23 من أصل المحافظين ال81 عن مناصبهم واستبدالهم بمحافظين موالين للجيش.
ونشرت قائمة كاملة بأسماء الصحفيين الذين يؤيدون الانقلاب ومن يعارضه، مشيرةً إلى أن دعاة الإطاحة بحزب "العدالة والتنمية" لم يجدوا سوى عنوان وهمي، وهو أن "أردوجان يؤسس لفاشية مدنية ولحكم الحزب الواحد"، على حد زعمهم.
وتأتي قائمة الصحفيين المتعاونين مع الخطة وغير المتعاونين لتفجر الساحة الإعلامية في تركيا، حيث شملت 137 صحفيًا مؤيدين للانقلاب، كما شملت 36 صحفيًا سوف يتم اعتقالهم اعتبرتهم الخطة من المعارضين.
وسردت الخطة أسماء القضاة الذين يمكن استخدامهم في المحاكم، والقضاة الذين يجب إبعادهم، وأشارت إلى 112 دبلوماسيًا يمكن التعاون معهم.
تفجير المساجد وعلى صعيدٍ متصل، عرضت الوثائق الكيفية التي يتم بها تفجير جامعي "بايزيد" و"محمد الفاتح"، وإسقاط طائرة يونانية في اشتباك جوي مع اليونان أو من قبل طائرات تركية أخرى.
والأمر الملفت، أن الخطة سوف تبدأ عملياتها بالتزامن بعد تفجيرات في المدن يقوم بها حزب العمال الكردستاني وتنظيم القاعدة.
وبحسب الخطة أيضًا؛ فإنه سيتم إعداد ملعبين كبيرين في إسطنبول لاستقبال أكثر من 200 ألف معتقل يحتمل أن يعارضوا الانقلاب، حيث توقعت الخطة أن يبلغ عدد المعتقلين ما مجموعه ربع مليون شخص من "الرجعيين"، مشيرةً إلى أن المعتقلين قد لا تسعهم المخافر والسجون والثكنات، لذا لا بد من إيجاد أمكنة أكبر. وحددت الخطة بالاسم ملعبين لكرة القدم واستراحة في إسطنبول.
كما تحسبت الخطة لاندلاع اضطرابات في المناطق الكردية جنوب شرق تركيا، ودعت لاعتماد النموذج "الإسرائيلي" للمواجهة في سرعة التحرك والتشدد والحسم، ودعت إلى فرض رقابة على قوات الشرطة لمنعها من استخدام الأسلحة الجديدة الموجودة لديها.
وأشارت الخطة إلى أنه بعد نجاح تنفيذ الخطة، يتم تشكيل الحكومة والسلطة المقبلة وذلك من خلال العودة إلى الميراث التركى والعلمانى الأتاتوركي، بتصفية ما بقي من تأثيرات عربية وكردية في الثقافة التركية ومن ذلك إعادة رفع الأذان باللغة التركية.
أردوجان واللعبة القذرة وحذر رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوجان الإثنين (25-1)، من أن ما يتعرض له شخصيًا هو نفسه الذي تعرض له سابقًا رئيسا الحكومتين السابقان عدنان مندريس وتورجوت أوزال.
وجاء ذلك خلال مهرجان جماهيري، حضره عشرات الآلاف تحدوا تساقط الثلوج، في "صقاريا"، حسب صحيفة "السفير".
ودعا أردوجان إلى الهدوء والاعتدال، وإلى اليقظة في الوقت ذاته ، قائلا: "إنها لعبة الحرب القذرة التي لم تعد مخفية"، متحديًا معارضيه أن "يعلنوا أنهم لا يريدون الديمقراطية وإلا فليكونوا رجالا ويواجهوه عبر الانتخابات".
وجاء ذلك في أعقاب إبطال المحكمة الدستورية تعديلا دستوريًا يقضي بمحاكمة العسكريين أمام المحاكم المدنية، بعدما تم الكشف عن تنظيمات إرهابية ومخططات للقيام بانقلاب عسكري على الحكومة التركية، فيما كشفت التحقيقات عن محاولات لاغتيال أردوجان.
هذا، وقد زاد التوتر السياسي في تركيا بين حكومة حزب "العدالة والتنمية" ذي الجذور الإسلامية والمعارضة العلمانية مع ادعاء رئاسة الأركان أن ما سمي بخطة انقلاب لم يكن سوى جزء من "لعبة حرب" كانت تجرّبها القوات المسلحة في أحد الندوات الداخلية وحضرها قادة عسكريون كبار.
دعوة العلمانيين للاتحاد وكان التوتر السياسي على الساحة التركية قد استؤنف، فى بداية الأسبوع الماضى، مع تصريحات استفزازية لمدعي عام الجمهورية السابق صبيح قناد أوغلو، أحد أشرس أعداء حزب "العدالة والتنمية" والإسلاميين عموما، قال فيها إنه ليس من حق حزب وصفته المحكمة الدستورية بأنه "بؤرة معادية للجمهورية الديمقراطية العلمانية" أن يقوم بأي خطوة إصلاحية، ولا بأي تعديل دستوري ويجب ألا يقوم بذلك.
واعتبر أن البلاد تمضي مع حزب "العدالة والتنمية" إلى نظام حكم الحزب الواحد الشمولي، وقال "فقط بالشعب المدني يمكن منع ذلك".
ودعا قناد أوغلو أنصار العلمنة إلى الاتحاد وعدم الوقوع في اليأس "فمن جاء إلى السلطة بالانتخابات، يذهب بالانتخابات"، كما دعا إلى النضال ضد من يريدون تغيير قواعد الديمقراطية، على حد قوله.
وفي سياقٍ متصل، قال رئيس اتحاد القضاة السابقين عمر فاروق أمين أغا أوغلو: "إن البلاد تسير من دولة الحقوق إلى أن تكون دولة بوليسية".
ومن جهته، قال الأستاذ في جامعة "باهتشه"، شهر سهيل باطوم: "إن مفهوم الدولة الحقوقية في تركيا يتغير، ولم يبق منها سوى المؤسسات القضائية الحصن الأخير".
فشل الأحزاب العلمانية ورد "العدالة والتنمية" على هذه الاستفزازات العلمانية، على لسان نائب رئيس الحزب حسين تشيليك، الذي قال إنه بعد كل انقلاب كان يتم تعديل الدستور لكن ليس بإرادة الشعب.
وأوضح أن "حزب "الشعب الجمهوري" لم ينجح في الوصول إلى السلطة منذ 60 عامًا وهذا بإرادة الشعب، والذهنية التي تمثل هذا الحزب هي ذهنية العجز واللاحل".
وأضاف: "إذا كان قناد أوغلو يقول إنه لا حق لنا بالتغيير فهو يعرف أنه بعد كل إنقلاب كان يعدّل الدستور، وهؤلاء الذين تعودوا على التعديل بالانقلابات ينكرون على من انتخبهم الشعب تعديل الدستور، وهم يرون أنه يجب القيام بانقلاب عسكري ليمكن تعديل الدستور".
ووصف تشيليك قرارات المحكمة الدستورية بأنها نتاج ذهنية الانقلابات العسكرية، وهي ذهنية حزب "الشعب الجمهوري"، الذي لم يستطع أن يأتي إلى السلطة بمفرده.