تحت أي مسمى.. «أوقاف الإسكندرية» تحذر من الدعوة لجمع تبرعات على منابر المساجد    «العمل»: تمكين المرأة أهم خطط الوزارة في «الجمهورية الجديدة»    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 8 مايو 2024 بعد الانخفاض الجديد    رئيس البورصة السابق: الاستثمار الأجنبي المباشر يتعلق بتنفيذ مشروعات في مصر    العاهل الأردني من واشنطن: يجب منع العملية العسكرية الإسرائيلية البرية على رفح    عاجل.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه لفلسطين المحتلة لاستكمال مباحثات هدنة غزة    ميدو بعد فوز الأهلي على الاتحاد: هذه قوة كولر    تعليق ناري من شوبير بعد زيادة أعداد الجماهير لحضور المباريات المحلية والإفريقية    نقاش مش تجاوز .. صالح جمعة يرد على إيقافه ل 6 أشهر    متحدث الزمالك: هناك مفاجآت كارثية في ملف بوطيب.. ولا يمكننا الصمت على الأخطاء التحكيمية المتكررة    الداخلية تصدر بيانا بشأن مقتل أجنبي في الإسكندرية    «من إنتاج صاحبة السعادة».. ياسمين عبدالعزيز تكشف عن أول بطولة سينمائية لها    بعد 18 سنة.. ياسمين عبدالعزيز تكشف كواليس لأول مرة من فيلم الرهينة    "ارتبطت بفنان".. تصريحات راغدة شلهوب تتصدر التريند- تفاصيل    تأجيل محاكمة ترامب بقضية احتفاظه بوثائق سرية لأجل غير مسمى    غارات إسرائيلية على عدة بلدات جنوب لبنان    الأونروا: مصممون على البقاء في غزة رغم الأوضاع الكارثية    أبطال فيديو إنقاذ جرحى مجمع ناصر الطبي تحت نيران الاحتلال يروون تفاصيل الواقعة    كيف صنعت إسرائيل أسطورتها بعد تحطيمها في حرب 73؟.. عزت إبراهيم يوضح    فوز توجيه الصحافة بقنا بالمركز الرابع جمهورياً في "معرض صحف التربية الخاصة"    اعرف تحديث أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 8 مايو 2024    عاجل - "بين استقرار وتراجع" تحديث أسعار الدواجن.. بكم الفراخ والبيض اليوم؟    تراجع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 8 مايو 2024    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    جريشة: ركلتي جزاء الأهلي ضد الاتحاد صحيحتين    الحديدي: كولر «كلمة السر» في فوز الأهلي برباعية أمام الاتحاد السكندري    آنسات الأهلي يهزم الزمالك في بطولة الجمهورية للكرة الطائرة    قبل بداية الصيف.. طرق لخفض استهلاك الأجهزة الكهربائية    هل نقترب من فجر عيد الأضحى في العراق؟ تحليل موعد أول أيام العيد لعام 2024    ارتفاع درجات الحرارة.. والأرصاد تحذر من ظاهرة جوية تؤثر على حالة الطقس الساعات المقبلة (تفاصيل)    ضبط تاجر مخدرات ونجله وبحوزتهما 2000 جرام حشيش في قنا    برلماني: الحوار الوطني وضع خريطة استثمارية في مصر للجميع    رئيس جامعة الإسكندرية يشهد الندوة التثقيفية عن الأمن القومي    موقع «نيوز لوك» يسلط الضوء على دور إبراهيم العرجاني وأبناء سيناء في دحر الإرهاب    الأبراج التي تتوافق مع برج العذراء في الصداقة    معجبة بتفاصيله.. سلمى الشماع تشيد بمسلسل "الحشاشين"    حسن الرداد: إيمي شخصيتها دمها خفيف ومش بعرف أتخانق معاها وردودها بتضحكني|فيديو    «خيمة رفيدة».. أول مستشفى ميداني في الإسلام    بعد تصريح ياسمين عبد العزيز عن أكياس الرحم.. تعرف على أسبابها وأعراضها    عزت إبراهيم: الجماعات اليهودية وسعت نفوذها قبل قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    صدمه قطار.. إصابة شخص ونقله للمستشفى بالدقهلية    دار الإفتاء تستطلع اليوم هلال شهر ذى القعدة لعام 1445 هجريًا    ياسمين عبد العزيز: النية الكويسة هي اللي بتخلي الشغل ينجح    اليوم، تطبيق المواعيد الجديدة لتخفيف الأحمال بجميع المحافظات    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجرية    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    ما هي كفارة اليمين الغموس؟.. دار الإفتاء تكشف    دعاء في جوف الليل: اللهم امنحني من سَعة القلب وإشراق الروح وقوة النفس    وفد قومي حقوق الإنسان يشارك في الاجتماع السنوي المؤسسات الوطنية بالأمم المتحدة    طريقة عمل تشيز كيك البنجر والشوكولاتة في البيت.. خلي أولادك يفرحوا    في يوم الربو العالمي.. هل تشكل الحيوانات الأليفة خطرا على المصابين به؟    الابتزاز الإلكتروني.. جريمة منفرة مجتمعيًا وعقوبتها المؤبد .. بعد تهديد دكتورة جامعية لزميلتها بصورة خاصة.. مطالبات بتغليظ العقوبة    إجازة عيد الأضحى| رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك 2024    القيادة المركزية الأمريكية والمارينز ينضمان إلى قوات خليجية في المناورات العسكرية البحرية "الغضب العارم 24"    مراقبة الأغذية بالدقهلية تكثف حملاتها بالمرور على 174 منشأة خلال أسبوع    محافظ أسوان: تقديم الرعاية العلاجية ل 1140 مواطنا بنصر النوبة    ضمن مشروعات حياة كريمة.. محافظ قنا يفتتح وحدتى طب الاسرة بالقبيبة والكوم الأحمر بفرشوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاختراق العلماني يتجلى في صناعة رموزنا الثقافية.. في جائزة نوبل ومكتبة الإسكندرية
نشر في الشعب يوم 26 - 11 - 2006


بقلم: أد : يحيى هاشم حسن فرغل

في خضم معركة المقاومة الإسلامية للغزو الصهيوني لفلسطين ولبنان أعلن البعض تخوفهم من اختراق الشيعة لمصر - وربما كان لهم الحق في ذلك باستثناء المناسبة والمكان و التقييم والتوظيف – ولكن العجيب أنهم وكثيرون غيرهم أخذوا ينحون جانبا بيت الداء وموطن العفن : الاختراقات العلمانية شديدة التأثير وواسعة النشاط تلك التي أسست بمعونة إبليس لكل ما على الأرض من فساد .. والتي ظهرت مخالبها كما ظهرت آثارها في بلادنا طوال القرن التاسع عشر والعشرين وما بعده ، ومن بعض مظاهر ذلك : تصفية قادة الجهاد أو تشويههم أو التجهيل بهم كما يفعلون حاليا مع العالم العراقي الرصين أستاذنا فضيلة الأستاذ " الدكتور " حارث الضاري ، حفظه الله ووقاه ووفقه وأمد في عمره ونصره جهاده من اجل إسلامية العراق واستقلاله ووحدة أرضيه
ومن بعض مظاهر الغزو الرجيم : تربية زعماء الفكر والسياسة والاقتصاد والفن والإعلام ، ، ودعم كنائس التبشير ونوادي الروتاري وتزييف التاريخ وقضايا المرأة ، وتدمير الهوية ، والدعوة إلى " المنكر" ،كالعري والربا ..، والنهي عن المعروف كالحجاب والجهاد .. ، والتنافس على بناء مدارس اللغات والجامعات فجامعة أمريكية وأخرى فرنسية وثالثة ألمانية وكندية وبريطانية ، وقتل اللغة العربية بنشر قنوات الرطانة بالعامية ومهرجانات السينما ومسابقات الجمال والأزياء وتأسيس صروح المكتبات ، ومؤسسات الجوائز إلخ

و في مكتبة الإسكندرية :شهد شاهد من أهلها إذ يقول الكاتب المعروف أحمد عبد المعطي حجازي في شرحه لما تمثله مكنبة الإسكنرية القديمة من ثقافة أجنبية حملها الغزاة إلى مصر وأرادوا بها الاستيلاء عليها ثقافيا كما استولوا عليها عسكريا { وهاهو الغزو يعيد نفسه } ووجدت من المصريين مقاومة عنيفة يقول : ( أنت تطالع أسماء العلماء والأدباء الذين ظهروا في إسكنرية البطالمة واالرومان والبيزنطينين فلا تكاد تجد إلا أسماء يونانية من أمثال : إقليدس وأرشميدس وأفلوطين وكايماخوس وثيوقريط . بل إنك تجد فيها من اليهود أمثال المؤرخ يوسيفون والفيلسوف فيلون والكاتب ارسطوس ، أكثر مما تجد من المصريين الذيبن لا تعرف منهم إلا المؤرخ ما نيتون )
ثم يقول : ( في السنوات الأولى التي أنشئت فيها المكتبة أوائل القرن الثالث قبل الميلاد وكان أمينها دينيريوس الفاليري – اقترح هذا على بطليموس الأول استجابة لرغبة صديقه الكاتب اليهودي أرسطس أن تهتم الدولة بترجمة الشريعة اليهودية وقد استجاب بطليموس لاقتراح ديميتريوس ) .
وتمت الترجمة السبعينية لما يسمى اليوم العهد القديم
( ثم استغل أرسطوس اليهودي هذا النجاح الذي حققه في مجال الثقافة فطلب من ديمتريوس أن يتوسط مرة أخرى لدى بطليموس حتى يحقق سراح المنفيين اليهود المعتقلين في سجون البطالمة ، وكانوا حسب تقدير بعض المؤرخين يبلغون مائة ألف فتحقق لأرسطوس ما أراد )
ثم يقول الكاتب عن موقف الثقافة المصرية في هذا المولد الهيليني : ( ونحن لم يصل إلى علمنا أن المصريين عوملوا أوعوملت ثقافتهم بمثل هذه الحفاوة البالغة في بلادهم خلال حكم البطالمة أو البيزنطيين )
ثم يقول : ( ليس يكفي أن تقوم نهضة ثقافية على أرض مصرية لكي تنسب إلى مصر بينما نرى في أسماء أصحابها وأعلامها حرصهم الشديد على ان ينسبوا أنفسهم إلى بلادهم الأولى ومدنها الأصلية فهذا " لإيتولي " وذاك " رودبسي " والآخر بيزنطي " ..
(وثار المصريون على مدى القرون ثورات ثلاثة : حرقت فيها مكتبة الإسكنرية مرات ثلاثة : مرة في مؤامرتهم لاغتيال يوليوس قيصر اثناء زيارته للإسكنرية ليعقد الصلح بين البطالمة المتعاركين على العر ش، ومرة في المعركة البحرية التي احترق فيها أسطول كليوباترة بسقوط دولة البطالمة ، ودخوا الرومان إلى مصر ، ومرة في صراع الوثنيين .. مع المسيحيين بزعامة تاوفيلوس كبير أساقفة الإسكنرية ، ) الأهرام 1781988

واليوم هاهي مكتبة الإسكندرية البيزنطية تعود إلى " مدينة الإسكندراليوناني " لتمارس دورا كتب عليها أن تقوم به في جنوب البحر بترويج ثقافة شماله وقد زادت عليها ثقافةالحداثة " الأورو أمريإسرائيلية " العفنة :
( حيث تقوم الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين المنوطة بعدم التطبيع مع إسرائيل، بتكريمها للصحفي الإسرائيلي يوئاف استرن مراسل جريدة "هآرتس" الإسرائيلية ومنحة جائزة التفوق الصحفي، مع ثلاثة آخرين من مصر وإيطاليا وبلجيكا لتكريمهم على مقالات لهم تدعو إلى التطبيع مع إسرائيل وإزالة الحدود الثقافية والدينية بين الجانبين العربي والأوروبي.
وقالت مصادر مطلعة إن مؤسسة "أناليند" الأورومتوسطية للحوار بين الثقافات والتي تأخذ من مكتبة الإسكندرية مقرًا لها والمعروف عنها ميولها الصهيونية رشحت إحدى الصحفيات المغمورات بجريدة ذات ترخيص قبرصي لتكريمها مع الصحفي الإسرائيلي خلال الحفل الذي أقيم في إحدى قاعات مكتبة الإسكندرية بحضور شالوم كوهين السفير الإسرائيلي بالقاهرة وإيلي إنتيبي القنصل العام الإسرائيلي بالإسكندرية، ومسئولي المكتبة وكذا مسئولي مؤسسة "أناليند" والمعهد السويدي بالإسكندرية.
يذكر أن مؤسسة "أناليند" كانت قد بدأت نشاطها في مكتبة الإسكندرية في 20 أبريل من العام الماضي برئاسة تراوجت شوفتالد بهدف إقامة شبكات معلوماتية مشتركة بين الدول العربية والأوروبية على جانبي المتوسط، ... وحسب مصادر مسئولة بمكتبة الإسكندرية؛ فإن منظمة "أناليند" تعد هي المدير الفعلي لكل أنشطة المكتبة وتحدد أجندتها السنوية والموضوعات التي تطرح للنقاش في مؤتمرات وندوات عامة، وتبدي رأيها كذلك في الشخصيات التي تحضر المكتبة.
وقالت المصادر إن تلك المؤسسة ذات التوجهات الصهيونية تسيطر بشكل كامل على أنشطة المكتبة، وأشارت إلى اهتمامها ومعها المعهد السويدي بالإسكندرية بجمع المعلومات عن مصر والدول العربية الأخرى عن طريق تجنيد أعداد كبيرة من المثقفين خاصة المغمورين ودعوتهم دائمًا للحفلات والندوات المغلقة داخل الإسكندرية وخارجها.) د: حلمي القاعود : المصريون 2112006

... ويأتينا الاختراق الثقافي في رموزنا الثقافية في شكل نوع من الجوائز المالية الضخمة المصحوبة بنوع من الطبل والزمر العالمي يشد الرءوس ويلوي الأعناق وتهوي عند قدميه عقول الكبار وتحج إليه قلوب الصغار، نصبت لهذا الحج المواسم أو لم تنصب ، وتظل معاييره المادية وغير المادية تتحكم في توجهاتهم وتداعب أحلامهم كلما اقتحموا مشوار " التقمم " أو اعتلوا ساحته : تلك هي بلية نوبل للأدب أو اختراقته إن اردت
يقول نجيب محفوظ بصراحة يحسد عليها وهو على قمة الفرح بحصوله على هذه الجائزة : ( إنه ما من جائزة إلا ووراءها شروط ما ، لأنه لا يمكن أن أرصد مالي لجائزة إلا وعندي هدف ، أنا أعمل جائزة ألف جنيه – مثلا – لقصة فيكون وراءها سؤال : اي نوع من القصة ؟ وإلا فلماذا أرصدها ؟
سبب سياسي ، سبب ديني ، سبب اجتماعي ... وعندنا جائزة الملك فيصل العالمية في المملكة العربية السعوةدية ، دولة تقول إنها إسلامية فتشجع من يشتغل بالتراث الإسلامي ، أو الاتجاهات الإسلامية ، ولا يستطيع أحد أن يوجه اللوم للجنة جائزة الملك فيصل العالمية بأن يأتي أحد الكتاب من عالم آخر غير إسلامي وينقدها ويقول إنها مغرضة لأنها لا تعطى إلا لدراسات إسلامية ، كذلك جائزة نوبل فهي تعبر عن قيم الحضارة الغربية ويوم أن منحت لمنشق روسي لم تكن تكيد لروسيا وإنما هي اعتبرت أن الشيوعية هدم لقيم الحضارة الغربية الأصيلة ، وعندما أخذ أحد الكتاب منها موةقفا واحتج عليها شجعته ، هي تشجع قيمها ) ثم يذهب نجيب محفوظ يشرح لنا بعد ذلك كيف أنه واحد ممن يتبنون قيم الحضارة الغربيى في أدبه) { أنظر حديثه بجريدة الاتحاد بأبوظبي في 21101988 }
ومهما يكن مدى الشك في كلامه عن هذه القيم وأنها ترتكز على " الحرية " ومدى الشك في تطابق أدبه معها فإن الذي يعدل رمانة الميزان أن نعلم أن روايته " أولاد حارتنا " هي احد عملين حصل بهما نجيب محفوظ على هذه الجائزة ،- دون نظرائه أو السابقين عليه كشوقي أوالعقاد أوالزيات أو باكثير أو محرم – تقول لجنة نوبل عن هذه الرواية غير العادية : ( من أهم أعماله تلك الفكرة التي تناولها في روايته غير العادية " اولاد حارتنا " التي كتبها عام 1959 ويتحدث فيها عن بحث الإنسان اللانهائي – وبتعبير ادق "الفاشل " وفقا لسياق الرواية – عن القيم الروحية ، وبقائه في مواجهة الصراع المستمر بين الخير والشر ) { أنظر الأهرام في 21021988 ص 11)
ولقد تابع الأزهر هذه الرواية عند أول نشر لها ، وتبين له كما تبين لجهات أخرى أنها توحي بالشك في وجود الله ، فصدرت الأوامر آنذاك بعدم طبعها وتداولها ، ولكنها وجدت طريقها للنشر بعد ذلك وتمثلت أيضا بصورة أو بأخرى في روايته " الحرافيش " التي هي كما صرح المؤلف " إعادة كتابة لأولاد حارتنا " { المصدر السابق }
( وقد حاول نجيب محفوظ ان ينفي عن ابطاله انهم يمثلون الأنبياء، ولكن الحقيقة انه ... بالنسبة لله تعالي الذي رمز له بالجبلاوي اعطاه الصفات التي يعطيها المسلمون لله. أما بالنسبة للأنبياء فهل يمكن ان يشك احد ان قاسم انما يرمز الي أبي القاسم ، وان قمر انما ترمز الي خديجة ، وان الصادق الذي خلفه انما يرمز الي أبي بكر الصديق ، وان حسن الذي ارتأي البعض انه احق بالولاية هو أبو الحسن اي علي بن ابي طالب . ولقد استعرض الدكتور عبد الجليل شلبي – الأمين العام الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية - في كتاب " حكاية اولاد حارتنا " - كتاب اخبار اليوم (1995) _ فقرات كاملة من التوراة ومن الانجيل ومن القرآن، وضع مقابلها فقرات من الرواية لا تختلف في المعني وان اختلفت في اللفظ .)
وشهد شاهد من أهلها إذ كتب المفكر الماركسي الدكتور محمود أمين العالم، مقالا عنرواية أولاد حارتنا هذه وألقي عليها أضواء جديدة بقوله:إن أولاد حارتنا ليست كما يقالتأريخا للبشرية، وليست كذلك تاريخا خاصا لمصر، وانما هي ببساطة فيما أعتقد توكيد للمعني الانساني الصرف للأديان ) وهذا يعني قطع صلة الأديان عن المصدر الإلهي
ثم يقول عن رواية أولاد حارتنا ورسالتها في إعلاء مرتبة العلم - بحكم التطور - فوق مرتبة الدين : إنها (توكيد بأنهذا الجوهر الانساني للدين يجعل من العلم امتدادا واستمرارا لرسالة الأديان، بل هووسيلة لتحقيق أنبل أهدافها )
ثم يبين العالم ما قام به نجيب محفوظ بروايته من حيث إلحاق تاريخ الأديان بالأساطير الشعبية: بقوله ( إن أولادحارتنا ملحمة شعرية علي غرار ملاحمنا الشعبية علي غرار عنترة والأميرة ذات الهمةوحمزة البلهوان، وغيرها بل لعلها تفوقها من حيث الرواء والعمق والشاعرية، ان بناءهاالفني هو بناء الشعر الملحمي، ولغتها هي لغة الحكمة والنبوة والشعر، انها لغةالتركيز والشمول والعمومية والتجريد والايقاع العميق، وشخصياتها ليست الشخصياتالنثرية التي نواجهها في القصص بل هم أبطال ملاحم شعرية، أبطال معارك تاريخية فيملامحهم عتاقة التاريخ .) نقلا عن حسنين كروم القدس العربي 119 2006

ويربط الدكتور حلمي القاعود بمقاله بجريدة المصريون الألكترونية بين مكتبة الإسكندرية وهذا الغزو " النوبلي الثري !! فيقول : " : (يبدو أن بعض الجهات العربية لم يرضها أن يحزن " أدونيس " الذى طال انتظاره لنوبل ، ولم تأت ، فجهزت له نوعاً من التعويض الذى يجعله موجوداً على الساحة ، ولو أعاد إنتاج كلامه القديم ، فقد قررت مكتبة الإسكندرية استضافته لمدة أسبوعين ضمن برنامج يُسمى الباحث المقيم ، يلقى فيه أربع محاضرات ، ويلتقى عدداً من رواد المكتبة المختارين بدقة ، فيلقى محاضرة عن " الثابت والمتحول " فى الثقافة العربية : قراءة لكتابه الثابت والمتحول " وأخرى عن " الذائقة الشعرية " وثالثة عن " الشعر والفكر " ورابعة عن " الشعر والهوية " .. وبذا تكون مكتبة الإسكندرية قد قدمت عزاءً مناسباً لأدونيس الذى يرى ثقافة أمته لا تهتم بالإنسانى الذى يحيى الذات وتحيا بها الذات وتساعد الآخرين على الحياة . لكنها مشغولة بتشويه الإنسان اليهودى والاستعمارى طبعا وقتله والتضحية به ونفيه !!..!!) د: حلمي القاعود : المصريون 2112006
ويقوم أودونيس: (إن صراعالإنسان هو صراع مع الخالق، وهناك أمثلة لهذا الصراع، إبليس تصارع مع الخالق، قالالله له اسجد فرفض أن يسجد، ولم يقتله الله، { حلوة يقتله دي !! } !وكان يمكن أن يزيحه { يبدو أن أسلحة القتل لم تكن قداخترعها ابن آدم بعد !! } ، لكنه بقي، والأجملمن ذلك ان الحوار بين الله وإبليس محفوظ في النص القرآني ذاته ولم يحذف، {!!} هذا دليل علي أنه يجب علي المسلم، إذا كانت هناك حرية ، أن يتمثل ذلك استنادا للنص القرآنيالذي حفظ كلام إبليس ضد الله( الصحفي المعروف حسننين كروم ناقلا قول الشاعر السوري أدونيس في القدس العربي 1192006 .) بالخطوة التالية في هذا الربط المشار إليه وذلك في تصريحه بإلحاق تاريخ صلة البشر بالله - وهكذا كانت رواية أولاد حارتنا التي نال عليها محفوظ جائزة نوبل – بإلحاقه بصراع آلهة الأساطير الإغريقية فوق جبل الأولمب إذ يقول أودونيس إن
دعوة موصومة في بدايتها بضلالة الرجيم منتهية في أخراها بغواية الشاعر .
ومابين إبليس وأودونيس " ياقلبي لا تحزن " ؟
هكذا عندما غفلنا عن فرية الحوار بين إبليس والله ( !! ) التي راجت في بعض مؤتمرات الحوار صحونا على فرية الصراع بين الخالق والمخلوق في بعض أروقة الشعراء !!

والحديث هنا ليس بصدد إدانة أو تبرئة شخص نجيب محفوظ بالذات أوغيره – فقد يكون الرجل يقصد هذا اوذاك أو قد رجع عن هذا أو ذاك ، أو يقصد في جميع الأحوال أن يوقع القارئ في الحيرة والالتباس ، ولكن الحديث إنما هو عمن تناولوها بالتقدير أو بالشرح في ضوء أغراضهم من العلمانيين المحليين أو العلمانيين العالميين ، من أمثال العالم أو أودنيس لنضع يدنا على نوع من الاختراق لساحتنا الفكرية والعقدية والثقافية في صورة جائزة نهتز لها ونطرب ، ويتطلع إليها " الصفوة " فنزيد الخرق اتساعا على أعلى المستويات وأدناها ، ولسنا نبالغ إن قلنا : إنها نوع من الجوائز يعطى – فيما يختص بنا – لمن يمثلون مرحلة أو علامة متميزة في إنجازات هذا الاختراق ، بل إنا لا نبالغ أيضا إن ذهبنا بعد ذلك إلى تبرئة نجيب محفوظ من هذه الجائزة ، وأن الذين حصلوا عليها هم الذين أعطوها !! فليهنأوا أو فليغصوا بجوائزهم معطين أو آخذين
إن الذين أقاموا مكتبة الإسكندرية بعشرات الملايين من الدولارات ليجدوا فيها مكانا لصبوات أدونيس لايجدون فيها مكانا لإقامة الصلاة ( المسجد) ( إسلام أون لاين.نت/13-1-2005
نسيبة داود)ياحسرة
لا " مكان لإقامة الصلاة بمكتبة الإسكندرية " :: موقف تتمسك به إدارة المكتبة ذات
الطابع العالمي في مواجهة رغبة شعبية ديموقراطية (!!) تبدت في قسم كبير من طلاب
جامعة الإسكندرية المجاورة؛ ومن ثم لجئوا للصحف والإنترنت للدفاع عن مطلبهم.
ويطرح كل طرف مبرراته في إطار هذه المواجهة التي تصفها الأوساط الجامعية
والثقافية في الإسكندرية - عاصمة مصر الثانية - تصفها ب"الحضارية" والتنويرية.
ففيما ترجع إدارة المكتبة موقفها إلى وجود مسجدين قريبين وعدم توفر متسع
داخلها!!! يشير الطلاب إلى صعوبة وصول الطلاب إلى المسجدين ، إلى جانب أن خطة
إنشاء المكتبة كانت تشمل في البداية إقامة مسجد داخلها.
ويوضح الدكتور مدير مكتبة الإسكندرية موقف الإدارة قائلا ( لا فض فوه ) : "ليس
هناك ما يدعو لبناء مسجد بالمكتبة !! ، فهناك مسجدان على بعد أقل من 50 مترا
منها، أحدهما في المجمع النظري (مجمع يضم الكليات النظرية بجامعة الإسكندرية
المجاورة) ، والثاني بجوار مستشفى الشاطبي".
وقال سيادته في حوار مع صحيفة "صوت الأمة" المصرية نشرته أواخر ديسمبر 2004:
"في بداية تشغيل المكتبة : كان هناك قاعات كثيرة خالية في المكتبة، واتجهت
الآراء إلى تخصيص واحدة منها كمسجد، ولكن لم ينفذ الأمر".وللأسف لم يقل لنا
الانطفائيون هؤلاء : لماذا
وتابع سيادته : "كان هذا التفكير عندما كنا نعتقد أن المكتبة سيكون فيها معهد
واحد هو المعهد الدولي للدراسات المعلوماتية ، لكن الآن المكتبة تشمل 7 مراكز
بحثية و3 متاحف ، والقبة السماوية ، وصالة استكشاف ، و6 مكتبات متخصصة ، وتشمل
أرشيف الإنترنت ، بالإضافة إلى مركز المؤتمرات.. فالقاعات والصالات الموجودة
عندنا أقل من احتياجاتنا ، وبالتالي لا يوجد عندنا مكان للمسجد".(!!) ولست أدريعن
أي " مكان " حقيقي أو مجازي يقصد في " عندنا" ؟‍‍‍‍‍
وأليس غريبا أن يجد سيادته بالمكتبة مكانا لكل ما ذكر وهو يعجز عن أن يتسول فيها مكانا لصلوات المسجد ؟؟
أما طلاب الجامعة الظلاميون (!!) المطالبون بمكان للصلاة فلم يقتنعوا بمبررات
المسئول الأول عن المكتبة؛ فقرروا المضي في مطالبهم، وأطلقوا حملة توقيعات تحت
عنوان: "ساعدونا لنتمكن من الصلاة في مكتبة الإسكندرية"، وذلك عبر موقع
إلكتروني خاص بهم.
وبلغ إجمالي التوقيعات في بداية إثارة المشكلة ما يقرب من خمسة آلاف توقيع لطلاب
جامعة الإسكندرية الذين يقدر عددهم بعشرات الآلاف.
وبموازاة تلك الحملة أيضا وجه الطلاب رسائل بريد إلكترونية لصحيفة "الأهرام"
المصرية طرحوا فيها أيضا مطلبهم ، كالمستجير من الرمضاء بالنار .
ولقد فات المسئولين في هذا الموقف التنويري الانطفائي أن يسجلوا لأنفسهم مجدا
كمجد الإسكندر الأكبر نفسه لو أنهم بنوا في قلعة الثقافة المسماة باسمه القائمة
على ثراث إغريقي تعفن بظهور الفلسفة التجريبية منذ وقت طويل .. فاتهم مجد أن
يبنوا في قلبها مسجدا شامخا يظلل البحر الأبيض المتوسط من جنوبه إلى شماله ومن
شرقه إلى غربه ، لكن الله علم أنهم لا يفعلون ، لأنهم لا يستحقون . لأنهم هم
العلمانيون الانطفائيون .
ولله في خلقه شئون ، فبعد أن كان للمكتبة الإسلامية مكان الشرف في رحاب المسجد ، لم يعد
للمسجد مكان بين قيعان المكتبة البيزنطية !!، { وآدي العلمانية ولا بلاش} !!
وإن العجب كل العجب لهو في أن تتمكن هذه العلمانية من اختراق الحصون السياسية الإسلامية في العصر الحاضر – إسلامية شكلا على الأقل – وذلك عندما نرى – في خضم أمثلة أخرى متلاطمة – عبد الرحمن تنكو وهو رئيس سابق لوزارة ماليزيا ، وأمين سابق لمنظمة المؤتمر الإسلامي العالمي وهو يهاجم الحكم بالجلد ضد جريمة الزنا وشرب الخمر فيقول : ( إن الجلد بالسياط عقوبة قديمة ولم تعد صالحة في ظروفنا الراهنة ) الأخبار ص 6 20 21987
وهكذا ننتقل من حملة إلى حملة في خطى منظمة :
ترانا نسينا الماسونية في هذا السياق ؟
لقد أدرك السلطان عبد الحميد من قبل أمرا لا يزال بعضنا يصر على تجاهله حتى اليوم خوفا من عار الاتهام بالمؤامرة
.. أدرك السلطان كيف يعد الغزاة سماسرتهم عن طريق الماسونية ، إنهم كما يقول السلطان ( حفنة من الناس بقيت خارج البلاد ردحا من الزمن فانقطعت عن جذورها وتثقفت ثقافة أوربية سطحية براقة ، هذا الصنف من الناس عندما يعود إلى بلده يجهل ما ينتظره منه شعبه فيعمل على نشر الأفكار الغربية .. إنهم عمي في بصائرهم ){ مذكرات السلطان عبد الحميد نشر نؤسسة الرسالة 1986 ص 72 }
وإذا كان البعض اليوم يستبعد شهادة السلطان الرجعي فهل يقبل شهادة أشنع يقدمها " سنام التقدم " : الفيلسوف الوجودي الأشهر جان بول سارتر إجابة على سؤال خطير هو : كيف يظهر المفكر في الشرق والعالم الإسلامي : إن سارتر يحدثنا عما يسميه أسلوب صناعة المفكر الشرقي في الغرب ومجال استخدامه فيقول في مقدمة لكتاب " المنبوذون في الأرض " ( كما نحضر أبناء رؤساء القبائل وأبناء الأشراف والأثرياء والسادة من أفريقيا وآسيا ، ونطوف بهم بضعة ايام في لندن وباريس وأمستردام فتتغير ملالسهم ، ويلتقطون بعض أنماط لاعلاقات الاجتماعية الجديدة ، ويرتدون السترات والسراويل ، ويتعلمون لغتنا وأساليب رقصنا وركوب عرباتنا ، كما نزوج بعضهم من أوربا ، ونلقتهم أسلوب الحياة على اثاث جديد ، وطرز جديدة من الزينة ، واستهلاك أوربي ، وغذاء أوربي ، كما نضع في أعماق قلوبهم أوربا ، والرغبة في تحويل بلادهم إلى أوربا ، ثم نرسلهم إلى بلادهم ، حيث يرددون ما نقوله بالحرف تماما ، مثل الثقب الذي يتدفق منه الماء في الحوض ، هذه أصواتنا تخرج من أفواههم وحينما كنا نصمت .. كانت ثقوب الأحواض هذه تصمت أيضا . وحينما كنا نتحدث كنا نسمع انعكاسا صادقا وأمينا لأصواتنا من الحلوق التي صنعناها ، وكنا واثقين أن هؤلاء المفكرين لا يملكون كلمة واحدة يقولونها غير ما وضعنا في أفواههم ، ليس هذا فحسب بل إنهم سلبوا حق الكلام من مواطنيهم ) !!!!
يقول الأستاذ أحمد بهجت تعليقا على ما تقدم : ( هكذا وجدنا المفكرين نسخة واحدة مقلدة تماما من طبقة المفكرين في أوربا بلا زيادة أونقصان .
إن الظروف التاريخية والدينية والثقافية في أوربا هي التي ساهمت في تشكيل المفكرين فيها .. وهذه الظروف تختلف تماما في الشرق المسلم .. وبالتالي فإن ما نجح فيه المفكرون في أوربا لم ينجح فيه ظلالهم من المفكرين في بلادنا ..
كل ما نجحوا فيه أنهم كانو بمثابة الدليل للاستعمار الغربي ، وكانوا رسله في أرضنا .. وكانوا هم السوس الذي عمل في الشرق من أجل تفتيت ثقافته الأصلية وتثبيت هذه المادة الثقافية والأخلاقية والفلسفية والفكرية المسلمة للاستعمار الغربي .. هذا ما يراه علي شريعتي . ) { كلمة أحمد بهجت : الأهرام 5-6 21988 نقلا عن بحث الدكتور علي شريعتي ، - في كتاب ظهر في بيروت عام 1983 ،- نشره أولا في عام 1981 ثم في كتاب للدكتور إبراهيم الدسوقي شتا بعنوان " الثورة الإيرانية : الجذور الأيديولوجية " نشر عام 1988 )
ثم انظر – كمثال - ما ذا يقول سلامة موسى وهو ثقب واسع من تلك الثقوب التي تحدث عنها سارتر .. إنه يقول : ( إذا كانت الروابط الشرقية سخافة لأنها تقون على أصل كاذي ، فإن الرابطة الدينية وقاحة ) { اليوم والغد : طبعة القاهرة 1927 نقلا عن كتاب " الاتجاهات الوطمية في الأدب العربي للدكتور محمد حسين ج2ص228 ط 1984 )
فهل رأيتم اختراقا أكثر تعهرا ووقاحة من هذا الاختراق ؟
ونتساءل بعد ذلك عن سر الفشل التاريخي الذي أصاب محاولاتنا لبعد سقوط الادولة الإسلميى لنغرق فيه حتى الأنوف ؟
ونتتكر بعد ذلك لإسلامنا باعتباره هو الحل ؟
تبادل ثقافي هذا ؟ وتبادل للرأي ؟ وانفتاح فكري ؟
أم هو تسلل ثقافي وسفالة ثقافية ، وغزو موبوء بفيروس الإيدز ؟،
وهل بقي في النخبة الثقافية ثمالة من الحياء لكي تتراجع أوتراجع ؟
أم أنها تزداد عهرا في تونس كما تزداد اقتحاما على لسان وزير الثقافة المصرية في تصريحه ضد حجاب المرأة واعتباره وافدا عربيا بتاريخ 161112006 !! ، تراه لم يستفد من حملة سعاد وآمنة وعبدون على النقاب ؟ أم تراه لم يتنبه بعد إلى كون الإسلام نفسه وافدا عربيا !!
كلا ، لا أمل ولا أمان فيمن لا يستحيون
ولأن عباءة العلمانية تخفي ملامحهم : إنها تنظّر لهم عمليات التخريب التي يقومون بها
أو هي تسلب من الفريسة التي تقع تحت ايديهم عوامل المقاومة .
فلا تهتز لهم شعرة خوف أو شعرة حياء مما يقع تحت ناظرهم بايديهم أو بأيدي سادتهم

ورجوعا إلى مكتبة الإسكندرية التي أنيط بها قيادة هذه المسيرة حيث نجدها قد خصصتفي بادرة حدُثت لأول مرة مؤتمرًاعلميًّا يومي 4-5 ديسمبر 2005 بمناسبة مرور مائة عام على رحيل الشيخ محمد عبدهالذي توفي بالإسكندرية عام 1905م.الذي هو في نظر العلمانيين رأس حربتهم أراد الشيخ أم لم يرد - الأمر الذي دعا إلى أن يتمنى عليهم بعض المراقبين أن يخصصوا مهرجانا مماثلا لمئوية مولد الإمام حسن البنا !! موقع إخوان أون لا ين بتاريخ 14 11 2006
ولم لا ؟ أليس في مقدورهم ان ينتدبوا رفعت السعيد لهذه المهمة ؟؟!!
إنها العلمانية التي ركبت موجة الشيخ محمد عبده من قبل وما تزال ، وكان الشيخ قد وصلت به – أو وصل بها - إلى منتصف الطريق ، طبقا لتقدير صديقه اللدود اللورد كرومر حاكم مصر الفعلي لمدة تصل إلي ربع قرن، من 1883 إلي 1907. في تقريره لعام 1905 الذي كتبه بمناسبة وفاته في قوله : ( وأتباع الشيخ محمد عبده في مصر إن كانوا ممتازين بذكائهم فهم نفر قليل ويمكن أن نسميهم جيرونديي الحركة الوطنية في مصر .. وهم بما يستحثونه من بدع يجعلون أنفسهم موضع الريبة ... وإن أتباعه ليستحقون أن يعاونوا بكل ما هو مستطاع من عطف الأوربي وتشجيعه . ) ص 80-81 الإسلام والحضارة الغربية للدكتور محمد محمد حسين الطبعة السابعة 1985
وليس واضحاً كيف ارتبط الشيخ محمد عبده بأواصر متينة مع اللورد كرومر. فالمعروف عن كرومر أنه كان معاديا للإسلام بشكل حاد ، وهو يُفصح عن موقفه في النص التالي : " إن الإسلام إذا لم يكن ميتا فإنه في طور الاحتضار اجتماعيا وسياسيا، وإن تدهوره المتواصل لا يمكن وقفه مهما ادخلت عليه من اصلاحات تحديثية بارعة، لأن التدهور كامن أساسا في جوهره الاجتماعي، وهو جوهر قائم علي تخصيص دور متخلف للمرأة في المجتمع، وعلي التغاضي عن نظام الرق، وعلي جمود الشرع وقطعية النص، وأن لا بديل من التحديث الكامل من دون الاسلام"..!!
وهو منطق ما يزال يمثل الاستراتيجية الأساسية للإعلام العلماني المعاصر في معركته مع الإسلام
وفي علاقته بالشيخ محمد عبده يقول كرومر في كتابه " الذي ظهر عام 1908 : ( إني أشك كثيرا في أن صديقي محمد عبد كان لا أدريا (Agnostic) وإني لأعرف أنه كان يكره أن يوصف بهذه الصفة ) ص 75
وأغلب الظن أنه أساء به الظن ، وإن كان قد أساء إليه من حيث أراد أن يحسن !!
ويقول مستر ولفرد بلنت في يومياته بتاريخ 1900 عن صديقه الشيخ الجليل : ( .. أخشى أن أقول إن محمد عبده بالرغم من أنه المفتي الأعظم ليس له من الثقة بالإسلام أكثر مما لي من الثقة بالكنيسة الكاثوليكية )
وبلنت كان من المتحررين الذي لا يؤمنون بالمسيحية ولا بالكنيسة الكاثوليكية . ص 76 محمد محمد حسين
( وكانت علاقة محمد عبده قد توطدت بالمثقفين الأوروبيين فترة نفيه ، من خلال أسفاره إلى أوروبا، خصوصاً مع (ولفرد بلنت) (1840-1922م)، وهو كاتب وشاعر إنجليزي، تعرّف إليه محمد عبده في مصر قبل الثورة العرابية، ثم التقاه بعد ذلك في أوروبا ومصر، وأصبح الرجلان صديقين حميمين، وأثرت صداقتهما هذه في حياة كل منهما وكتاباتهما. ... ،) د : إبراهيم عبد الباقي دكتوراه في الفقه والأصول من جامعة محمد بن عبد الله فاس بالمغرب في بحثه بعنوان " الفقه السياسي عند الإمام محمد عبده " بمجلة " أسلمة المعرفة " بتاريخ 14 أيار 2006
ويقول المستشرق الإنجليزي الشهيره . ر. جب ه. أ. ر. جب 1895-1965م عن الشيخ محمد عبده في كتابه " الاتجاهات الحديثة في الإسلام ص 72 ( إن تلاميذه الحقيقيين يمتزجون بالصفوف التي أنشئت إنشاء أوربيا وينضمون للحلقات العلمانية .. ) ص341 ج1 الاتجاهات الوطنية لمحمد محمد حسين
وهذا التطور في أفكار الشيخ كان موضع مراقبة من أستاذه جمال الدين الأفغاني ، يظهر في قوله في ( يوم رحيله عن مصر للمرة الأخيرة سنة 1296ه/1879م : "لقد تركت لكم الشيخ محمد عبده، وكفى به لمصر عالماً." ثم انقطعت المراسلات بعد ذلك بينه وبين الأفغاني، وصارت الجفوة بينهما ، بعد أن عنّفه الأفغاني أكثر من مرة على حذره وخوفه، واتهمه بالجبن لموقفه من السياسة والإنجليز، وبلغ الأمر إلى حدّ توقف محمد عبده عن رثاء أستاذه في الصحف عند موته، واكتفى بالحزن عليه !! . ) د إبراهيم عبد الباقي

لقد رضي محمد عبده بالتعاون مع البريطانيين لقاء مساعدته في عمله من أجل التربية الوطنية !! ، وعلى أن يكون بقاؤهم مؤقتاً ( !!) ، كما أنه كان مستعداً للتعاون مع (الخديوي توفيق) لو كان راغبا في أن يكون مستبداً عادلاً. ، )
(ولعل منبع مهادنته للإنجليز هو حسن ظنه بعدوه ، إذ يقول: "إن من بين الأمم الأوروبية أمة تعرف كيف تحكم من ليس على دينها، وتعرف كيف تحترم عقائد من تسوسهم وعوائدهم، وهي الأمة الإنجليزية، ( !! ) .) هكذا د: إبراهيم عبد الباقي
وفي توضيح منهجه في التهدئة والتدرج وهما مبدآن صالحان إن لم يكونا من باب " كلمة حق يراد لها باطل " : ( كتب مقالة في "الوقائع" بتاريخ 4 إبريل 1881، تحت عنوان "خطأ العقلاء" يقول فيها: " فالحكمة أن تُحفظ للأمة عوائدها المقررة في عقول أفرادها، ثم يُطلب بعض تحسينات فيها، لا تبعد عنها بالمرة، فإذا اعتادوها، طُلب منهم ما هو أرقى "بالتدريج )
إلى أين ؟ وبيد من ؟ هذا هو الأهم ، وهذا هو ما وصلنا إليه فعلا .
وفوق زاوية التدرج هذه قام البناء الفكري للشيخ ليجد فيه أصحاب التيارات المتناقضة أو التي تبدو كذلك " دكاكين " كثرا ، يختار كل منهم ما يشاء منها : ليضع فيه كل منهم بضاعته : علمانية وإسلامية ، ونقدية ومعصومية وواقعية ومثالية ، واستبدادية وشورية ، عرابية وخديوية وزغلولية وكرومرية وسوفيتية وبوشية وصهيونية ، إلخ
ويظهر " الدكان " العلماني واضحا في خطته الفكرية التي (عمل فيها – كما يقول الدكتور إبراهيم عبد الباقي في دراسته القيمة عنه - على محاربة الجمود الديني من خلال الانفتاح على العلم ومفاهيم التمدّن، واللجوء إلى العقل لا التقليد، كما أنه أسهم في نشر بعض الآراء والمواقف الحديثة، التي اضطر إلى الاستعانة بها في مواجهة المفكرين المسيحيين والغربيين، على الرغم من وعيه بمخاطر انتشار الأفكار والقيم الغربية في المجتمع الإسلامي. وكان موقفه هذا إيذاناً ببدء تسرب هذه القيم إلى الفكر الإسلامي، على عكس ما كان يريد ويتمنى، حتى عدّه البعض أحد الذين أسهموا بإدخال "العلمانية" إلى العالم العربي والإسلامي، إذ "فتح الباب على مصراعيه لكل أولئك الذين أتوا بعده من المستغربين، أمثال: قاسم أمين، وعلي عبد الرازق، وغيرهم ) د إبراهيم عبد الباقي، ولطائفة كبيرة من الماسونيين والشخصيات المرموقة بدءا من سعد باشا زغلول إلى أحمد ماهر باشا وفؤاد سراج الدين ( علي شلش ص 237 – 239 )
ولسائل أن يسأل عن سبب غلبة هذا " الدكان " – دكان العلمانية - على ما عداه من دكاكين من ميراث الشيخ ؟ وللإجابة نقول : أقوى هذه الأسباب فيما نعتقد : ما استقر في وجدان الأمة من قابلية الاستعمار وما يزال ، وما صاحب هذا " الدكان " من الاستقواء بالاستعمار في أطواره المختلفة : كل ذلك بتوريد ودعم ووصاية " من الماسونية أولا و العولمة أخيرا مما يصب في دكان العلمانية ، الملتبسة بتوقيع الشيخ محمد عبده .

هذه هي العلمانية وذلك بابها الذي فتحه لها الشيخ ومن ثم فهي إذ تقفل الدكاكين الأخرى اليوم في مبنى ضريح الشيخ تحرص ألا يُمس محمد عبده ولو مسا رفيقا وألا يذكر إلا بوصف الإمام ، وهم الذين لم يعرف عنهم غيرة على الإسلام في غير هذا الموضع ، بل هم لا يثورون حين يمس رسول الله وأصحابه ، ويرون أن ذلك مما تسعه حرية الفكر والاختلاف .
ومن الحق – كما يقول الدكتور محمد محمد حسين - أن الذي يقرأ محمد عبده في مناظراته مع رينان ومع فرح أنطون يحس بالتناقض في أنه كان يريد أن يقيم سدا في وجه الاتجاه العلماني يحمي المجتمع الإسلامي من طوفانه - ولكن الذي حدث – كما يقول ألبرت حوراني في كتابه " Arabic Thought in the Liberal Age." -- أن هذا السد قد أصبح قنطرة للعلمانية عبرت عليه إلى العام الإسلامي لتحتل المواقع واحدا تلو الآخر ، ثم جاء فريق من تلاميذه وأتباعه فدفعوا نظرياته واتجاهاته إلى أقصى طريق العلمانية ) الإسلام والحضارة الغربية محمد محمد حسين ص 79
ومن هنا فلم يكن مستغربا أن تنعقد صلة بين مكتبة الإسكنرية والشيخ محمد عبده لتعقد مؤتمرا في ذكرى مولده ، ولكن المستغرب ان يطلب بعضهم في سذاجة – إن لم يكن في خبث أوتحد – أن تعقد المكتبة مؤتمرا للإمام حسن البنا في ذكرى مولده المئوية ، اللهم إلا إذا لجأت المكتبة إلى صيغة خبيثة تستوعب أعداءه وأعداء المشروع الإسلامي ولا تكاد تترك لأصدقائه غير درج متدحرج !!
إنها العلمانية المحلية بالذاتتلك التي تسهل الطريق اليوم إلى عبادة المستبد – وهو الطريق الذي عبّده محمد عبده من قبل - وتأبيد نظامه ، وحرق البخور في ميادينه .
وكما أكدنا في مقالات سابقة : إنها الغطاء العصري التنظيري ، للزندقة التي سموها التنوير، ولذبح المسلمين الذي يسمونه الديموقراطية ، وللردة الثقافية التي يسمونها التجديد ، ولمحو الهوية التي يسمونها الحداثة

وفي سياق ذلك ظهر التشويه الذي شاع شيوعا كبيرا منذ وقت طويل - على سبيل المثال - في أعياد رأس السنة الميلادية - وهو قادم بعد أيام - حيث يتخذون منها إجازة رسمية وطنية للمسلمين ، وحيث يهرول المسلمون أو كثير منهم نحو اقتفاء أثر المسيحيين في الاحتفال بهذه الأعياد، دون أن توجه لهم الدعوة لاستضافتهم من أصحاب الشأن الذين ربما يكونون أكثر حرصاً على الاستقلال بخصوصياتهم في هذه الاحتفالات ، ويغارون عليها من أمثالنا كما يغار العاشق .
ويأتي هديه صلى الله عليه وسلم بتسديد مباشر ضد هذا الاحتفال - ونحن نسقطه من وعينا تماما - في قوله من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ( قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر). رواه أبو داود ، والنسائي .
والقضية فيما نود أن نطرحه هنا أكبر من قضية الاحتفال في حد ذاتها ، حيث يتلاعب العلمانيون بتهريجهم حول قيمة الموضوع أو أهميته ، وإنما هي تنفتح لقضية كبرى أعم، هي قضية التغطية العلمانية على تدمير الهوية الإسلامية والتميز الثقافي للشعب المسلم ، هذا بينما يوجد بيننا هدي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يحذرنا بأخطر لهجة وأشد أسلوب من فقدان الشخصية ويفرض علينا فريضة أهملناها هي : التميز الثقافي
ومن المهم أن ندرك أن ما تقوم به العلمانية من تشويه للحالة الإسلامية يأتي بتشويش من ألحان نشاز عن الثقافة والتطور والتطوير ، ما هي في حقيقتها إلا ردة ثقافية مبنية على الجهل بالإسلام والتطور والتطوير معا ، وفي جهلهم بالتطور قدمنا مقالات سابقة

أما جهلهم بالإسلام ففي جهلهم بأنه وهو يشرع في بناء عقيدته الشاملة للدين والدنيا والآخرة ، يستعصي بذاتيته على الخضوع لثقافة بشرية غريبة لأنه محض أمر من الخالق ، يستظهر فيه عبودية المخلوق ، يريد به أن ينزل عند أمره ، وأن يسلك مسلك المأمور ، بالطريقة التي شاءها ربه ، لا بالطريقة التي يشاؤها له فرعون اللعين ، أو اللات أو العزى ، أو عشتروت ، أو صنم من أصنام التطور ، أو وثن من اوثان الاستبداد أو نصب من أنصاب الفن ، أو عجل من عجول الثقافة .

هذا بينما يوجد بأيدينا هدي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يحذرنا بأخطر لهجة وأشد أسلوب من فقدان الشخصية ويفرض علينا فريضة التميز الثقافي التي أهملناها والتي كان من دلائلها توجيهه صلى الله عليه وسلم - في حس حضاري رفيع – فيما رواه أبو داود وصححه ابن حبان : ( من تشبه بقوم فهو منهم )
– وقوله صلى الله عليه وسلم : (خالفوا المشركين ، وفروا اللحى، واحفوا الشوارب) رواه الستة
وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الستة أيضا: ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم)
و فيما رواه الترمذي وأبو داود : ( فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس )
وما رواه مسلم عن ابن عباس قال: لما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى ! فقال: إذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع . قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.ا
واهتمّ الرسول صلى الله عليه وسلم للصلاة كيف يجمع الناس لها، فقيل له: انصب رايةً عند حضور الصلاة، فإذا رأوها آذن بعضهم بعضًا، فلم يعجبه ذلك، فذكروا له القنع وهو شبور اليهود، فلم يعجبه ذلك، ، فذكروا له الناقوس فقال: "هو من فعل النصارى" ، إلى أن أرِي عبد الله بن زيد الأذان في منامه. رواه أبو داود وأصله في الصحيحين.
وروى مسلم في صحيحه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر"

ويقول أنس بن مالك رضي الله عنه : كانت اليهود إذا حاضت فيهم المرأة لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت، ، فقال :صلى الله عليه وسلم " اصنعوا كل شيء إلا النكاح" ، فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه. رواه مسلم في صحيحه.

وقد حذرنا صلى الله عليه وسلم سلوكَ سبيل المغضوب عليهم والضالين ، جاء في الصحيحين أنه قال: " لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه" ، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: " فمن؟!"
وفي رواية للبخاري جاء قوله صلى الله عليه وسلم : "لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون شبرًا بشبرٍ وذراعًا بذراعٍ"، قيل: يا رسول الله، كفارس والروم؟ قال: " ومن الناس إلا أولئك؟!"
و ما مات الرسول إلا وقد نهى عن كل ما يدعو إلى المشابهة والمماثلة، حتى إنه في مرض موته قال: " لعنة الله على اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك" أخرجاه في الصحيحين
( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً) النساء:89.
وكان من دلائل حرصه على التميز الثقافي : تشوقه صلى الله عليه وسلم إلى تغيير القبلة ، واستجاب له ربه فيها بقوله تعالى " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام ، وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ، وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون ،ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك ، وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ، ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين " البقرة 144
والخروج على هذه الفريضة – فريضة التميز القافي يتحقق - فيما وضع أسسه الطهطاوي ومن بعده محمد عبده وأتباعهم من العلمانيين - بإهدار هذه التعاليم في مجموعها كما هو حال المسلمين اليوم في مناخ الهزيمة الحضارية التي وقعوا فيها؟؟!
والخطر الذي يهدد الشخصية الإسلامية ليس في كل مسألة من مسائل هذا الانمياع في الشخصية الغربية أو المسيحية على حدة ، ، إنه ليس في مسألة الملبس أو اللحية أو الأعياد كل منها على حدة، كما يحلو للمدافعين عن مثل هذا السلوك أن يناقشوا الموضوع ليجوز لهم بعد ذلك أن يبرروا أو يهونوا من الأمر...
ولكن الخطر هو أن مثل هذا الاحتفال يأتي ضمن عملية علمانية شاملة تجري على قدم وساق، بأساليب الاختراق الثقافي ، منذ وقت طويل ، وحذرنا منها الرسول صلى الله عليه وسلم منذ وقت طويل أيضا.

إن مقاومة حملة الاختراق الثقافي نتفة نتفة أشبه بمقاومة هجمة سبع شرس مرة بالتعامل مع لبدته ، ومرة بالتعامل مع نظرة عينه اليسرى ، ومرة بالتعامل مع ظفر من أظفارمخلبه الأيمن ... وهكذا
لابد من مواجهة عليمة بحقيقة الغزو وأطواره وأهدافه ضمن خطة شاملة .. مساوقة لخطة الشيطان في صراعه مع الإنسان منذ آدم عليه السلام ، مرورا بحال المسلمين اليوم في علاقتهم مع شيطان العصر - وإلى أن تقوم الساعة .
هذا ولقد كانت استراتيجية الشيطان في معركته مع الإنسان تقوم على مبدأ أساسي : ذلك هو سحبه من منهج الاتباع إلى منهج الابتداع ، أو بعبارة أصح : من منهج الاتباع لله ، إلى منهج الاتباع لأعوان الشيطان ، هكذا كان حال الشيطان الأستاذ " إبليس " مع آدم في الجنة ، وهكذا حال الشيطان التلميذ مع المسلمين في برامجهم للتعليم والتربية الدينية والجهاد والحياة الكريمة والثقافة .
يقول سيدنا إبراهيم عليه السلام لأبيه : ( يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا ، ياأبت لا تعبد الشيطان ، إن الشيطان كان للرحمن عصيا ) 42-43مريم
وقد ضرب الله لنا المثل لذلك في قضيتين متشابهتين : قصة آدم مع الله ، وقصة موسى مع الرجل الصالح . هنا لابد من الاتباع ؛ اتباع آدم لأمر الله ، واتباع موسى لأمر الرجل الصالح .
والمشكلة أن سماسرة الشيطان من بعض المفكرين المعاصرين يملئون الساحة ضجيجا : أن صراعا يدور بين منهج الاتباع الذي تلتزم به الرجعية الدينية ، ومنهج الإبداع الذي تلتزم به الحداثة التقدمية التنويرية في طبعتها الأخيرة الأمريكية الإبليسية العصرية . وقد جهل هؤلاء أو تجاهلوا أن الاتباع هو الأصل بالنسبة للإنسان ، سواء آمن بالله أولم يؤمن ، لا مفر للإنسان من أن يسلك مسلك الاتباع ، لأنه - على شتى المستويات - عندما يكتشف أنه ذو علم ضئيل .. أمام مصدر يكتشف فيه أنه ذو علم واسع فلابد من الاتباع . هذا شأن البشر جميعا : العقلانيين ، والتجريببين ، واللاأدريين ، والنفعيين ، هم جميعا : اتباعيون .
ولا مجال هنا لشرح ذلك بالتفصيل أنظر كتابنا فلسفة التسليم
حتى ما يسمى الإبداع الفني ، هو في أصله عميق الاتباع ، فالفنان المبدع لا يكون عبقريا إلا بأن يتبع حالته الوجدانية ، التي تدفعه - في شبه غيبوبة - إلى إنجاز النوع الفني الذي يعمل في أسره ، وفي نطاقه : شاعرا كان ، أو نحاتا ، أو رساما ، أو قصاصا ألخ
وإذن فالقضية أولا وأخيرا هي قضية اتباع ، اتباع لله ، أواتباع لغير الله إبليسا أستاذ ا أو شيطانا تلميذا .
وكما قلنا سابقا من لم يتبع الله ورسوله تبع غيره حتما . إنه الاتباع العكسي ، الذي يحذرنا منه العليم الخبير : يقول تعالى ( أولئك الذين طبع الله على قلوبهم ،واتبعوا أهواءهم ) 16 محمد
وفي الرؤية الإسلامية فإن دور الشيطان– إبليسا استاذا كان أو تلميذا مسيصهيونيا - مع الإنسان في هذه الحياة لا يدعو للابتئاس ، أو الحزن ، أو الخوف المرضي : تلك مسيرة ابتلاء واختبار وارتقاء ، يقول تعالى : ( إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ، إنما سلطانه على الذين يتولونه ، والذين هم به مشركون ) 99 النحل، والأدهى أننا نتلقى في الصف الإسلامي هذه الاختراقات السامة ونحن نتردى في مرحلة تصافعنا بالشقاق الداخلي ، لا نقدر فيها على غير التخبط والدهشة وغير العجب مما يجري حولنا على أرضنا ، بينما تغطي العلمانية كل ما يجري على الساحة من "إفساد "متسلحة في أحسن أحوالها بالكفر ببعض الكتاب وإن آمنت ظاهرا ببعض .!!
إفساد اكتمل وصف مصدره وحركته وأهدافه ونتائجه بقوله تعالى ( ومن الناس من يقول آمنا بالله واليوم الآخر وما هم بمؤمنين ، يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ، في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ، ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون ، وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ، وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون ، وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنما نحن مستهزئون ، الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون ، اولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ) البقرة 8 16

yehia_hashem@ hotmail .com
http://www.yehia-hashem.netfirms.com
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.